جريدة الزمان

حارتنا

حائرة بين «الأوقاف والآثار».. مساجد تاريخية يغتالها الإهمال 

سماح عثمان -

لا يزال إهمال آثارنا الإسلامية مستمرًا، سواء بعدم ترميمها أو محاولات اللصوص سرقتها؛ وطال الإهمال هذه المرة مسجدى "المرأة الشقراء" و"الكلشنى" بباب الخلق، وعلى الرغم من وجود أكثر من ثلث آثار العالم فى مصر، مما جعلتها دولة عظمى أثريًا وحضاريًا؛ فإن ما يحدث فى القاهرة الفاطمية من إهمال الآثار والمساجد التاريخية لا ينبغى الصمت عليه.

فالمساجد والأسبلة تحولت إلى مخازن وورش ومحلات لبيع البضائع اليدوية وعجزت الوزارات والأجهزة المعنية بحماية هذه الآثار عن التدخل لحمايتها حفاظًا على ثروتنا الحضارية من الضياع والدمار، ووزارة الأوقاف تؤجر بعض المواقع المجاورة للآثار، فما مسئولية وزارة الآثار فى الحفاظ على تلك الآثار وتجديدها وترميمها؟ وهل سننتظر حتى تغيير ملامح هذه الآثار وتدميرها أو تهدمها؟.

التقطت عدسات "الزمان" مئذنة جامع المرأة فاطمة الشقراء المختفية خلف الأخشاب منذ زلزال 1992، فكل ما يظهر منها هو مجموعة أخشاب يوضع عليها صورة لأحد المرشحين فى انتخابات مجلس الشعب عام 2010، ولم تقم هيئه الآثار حتى الآن بترميم المسجد والمئذنة المائلة التى يُخشى سقوطها فى أى وقت على المارة.

كما يحيط بالمسجد العديد من الأكشاك المنتشرة خارج المسجد بامتداد جدرانه، والتى تبيع المنتجات الخشبية وأدوات السباكة والتصليح والشماسى والشيش وغيرها من المنتجات التى كادت تغطى جميع جوانب المسجد الأثرى، والجدير بالذكر أن مسجد فاطمه الشقراء بناه رشيد الدين البهائى سنة 873هـ،1468 م، فى أيام حكم السلطان قايتباى، وجددته السيدة فاطمة الشقراء فى العصر العثمانى.

على جانب آخر، وجدنا مسجد وسبيل وقبة الكلشنى الذى يعانى الإهمال الشديد الذى يصل إلى حد التجنى المتعمد، وتبلغ مساحة مسجد وسبيل إبراهيم الكلشنى أربعة آلاف متر وتطل واجهة مدخله التى ترتفع على الأرض بسبعة سلالم حجرية من يمين ويسار مدخل الباب الذى يصل إلى صحن المسجد المرتفع سقفه بعدة أعمدة رخامية بيضاء نادرة تهدم منها جزء كبير بالرغم من ندرتها، وما بقى منها يتحدى الأمطار والهواء فى صلابة منذ مئات السنين.

وإذا كانت حجة الآثار اعتماد الميزانية التى طال انتظارها، فما حجة وزارة الأوقاف التى تؤكد الأوراق والمستندات بحسب أوراق الوقف بملفه أن اسم صاحب الوقف هو برهان الدين الخلوتى الشهير بالكلشنى؟ وهذا يعتبر جميعة خيرية، وتنظرت الوزارة عليه فى 1915، أى أن المفترض أن يكون فى نظارة وزارة الأوقاف وأن تقوم الوزارة بترميمه وإصلاحه لأداء وظائفه.

يذكر أن الكلشنى تكية من التكايا المعروفة حتى منتصف القرن العشرين، وكانت تتبع للطوائف المولوية التركية، وتقوم بدور طبى واجتماعى وسياسى معروف فى هذه الفترة.

وقال محمد عبدالعزيز مدير مشروع القاهرة التاريخية بوزارة الآثار إن المادة 30 من قانون الآثار تنص على تولى وزارة الأوقاف الصرف على الآثار الإسلامية فكانت وزارة الآثار منذ فترة تمول ترميم هذه المشروعات، أما الآن وبعد ضعف الماديات والميزانية كان لابد من تمويل وزارة الأوقاف لمشروعاتها اعتمادًا على المادة 30، وتم عرض القضية على النيابة التى أوصت بتكفل وزارة الأوقاف بالمصاريف السابقة واللاحقة وعمل الدراسات الاستشارية، وبالتالى أصبحت وزارة الأوقاف المنوط بها تحمل تكاليف أعمال الترميم، وبالطبع نأخذ مجهودًا كبيرًا لكى نحصل على التمويل، وبالفعل مولت وزارة الأوقاف بعض المشروعات الإسلامية بمبلغ 15 مليون جنيه، وهو مالم يصل إلى 1% من المبلغ المخصص، وهذا ما نتحمله مع الأوقاف حتى استقرار الأمور، وقد خصصت أخيرًا مبلغ 25 مليون جنيه لتطوير 4 مساجد أثرية بمنطقة الجمالية.