الزمان
جريدة الزمان

تقارير

«الزمان» تكشف في أخطر تحقيق.. تجارة العلاج الوهمي تتلاعب بأجساد مرضى السرطان

بسمة أحمد -

إعلانات الأعشاب مجهولة المصدر تسقط الأجساد الواهية

مرضى: تدهور حالتنا عقب تناول الأعشاب وننتظر الموت

أستاذ الأورام بجامعة القاهرة يحذر من تناول التركيبات المميتة

محمود فؤاد: الإعلانات المضللة تقضى على المريض وتبيع له الوهم

يظل مريض السرطان معلقا بجميع سبل الأمل طوال فترة علاجه حالما الوصول إلى مرحلة الشفاء، ولكن وسط كل هذا سقط المريض ضحية لعمليات نصب من قبل تجار العلاج الوهمى، الذين يوهمون ضحاياهم بأن علاجهم سحرى ويهاجم السرطان بالجسد على الفور دون اللجوء إلى جلسات الكيماوى أو حتى معاناة المريض أو تساقط الشعر.

الأمر الذى يدفع المريض إلى الهرولة تجاه طريق يملؤه السراب متعلقا بأمل آخر، فى هذا التحقيق تكشف «الزمان» عمليات نصب للأطباء على المرضى عن طريق استخدام الأعشاب للتخلص من ذلك المرض .

سامر مجاهد البالغ من العمر 24 عاما والمقيم بكرداسة يروى قائلا: «كنت على يقين بأن الموت قريب لا محالة، وهذا ما أكده الأطباء عقب معاناة استمرت قرابة 4 أعوام، إذ أعانى من سرطان القولون، وظللت أتعالج منه على مدار 4 أعوام من خلال الأدوية وجلسات الكيماوى والعمليات وجميع الأطباء أكدوا لى إن نسبة الشفاء ضئيلة».

وتابع: «منذ شهرين تقريبا شاهدت إعلانا عبر إحدى القنوات عن توفير أعشاب طبيعة تعالج سرطان القولون دون ألم، وأن الأعشاب تصل إلى منزلك خلال 48 ساعة، ويتم تحويل مبلغ الأعشاب عن طريق خدمة فورى، وبالفعل قمت بالاتصال على الأرقام المدونة على الشاشة وعلمت أنها أعشاب مستخصلة من الطبيعة وأنها قادرة على تحقيق الشفاء بنسبة 100% خلال أشهر ودون معاناة، وأكدوا حينها أن أعشاب سرطان القولون تبلغ سعر الزجاجة 5000 جنيه بجانب مصاريف الشحن».

وأكد أنه اشترى المنتج إلا أنه وجد زجاجة بها عقار أسود اللون وذو رائحة كريهة ومن المفترض أن أحصل على ملعقة كبيرة منه يوميا، ولم أشك فى جودة المنتج لأن القائمين على بيع وتسويق هذه الأعشاب قاموا بجلب شباب تم شفاؤهم عقب استخدام تلك الأعشاب، وقاموا بسرد حكايتهم من خلال الإعلان عبر التلفزيون وبالفعل عقب استخدام العقار تتدهور الحالة أكثر فأكثر، وانتشر السرطان بجسدى فبعد أن كان الأورام الخبيثة محدودة على جدران القولون أصبح الآن فى جميع أنحاء الأمعاء الغليظة، وبالتالى أصبحت حالتى ميؤوس منها، وأنا فى انتظار الموت بأى لحظة .

لم يكن سامر الحالة الفريدة التى حدث معها ذلك، فجاءت أمنية خليل الفتاة المثقفة لتقع فريسة هذه الإعلانات، إذ تبلغ من العمر 28 عاما وتقيم بمدينة نصر، وكانت متزوجة وانفصلت عن زوجها عقب علمه بأنها تعانى من سرطان الثدى، تروى قصتها: منذ ثلاثة أعوام علمت بإصابتى بسرطان الثدى وبالفعل قمت بعمل عمليات عديدة وتحقق الشفاء العديد من المرات وعقب الكشف والأشعة تبين أن الورم عاد مرة أخرى وكان أقوى من الأول وظللت على هذا الحال لأعوام حتى انفصل عنى زوجى عقب فقدانه الأمل فى شفائى.

