جريدة الزمان

حارتنا

«ذوو إعاقة» يقهر الصعاب ويصنع المعجزات

مصطفى شاهين -

ثلاثة نماذج يحققون بطولات فى مجالات عمل خاصة

أصحاب القدرات الخاصة يحطمون نظرية الوظيفة الحكومية

محمود ذو الطرف الواحد ويمتلك مغسلة للسيارات.. وأسعد أشطر سمكرى سيارات على كرسٍ متحرك.. ونور ترسم لوحات بذراع واحد

أحد النماذج: نحلم بأول منتخب كرة قدم لذوى الطرف الواحد.. ونطلب من الحكومة تذليل العقبات

لم تمنعهم إعاقتهم من الاستمرار فى الحياة والعمل فى مهام شاقة، مثلهم فى ذلك مثل الشخص السليم المعافى فى بدنه، فهم لم ينتظروا وظيفة الحكومة ليجلسوا على مكاتب وفى نهاية الشهر يحصلون على الفتات، لكن قرروا أن يختلطوا بالمجتمع يعملون ويجتهدون لاكتساب الخبرات وجمع المال لتكوين أسرة، حتى تحولت بعض النماذج منهم إلى معجزات يقصها المعاقون بين بعضهم.

وفى السطور التالية ترصد «الزمان» بعض النماذج المشرفة والتى تستحق كل التقدير من الدولة، إذ يتداول الجميع قصة الشاب محمود الكومى ابن محافظة المنوفية صاحب القدم الواحدة والذى تعرض لحادث منذ سنوات بعيدة، اضطر على أثرها بتر قدمه اليسرى ليعيش ما تبقى من حياته بقدم واحدة، ولكنه سرعان ما رفض هذا الوضع وقرر أن يعمل ويجمع القرش على القرش حتى امتلك أكبر مغسلة للسيارات فى مدينة أشمون، يعمل بها هو وشقيقه.

قصة محمود والتى أصبحت نموذجا مشرفا لشاب أحيا فى نفوس الكثير من الشباب الأمل مرة أخرى، يروى لـ«الزمان» قصته قائلا إنه لم يكن أمامه خيار سوى العمل والاجتهاد لتكوين أسرة، وبالفعل تزوج وأصبح له عائلة يستطيع أن ينفق عليها بدلا من الجلوس والتسول، وربما جاءت تلك الإعاقة لتعيدنه مرة أخرى إلى الله، وحتى يكون ما عليه حاليا، وكلما ذهب إلى مناسبة اجتماعية يلاحظ همسات الشباب وحديثهم عنه لدرجة أن بعضهم يطلب التقاط الصور معه وهو أمر أفرحه للغاية.

وأضاف أنه يعيش على عكازين وهما يساعدانه على قيادة السيارة والموتوسيكل ولا يجد صعوبة فى غسيل السيارات لدرجة أن بعض الزبائن يفضلون التعامل معه عن أى مغسلة أخرى، وواصل: لا أغالى فى الأسعار ولا أستغل الزبائن أو تعاطفهم معى لأى مصلحة خاصة.

وإلى جانب عمل محمود الكومى الذى كان له دور كبير فى فريق كرة القدم لأصحاب الطرف الواحد، أوضح: «أنا عاشق لكرة القدم وللاعب الدولى محمد صلاح وأتمنى أن أراه وأتحدث إليه، وقد شاركت فى مئات المباريات لفريق ذوى الطرف الواحد وأتمنى أنا وزملائى بالفريق أن يكون لمصر منتخب لذوى الطرف الواحد حتى نمثل مصر فى المحافل الدولية».

وإلى محافظة الغربية، رصدت «الزمان» حكاية أشهر سمكرى سيارات يعمل على كرسٍ متحرك وقد تعلم الصنعة من عمه الذى تبناه بعد وفاة والده، إذ يروى أسعد إبراهيم لـ«الزمان» قصة كفاحه، قائلا إنه بدأ العمل فى ورشة عمى بعد سن الثانية عشر وكان حريصا على استكمال تعليمه حتى حصل على درجة البكالوريوس من جامعة القاهرة كلية التجارة، واستكمل: كنت أعمل فى الورشة أثناء الإجازة وبعد التخرج لم أذهب بأوراقى إلى الجهات الحكومية، مثلما يفعل البعض أو المجلس القومى للإعاقة، حتى أحصل على وظيفة بل قررت أن أصير رجل أعمال ولدى أكبر توكيل لصيانة وتصليح السيارات، وهو المشروع الذى أجمع المال من أجله الآن.

وتابع أسعد: بمساعدة عمى افتتحت ورشة باسمى وبدأ الزبائن يتوافدون من كل القرى والمدن ومن محافظات بعيدة، والحمد لله أمتلك إلى جانب ورشة السمكرة محلا لبيع قطع غيار السيارات، وأسعى لتكون الورشة تكاملية، بمعنى أن الزبون لن يحتاج للذهاب إلى ورشة أخرى لصيانة شيء ما بالسيارة، وسوف يحصل على الخدمة بالكامل عندى وبسعر أقل من المعروف به فى السوق.

واستطرد: «أنا مولود بالإعاقة ولولا عمى لكنت الآن متسولا بالشوارع، إلا أنه ساعدنى وعلمنى الصنعة ولم يهملنى فى التعليم وكذلك ساعدنى فى ممارسة لعبة كرة اليد وشاركت فى مباريات عديدة وأنا الآن متزوج وقد رزقنى الله بولدين وبنت، وأتمنى من الله أن يمدنى بالصحة حتى أكمل مسيرتى معهم، وهم جميعًا معافون فى البدن، وزوجتى تساعدنى على بعض الأمور الإدارية الخاصة بمحل قطع الغيار».

فيما يروى أحمد نور من محافظة القليوبية حكايته مع الإعاقة التى حولت حياته إلى نعيم بحسب وصفه، قائلا إن الإنسان حينما يكون معافى البدن لا يشعر بنعم الله إلا حينما يفقدها، وقبل سنوات كنت سليما ولم يكن لدىّ أى إعاقة وكان الله رزقنى موهبة الرسم، ولكن لم أستغلها وكنت أتسكع فى الشوارع مع زملائى بالمدرسة، حتى قررنا فى أحد الأيام استقلال القطار إلى من مدينة القناطر لمحطة رمسيس ويومها تعرضت لحادث بُتر على إثره ذراعى اليسرى، وبعد الحادث حاولت الانتحار أكثر من مرة وكنت أفشل فلم أتخيل نفسى معاقا بذراع واحدة.

وتابع نور: بعد فترة علاج نفسى ونقاهة، نظرت إلى النصف المليان من الكوب وقلت فى نفسى لعل الله أرسل لى هذه الحادثة حتى أبدأ من جديد، وسافرت بعدها إلى شرم الشيخ وعملت فى مرسم مع أحد زملائى، وحققت مكاسب كبيرة وبعد أحداث 2011 تعرض قطاع السياحة لأزمة ورجعت إلى محافظة القليوبية وهناك افتتحت أول مدرسة لتعليم الرسم، وكانت الفكرة غريبة على الأهالى ولكنهم تقبلوا الفكرة بالنهاية وأرسلوا أبناءهم ونجحت فى المشروع، وحاليًا لدى تلك المدرسة ومرسما لرسم اللوح والمناظر الطبيعية، وهناك عقود أبرمتها مع فنادق لرسم قاعات الأفراح.

وعن مطالب النماذج التى رصدتها «الزمان» من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، طالبوا بأن تسهل الحكومة عليهم إجراءات تراخيص المحال وتذليل كافة العقبات.