جريدة الزمان

حارتنا

حكاية مقاتل بأكتوبر من الجبهة إلى صعود المنابر

حمدي عبد الحميد رمضان
هبة يحيى -

«عاش اللي قال الكلمة بحكمة فى الوقت المناسب.. عاش اللي قال لازم نرجع أرضنا من كل غاصب.. عاش العرب اللى فى ليلة أصبحوا ملايين تحارب عاش اللى قال للرجال عدوا القناة.. عاش اللى حول صبرنا حرب ونضال.. عاش اللى قال يا مصر مافيش محال».

كلمات وصفت رجال مصر البواسل في الملحمة العظمى ضد العدو الصهيوني، عام 1973م، والتي كللها النصر في الأخير، بعد أقل من 6 ساعات استطعنا أن نعيد من خلالها الأرض ونزود عن العرض، رجالٌ أغنياء عن التعريف، مهما خفتت معادنهم عن الأضواء فسرعان ما تضيء وتلمع من جديد، لذا تنفض "الزمان" الغبارعن معادن الذهب الذي لا يصدأ من رجال أكتوبر.

صقر الحرب.. من مقاتل في فرقة قوات المظلات إلى إمام دعاة أهاب الجيش الإسرائيلي الفرقة التي انضم إليها.. لم يستطع العدو الصهيوني خدش جسده، إنه صقر الحرب المقاتل حمدي عبد الحميد رمضان، يخبر "الزمان"، عن كواليس حرب أكتوبر فى قوات المظلات، فيقول: " التحقت بالجيش عام 1968 م، كضابط صف ثم ترقيت إلى مقاتل فى قوات المظلات، وحضرت حرب الاستنزاف 1986 و 1970".

متابعا: "كانت حينما تعبر القوات ممرات، ننزل أنا وزمالائي في الفرقة بالمظلات ليأمنهم، وحينما اكتشفت ثغرة "الدفرسوار"، بجوار كوبرى الفيشة، منعو طلوعهم للجبل الذى كانت تمر عليه القوات، وتم ترحيلهم إلى الحدود عن الإسماعيلية".

وأوضح صقر الحرب: «لم يستطع العدو الإسرائيلي دخول الإسماعيلية، لمظهرنا القوى الصامد، المترصد لهم بسلاحه في كل جانب"، ثم انتقل بفرقته إلى السويس، وانضموا للفرقة 23، مشميكا -مشاة ميكانيكا-.

«عبد الحميد»: اليهود لا ميثاق لهم.. أطلقوا صرخاتهم كالنساء من قوة أسلحتنا

«العدو الصهيونى لايحترم عهدا ولا ميثاق، ولم يكن له كلمة» كان ذلك رأى «عبدالحميد»، بل كل من شاركوا بالحرب، مدللا بذلك: "كان هناك اتفاقية بينهم لإيقاف إطلاق النار، وأثناء تلك المعاهدة ضربوا علينا بالمدفعية، عند تبة مريم، فجمعنا خراطيش الطلقات والشظايا التي ألقوها علينا، فرآها قائد الجيش، واستشاط غضبا لهذا، فأمرنا ليلة عيد الفطر في 1972م، أعطى أوامر للمدفعيات والصواريخ الأرض أرض وكل سلاح ثقيل مذخر، بالضرب على الموقع الذى يستهدفنا لدرجة أننا كنا نسمع صريخهم كالنساء، عبر أجهزة اللاسلكى التى كانت ترصد تحركاتهم وكلامهم".

جهود الجيش وحنكته العسكرية «تدريب القوات الخاصة كان صعب وكبير، إضافة إلى التدريبات العسكرية الشاقة واللياقة البدنية الواجب توافرها، وتغيير بالخطط الاستراتيجية بشكل سريع ومفاجئ".

«قام الجيش بالعديد من المناورات، أبرزها إرسال أبرز القادة المشهورين لبعثات حج، تدربنا على مشاريع كان يستغرق الواحد من شهر إلى شهر ونصف، وأتذكر كان هناك تدريب على مشروع حرب بالنهار، وقبل الحرب بشهور قليلة، انقلبت الآية وقالوا ما ينفعوش تحاربوا بالنهار ولازم بالليل، تم تغيير استراتيجية الحرب، وأعادنا التدريبات وأتينا بذخيرة مضيئة، وظلنا إلى 3 أشهر وكان هناك عبء كبير على القوات، والقادة كانت متذمرة وشاعرة بالضجر».

أصعب موقف رآه شاب فى منتصف عقده الثالث

وصف ضابط صف حمدى عبدالحميد، مشهدا لا يقوى شخص على رؤيته، حينما رأى بعينيه شاظية مدفع تغدر بصديقه إبراهيم محمد حميدة من الفيوم، وتصيب عموده الفقرى، «حاربنا معا.. وكنا سويا في كل شيء.. لكن لم يتحمل الشظية واستشهد في الحال»، مما أشعل النار بقلبه مقسم بالله بأن لا تهدأ حتى يرى العدو في قبضته.

الحرب مفاجئة منتظرة جاء خبر بدء الحرب وكان كل واحد مشغول بالتدريب فى وحدته، وجاء أمر بتجهيز مشاريع وزخيرة بواسطة جواب سري، لقائد قوات المظلات اللواء كاظم سلام زناتي، دون درايته بما يحدث، ونحن كمقاتلين لم نكن على علم، «كنا صايمين عادى.. وبعد ما جهزنا أدواتنا للتدريب على المشاريع.. لكن كانت حقيقة وليس مجرد تدريب، وبالرغم من ذلك كنا ننتظرها على أحر من الجمر».

الفرق بين معاملة الأسرى هنا وهناك

«كانوا الأسرى يأخذون جميع حقوقه، بعكس الأسرى المصريين الذين تم تكتيفهم وضربهم بالنار من وراء ظهورهم بالرشاشات وهم منكبين على وجوههم».

من ملازم أول إلى إمام دعاة

درس معهد إعداد دعاة أربع سنين بعدما خرج من الجيش ضابط ملازم أول، وأصبح إماما لمسجد اللواء الإسلامي بمركز قليوب محافظة القليوبية، قائلا: «كنت حافظ للقرآن الكريم وأنا بالجيش.. فكان تاج على رأسى ونور لقلبى أشدد به أزرى».