جريدة الزمان

وا إسلاماه

«الإفتاء» توضح حكم إلقاء خطبة الجمعة بغير اللغة العربية

دار الإفتاء
علي السعيد -

قالت دار الإفتاء المصرية أن هناك الكثير من المسلمين ممن لا يعرفون العربية في بلاد الغرب، سواء كانوا من أهلها الأصليين أم من الأعاجم الذين وفدوا إلى تلك البلاد، وعند صلاة الجمعة يتحير الناس! هل تتم الخطبة بالعربية مع عدم فهم أكثر المستمعين لها، أم تتم بلغة يفهمها أكثر المستمعين، موضحة أن هذه المسألة تحدث عنها الفقهاء في كتاب الجمعة، وبعضهم تطرق إليها في كتاب الصلاة عند الكلام على القراءة في الصلاة؛ هل تجوز بالفارسية أم لا؟.

وأضافت الإفتاء أن الرأي الراجح هو أن الخطبة بغير العربية جائز لا شيء فيه، وتكون صلاة الجمعة صحيحة، والأولى الإتيان بالأركان بالعربية خروجًا من خلاف الجمهور، استنادا إلى أن المقصد من الخطبة تبيين الموعظة والأحكام الشرعية التي تكون في مثل خطب الحج التي يقوم الإمام فيها بأعمال الحج، فليس من المعقول أن يتكلم الخطيب في جمع لا يفهمون كلامه، وهو بوسعه أن يفهمهم.

كما أوضحت أن الله تعالى قال: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"، والمعنى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول إلَّا بِلِسَانِ" أي: بِلُغَةِ ﴿قَوْمه لِيُبَيِّن لَهُمْ﴾ لِيُفَهِّمهُمْ مَا أَتَى بِهِ.
وما ذكرناه هو المعتمد عند الحنفية تبعًا لأبي حنيفة، خلافًا لصاحبيه، ففي سياق الحديث على شروط خطبة الجمعة قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 277، ط. مصطفى الحلبي): [(و) الرابع (الخطبة) ولو بالفارسية من قادر على العربية] .


وعلى الجانب الآخر أجازه غيرهم كالحنابلة عند العجز عن العربية؛ قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 33، ط. دار الفكر): [(وَلا تَصِحُّ الْخُطْبَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ (كَقِرَاءَةٍ) فَإِنَّهَا لا تُجْزِئُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَتَقَدَّمَ (وَتَصِحُّ) الْخُطْبَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ (مَعَ الْعَجْزِ) عَنْهَا بِالْعَرَبِيَّةِ؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ، وَحَمْدُ اللهِ وَالصَّلاةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، بِخِلافِ لَفْظِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ دَلِيلُ النُّبُوَّةِ وَعَلامَةُ الرِّسَالَةِ وَلا يَحْصُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ (غَيْرَ الْقِرَاءَةِ) فَلا تُجْزِئُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (وَجَبَ بَدَلَهَا ذِكْرٌ) قِيَاسًا عَلَى الصَّلاةِ] .
من جانبها أشارت الإفتاء المصرية إلى أنه إن استطاع الخطيب أن يذكر المقدمة والآيات والأحاديث باللغة العربية، ثم يترجمها بعد ذلك، فهو الأحسن، وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي: "الرأي الأعدل هو أن اللغة العربية في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بها ليست شرطًا لصحتها، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة، وما تضمنته من آيات قرآنية باللغة العربية؛ لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن، مما يسهل تعلمها، وقراءة القرآن باللغة التي نزل بها، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم به بلغتهم التي يفهمونها".