جريدة الزمان

تقارير

في ذكرى ميلادها..

بالفيديو.. ماري منيب.. «حماة السنيما المصرية».. من دمشق إلى قاهرة المعز رحلة حافلة بالأفشات

هبة يحيى -

«أمك مدوباهم اتنين» «إكسري لي البندقة دي».. «هو ده شعرك حقيقي» «كتك نيلة».. كلمات رسمت الابتسامة على جباه المصريين من حماة أزواج السينما المصرية، الكائدة للمؤامرات والفاسدة للزيجات خلف شاشة التلفاز، لكنها في الواقع قبلها كان أبيض بنقاء الثلج وأصفى من نسيم الربيع.

إنها ماري سليم حبيب نصرالله فرج، التي استبدلت اسمها بأمينة عبد السلام بعد إشهار إسلامها، والشهيرة بـ«ماري منيب».

بنت بيروت

ماري منيب ولدت في مدينة بيروت اللبنانية، في الـ11 فبراير عام 1905م، ولكنها انتقلت إلى مصر فيما بعد.

من دمشق إلى قاهرة المعز 

 وكان والدها موظفًا في أحد البنوك بلبنان، وتجارة الأب المضارب في البورصة تقتضي منه التردد على مدينة الإسكندرية أكبر مكان مناسب في الشرق الأوسط آنذاك، لكن البورصة ابتلعت كل ما كان معه من أموال، وانقطعت أخبار سليم رب الأسرة، ففكرت الأم في السفر إلى الإسكندرية للبحث عن الزوج الغائب.

 واستقلت الأم السفينة، ومن الإسكندرية إلى القاهرة في قطار الدرجة الثالثة ثم إلى الفندق الذي اعتاد أن ينزل فيه الأب، المفاجأة أن الرجل ظل مريضا لفترة ولما اشتد عليه المرض سافر قبل وصول زوجته بيوم واحد عائدًا إلى دمشق، غيرت الأم رأيها وفكرت في العودة، وقبل رحيلها، وصلتها برقية تعلن وفاة زوجها.

واستقرت والدة النجمة بمدينة شبرا في القاهرة لتوفر سبل الحياة للبنتين الصغيرتين، وفي كنيسة بطريرك الكاثوليك، علمت الزوجة أن سليم زوجها أودع بعض المال لدى المسؤولين في الكنيسة، وأوصى بأن تحصل أسرته على 6 جنيهات كل شهر في حالة رحيله عن الدنيا، واستأجرت الأم شقة صغيرة بالفجالة بالقاهرة نظير «70» قرشا شهريا ودبرت أمور حياتها ببقية المبلغ.

كسولة دراسيًا.. لامعة سينمائيًا

التحقت ماري، بمدرسة «الديلفراند» التي كانت تحت إشراف طهارة الراهبات الخبيرات في العربية وأصولها، لكن كانت ماري من الكسولات، وقد أعلنت بأنها لم تكن تحب التعليم واشتهرت في المدرسة بـ"قناع الخروف".

استدعت الراهبات الأم وأطلعتها على الموقف ونصحتها بتوفير ما تدفعه من مصروفات، وأن تبقى ماري في البيت أو تتعلم حرفة تفيدها، واعتادت "منيب"، أن تذهب السينما برفقة أختها وهنا تعرفت على الممثلين وفن التمثيل وفي حارتهم تلقت أول درس في فن التمثيل، على يد سيدة يونانية تتحدث اللغة العربية، وكانت تبلغ النجمة حينها 13 عاما.

فوعت ماري، الدرس بل حفظت العبارات عن ظهر قلب، فأخذت تؤدي المشاهد بين بنات الحارة، ويزداد التقليد يوما بعد يوم إلى أن أصبح تمثيلها تسلية أهل الحارة يلتفون حول البنات وهن يؤدين هذا المشهد التمثيلي.

قصت شريط رحتها مع فرقة نجيب الريحاني

في أحد المرات أدت ماري منيب، مشهد مثيل أمام الممثل «جبران نعوم» الذي يعمل كمدير لفرقة نجيب الريحاني، فاقترح على الأم أن يلحق ابنتها بالعمل في مسرحيات الفرقة، لكن الأم رفضت بشدة، وظل "نعوم"، يلح حتى وافقت لكنها اشترطت معاينة نوع العمل على الطبيعة، وذهبت بالفعل إلى المسرح مع ابنتها وشاهدت مسرحية «ياسمينة» التي تلعب بطولتها بديعة مصابني.

واصطحب «نعوم» الفنانة الصاعدة، لعرضها على الريحاني لكنه رفض واصفا إياها بـ"النسناسة"، فوقع الرفض كالصاعقة على الأسرة ولكن نعوم طيب خاطرهما واقترح عليهما الانضمام لفرقة علي الكسار وبالفعل قابلوا الكسار في مسرح «الماجستيك» والتحقت ككومبارس ضمن مجاميع مسرحية «القضية نمرة 14».

