جريدة الزمان

تقارير

قطبي الإسلام والمسيحية في العالم يرسمان ملامح خريطة التسامح على أرض الإمارات

الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان ( قطبي الإسلام والمسيحية)
علي السعيد -

بعد نجاح الإمام الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان ، في نسج علاقة أخوية عميقة بينهما، قائمة على الإيمان العميق بالقيم الإنسانية المستمدة من تعاليم الأديان، والسعي بدأب نحو  تشييد جسور الحوار والتعايش بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، إضافة لتمتع كلاهما بمسحة شخصية تميل للزهد والبساطة والتعاطف العميق مع الفقراء والمحرومين، شهدت العلاقة بين الأزهر الشريف والفاتيكان في السنوات الأخيرة نقلة غير مسبوقة، بدأها الإمام الطيب في مارس 2013 عندما بادر بتهنئة البابا فرنسيس بتقلد رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، مؤكدا أن عَودة العَلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرهون بما تُقدِّمه مؤسسة الفاتيكان من خطواتٍ إيجابية جادّة، تُظهِر بجلاءٍ احترامَ الإسلام والمسلمين.

قطبي الإسلام والمسيحية في العالم يرسمان ملامح خريطة التسامح على أرض الإمارات

بعد نجاح  الإمام الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان ، في نسج علاقة أخوية عميقة بينهما، قائمة على الإيمان العميق بالقيم الإنسانية المستمدة من تعاليم الأديان، والسعي بدأب نحو  تشييد جسور الحوار والتعايش بين البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، إضافة لتمتع كلاهما بمسحة شخصية تميل للزهد والبساطة والتعاطف العميق مع الفقراء والمحرومين، شهدت العلاقة بين الأزهر الشريف والفاتيكان في السنوات الأخيرة نقلة غير مسبوقة، بدأها الإمام الطيب في مارس 2013 عندما بادر بتهنئة البابا فرنسيس بتقلد رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، مؤكدا أن عَودة العَلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرهون بما تُقدِّمه مؤسسة الفاتيكان من خطواتٍ إيجابية جادّة، تُظهِر بجلاءٍ احترامَ الإسلام والمسلمين.

جاءت تلك المبادرة تجاوبا مع تأكيد البابا فرنسيس خلال لقاء جمعه مع سفراء 180 دولة عقب تنصيبه، على أهمية الحوار مع الإسلام، حيث نجحت تلك المبادرات المتبادلة في إنهاء فترة من الجمود والتوتر في علاقة الأزهر والفاتيكان، ليتم الإعلان رسميا في 24 من نوفمبر 2014 عن استئنافَ الحوار بين الجانبين، وإعادة تفعيل لجنة الحوار المشترَك، والبناء على القَواسِم المشترَكة التي تنطلق منها الديانتان الإسلامية والمسيحية، لتعزيز التعايش المشترَك والاندماج الإيجابي للشعوب، وتوحيد الجهود لمواجهة الأفكار المتطرفة من أجل العيش في عالم ملءَ بالمحبة والتسامح والأخوة والسلام.

وعقد بين الجانبين عدة لقاءات تتمثل في أربعة قمم تاريخية جمعت قطبي الإسلام والمسيحية في العالم، وها هو العالم يترقب بشغف القمة  التاريخية الخامسة التي قررت العاصمة الإماراتية أبو ظبي  استضافتها هذا الأسبوع، والتي تجمع بين الرمزين الدينيين الأكبر في العالمين الإسلامي والمسيحي.

 لقاء قطبي الإسلام والمسيحية بالإمارات يذيب الفوارق

الأديان  كلها تنبع من مشكاة واحدة.. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ

بدوره أعرب اللواء شكري الجندي، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، عن تمنياته استثمار لقاء الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، لصالح العالم أجمع، لافتاً إلى أن فضيلة الإمام الأكبر هو ممثل الإسلام عى مستوى العالم، وكذالك بابا الفاتيكان ممثل المسيحية على مستوى العالم، والله سبحانه وتعالى لم يرسل الأنبياء إلا رحمة للعالمين وليس لشقاء الناس، فالأديان تحث على المودة والرحمة، ولا يوجد دين يأمر بالعنف أو القتل أو الكراهية أو الدمار أو خراب الأرض.

وأضاف «الجندي» في تصريحات خاصة لـــ«الزمان»، أن الأديان تنبع جميعها - كما قال النجاشي-  من مشكاة واحدة، والغرض ليس إلا عبادة الله ، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيذاء أهل الكتاب،  مشيراً إلى أن هدف الأديان نبيل، وبالتالي فلا داعي للدخول بها في أغراض لم يأمر بها الله ورسوله، وقد قال تعالى لنبيه الكريم " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا " فالهدف الأسمى لجميع الأديان هو عبادة الله الواحد.

