جريدة الزمان

مقال رئيس التحرير

إلهام شرشر تكتب: العمال ظهير الجيش لاستقرار الوطن

الكاتبة الصحفية إلهام شرشر
بقلم إلهام شرشر -

يعيش العالم شرقه وغربه .. جنوبه وشماله .. قديمه وحديثه .. يومًا مشهودًا في تاريخه ..
إنه عيد العمال الذي يُحتفل به في أنحاء المعمورة .. بأشكال مختلفة وصور لا تتناهى .. ابتهاجًا وتقديرًا لمساهمتهم التي غيرت وجه التاريخ .. بآدائهم المبهر .. الذي لعب دورًا بالغًا في تقدم الحياة الإنسانية وتطورها ..
ومصر إذ تشارك العالم في هذه المناسبة تتقدم بباقة ورد إلى عمالها في كل مواطن الإنتاج .. الذين كان لهم الفضل في تشييد المؤسسات الصناعية الكبرى في شتى المجالات ومختلف الميادين ..
لقد مرت مصر بظروف غاية الصعوبة اقتصادية كانت .. أو سياسية أدت إلى تغير بالغ في سياساتها الاقتصادية .. إلا أن نظرة التقدير والاهتمام بعمالها ازدادت وسمت .. حيث حظى العمال بعناية الدولة ورعايتها .. صحيًا واجتماعيًا وثقافيًا ..
في المقابل فإن عمال مصر استوعبوا مدى تأثير هذه التغيرات على حياتهم المستقبلية وعلى حياة أبنائهم فأبدوا تفهمًا ووعيًا بطبيعة هذه التغيرات والمستجدات التي فرضتها أولويات المرحلة .. وطبيعة العالم من حولنا ..
والحق أن مصر اخذت على عاتقها في ولاية الرئيس “السيسي” ألا تقف متفرجة على انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي وألا تغمض عينيها عن ترهل البنية التحتية وانهيار الكثير من مؤسساتها الانتاجية والاقتصادية .. 
فما كان منها إلا أنها أولت الجانب الاستثماري كل طاقاتها .. للاستفادة بمواردها وإمكانياتها وسواعدها البنّاءة وعمالها المهرة .. لتقفز قفزة نوعية تليق بمكانها ومكانتها .. وتتوافق مع موقعها ودورها .. 
لذلك اطمأنت مصر لخطواتها الجادة والجديدة لأجل “تنميتها النوعية” فاتخذت القرار الصعب .. مؤمنةً بأن جموع الشعب تقف من خلفها مدركة أهمية هذه الانطلاقة .. حين شرح الله صدرها للشروع في برنامج الإصلاح الاقتصادي .. حيث استطاعت بمساندة أبناء الشعب المصري تجاوز أكثر من 80٪ من القرارات الصعبة المتعلقة بهذا البرنامج ..
ولم يكن من الترف أن تتخذ قرارات حاسمة متوازنة تأخذها نحو تحقيق أهدافها وآمال شعبها .. فكان لزامًا عليها إعادة هيكلة منظومة الدعم الخاصة بـ(المحروقات - الكهرباء - المواد التموينية - بل أقدمت على أمر راهنت على نجاحه رغم صعوبته البالغة .. وهو تحرير سعر صرف الجنيه - كما أنها قامت بتطبيق قيمة الضريبة المضافة بنسبة 14٪ ).. إلى جانب تقليص عجز الموازنة العامة للدولة .. الأمر الذي دفع “كريستين لاجارد” مدير عام صندوق النقض الدولي، أن تتقدم بالتهنئة للشعب المصري حكومًة وشعبًا على ما حققاه من نجاح في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي .. 
فلم يكن غائبًا عن مصر وهي تتخذ هذه القرارات الفاصلة والصعبة أن تقوم بإجراءات مقابلة .. وهي قرارات الحماية الاجتماعية التي تصون حمى محدودي الدخل .. فشرعت باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي ترفع عن كاهلهم فاتورة الإصلاح الاقتصادي ..ومن ذلك ما قامت به حيال بطاقات التموين فزادت من قيمة تحويلات الدعم النقدي المقدم إليها من 21 جنيه للفرد إلى 50 جنيه .. كما أنها قامت بمد شبكة معاشات التضامن الاجتماعي لتشمل التغطية الطبية .. وكذلك تغطية برنامج “تكافل وكرامة” لتشمل ١‪.‬٧ مليون أسرة إضافية .. هذا بالإضافة إلى زيادة معاشات التقاعد وصرف علاوات استثنائية للموظفين بالدولة بسبب ارتفاع التضخم .. كل هذا ويضاف إليه ما قامت به من إصلاح تشريعي يتواكب مع الإصلاح الاقتصادي ..
