جريدة الزمان

تقارير

التوترات الدولية تنشط تهريب المخدرات في أوروبا والشرق الأوسط

حسن روحاني ودونالد ترامب
شروق محمد -

«الهتيمى»: أذرع إيران فى المنطقة لن تتردد فى استخدام المخدرات لتحقيق أهداف معينة

«العبادى»: طرق تهريب المخدرات عبر الأذرع المليشياوية لإيران فى الشرق الأوسط معروفة، وإيران لن تدخر جهدا فى تهريب المخدرات للمنطقة العربية

«صابر»: نشاط عصابات التهريب مواسم، وقد تلجأ إيران لتكثيف نشاطها لإثبات وجهة نظرها، لكن تجارة المخدرات واحدة

تقرير المخدرات العالمى للأمم المتحدة: 64 ألف حالة وفاة من تعاطى جرعات زائدة من المخدرات فى الولايات المتحدة عام 2016، وأسواق الميثامفيتامين تتوسع فى جنوب وشرق آسيا

 

حذّر الرئيس الإيرانى حسن روحانى أمريكا من أنه إذا تأثرت قدرة إيران على مكافحة المخدرات والإرهاب، فإنها لن تكون فى مأمن من طوفان المخدرات والساعين للجوء والقنابل والإرهاب، مضيفا أن المخدرات تمثل تحديا كبيرا أمام إيران إذ تقع على الحدود مع أفغانستان، أكبر منتج للأفيون فى العالم، وكذلك مع باكستان التى تعد معبرا رئيسيا تمر من خلاله شحنات المخدرات.

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف إن الولايات المتحدة تبيع أسلحة للشرق الأوسط بما يزيد عن احتياجات المنطقة مما يحولها إلى برميل بارود.

ويعتقد بعض الخبراء أن تلك التصريحات ما هى إلا محاولة لتحسين صورة إيران، لكن يرى آخرون أن تلك التوترات قد تنعكس على منطقة الشرق الأوسط من خلال زيادة عمليات تهريب المخدرات من إيران إلى الشرق الأوسط، وأوروبا.

فيقول الدكتور أسامة الهتيمى، الباحث فى الشؤون الإيرانية: لا شك أن تصريحات روحانى حول تأثر قدرة إيران على مواجهة الإرهاب والمخدرات هو تهديد مبطن لأوروبا يأتى فى إطار حزمة الرسائل شديدة اللهجة التى تبعث بها طهران على مدار الأيام الأخيرة إلى أوروبا من أجل دفعها واستحثاثها على تفعيل دورها فى مواجهة العقوبات الأمريكية على إيران وفق ما تعهدت به عندما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب استئناف هذه العقوبات معلنا الانسحاب من اتفاق 5+ 1، إذ أكدت أنها ستبحث تأسيس كيان اقتصادى لاستمرار التعاون التجارى بين أوروبا وإيران وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة.

وأضاف الهتيمى فى تصريحات خاصة لـ«الزمان»، أن التهديد الإيرانى لأوروبا يكمن فى أن الصمت الأوروبى وعدم تحركها لتنفيذ ما وعدت به يعنى باختصار شديد أن تفعل إيران من وسائلها غير المشروعة للرد والانتقام على كل من أمريكا التى هدمت الاتفاقية النووية وأوروبا التى وعدت فأخلفت.

ويدرك روحانى جيدا أن لدى أوروبا خلفية جيدة تمنحها القدرة على فهم دلالات تصريحاته التى ربما تبدو فى ظاهرها إيجابية وتتعلق بأن هذه العقوبات ستنعكس سلبا على قدرة إيران فى العمل على محاربة التنظيمات الإرهابية فى منطقة الشرق الأوسط وتراجع جهودها التى كانت فاعلة طيلة الفترة الماضية فى الحد من نفوذ تنظيم داعش فى كل من العراق وسوريا، وهو التنظيم الذى أصبح عابرا للحدود بعد أن وصل خطره إلى العديد من الدول الأوروبية وهو ما يحمل إشارة ضمنية بأن ضعف المواجهة الإيرانية يعنى استعادة هذا التنظيم لقدرته ومن ثم تصاعد عملياته فى الدول الأوروبية واستهداف المصالح الغربية فى الكثير من المناطق.

وأوضح الهتيمى أن هذه التصريحات تتضمن حديثا مبطنا عن الإرهاب الإيرانى فى دول أوروبا نفسها والذى يعود للثمانينات من القرن الميلادى الماضى إذ قامت عناصر استخباراتية إيرانية فضلا عن وكلاء لها بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية التى استهدفت شخصيات إيرانية معارضة سواء من العرب أو البلوش أو التابعين لحركة «مجاهدى خلق» وهى العمليات التى ألقت على إثرها السلطات فى دول أوروبية القبض على منفذيها وقد اعترفوا بعلاقتهم بالسلطات الإيرانية، وكان آخر هذه العلميات محاولة تفجير مؤتمر المعارضة الإيرانية فى فرنسا قبل أسابيع، وكذلك القبض على دنماركى من أصل إيرانى كان يعتزم اغتيال إيرانيين معارضين.

وتابع، أنه فى هذا الإطار فليس مستبعدا ووفق ما توقعناه مرارا أن تنشط بعض خلايا تنظيم داعش وهو ما حدث بالفعل خلال الفترة الماضية فى كل من سوريا والعراق وكأن لسان حال إيران يقول للعالم كله إن تخلى إيران عن دورها فى مواجهة هذه التنظيمات كفيل بأن يعيد التنظيم للحياة أو أن يفرز تنظيمات أخرى أشد قوة وقسوة.

