جريدة الزمان

وا إسلاماه

رئيس جامعة الأزهر: الأديان تدعو للحفاظ علي البيئة

هبة يحيى -

أكد الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر أن الأديان السماوية جاءت كلها على وجه العموم تدعو الإنسان إلى المحافظة على البيئة، وتحرم عليه تلوثيها وإفسادها؛ لأن الله خلقها من أجله، وسخرها لخدمته ومنفعته وجاء الإسلام خاصة ليقرر بداية أن الإنسان مستخلف في هذه الأرض: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، وهذا الاستخلاف في الأرض يترتب عليه مسئولية جسيمة وتبعة عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر ماذا تعملون".

فمفهوم الاستخلاف للإنسان خير رابط بينه وبين بيئته، فخالق الإنسان وصانع البيئة واحد، وهو الله -سبحانه-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) والكائن البشري غير منفصل عن بيئته، فهو عنصر مهم من عناصرها، وحماية البيئة الطبيعية والاجتماعية التي بها عمارة الأرض؛  من أهم القضايا التي عني بها الإسلام، لأن بها سلامة الإنسان، وحماية الطبيعة، والمحافظة على نظام الحياة، وسعادة البشر، واستمرار وجودهم على هذه الأرض، ومن معهم من الكائنات؛ يجب حمايتهم من التلوث، والتخريب والانقراض. 

وأضاف خلال كلمته بورشة العمل المنعقده بجامعة الدول العربية تحت عنوان أوقفوا تلوث التربه برعاية منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة العام والاتحاد العربي للتنمية المستدامة  والبيئة في إطار احتفالات الأمم المتحدة باليوم العالمي للتربة. 

وقال أن الاسلام يأمر بحماية الصحة والبيئة والتوعية، والتثقيف والتربية على العناية بالصحة والطبيعة وتجميلها أو تركها كما هي جميلة كما خلقها الله، فحماية الأحياء، والحياة على هذه الأرض  في الإسلام خلق عظيم؛ وعبادة يثاب عليها المسلم  لأن ما صنعته يد الخالق -سبحانه- يتصف بالكمال والإتقان والصلاح، والله الجميل الذي يحب الجمال خلق كل شئ جميلا  في هذا الوجود: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)و لقد عد الإسلام  التصرف الإنساني السلبي في الأرض  جهلا وعدوانية وفسادا وتخريبا (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) وخاطب الإنسان مدافعا عن البيئة الصالحة والحياة الطيبة بقوله: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا)  أي بعد أن أصلحها الله للعيش بها.فالطهارة وحماية البيئة من التلوث من النعم التي يجب أن نؤدي الشكر عليها لله -سبحانه-، وبها تتم النعمة وتدوم. ومنه نفهم أن نعمة الصحة والسعادة وغيرها من المال ناقصة من غير طهارة البيئة، وحمايتها من التلوث والفساد؛ لأنها تبقى مهددة بالخراب والزوال أو على الأقل عدم التمتع بها بالشكل الأكمل.ويتسامى الفكر الإسلامي وحضارته الإسلامية عندما يقرر: أن الله خالق الوجود، طيب لا يقبل إلا طيبا، ونظيف يحب النظافة؛ كما ورد ذلك في عدد من الأحاديث.وكما يحث الإسلام على الطهارة؛ ينهى عن تلويث البيئة وإفسادها بصغيرة أو كبيرة ومن الأمور التي ورد النهي عنها التغوط تحت الأشجار المثمرة، والتبول في المياه الراكدة والجارية، وعلى الطرقات حماية للبيئة، وحفظا للطهارة والصحة، وكلها وصايا في حماية البيئة؛ لخطر فضلات الإنسان على الصحة، وتلوث البيئة، لا سيما المياه التي تساعد على نمو الجراثيم، وانتشارها عن طريق الشرب والغسل، والخضروات التي تسقى بها، "من هنا: ندرك اهتمام الإسلام بحماية الإنسان، والحفاظ على صحته، وحياته المدنية، وذلك بجلب المصالح، ودرء المفاسد، وجلب المنفعة، فلا ضرر ولا ضرار.فما ثبت ضرره عن طريق البحوث الحديثة، والدراسات العلمية، على الأرض والبيئة، فإن الإسلام يحرمه؛ كالتجاوز في الصيد، وإفساد البحار وتلويثها، وآثار المصانع المدمرة، وغير ذلك مما اتفق البشر عن الحد من أخطاره وأضراره، إن تفاقم المشكلات البيئية في العالم أجمع، وما ترتب عليها من مخاطر تهدد كل الكائنات على السواء، وأصبحت من الأمور التي تستوجب من الجميع المشاركة الفاعلة في مواجهة مشكلات البيئة؛ كتلوث الهواء والماء والضوضاء، وتلوث التربة والغذاء، أو كذلك مشكلات معنوية؛ كالتلوث الخلقي والثقافي والسياسي والاجتماعي والفضائيات، وعبر الانترنت، وسوء التعامل مع الالكترونيات، كل ذلك خطر على الدين والإنسان.

