جريدة الزمان

تقارير

قمة بين أمريكا وكوريا الشمالية.. فلماذا تنعقد في «فيتنام»؟

دونالد ترامب وكيم جونج أون
ترجمة: شروق محمد -

في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سيجتمع مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في فيتنام في يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من فبرايرالحالي، لكن إذا كانت القمة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الشمالية، فلماذا تعقد في فيتنام؟

في تقرير نشرته «دويتشه فيلله» الألمانية، قال إن «فيتنام» قد تبدو خيارًا غريبًا، لكن لدى فيتنام علاقات دبلوماسية مع كل من كوريا الشمالية والولايات المتحدة، كما أن لكوريا الشمالية سفارة في العاصمة الفيتنامية "هانوي"، وهناك تقارير تشير إلى أن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون مهتم باتباع المثال الاقتصادي والسياسي لفيتنام.

لماذا تفضل كوريا الشمالية فيتنام؟

في نوفمبر من العام الماضي، قام وفد من كوريا الشمالية بقيادة وزير الخارجية ري يونج هو، بزيارة رسمية إلى هانوي للاجتماع مع أعضاء الحكومة الفيتنامية، وخلال تلك الزيارة، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفيتنامى فام بينه مينه، لنظيره الكوري الشمالي إنه يرحب بالتطورات الإيجابية في شبه الجزيرة الكورية، وأن فيتنام ترغب في مشاركة تجاربها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الفيتنامية.

وحتى قبل أن يتم اختيار فيتنام كموقع لقمة ترامب كيم المقبلة، أبلغ كيم جونغ أون الحكومة الفيتنامية عن رغبته في القيام بزيارة رسمية إلى هانوي.

كارل ثاير، أستاذ في جامعة نيو ساوث ويلز، قال لـ«دويتشه فيلله»: بالنسبة لكيم، من الآمن نسبيًا السفر إلى فيتنام، فمن بيونغ يانغ، يمكنه الوصول إلى هانوي في غضون ثلاث إلى أربع ساعات باستخدام طائرته الخاصة".

فيتنام «قدوة»

أقامت فيتنام وكوريا الشمالية علاقات دبلوماسية رسمية في عام 1950، وعلى الرغم من أن العلاقة لم تكن مثالية بينهما، وكان بين كلا الدولتين جدال حول التجارة، فقد حافظت هانوي دائمًا على علاقاتها مع بيونج يانج، وقال ثاير الخبير الفيتنامي"تستضيف فيتنام طلابا من كوريا الشمالية يبحثون في النموذج الاقتصادي لفيتنام، وفي عام 2010 استضافت فيتنام محادثات سرية بين كوريا الشمالية واليابان بشأن لم شمل الأسر".

ووفقا للتقرير، فإن اختيار فيتنام على أي مكان آخر له قيمة رمزية عالية ففي عام 1975، بعد عقدين من الحرب، بما في ذلك حرب مدمرة لمدة 10 سنوات مع الولايات المتحدة، كان ينظر إلى فيتنام على أنها منبوذة من قبل الدول الغربية، وواجهت الدولة الفقيرة عقوبات اقتصادية، واضطرت للوقوف على قدميها.

وفي عام 1986، انطلقت الـ«دوي موي»، وهي سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية التي حررت الاقتصاد، وحولت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة.

وفي العام الماضي، نما الناتج المحلي الإجمالي الفيتنامي بحوالي سبعة بالمائة، لذا يمكنها أيضا أن تشكل مثالا جيدا لكوريا الشمالية، ولا يزال نموذج الدولة الأحادي الحزب قائمًا، لكن هذا لا يمنعها من القيام بأعمال تجارية مع بقية العالم، ففي السنوات الأخيرة، سحبت فيتنام مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية وتفاوضت على اتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي وكذلك مع بعض دول المحيط الهادئ.

ووفقًا لوسائل الإعلام في كوريا الجنوبية، فإن كيم جونج أون معجب أيضًا بالصعود الفيتنامي، وخلال اجتماع مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن ، قال الزعيم الكوري الشمالي إنه يفضل الطريقة التي فتحت بها فيتنام اقتصادها مقارنة بالنموذج الصيني.

وقال كارل ثاير:"هناك بالتأكيد قضايا اقتصادية معقدة يمكن أن تتعلم فيها كوريا الشمالية من الصين وفيتنام، مضيفا لا أعتقد أن نموذج فيتنام مثالي بالنسبة لكوريا الشمالية، لكنه يبين ما هو ممكن القيام به".

كل تلك الأسباب السابق ذكرها تخص كوريا الشمالية لكن لماذا تناسب فيتنام الولايات المتحدة الأمريكية؟

صفقة جيدة للجميع

على الجانب الآخر، أوضح التقرير، أنه بالنسبة لدونالد ترامب، فإن فيتنام تعد مكان آمن للقاء، فعلى مدى السنوات الماضية، تحسنت العلاقات بين واشنطن وهانوي بشكل ملحوظ، إذ عقد زعماء الحكومة الفيتنامية اجتماعات رسمية مع كل من باراك أوبامان ودونالد ترامب.

وفي مايو 2017، رحب ترامب في البيت الأبيض برئيس الوزراء الفيتنامي نجوين شوان فوك، تلاه زيارة قام بها ترامب إلى هانوي في وقت لاحق من ذلك العام.

كما تعتبر الولايات المتحدة أيضًا شريكًا تجاريًا هامًا لفيتنام، خاصة الآن بعد أن علقت كل من واشنطن وبكين في نزاع تجاري مستمر.

وفي خطابه السنوي الأخير عن حالة الاتحاد، وصف الرئيس الأمريكي علاقته بكوريا الشمالية بأنها "جيدة" ، وقال إن محاولاته الأخيرة لبدء المحادثات "جزء من دبلوماسية جديدة جريئة".

 وقال أيضا إذا لم يكن الأمر كذلك بالنسبة له ويقصد الزعيم الكوري الشمالي، "سنكون، في الوقت الحالي، في رأيي، في حرب كبرى مع كوريا الشمالية".

وأضاف التقرير، أن ترامب قد يحاول الآن جعل هانوي مرشدًا لبيونج يانج، وكيم جونغ أون، ففيتنام نموذج  يمكن بالتأكيد أن يكون جذابًا: حيث كسب النجاح الاقتصادي دون التخلي عن الكثير من السيطرة السياسية وإقامة علاقة جيدة مع كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي في نفس الوقت.