جريدة الزمان

فن

في ذكرى ميلاده..

«أنور وجدي».. سكرتير يوسف وهبي الذي عاش فقيرًا ومات مريضًا

غادة الضبع -

"أنور وجدي "عندما تسمع اسم هذا الرجل، أول ما يتبادر إلى ذهنك فتى الشاشة الأول وأفلامه الشهيرة والتي دائمًا يُقدم فيها دور الفتى الثري المدلل، أو تتذكر أفلامه مع الطفلة المعجزة آنذاك فيروز والتى نالت شهرة واسعة ونجاح كبير، إلا أن أدوار أنور وجدي في السينما المصرية لا تقتصر على هذا فحسب فهو واحد ممن ساهموا في صناعة وتطوير السينما المصرية، وقدم لها العديد من الأفلام الشهيرة والناجحة، فكان نجم شامل ممثل ومخرج ومؤلف.

ولد أنور وجدي في 11 أكتوبر بحلب في سوريا، وكان من عائلة بسيطة الحال، وكان والده في منتصف القرن التاسع عشر يعمل في تجارة الأقمشة في حلب.

وانتقل مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارة والده مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس وتعاني الفقر والحرمان الشديد، ووسط هذه الحياة لم يتخلى عن حلمة الأبدي وهو السفر لأمريكا، حتي إنه في صغره أغرى صديقين له للذهاب معه، وحجز باخرة وتوجها لبورسعيد، إلا أنهم تم ضبطهم، وكان الطرد من المنزل هو عقابة من والده الرافض الرئيسي لحلمة كممثل.

الغريب عن أرضه، والذي أتي من سوريا لمصر آملًا أن يجد نفسه وسط الكم الهائل من نجوم العصر، فتوجه إلى شارع عماد الدين ليتمكن من رؤية فناني العصر لعله يحصل على الفرصة، ومع ظهور فرقة رمسيس على يد مؤسسها الفنان "عزيز عيد" قرر أن ينضم إليها، فكان يتسكع كثيرًا أمام أبواب المسرح عسى أن يسمح له الحظ ويلتقي بأحد النجوم، وتصادف أثناء تسكعه أمام كواليس المسرح الخلفية قابل الفنان يوسف وهبي من البروفات، ولم يترك الفرصة، واقترب منه وتوسل إليه أن يأخذه ليعمل معه في مسرح رمسيس حتى لو سيقوم بتقديم الشاى والقهوة وكنس غرف الفنانين، ولكن يوسف وهبى كان في عجلة من أمره لارتباطه بموعد مهم فتركه دون الاهتمام له، ولكن لم ييأس وجدي وتوسل إلى قاسم وجدي الريجسير أن يقدمه إلى يوسف وهبي، وبعد تلك المحاولات العديدة، عمل في مسرح رمسيس، وكان أجره ثلاثة جنيهات في الشهر، وأصبح يسلم الأوردرات للفنانين وسكرتير خاص ليوسف وهبي.

وكان أول ظهور له حينما قام بدور ضابط رومانى صامت في مسرحية "يوليوس قيصر" وكان أجره حينذاك 4 جنيهات شهريًا ما مكنه من الاشتراك في أجرة غرفة فوق السطح مع زميل كفاحه الفنان عبدالسلام النابلسي، وأثناء ذلك كتب بعض المسرحيات، ذات الفصل الواحد لفرقة بديعة مصابنى مقابل 2 أو 3 جنيهات للمسرحية، ومن ثم عمل بالإذاعة مؤلفًا ومخرجًا، وانتقل في نفس العام لفرقة عبدالرحمن رشدي، وقام بأدوار البطولة، وازدادت شهرته تباعًا بعد ذلك.

وذات يوم قرر يوسف وهبي الإستعانة ببعض تلاميذه لأداء بعض الأدوار الصغيرة في أفلامه الأولى، وكان أنور واحدًا منهم، وأسند له بعض الأدوار الثانوية في عدة أفلام، ومع بداية حقبة الأربعينيات أصبح أنور وجدي نمطًا سينمائيًا مطلوبًا بشدة في تلك الفترة، إذ استغل منتجي السينما ومخرجيها ملامحه الناعمة ووسامته في تقديم أدوار "ابن الباشوات" الثري المستهتر الذي يكون رمزًا للشر، فشارك فيما يزيد عن 20 فيلمًا من هذه النوعية في السنوات الخمس الأولى من الأربعينيات، ودخل خلالها أيضًا عالم الإنتاج وكتابة السيناريوهات.

ولاقت أفلامه مع الفنانة "ليلي مراد" نجمة السينما المصرية الأولى ونجمة الشباك رقم واحد في تلك الفترة نجاحات مذهلة.

وأصبح في النصف الأخير من الأربعينيات فتى الشاشة الأول وقدم مجموعة من أنجح الأفلام، وجاءت بداية الخمسينيات، فقدم له الفنان إلياس مؤدب الطفلة "بيروز أرتين كالفيان" ليكتشفها وتصبح الطفلة "فيروز" التي لقبت باسم "شيرلي تمبل"  أشهر طفلة في تاريخ السينما المصرية، فأحضر لها مدربًا للرقص، وأنتج لها 3 أفلام هم "ياسمين"، "فيروز هانم"، "دهب" .

ومع نهاية فترة الخمسينات أنهي مشواره السينمائي وقدم فيها مجموعة من الأفلام المهمة، ومن أبرزها "أمير الانتقام"، ومن هنا حقق أنور وجدي كل ما كان يصبو إليه من شهرة ونجومية ومال بذل في الحصول عليه عرقه ودمه.

يُذكر أنه تزوج ثلاثة فنانات شهيرات هم "إلهام حسين" وهذه الزيجة لم تنل شهرة الزيجات التالية، و"ليلي مراد" وتزوجا لمدة 7 سنوات عاشا فيها نجاحًا فنياً كبيرا، ووقع الطلاق بينهما بعد أن اكتشفت خيانته مع لويست التي تعرف عليها في إيطاليا أثناء إحدى رحلاته إلى هناك.

"ليلي فوزي" وبدأت قصة حبه لها من خلال تصويرهم لعدة أفلام معًا، وذهب وقابل والدها وطلب يدها لكن طلبه قُبل بالرفض، ووقتها تزوجت ليلى من الفنان عزيز عثمان والذى كان بيكبرها 30 عاما.


 

"ليلي فوزي"، فبعد سنين وطلاق كل منهما التقيا مجددًا في فيلم "خطف مراتي"، وعاد الحب ليشتعل مجددا، وفي عام 1954 طلب منها السفر معه إلى فرنسا، حيث سيتلقى العلاج وهناك فاجأها بالزواج في القنصلية المصرية ولم يستمر زواجهما سوى 4 أشهر حتى وفاته.

عُرف عنه أنه كان يرغب في تكوين ثروة كبيرة نظرًا لأنه في بداياته عاش فترة عصيبة فلم يكن يجد وقتها طعامًا يأكله، ويقال عنه أنه كان يدعي الله بأن يحصل على مليون جنيه "وهو مبلغ ضخم للغاية في ذاك الوقت"، وأن يعطية الله أمراض الدنيا كلها، ويبدو أن أبواب السماء كانت مفتوحة فاستطاع أنور وجدي تكوين ثروة كبيرة وصلت إلى نصف مليون جنيه وأكثر، لكنه عاش يعاني من أمراض الكلى وسرطان المعدة حتى أنه مُنع من أكل الكثير من أصناف الأكل، فسواء كان فقير أو غني لم يستطع أكل ما يشتهي، وتوفي بالسويد بعد صراع مرير مع المرض.