وتابعت: منذ 4 أشهر وجدت إعلانا بالشكل الآتى «إذا كنتى تعانيين من سرطان الثدى فالحل عند شركة فامرز لأعشاب تقضى على سرطان الثدى خلال شهرين فقط ولن يعود مرة أخرى»، وبالفعل قمت بالاتصال على الأرقام المدونة بالإعلان وقمت بتحويل مبلغ 15 ألف جنيه قيمة الدواء، وأرسلت شركة الشحن الدواء إلى منزلى، وبالفعل شكيت بذلك الإعلان ولكن تعلقت ببصيص من الأمل عقب أن وجدت الشركة قامت بجلب بعض الفتيات ليسردن معاناتهن مع المرض وكيفية شفائهن عقب الحصول على تلك الأعشاب.

وأكدت أنها وجدتها زجاجة وبها عقار أسود داكن اللون وذو رائحة كريهة، وكانت تحصل على معلقة كبيرة يوميا وعقب مرور شهر عاد الورم إلى جسدها مرة أخرى وأقوى من المرات السابقة حتى عجز الأطباء عن استئصاله والآن تنتظر الموت من حين لآخر .

بينما جاء عادل شوقى البالغ من العمر 35 عاما والمقيم بمنطقة الهرم ليروى لـ«الزمان» تدهور حالته بسبب تلك الأعشاب مجهولة المصدر، الذى يتم الإعلان عنها دون رقابة، إذ علم منذ عامين أنه يعانى من سرطان البروستاتا عقب شعوره بآلام شديدة بالمعدة، وحينها قام بالكشف وإجراء الفحوص اكتشف معاناته بسرطان البروستاتا، وظل يتعالج منه بالأدوية والعمليات ولكنه فقد الأمل فى العلاج، إلى أن وجد الإعلان عن توفير علاج بالأعشاب الطبيعة يعالج هذا المرض وظل يشك فى هذا الإعلان ويعلم أنه نصب، لكنه ظل يوهم نفسه أنه ليس هناك ضرر أكثر من ذلك، ومن الممكن تحقيق الشفاء من خلال هذا العقار مثلما حدث مع الحالات التى تروى حكايتها بالإعلان، وبالفعل قام بشراء العقار بمبلغ 12 ألف جنيه، وحصل عليه من خلال شركة شحن، ولم يختلف العقار عما سبق، فعقب حصوله على جرعة منه خلال أسبوعين فقط تدهورت حالته وبات لا يفارق الفراش وينتظر الموت على حسب روايات الأطباء، إذ أن ذلك العقار تسبب فى تأخر حالته وتدهورها.

صرح الدكتور ياسر عبدالقادر أستاذ الأورام السرطانية بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو أحد خبراء العلاج الكيماوى فى مصر، قال لـ«الـزمان» إن توفير علاج يعالج بالأعشاب كارثة حقيقية بكل المقاييس، وأحذر من كل تلك الأعشاب لأنها تضر المريض وتساهم فى تدهور حالته ولا تنفعه على الإطلاق، لدينا كتاب وقواعد لعلاج السرطان، يلتزم بها المجتمع العلمى.

وشدد على ضرورة التزام المريض بإرادة الشفاء، ولكن هؤلاء يتم النصب عليهم والإيقاع بهم لدفع أموال باهظة ليس أكثر من ذلك، وبعض المرضى يتجهون لشيوخ السحر والشعوذة كى يتمكنوا من علاج هذا المرض.

محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء قال إن المركز قام بالتحذير من هؤلاء النصابين عقب إلقاء القبض على طبيب يعالج مرضى السرطان بكافة أنواعه بالأعشاب بمدينة الرحاب، وتسبب فى وفاة العديد من مرضى السرطان.

ولفت إلى أن المتعارف عليه أن تلك الإعلانات مضللة وليس لها أساس على أرض الواقع، وهؤلاء نصابون ليس لهم علاقة بمهنة الطب من الأساس، فيجب على المرضى ألا يقعوا فريسة لهؤلاء، فهم يريدون النصب على المرضى ليس أكثر من ذلك، ولا بد أن يعلم المريض أن الطب هو الشيء الوحيد القادر على شفائه.