جريدة الزمان

«عزبة الباشا» تثور على تقاليع الزواج.. أهالي القرية يرفضون النيش ويرحبون بالذهب الصيني

محمد الدسوقي -

قائمة جهاز العروسين اختيارية

حصول الزوج على مؤهل عالٍ وحرفة شرط لإتمام الزواج.. والشباب لا يتهافتون على الوظيفة الحكومية

فى الوقت الذى تتسابق فيه العائلات على تغليظ شروط الزواج من ذهب ونيش وقائمة مفروشات وأنواع معينة من الدهانات بما يرهق الشباب الساعى لإتمام نصف دينه، استطاعت بعض القرى على الجانب الآخر أن تثور على تلك التقاليع وتعلن رفضها بكل قوة لكل ما هو ليس ضرورى داخل عش الزوجية، والاكتفاء فقط بالضروريات لتضرب بذلك أروع النماذج فى التيسير على الشباب، وعلى هذا النهج سارت قرية عزبة الباشا والواقعة بين حدود محافظتى الغربية والمنوفية، ورغم صغر مساحتها وعدد سكانها المحدود إلا أنها استطاعت نشر ثقافة جديدة بين الشباب تتمثل فى تجهيز الضروريات فقط داخل منزل الزوجية ومنع أى صورة من صور التباهى بين العائلات والمبارزة التى لا تجلب أى خير.

المهندس محمد حاتم أحد أبناء القرية ومنسق مبادرة «لا للنيش»، أوضح لـ«الزمان» قائلا: نتابع من داخل قريتنا ما يحدث بالقرى المجاورة والمدن من طلاق وفسخ خطوبة وعنوسة بين الشباب والفتيات ليس لشيء سوى أن العائلات تريد التباهى على حساب إرهاق الطرفين، وهو ما جعلنا وقبل سنوات نرفض تلك التقاليع ونتفق فيما بيننا على أن الزوج يكون مطالبا بتوفير شقة ملك وليست إيجار، والتى يوفر ثمنها من ثمن الذهب وبعض الأشياء الأخرى التى يعفيه منها أهل الزوجة، وفى المقابل لا تكون الزوجة مطالبة بتوفير النيش والذى لا فائدة منه سوى أنه يحمل أطنانا من التراب على مدار سنوات الزواج.

وتابع حاتم: «لا نشترى إلا المطلوب» هذا هو شعار الزواج داخل القرية، ولا توجد عائلة واحدة خرجت عن النص المرسوم منذ سنوات وبالتالى لا تجد فتاة عانس أو شابا غير قادر على الزواج، وواصل: نسعى فى الوقت الحالى إلى تدشين صندوق يتشارك فيه جميع أبناء القرية ويتم انتخاب مجلس إدارة لذلك الصندوق لتنمية مواردة المادية ويكون مسئولا عن مساعدة غير القادرين وبنسبة محددة.

فيما أكد حسام متولى أحد أبناء القرية: نحاول من خلال نموذج القرية أن ننقل التجربة إلى أماكن أخرى على مستوى الجمهورية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، لكن بعض العائلات لا تزال ترفض تلك الفكرة ويتهموننا بأن مثل تلك الأمور تهدر على الفتاة حقوقها ولا يحترمها زوجها، وانفصالهم يكون أسهل ما يكون، خاصة أن الزوج يعلم وقتها أن الأشياء التى اشتراها لن تذهب إلى الزوجة، وهنا يجدر الإشارة إلى أن الديون التى تتراكم على كاهل الزوج بسبب الزواج تكون سببا رئيسيا لكثير من مشاكل ما بعد الزواج.

وتابع متولى: عائلات القرية اتفقوا أيضًا على أن الذهب يكون «صينى» وبعض العائلات تكتفى فقط بالدبلة والخاتم وسعرهما لا يزيد عن 5 آلاف جنيه، بدلا من الأرقام الخيالية التى نسمعها، وقد استغرقنا مدة طويلة حتى ننشر تلك الثقافة بين الجميع حتى أصبحت العائلات التى تغالى فى المهور عائلات غير طبيعية وليست مألوفة وتظل بناتهن عوانس على عكس العائلات الأخرى، كما اتفقنا ايضًا على مبادرة جديدة تستهدف حصول الفتاة على ميراثها عن والدها وهو على قيد الحياة تجنبًا لمشاكل ما بعد وفاة الوالد.

وعن الشروط التى لا يمكن تجاهلها داخل القرية، أوضح محمود الشحات أحد أبناء القرية، حصول الزوج على مؤهل عالٍ شرط رئيسى ولا يمكن تجاهله كذلك امتهانه واحدة من الحرف والتى تمثل بديلا مناسبا للوظيفة الحكومية التى لا يسعى وراءها أبناء القرية، إذ يعيش أغلبهم على زراعة الفاصوليا والبطاطس وبعض الخضروات وتجارة المواشى، وهو ما يجعل مستوى معيشة المواطن بالقرية متوسطا وفوق المتوسط، وأغلب العائلات تعيش بنفس المستوى، إلى جانب امتلاكه شقة والتى يوفر ثمنها من بعض الأشياء الأخرى خاصة أن العيش داخل وحدة سكنية مؤجرة من الأشياء التى نعيب عليها.

وتابع الشحات: تعديل سلوكيات الزواج وتقاليعه تحتاج إلى سنوات وقد عايشنا داخل القرية تلك المهمة الصعبة وبدأت بفكرة حتى أصبحت حقيقة، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعى نتمنى تعميم التجربة حتى لا تكون مقتصرة على قرية واحدة بل تشمل أكثر من 1000 قرية.