واختتم قائلا: أما فيما يخص المخدرات فالجميع يعلم أن إيران أصبحت واحدة من أهم الدول المصدرة لها وأن هناك شبكات عديدة ثبت تورط عناصر إيرانية تابعة للحرس الثورى الإيرانى والأجهزة الأمنية الأخرى فى إدارتها، إذ تقوم على توظيف المخدرات وتجارتها لتحقيق أهداف سياسية مثلما يحدث فى العراق وبعض دول الخليج بل وبعض الدول الأوروبية والأمريكية الجنوبية، وهو ما أثبتته التحقيقات القضائية فى العديد من الدول، وبالتالى لم يعد شك لدى الكثير من المراقبين أن إيران كما بعض التنظيمات فى أفغانستان كما هو حزب الله اللبنانى الوكيل الأساسى للنظام الإيرانى فى المنطقة لا يترددون فى استخدام المخدرات لتحقيق أهداف بعينها.

وفى سياق متصل، قال محمد العبادى الباحث فى الشئون الإيرانية:  نعانى اليوم وضعا داخليا صعبا، نتيجة للعودة بالعمل بنظام العقوبات التى فرضتها واشنطن مؤخرا، والتى وصفتها بالعقوبات الأقسى على إيران، هذه العقوبات تزيد من التأزم الاقتصادى الداخلى الذى يخنق نظام الملالى.

لذا سيلحظ المراقب سيلا من التهديدات الإيرانية على المستوى الإقليمى أو المستوى الدولى، تارة بالتهديد بغلق مضيق هرمز، ومنع دول الخليج من تصدير نفطها للخارج، وتارة أخرى بإغراق الدول الأوروبية بالمخدارت.

وأشار العبادى إلى أن هذه التهديدات تأتى فى سياق طرح أوراق الضغط على الطاولة الدولية العامة، لخلق مناخ عام، يدفع خصوم طهران، للجلوس على طاولة المفاوضات، والتباحث حول الوضع الإيرانى، على غرار الاتفاق النووى فى عام 2015.

وأوضح فى تصريحه لـ«الزمان» أنه بالنسبة لتجارة المخدرات، فهذا نشاط معلوم للحرس الثورى الإيرانى، وطرق تهريبه معروفة عبر الأذرع المليشياوية فى الشرق الأوسط، خاصة من المنافذ الحدودية فى محافظة البصرة العراقية، أو ميليشيا حزب الله فى لبنان، ولن تدخر إيران جهدا فى تهريب المخدرات للمنطقة العربية سواء قبل العقوبات أو بعدها.

وعن تصريحات ظريف، فتعيش منطقة الشرق الأوسط ما يشبه حمى التسليح، بسب الأخطار التى تتهدد المنطقة وعلى رأسها الخطر الإيرانى، وبالطبع هذا يزعج إيران، لعلمه أن التسلح فى دول الجوار يستهدفها فى المقام الأول.

وعلى المستوى الأمنى، قال العقيد حاتم صابر، الخبير العسكرى والاستراتيجى، إن تصريحات روحانى ماهى إلا محاولة لإثارة الرأى العام الأوروبى على الولايات المتحدة نتيجة سياستها ضد إيران، لكنه لايستطيع فعل ذلك لأن إيران نفسها هى من يصدر المخدرات.

وأضاف صابر فى تصريحه لـ«الزمان»، أن منطقة الشرق الأوسط هى بالفعل منطقة نشطة فى تهريب المخدرات، وبيانات القوات المسلحة توضح أنه يتم إمساك الأطنان من المخدرات يوميا، لذا فإن تصريحات روحانى لا تضيف جديدا.

وأكّد أن نشاط عصابات المخدرات هو نشاط مستمر لا علاقة له بالخلافات الدولية، فهو بيزنس، كما أن نشاط مكافحة المخدرات هو أساسى فى كل الدول، أما نشاط عصابات التهريب فهو مواسم، وقد تلجأ إيران لتكثيف نشاطها لإثبات وجهة نظرها، لكن التجارة واحدة.

وعلّق صابر على تصريحات وزير الخارجية الإيرانى قائلا إن الدول العربية أو الشرق الأوسط تمتلك نصف أسلحة العالم، وأن تصريحات وزير الخارجية الإيرانى بأن الولايات المتحدة تبيع أسلحة للشرق الأوسط بما يزيد عن احتياجات المنطقة، لم تضف جديدا.

كما يشير التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة لعام 2017، إلى أن أفريقيا لا تزال منطقة عبور رئيسية لتهريب المخدرات ويتزايد فيها تعاطى مختلف الأنواع، كذلك فإن الاتجار بالكوكايين لا يزال يشكّل تحديا كبيرا فى منطقة أمريكا الوسطى والكاريبى، وتواجه بلدان أمريكا الشمالية خاصة الولايات المتحدة وكندا ما هو أشبه بوباء لشبائه الأفيون، فقد وصلت أعداد الوفيات عام 2016 فى الولايات المتحدة بسبب تناول جرعات مفرطة من المخدرات إلى 64 ألف حالة، كذلك تتوسع صناعة الميثامفيتامين غير المشروعة وأسواقها فى شرق وجنوب آسيا، كما يشّكل تهريب المخدرات من أفغانستان الواقعة على الحدود مع إيران، تحديا كبيرا أمام جهود مراقبة المخدرات التى تبذلها البلدان فى منطقة غرب آسيا، وأفضى انعدام الاستقرار واستمرار النزاع فى منطقة فى الشرقين الأدنى والأوسط إلى ازدياد كبير فى الاتجار فى المخدرات وتعاطيها.