جريدة الزمان

تقارير

خطايا طارق شوقي تزلزل عرش «التعليم»

الدكتور طارق شوقي
عبد الفتاح أبو ريشة -

زلزال بقوة 10 خطايا لـ«شوقى» يضرب ديوان «التعليم»

بالوقائع.. خطايا طارق شوقى التى زلزلت عرش «التعليم»

وأخرى منحتها الحكومة «صك الغفران»

أخطرها تعديه على دستورية مجانية التعليم.. ووصف المعلمين بالحرامية.. وأزمة مدارس الوهم تضعه فى «خانة اليك»

دستوريون: خالف المادة 19.. وتجوز المطالبة بمحاكمته

وتربوى: عليه أن يضبط تصريحاته.. وخطاياه تنهى 100 عام من النضال التعليمى

برلمانيون: الوزير لا يجرؤ على إلغاء مجانية التعليم

وزارة عرفت على مدار السنوات الأخيرة باسم «وزارة الأزمات» بعد فترة عقم طويلة انتابت حلول مشاكلها.. وزيرها هذه المرة بطل التصريحات الغريبة والمثيرة للجدل، تمكن من كتابة فصل كبير من التاريخ الهزلى للوزراء خلال مسيرته بالوزارة، وعلى يديه لا تخرج الوزارة من حفرة حتى ترتطم بتصريح غريب لا محل له من المسئولية.

نرصد هنا على صفحات «الزمان» بعض الأزمات التى تورط فيها طارق شوقى، وزير التربية والتعليم مؤخرا جراء زلات لسانه وهفواته، بما كسبت يديه، منذ توليه منصبه وحتى الآن، إذ شكلت زلزالا بقوة 10 خطايا هز عرش ديوان التعليم.

الخطيئة الدستورية

سقط الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم عمدا فى خطيئة هى الأولى من نوعها فى سجل تاريخه بالوزارة، فليس من عادته اقتحام كل ما هو دستورى، إذ علق على «مجانية التعليم» أمام لجنة المشروعات بالبرلمان المصرى قائلا «مينفعش تتساب بدون نقاش، لازم تناقشوه، لو فضلنا عايشين بدا نبقى بنضحك على نفسنا، دا ظلم اجتماعى مش عدل اجتماعي».

وأضاف الوزير: «هنفضل عايشين كدة لإمتى، ثم مفيش مجانية، اللى بيدفع الفاتورة الدولة والأهالى، الفاتورة اللى بندفعها مع بعض 200 مليار جنيه، ومش بتروح فى المكان الصح»، وذلك بحسب تصريحات صحفية تناقلتها جميع وسائل الإعلام المصرية الموثوقة.

«إحنا بنشحت»

«إحنا بنشحت لبناء مقاعد وخلافه»، كان هذا تصريحا ضمن التصريحات غير المسئولة لشوقى، والتى تكشف مدى القصور والعجز لدى وزارة التعليم فى تطوير اقتصادياتها، وعلق شوقى شماعة عدم قدرته على تطوير النهج الاقتصادى والاستثمار فى التعليم على شماعة أن «الناس بتصرف فى أماكن أخرى، ومش عايزين الحكومة تكون هى اللاعب الأوحد»، مطالبا الجميع بالمساهمة من قوتهم فى تحمل أعباء الوزارة ما جعله يتلقى حملة من النقد والسخرية اللاذعة.

وأوضح وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، أن الوزارة لم تحصل على أى مبالغ فى تطوير التعليم ولكن تم ضم جهات التدريب فى الوزارة وخلافه وتم تجميع المبلغ، مؤكدا أن الدولة تصرف 90 مليارا ولكن هناك 200 مليار جنيه والنتائج غير مرضية وغير متناسبة مع ما يتم صرفه.

المدارس «فاضية»

ويستمر مسلسل الهزل والتراهات بتصريح للوزير يكشف فيه عجز المعلمين موضحا أن الكثافات من الكلمات المحببة إلى الإعلام المصرى، وقال: «محدش بيسأل الكثافات دى جات منين»، متابعا: «هناك مدارس فاضية ومعلمين يرغبون فى العمل بجوار المنزل وهناك أيضا مجاملات ولو خدنا موقف وقلنا بلاش مجاملات هيكون وزير مكروه، ويتم مهاجمته«.

الأمهات 24 ساعة على «فيسبوك»

لم يسلم الدستور باعتباره أعلى مبادئ يجب احترامها فى مصر من لسان وزير التربية والتعليم، فكيف بالأمهات اللاتى نعتهن بعدم رعايتهن لأبنائهن، قائلا: «أمهات مصر اللى عايشين 24 ساعة على الفيس يعنى مش فاضيين لتربية أولادهم».

