جريدة الزمان

تقارير

«الرقم الخاص».. برنامج إلكترونى يهدد الأمن القومى بحيل شيطانية

محمد الدسوقي -

شركات داخل مصر توفر الخدمة بـ750 جنيها والدقيقة بجنيه.. وتجار يعتمدون عليها لمطالبة الدائنين بديونهم

البرامج تتيح تغير الرقم لأى رقم مميز والاتصال يتم عبر الأقمار الصناعية ويشترط وجود إنترنت على التليفون

خبراء: أغلبها برامج إسرائيلية تسمح بالتجسس على المواطنين والاستماع لمكالماتهم.. والعناصر المتطرفة أول المستفيدين منها

البرنامج لا يشترط بيانات صاحبة ولا يمكن تعقبه.. وتتبع الصفحات المعلنة عن البرنامج وسيلة فعالة للقضاء عليه

«هل ترغب فى تحويل رقم هاتفك إلى الرقم الخاص؟ ما عليك سوى تحميل التطبيق التالى ودفع 750 جنيها رسوم لبدء التشغيل».. رسالة استقبلها الطالب بالفرقة الرابعة بحقوق القاهرة محمد نظمى عبر تطبيق الواتساب من رقم هاتف مجهول غير مدرج لديه بقائمة جهات الاتصال، ولأنه مولع بتجربة كل ما هو جديد فى عالم التكنولوجيا والتطبيقات الذكية، بدأ فى تحميل التطبيق ومراسلة الرقم ليتعرف على عالم جديد استطاع من خلاله مراسلة زملائه دون أن يتعرفوا على هويته الحقيقية، ليكتشف بدوره أن هذا البرنامج ما هو إلا وسيلة للخداع والنصب أحيانًا، فهو يمنحك أهم ميزة وهو عدم قدرة مستقبل الاتصال على التواصل معك على نفس الرقم الخاص وعدم قدرته تحديد موقعك أو بياناتك، فلو أردت تهديد شخص بالقتل فهذا هو البرنامج المناسب، ولأن الأمر لم يكن بالهين، تواصلنا مع نظمى صاحب العشرين عامًا والذى كشف أسرار تلك البرامج التى انتشرت بقوة داخل المجتمع المصرى.

يروى نظمى تجربته مع برامج الرقم الخاص، قائلا إن مصر يوجد داخلها 20 تطبيقا على أقل تقدير تسمح للمستخدم بإخفاء رقم الهاتف والظهور كرقم ،خاص ولكن تحميلك البرنامج من متجر التطبيقات لن يمنحك إمكانية تشغيله مباشرة، وسوف يحتاج منك إلى بيانات بطاقة الائتمان للحصول على ثمن المكالمات التى تقوم بإجرائها، ولأن المواطن المصرى بطبيعة الحال لا يملك سوى بطاقة ائتمان للحصول على راتبه نهاية الشهر، ابتكرت بعض الشركات الخاصة وسيلة تجعل الأمر سهلا، من خلال إرسال البرنامج للعملاء عبر تطبيق واتساب ويقوم العميل بدوره بإرسال مبلغ 750 جنيها لموظف الشحن ويمنحك 100 دقيقة كبداية تعامل، وفى كل مرة تطلب مزيدا من الدقائق تقوم بتحويل مبالغ عبر تطبيق «فودافون كاش» للموظف المسئول عن شحن حسابك على البرنامج الخاص.

ولفت نظمى إلى أن هناك بيانات تطلب من كل عميل يشترك على البرنامج التأكد من عدم ضلوع هذا الشخص فى أية أعمال مخالفة للقانون بواسطة هذا البرنامج، وطبيعى أن يتحايل العملاء ويسجلون بيانات وهمية لمنع الوصول إليهم فى حال وقعت أى كارثة بسبب ذلك البرنامج.