وقال رئيس جامعة الأزهر أننا خلق واحد نعيش على كرة أرضية واحدة، ومن المهم أن نتفق على حمايتها بعد أن أصلحها الله؛فإن  الإحصاءات –إخوتي-  تشير إلى أن العالم قد خسر في عام واحد فقط حوالي ستة وثلاثين نوعا من الحيوانات الثديية، وأربعة وتسعين نوعا من الطيور، بالإضافة إلى تعرض ثلاث مائة وأحد عشر نوعا آخر من الكائنات لخطر الانقراض.أما الغابات الخضراء، فهي في تناقص دائم في الأرض بمعدل 2% سنويا نتيجة الاستنزاف، وكذلك التربة، فإنها تتناقص باستمرار بمعدل 7% نتيجة الانهاك المستمر للزراعة الكثيفة، أو الري الكثيف مما يؤدي إلى ملوحة التربة، مع فقد كبير للغابات والأشجار. 

وتعد 10% من أنهار العالم ملوثة وتحتاج البحار في العالم إلى عشرات السنين للتخلص من التلوث الذي أصابها، أن هذه الحقائق والاحصاءات توضح خطورة الوضع الذي وصلت إليه الأرض نتيجة سوء استخدام البيئة من قبل الإنسان؛ بسبب الإفساد في الأرض بعد إصلاحها، وهي مظاهر تستلزم التدخل السريع للإنقاذ، ولا إنقاذ للبشرية إلا بتكاتف قوى الإصلاح العالمية ووحدة الصف البيئي للإصلاح على مستوى البسيطة.

 وأوضح أن الكون مسخر بأمر الله للإنسان، فيجب عليه أن يحافظ على نظافته ونظامه الدقيق البديع الذي خلقه الله عليه، قال تعالى (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)  وقال.(وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)إن دين الإسلام  دين  يدعو إلى النظافة والطهارة،  ظاهرا ومعنى  قلبا وقالبا فالإسلام  العظيم بقرآنه الكريم منهج حياة،  وليس كتابا متعبدا بتلاوته في المساجد أو الصلوات فحسب  وكذلك السنة  هي بحق التعليم البياني لهذا المنهج؛ فهل تعلمنا الدرس؟ وحافظنا على البيئة قبل فسادها بصنع أيدينا؟ يقول الله عزوجل (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ).

بينما ذكر الدكتور طارق سلمان نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث أن جامعة الأزهر حريصة علي المشاركة في الحفاظ علي البيئة من خلال البحوث العلمية والندوات التوعوية ولجنة البيئة بالجامعة.

وأضاف أن المحافظة علي التربة واجب علي كل شخص حتي نحيا حياة طيبة ونعمل علي الحفاظ علي الثروات للأجيال القادمة مطالبا بوضع ضوابط لحماية التربة والثروات الطبيعية التي هي ليست ملكنا فقط.