لقد تنبهت مصر إلى الدور البارز الذي يقوم به عمالها .. فبذلت جهدًا واضحًا لتخفيف أعباء هذه المرحلة الصعبة عليهم .. بكل ما ينصب في مصلحتهم هم وأسرهم . كما لم تغفل تطبيق برامج موجهه إلى الشباب تلبية لحاجة السوق وما جد فيه من مهن ووظائف تتطلب التأهيل والإعداد ..
لا ينكر أحد أن العمالة المصرية قدمت الكثير لا لمصر فقط .. وإنما تحملت عبء تقدم الكثير من الدول العربية الذين ساهموا فيها بحظ موفور في كافة المجالات ومختلف المهن .. لذلك لم يكن بالأمر الغريب أن يشيد رئيس الدولة في عيدهم بمكانة العامل المصري وكفاحه وجهوده وتحمله عبء الإصلاح في بناء أسرته ووطنه .. كما أنه أشاد بوعي الشعب وفهمه العميق لطبيعة المرحلة وما يتطلب فيها من تحمل وصبر .. من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن .. فضلًا عن صبره وتحمله من أجل الحفاظ على مقدراته .. 
وإذا كانت مصر تواجه من التحديات الكثير عسكرية كانت أو قتصادية أو سياسية .. والأدوار التي تقوم بها سواء كانت محلية أو خارجية .. إلا أنها ماضية في سبيل تحقيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية الشاملة التي حققت طفرة نوعية فيها .. الأمر الذي لفت انتباه العالم نحوها ..
ومن هنا نطالب كل مصري عاملًا كان أو مسؤولًا أن يستظل بسماءها .. ويعيش في خيراتها .. أن يستفرغ طاقته .. وأن يستثمر وقته .. وأن ينهض بكل ما لديه من جهد وفكر ورأي في سبيل تدعيمها ومساندتها وصولًا إلى بلوغ مراميها والانتهاء إلى أهدافها ..
لذلك أتمنى مع كل هذه الانجازات التي تحققت على الأرض أن نعيد النظر في منظومة التعليم المهني في مصر .. بحيث نوليه المزيد من العناية والاهتمام الذي يليق به وبطبيعة المرحلة التي نعيشها والتي يزاحمهم فيها الذكاء الاصطناعي .. والتكنولوجيا المتطورة .. 
ذلك لأن مصر قد مرت سنوات عجاف كثيرة .. أثرت على مناح الحياة المختلفة وبالضرورة كان لها من التأثير السلبي على تخريج العمال المهرة .. في ظل هذا “التطور المعرفي الرهيب” .. الأمر الذي يستوجب وعلى الفور إعادة النظر في هذه المنظومة الخطيرة وهي التعليم المهني الذي يحتاج إلى تطوير بالغ وإعادة هيكلة .. حيث يلبي حاجة السوق المحلي الذي سمح بأن يتسرب إليه العمالة الأجنبية ..
وإني لأنتهز هذه المناسبة في مناشدة المسؤولين بضرورة العمل على النهوض بالتعليم الفني باعتباره هو التحدي الأكبر كما أراه في هذه المرحلة .. 
لأنهم أدوات حرب البناء فهم سواعد الإصلاح التي يجب أن تتأهل لتتواكب مع الحرب العسكرية بعدتها البشرية والفنية .. فإذا كانت القوة العسكرية تقف حجر عثرة أمام كل من يحاول العبث بمقدرات الوطن والنيل من مصيره .. تتصدى على جميع الأصعدة فإن سواعد البناء في الداخل لا تقل شأنًا في معركة البناء والنماء التي لابد وأن تنتصر في هذه المرحلة الراهنة .. لأن في انتصارها تقوية لشوكتها بما يحقق الاكتفاء الذاتي للوطن .. نظرًا للحصار الذي يواجهها من الخارج بأذرع المؤامرات التي تحاك لها من الداخل .. 
إذن هذا “التعليم المهني” سلاح في الداخل يستكمل منظومة السلاح العسكري من الخارج لتتشكل بذلك ملحمة الانتصار ..