وعن الإمكانات المتاحة عبر هذا البرنامج، يؤكد نظمى أن هناك ثلاث إمكانات متاحة عبر هذا البرنامج، الأولى أن يظهر الرقم الخاص لدى الجانب مستقبل الاتصال، الثانى أن تقوم بوضع أى رقم مميز يروق لك وإعطاء أمر للبرنامج بأن يكون هذا الرقم هو الذى يظهر لمستقبل الاتصال لدرجة أنك تستطيع وضع رقم مستقبل الاتصال نفسه ليجد المستقبل أن رقمه هو من يتصل عليه، الأمر الثالث يتيح البرنامج وضع حروف بمعنى أنك تستطيع كتابة عبارة «رئاسة الجمهورية» لتظهر لدى مستقبل الاتصال بهذا الشكل.

فيما كشف مصدر مطلع على أمر ذلك البرنامج – رفض ذكر اسمه – أن تلك الإمكانية يعتمد عليها الكثير من التجار واستخدامها فى التواصل مع الدائنين ممن يرفضون الرد على اتصالاتهم وهو ما أكدته التجربة، قائلا: لفترة عملت بتشغيل هذا البرنامج وقد لاحظت أن أغلب العملاء من التجار، إذ يعتمدون عليه فى تخويف الدائنين وتهديدهم بالحبس إذ يستخدمون صفات غير صفاتهم للحصول على أموالهم وفى الغالب تأتى بنتائج إيجابية بحسب وسف بعض العملاء منهم، وهؤلاء يقومون بشحن حسابهم على البرنامج بمبالغ تصل أحيانًا إلى ثلاثة آلاف جنيه.

وتابع: بعض العاملين فى قطاع الإعلام والصحافة يستخدمون تلك الميزة وحينما سألتهم أخبرونى بأن هناك مسئولين لا يردون على الأرقام العادية فيضطرون للاتصال عليهم من البرنامج الذى يمنحهم أرقاما خاصة ومميزة بما يجعل المسئول يرد ظنًا منه بأن المتصل شخصية كبيرة بالدولة لدرجة تجعله يمتلك رقما مثل «01222222222»، أو«01000000000» وهكذا، وحينما يحاول مستقبل الاتصال معاودة المكالمة على نفس الرقم يعطيه الرقم غير موجود بالخدمة.

واستطرد المصدر بأن الشرط الوحيد لتشغيل البرنامج هو أن يكون الهاتف متصلا بالإنترنت، إذ يقوم البرنامج بإجراء المكالمة عبر الأقمار الصناعية، أو هكذا تم إخبارى بمعرفة زميل سابق فى هذا المجال ورغم أن مكاسبه كبيرة لكن القلق والخوف من قيام عميل بفعل شيء مخالف للقانون دفعنى لمغادرته دون رجعة، ويقوم البرنامج قبل إجراء المكالمة بإخطارك بعدد الدقائق المتبقية فى رصيدك.

على الجانب الآخر، أكد العميد هانى عبدالرسول الخبير الأمنى، أن مثل تلك البرامج تهدد الأمن القومى ووسيلة لخداع المواطنين، ففى الوقت الذى تحارب فيه الدولة الإرهاب يخترع البعض برامج خبيثة يمكن أن تستعين بها الجماعات المتطرفة لإجراء المكالمات فيما بينهم، وهى تشبه نفس طريقة عمل الهواتف الثرية المتصلة عبر الأقمار الصناعية، وبالتالى فإن الوسيلة الوحيدة للقضاء على تلك الظاهرة هو تتبع الصفحات المعلنة عن تلك البرامج والقبض على القائمين عليها ومعرفة مصادر تلك البرامج، لا سيما وأن خاصية الرقم الخاص متاحة فقط للعاملين بالجهات السيادية ولا يمكن أن تكون فى متناول الجميع كما هو الحال.

فيما أوضح المهندس أحمد جبريل خبير أمن المعلومات، قائلا: للأسف إسرائيل استطاعت تدشين أكبر عدد ممكن من البرامج خلال السنوات القليلة الماضية ومن بينها تلك البرامج التى تتيح خاصية إخفاء الرقم وتحويله إلى مميز وبالتالى خلق قناة آمنة للتجسس على مكالمات المواطنين.

وتابع جبريل: لا يمكن تتبع تلك البرامج ولكن يمكن تتبع القائمين عليها من خلال المعلنين.