كما أعرب عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، عن تطلعه لتكرار هذه الاجتماعات لأنها – على حد تعبيره- تزيل الفرقة والحدة ما بين المسلمين والمسيحيين، لافتاً إلى أن الحكمة التي يتمتع بها طرفي الأمتين المسلمة  والمسيحية تساعد على إذابة وزوال أي فوارق أو خلافات بين الطرفين ويتعلم منها الصغير والكبير، وأن  هذه اللقاءات المتكررة تٌجنى  ثمارها،  قائلاً : «علينا جميعاً التخلص على مستوى العالم من وجود أي خلاف في أي مسألة مدنية وحسابات مدنية نحولها إلى مسلم ومسيحي  ونترف تحقيق العدل في هذا الخلاف».

الإمام الأكبر يضرب مثلاً للمسلم الحقيقي الوسطي.. ولقاؤه ببابا الفاتيكان على أرض الإمارات يحمل مدلولات كثيرة.

لقاء الثنائي رسالة للعالم أجمع

من جانبه، قال الدكتور توفيق نور الدين، مستشار شيخ الأزهر لشئون الدراسات العليا والبحوث،  إن فضيلة الإمام الأكبر يضرب مثلاً للمسلم الحقيقي، المسلم الوطني، المسلم الوسطي الذي لديه دين صحيح، واللقاء الذي يجمعة ببابا الفاتيكان هذا الأسبوع على أرض الإمارات الشقيقية هو لقاء له معاني غزيرة ويحمل مدلولات كثيرة؛ أبرزها أن هناك مساحة كبيرة في الدين الإسلامي للالتقاء بالآخر، وعدم الغلو والتعصب.

وعبر «نور الدين» في تصريحاته لـ«الزمان» أن  لدينا أرضية مشتركة بين كافة الديانات السماوية الذي يؤمن بها فضيلة الإمام كما يؤمن بها أي مسلم، وهذه هي المساحة التي سيلتقي عليها البشر، موضحاً أن نفي وجود تعصب، أو غلو في الأفكار أو في العقائد، هي أبرز المدلولات التي يحملها لقاء الرمزين ( الطيب وفرانسيس) هذا الأسبوع، فضلاً عن مساهمة هذا اللقاء في تغير نظرة العالم أجمع إلى الإسلام ومفهومه على أنه دين تطرف أو دين عنف.

كما أوضح مستشار شيخ الأزهر، أن اللقاء رسالة تخاطب العالم كله وتقول له إن الإسلام ليس دين تطرف وليس دين إرهاب بل هو دين سماحة ومحبة و أخوة، دين صالح لكل زمان ومكان، وأن ما يحدث من إرهاب هو تطرف، والإرهاب لا دين له ولا وطن له.

اللقاء الأول بين الإمام الأكبر والبابا فرانسيس

عقد اللقاء الأول بين الرمزين الدينيين الكبيرين في الفاتيكان، في 23 مايو 2016، حيث قال البابا فرنسيس للصحفيين عقب اللقاء، إن "الرسالة من الاجتماع هي لقاؤنا بحد ذاته"، فيما أشار البيان الصادر عقب اللقاء إلى أنه ركز على تنسيق الجهود من أجل ترسيخ قيم السلام ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف والفقر والمرض، حيث يقع على المؤسسات الدينية العالمية مثل الأزهر والفاتيكان عبء كبير في إسعاد البشرية ومحاربة الفقر والجهل والمرض.

اللقاء الثاني بين الإمام الأكبر والبابا فرانسيس

أما اللقاء الثاني بين البابا فرنسيس والإمام الطيب فقد عقد بالقاهرة في إبريل 2017، حيث شارك قداسة البابا في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، وقد احتلت صورة عناق البابا والإمام الأكبر صدارة وسائل الإعلام العالمية، فيما شدد شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية في كلمتيهما خلال المؤتمر على القيم الإنسانية التي تحملها تعاليم الأديان، ورفضها للعنف والكراهية.

اللقاء الثالث بين الإمام الأكبر والبابا فرانسيس

وتكرر لقاء الطيب وفرنسيس للمرة الثالثة في السابع من نوفمبر 2017، لكن هذه المرة في مقر البابا بالفاتيكان، حيث حرص البابا فرنسيس على استضافة الإمام الأكبر على مائدة غداء في مقره الخاص، فيما شدد الإمام الطيب على استعداد الأزهر لتقديم "كل ما يملك من خبرة من أجل تعاون بلا حدود لنشر فكرة السلام العالمي، وترسيخ قيم التعايش المشترك وثقافة حوار الحضارات والمذاهب والأديان"، واصفا البابا بأنه "رمز نادر في أيامنا هذه، إذ يحمل قلبا مفعما بالمحبة والخير والرغبة الصادقة في أن ينعم الناس، كل الناس، بالسلام والتعايش المشترك".

اللقاء الرابع  بين الإمام الأكبر والبابا فرانسيس

وعقد اللقاء الرابع بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في 16 أكتوبر 2018 بالفاتيكان، حيث أبدى البابا فرنسيس تقديره لتلك الزيارة الودودة من الإمام الأكبر، مقدرًا الدور المهم لفضيلته في دعم قيم السلام والحوار عبر العالم، ومؤكدًا أن الفاتيكان يتطلع لمزيد من التعاون والعمل المشترك مع الأزهر الشريف، فالعالم في حاجة لجهود من يشيدون جسور التواصل والحوار، وليس لمن يبنون جدران العزلة والإقصاء.