ملكة الضحك الصامت

استطاعت ماري، من خلال أعمالها انتزاع الضحك من القلوب على مدى نصف قرن، ولا تزال أعمالها وكلماتها تسكن وجدان الجمهور، على الرغم من أنها بدأت في سن صغير، حيث عندما وقفت على خشبة المسرح شاهدت الجمهور لأول مرة أُصيبت بالخرس ولم تنطق كلمة واحدة وانسحبت، لكنها بعد ذلك أدت دور راقصة ومغنية بمسرحية «القضية نمرة 14».

وبدأت انطلاقتها الحقيقية بعالم الفن، في ثلاثينيات القرن العشرين على المسرح، بعد انضمامها إلى فرقة الريحاني عام 1937، فوصل عدد أفلامها إلى ما يقرب من 200 فيلم، ذاع صيتها فيما بعد عندما تقدمت في العمر واشتهرت بدور "الحَماة" الشريرة الظريفة، وأدت الدور في أفلام "حماتي ملاك، الحموات الفاتنات، وحماتي قنبلة ذرية".

حب من أول رحلة

ركبت "منيب" أحد القطارات المتوجهة للشام من أجل بدأ عملها في إحدى الفرق الغنائية، لكنها لم تعلم أن هذه الرحلة ستغير مساراها 360 درجة، على الصعيدي العاطفي والديني، فوقعت في شباك حب الفنان الكوميدي محمد فوزي منيب، فتزوجا في القطار وكان عمرها 14 عامًا، وأنجبت منه ولدين هما "فؤاد" و"بديع"، وتطلقت فيما بعد.

إسلامها

وبعد وفاة شقيقتها اضطرت ماري بالزواج من زوج شقيقتها فهمي صوريا، إذ حلقت روحه أختها إلى ربها تاركة كوثر وظافر.

وهنا تأثرت بالحياة الإسلامية التي كانت موجودة في بيت حماتها، ثم أشهرت إسلامها في محكمة مصر الإبتدائية عام 1937، وسميت بـ«أمينة عبد السلام».

وصدرت وثيقة بإشهار إسلامها لدى فضيلة الشيخ محمود العربي، والشيخ أحمد الجداوي رئيس المحكمة، بأنه حضرت السيدة ماري منيب، بأنها كانت مسيحية كاثوليكية، واعتقنت الإسلام ونطقت الشهادتين.

سر إطلاق عليها لقب «منيب»

هذا اللقب لا يمت بصلة لعائلة الفنانة، بل هو لقب أسرة زوجها الراحل محمد فوزي منيب، وذلك ما كشفته حفيدتها السيدة أمينة خلال مداخلة هاتفية مصورة العام الماضي، في برنامج «هنا العاصمة»، مع الإعلامية لميس الحديدي، والمذاع عبر فضائية " cbc".

فنانة في ثوب حارس مرمى

«اللي يقول لمراته يا عورة الناس تلعب بيها الكورة» من أشهر الأمثلة التي أطلقها لسان ماري، وهنا كانت بداية معرفة سر حبها للكورة، فعلى الرغم من أن النجمة تنتمى إلى أسرة فنية، إلا أن هناك روابط بينها وبين عالم الكرة، حيث انتشرت صورة لها وهي تلعب كرة القدم بمركز حراسة المرمى، وتسدد الفنانة أمينة رزق الكرة وتقوم ماري بصدها، بينما يقف الكابتن حسين رياض متابعا للموقف.

ستارة المسرح

قدمت "خلف الحبايب"، و"يا مين يخلصني"، و"سلفني حماتك"، و"الستات لبعضهم".

أفشات السنيما

أشهر أعمالها السينمائية.. "لصوص ولكن ظرفاء"، "الحموات الفاتنات"، "مصنع الزوجات"، "حماتي قنبلة ذرية"، "عفريتة إسماعيل يس"، "حماتي ملاك".

المرض يحصد كل ما زرعته «منيب»

توفيت بعد عودتها من مسرحية "إلا خمسة"، عام 1969م، وذلك بعد صراع طويل مع مرض الكبد التي أنفقت عليه جميع ما تملك.

العالم يحتفل بميلاد «أمينة»

احتفل العديد بالذكرى الـ114 لميلاد الفنانة الراحلة، حتى محرك البحث الشهير "جوجل" قام بالاحتفال، بواسطة تغيير شعاره إلى صورة الفنانة.

ووضع القائمين على إدارة موقع "جوجل" بوضع صورة "منيب"، بدلًا من حرف الـ"O"، المتواجد بكلمة "Google".