 وأضاف شوقى: «ما يتعلمه الأطفال حاليا جريمة نتفق على شوية أسئلة نحلهم فى الامتحان وخلاص»، متابعا: «عايزين الشهادة تكون معبرة عن معرفة حقيقة وليست وهما؛ عايزين شباب قادر على التحول

»جه يكحلها عماها«

بعد أن لقى تصريح «أمهات مصر» أصداء واسعة من الضجر ضد الوزير، أعلن عن أنه لم يقصد الإساءة لأمهات مصر بشكل عام، ولكن هناك جروب على السوشيال ميديا وواتس آب بعنوان «اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم» يتدخل فيما لا يعنيه، ما زاد الطينة بلة، إذ كان يشارك بالجروب العديد من الأمهات والذى بلغ تعداده ملايين الأمهات، الأمر الذى دفعهن للهجوم عليه من جديد، وهو أمر ينطبق عليه مثل «جه يكحلها عماها«.

وتابع: «إحنا عندنا 22 مليون طالب، يعنى عندنا 44 مليون ولى أمر، فيه ناس بقى عملت الجروب ده وأعطت لنفسها اعتبارات بأنها اتحاد أولياء أمر الطلاب، إزاى حكموا على نفسهم بكده، ومين اللى إدالهم مشروعية الحديث باسم أولياء الأمور».

قرار إلغاء الامتحانات الشهرية

وفى واقعة أخرى كانت وزارة التربية والتعليم قد أصدرت منشورًا، للمديريات التعليمية بجميع المحافظات يتضمن إلغاء عقد امتحانات شهرية لجميع الصفوف الدراسية بمختلف مدارس الجمهورية، والذى بموجبه يتم استبدال الدرجات بالتقديرات للصفين الأول والثانى الابتدائى بداية من ممتاز وجيد جيد وجيد ومقبول وضعيف ويحتاج إلى رعاية، ما أثار غضب أولياء الأمور، معتبرين ذلك بمشكلة جديدة تعيق معرفتهم بمستويات أبنائهم الطلاب أولا بأول، وتؤجل ذلك لامتحانات نصف العام وآخر العام وهو ما عدوه بمثابة كارثة لا يمكن علاجها.

عجز المدرسين

الواقعة السابقة لم تكن الأولى التى أحرجت الوزير أمام الرأى العام، فمن المعروف أن وزارة التربية والتعليم يبلغ عدد من معلميها سن التقاعد سنويًا، ما يجعل مكانه خاليًا وينتظر البديل، وبالرغم من ذلك أوقفت الوزارة عمليات التعيينات على مدار السنوات الماضية، ما تسبب فى تفاقم عجز المدرسين فى جميع التخصصات، وخلال الأيام الماضية تظاهر بعض أولياء أمور الطلاب وقاموا بإغلاق مدرسة بمحافظة كفر الشيخ، اعتراضًا على عدم وجود مدرسين لأبنائهم منذ بداية الدراسة وحتى الآن بسبب العجز، ووجهت بسبب ذلك انتقادات لاذعة للدكتور طارق شوقى.

وصف المعلم بـ«الحرامى«

لم ينته شوقى ولم يتعظ مما سبق بل تجرأ فى حوار صحفى، خرج الأخير فيه بتصريح نارى ضد بعض المعلمين متهمًا إياهم بأنهم «حرامية» ما تسبب فى غضب المعلمين بجميع المحافظات، معتبرين ذلك التصريح بمثابة إهانة علنية أمام الجميع، كما وضعت الوزير أيضًا فى موضع مُحرج أمام الرأى العام.

وزارة التربية والتعليم

وعلى نفس المنوال، قال الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم، خلال مؤتمر «المعلمين أولا»، إن الوزارة ستلغى لغة المجموع من القاموس، فالمهم هو متعة التعلم، و95% من المناهج تعتمد على المعرفة فقط دون المتعة، وسيكون هناك جزء كبير جدًا يعتمد على الأنشطة، بحيث يكون هناك جزء فى التعليم يبنى الشخصية، وجزء آخر يبنى الفنون والمهارات والأنشطة، ما جعل أولياء الأمور يعترضون لأن ذلك يظلم المتفوقين.

اختزال سنوات الدراسة

وفى السياق نفسه كشف الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، عن رغبته فى اختزال سنوات الدراسة بالمنظومة التعليمية من 16 سنة إلى 7 سنوات، وهو ما رفضه الخبراء والتربويون، لأن المنظومة التعليمية فى مصر غير مؤهلة لاختزال سنوات الدراسة.

