جريدة الزمان

تقارير

صراع لمدة قرنين.. من الذي يملك «جزر الكوريل» اليابان أم روسيا؟

ارشيفية
لمياء يسري -

بالأمس الأربعاء، اتهمت روسيا اليابان برفع حدة التوتر بشأن قضية جزر "الكوريل" الأربعة المستمرة منذ عقود بين البلدين.

وفي اجراء سريع من قبل موسكو، استدعت الخارجية الروسية سفير اليابان لديها، اليوم الخميس، مؤكدة انزعاجها من تصريحات طوكيو حول معاهدة السلام، وأنها شوهت بشكل صارخ جوهر الاتفاق بين الرئيسين فلادمير بوتين ونظيره وآبي.

وبحسب بيان وزارة الخارجية الروسية، فإن موسكو انزعجت من تصريحات رئيس الوزراء الياباني، حول مسألة انتقال الهوية الإقليمية للجزر إلى اليابان، بجانب الإشارة إلى رفض طلبات التعويضات من روسيا لصالح طوكيو والسكان اليابانيين السابقين على "احتلال الجزر بعد الحرب".

وتشدد روسيا على أن اليابان يجيب عليها أن تقبل بنتائج الحرب العالمية الثانية بما فيذلك سيادة روسيا على الجزر.

صراع طويل امتد ربما لقرنين وأكثر من الزمان، حيث تنظر كل من البلدين إلى الآخرى أنها احتلت المنطقة.

فاليابان تعتبر موسكو محتلة للجزء الأربعة منذ الحرب العالمية الثانية 1945م، أما روسيا فترى أنها استردت الأرض من المحتل الياباني بعد 40 سنة من السيطرة عليها في 1905.

ولم تستطع البلدين توقيع اتفاقية سلام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الوقت الحالي، لنهاية الأزمة حول هذه الجزر التي تحتوي على الغاز الطبيعي.

حيث تعد اليابان مستورد أساسي للغاز الطبيعي من عدد من الدول حول العالم، من بينها جزيرة سخالين، وهي إحدى المناطق المتنازع عليها مع روسيا والتي تقع تحت سيادة موسكو.

جذور الأزمة

صراع طويل، امتد بين موسكو وطوكيو حول مساحة 4.996 المنقسمة إلى أربعة جزر تطل على المحيط الهادي، يدعي كل من البلدين أنها امتداد لحدود بلاده ومن حقهم فرض السيطرة عليها.

تعتبر روسيا الجزر الأربعة، وهي شيكوتان، ايوروفو، كوناشيري، هابوماي، امتدادًا لسلسلة جزر لديها وهي "الكوريل" لذلك أطلقت الاسم على الأربعة الباقية على اعتبار إنها تنتمي إليها.

أما اليابان، التي تطلق عليها اسم "الجزر الشمالية"، فتعتبرها جزء من دولتها وامتداد واضح لجزيرة "هوكايدو" اليابانية التي تقع بالقرب منها.

وتستعرض الدكتورة إيمان عبد العال، في كتابها، السياسة الخارجية اليابانية في شرق آسيا، مجموعة من المعاهدات الدولية التي أبرمتها اليابان مع روسيا بشأن هذه الجزر الأربعة، على مدار قرنين من الزمان، وهي كالآتي:

معاهدة شيمودا 1855م: عقدت هذه الاتفاقية بغرض رسم الحدود بين البلدين، وانتهت إلى أن الأراضي الواقعة جنوب جزيرة إيتوروفو، بجانب الجزيرة نفسها، تقع تحت السيادة اليابانية.

بينما الجزر التي تقع في الشمال، اعتبارًا من جزيرة أوروبو، تخضع للسيادة الروسية.

هذه المعاهدة لم تذكر صراحة أسماء الجزر الثلاثة الواقعة جنوب إتوروفو، إلا أنها أقرب بخضوعها تحت السيادة اليابانية.

أما بالنسبة لسخالين، فتم الاتفاق على عدم خضوعها لأي من الدولتين، مع استمرار التفاوض عليها.

 معاهدة سانت بطرسبرج 1875: تنازلت روسيا بمقتضى هذه المعاهدة عن سلسلة جزر الكوريل، في مقابل اعتراف اليابان بحق الملكية الروسية على جزيرة سخالين، بجانب تعهد طوكيو بعدم الادعاء بأراضي لم تكن لها ملكية من قبل.

معاهدة بورتسموث 1905: تنازلت روسيا بموجب هذه المعاهدة عن الجزء الجنوبي من جزيرة سخالين وميناء بورت آرثر، والأراضي المحيطة به، بالإضافة إلى حق اليابان في السيطرة على المشروعات الحيوية في سيبيريا، ومنها الخط الحديدي بأكمله في جنوب منشوريا.

كما تضمنت المعاهدة التأكيد على احترام الاتحاد السوفيتي لكافة تعهدات الدولة الروسية السابقة بما فيها هذه المعاهدة.

مما يعني طبقًا للدكتورة إيمان عبد العال، الاعتراف الروسي بملكية الجزر الأربعة لليابان.

الجزر لمن؟

وتستكمل دكتورة إيمان عبد العال، أن النزاع حول هذه الجزر الأربعة، اندلع في عام 1945م في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

بعدما خرقت روسيا معاهدة "الحياد" الموقعة بين البلدين في عام 1941م واجتاحت الجنود الروسية جنوب "سخالين" وعدد من الجزر التي وقعت تحت السيادة اليابانية بحسب معاهدة بورتسميث.

وفي عام 1945 سيطرت القوات السوفيتية على مجموعة جزر الكوريل، وأعلن رئيس الاتحاد السوفيتي آنذاك جوزيف ستالين استسلام القوات اليابانية، وأن تلك الجزر لن تعود ثانية إلى سيطرة طوكيو.

وفي خضم الصراع الدائر بين البلدين، حول من يملك هذه الأراضي الحدودية، وضرورة وقف النزاع القائم بينهما، تتبنى  كل من موسكو وطوكيو تبني عدد من الأوراق التي تثبت ملكيتها لهذه الجزر أمام العالم.

وتستند روسيا في ملكيتها بحسب نفس المصدر، إلى نصوص اتفاق يالتا 1945 الذي وقعت عليه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي قضت أن تشن روسيا حربًا بمساعدة الحلفاء، على اليابان للحصول على الجزء الجنوبي من جزيرة سخالين، وجزر الكوريل.

هذا فضلًا عن استنادها _روسيا_ إلى معاهدة سان فرانسسكو التي نصت في الفقرة الثانية على تخلي اليابان عن حقوقها في جزر الكوريل والقسم الجنوبي من سخالين.

أما طوكيو فتستند في ملكيتها إلى للجزء الأربعة على الرفض الياباني-الأمريكي، لقيام الاتحاد السوفيتي بالسيطرة على كامل الجزر، بحسب إعلان "بوتسدام" أغسطس 1945م.

ونص هذا الإعلان على أن جزء الكوريل، لا تشمل الجزر الأربعة اليابانية المعروفة باسم الأراضي الشمالية.

وأضاف الاتفاق، السيادة اليابانية يجب أن تقتصر على الجزر الأربعة، "إتوروفو، شيكوتان، كونشتاري، هابوماي".