محاكمة دستورية وتربوية

من جانبه أكد الدكتور كمال مغيث استنكاره تصريحات الدكتور طارق شوقى بوصف مجانية التعليم بـ«الظلم الاجتماعى.. وأنها أضرت بنا»، معتبرا إياه ضد حركة التاريخ الثورى المصرى الحر، وضد نضال وطنى للشعب المصرى عمره 100 سنة للانتصار فى قضية التعليم وواصفا ما حدث بأنه «ليس أقل من قضية الجلاء عن مصر، ويهدر مجهودات الزعيم سعد زغلول والكاتب والمفكر الكبير طه حسين».

وأضاف مغيث لـ«الزمان» أن طارق شوقى يخالف توجهات مصر، ويقف ضد أمانى الشعب المصرى، ويقف ضد التخفيف على المواطن الفقير دون أن يسهم فى كفالة هذا الحق فيما يخص التعليم الأساسى إلى التعليم الجامعى والدراسات العليا.

وأشار الخبير التربوى، إلى أن الوزير يسير فى الاتجاه المعاكس للوثائق الدولية وحقوق الإنسان، معلقا: «يا سيادة الوزير هذه ليست خدمة دا استثمار، اليابان ماليزيا وكوريا وما يميزها إدراكها لأهمية التعليم».

الفقيه الدستورى، شوقى السيد، اعتبر كلام الوزير خروجا عن الدستور وعن احترامه له، فيما أسماه بـ«الخطيئة»، مشيرا إلى أن مجانية التعليم حق لكل المصريين، وعليه فإنها تعلى من مبدأ تكافؤ الفرص، ومجتمعنا فيه الفقير وفيه الغنى، ولسنا كلنا على استطاعة للتقديم لأولادنا بالمدارس الخاصة، أو تحمل نفقات وأعباء التعليم كاملة.

وأضاف السيد لـ«الزمان» «الوزير خالف المادة 19 من الدستور والتى تنص على على أحقية المواطن فى مجانية التعليم، وعدم المساس بها بأى شكل من الأشكال»، موضحا أنه من الممكن مقاضاة وزير التربية والتعليم على ما قاله باعتباره يهدد مستقبل الكثير من الأسر المصرية إذا ما انضمت إلى صفوف العاطلين.

المادة 19 من الدستور تنص على: «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية«.

وتؤكد: «التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقا للقانون

من جانبه علق الدكتور نور فرحات، الفقيه الدستورى على تصريحات الوزير قائلا: «هذا الوزير أدلى بتصريح مخالف للدستور الذى أقسم على احترامه«.

وأضاف فى تدوينة له على فيسبوك، أن المادة ١٩من الدستور تقول: «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح، وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون«.

وإلى البرلمان، إذ أكدت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، على مجانية التعليم وأنها حق دستورى، وحق كل مواطن فى المجتمع.

وأوضحت «نصر»، خلال تصريحات تلفزيونية، أنها تختلف تمامًا مع هذا التصريح، وأن البرلمان لا يوافق شوقى على هذا المقترح.

وأوضحت أن التعليم الحكومى يعيش حالة تدهور غير عادى، والمجتمع فقد الثقة فيه، لافتة إلى أنه يتم بذل جهد كبير من أجل إصلاح المنظومة التعليمية، وأنه سيتم إصلاحها بالتدريج.

وأكدت أنه يجب على الدولة أن تضع التعليم على رأس أولوياتها، وأن يتم إصلاح التعليم وبعدها تطلب الوزارة المبالغ التى تحتاجها من الطلاب مع مراعاة البعد الاجتماعى.

فيما استنكرت رئيس الهيئة البرلمانية بحزب المحافظين، النائبة هالة أبو السعد، تصريح وزير التربية والتعليم الخاص بمجانية التعليم، قائلة: «اللى هيحضر حفلة لعمرو دياب بـ20 ألف جنيه مش هيروح مدارس حكومية«.

وأضافت «أبوالسعد»، خلال مداخلة هاتفية لأحد البرامج التلفزيونية المصرية، أنه لا توجد مجانية حقيقية فى التعليم فى ظل وجود الدروس الخصوصية.

وشددت على أن وزير التعليم لا يجرؤ على إلغاء مجانية التعليم فى ظل الوضع الاقتصادى المتردى، ولا يجوز الحديث فى هذه المسألة فى الوقت الراهن.

وتضيف المادة 19 من الدستور: «وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها«.