جريدة الزمان

تقارير

مصر تنتفض لغزة والجولان من بيت الأمريكان

مصطفى شاهين- علي الحوفي-شروق محمد -

ترامب يثير «الجولان» للتغطية على فشل سياساته

الرئيس الأمريكى يضع صك الصهاينة على أرض سورية

بلفور جديد يطلقه الأمريكان من بلاد الشام

فهمى: ضم المستوطنات الخطوة القادمة بعد الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية

سياسى فلسطينى: الاعتراف مرسوم دعائى وترويجى لنتنياهو

ضرب المواثيق والقوانين الدولية عرض الحائط

يمارس البلطجة السياسية لإرضاء الكيان الصهيونى

يومًا بعد يوم، يثبت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمجتمع الدولى والشعب الأمريكى أنه بصدد إشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة بسياساته التى تتجاهل دائمًا وأبدًا المواثيق والأعراف الدولية، فتارة يعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى وتارة أخرى بالسيادة الصهيونية على هضبة الجولان المحتلة، وسط ردود فعل شعبية غاضبة ودبلوماسية متلونة ما بين منددة وأخرى محذرة من تبعات القرار، بينما التزم البعض الآخر الصمت، وهو ما جعل الشعوب تصف الأمر بأنه امتداد لصفقة القرن التى سبق للرئيس الأمريكى الحديث عنها مرارًا وتكرارًا، فهو لا يترك مناسبة إلا ويمارس خلالها البلطجة السياسية إرضاءً للكيان الصهيونى الذى يتحكم فى الاقتصاد الأمريكى والذى يعد أكبر اقتصاد على مستوى العالم بما سهل عليه المهام التى أغضبت الشعوب العربية.

استطاع ترامب أن يترجم سياساته الفاشلة إلى قرارات مؤيدة للكيان الصهيونى، وقد تضمنت سلسلة فشله محطات محلية ودولية، إذ يعانى فى الداخل من تراجع شعبيته، وعلى مستوى المجتمع الدولى فشل فى الوصول إلى اتفاق على أهم قضيتين، وهما نزع السلاح النووى من شبه الجزيرة الكورية مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن بيونج يانج، والمفروضة عليها بسبب برنامجها النووى والصاروخى الباليستى.

كما فشلت سياسة ترامب على ممارسة ضغوطات للإطاحة بالنظام الحاكم الفنزويلى، من خلال حزمة مساعدات تارة وعن طريق مجموعات داخل النظام (خاصة قيادات الجيش) لفرض انتقال ديمقراطى سريع وسهل، إذ فرضت عقوبات على أكثر من 600 مقرب وشريك لمادورو فى الحكم.

إجماع دولى وعربى حول الجولان المحتلة

استمرت حالة التنديد الدولى ضد القرار الأمريكى للرئيس دونالد ترامب أمس الاثنين، باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة فى يونيو 1967.

الدول العربية إدانة وتحذير

وأعربت عدد من الدول العربية منها مصر والإمارات وفلسطين وقطر والمغرب والجزائر والسودان وسلطنة عمان والأردن والكويت وتونس والبحرين عن أسفها واستنكارها الشديدين لهذا القرار، وأشارت إلى أن هذه الخطوة تقوض فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل فى المنطقة.

وحذرت الدول العربية من أن اعتراف ترامب بالجولان أرضا إسرائيلية ستكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام فى الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة.

الأمم المتحدة: لن يتغير

وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الوضع القانونى للجولان لم يتغير بعد قرار دونالد ترامب حول الاعتراف بسيادة إسرائيل على الهضبة.

وقال: «بالنسبة للأمين العام أنتونيو جوتيريش، من الواضح أن وضع الجولان لم يتغي»، وتابع: «سياسة الأمم المتحدة فيما يتعلق بالجولان تأتى من القرارات التى اتخذها مجلس الأمن وهذه السياسة لم تتغير».

القمة العربية والجولان

قال المتحدث الرسمى باسم القمة العربية الثلاثين فى تونس السفير محمود الخميرى، إن التطورات الأخيرة بالنسبة للجولان سيبحثها وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم المقرر الجمعة القادم، كمان أن القضية السورية ككل والأوضاع فى الجولان بشكل خاص هى بند دائم على اجتماعات وزراء الخارجية.

وأضاف أما بالنسبة لعودة سوريا لشغل مقعدها فى الجامعة العربية فيجب أن يكون بتوافق الدول الأعضاء ونحن نعتز بسوريا باعتبارها عضوا مؤسسا فى الجامعة العربية.

وأشاد الخميرى بردود الفعل الدولية على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الخاص باعتبار الجولان أرضا إسرائيلية، خاصة الصين والاتحاد الأوروبى وروسيا بغض النظر عن أن الجولان أرض محتلة وفقا لقرارات مجلس الأمن وأى قرار مخالف للقرارات الدولية تعرفون مآله.

وقال إن التطورات الأخيرة بالنسبة للجولان سيبحثها وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم المقرر الجمعة القادم كما أن القضية السورية ككل والأوضاع فى الجولان بشكل خاص هى بند دائم على اجتماعات وزراء الخارجية.

لعبة الانتخابات الإسرائيلية والأمريكية

ويواجه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، منافسة شرسة من الجنرال بينى جانيتس، رئيس حزب «حصانة إسرائيل»، فى انتخابات حاسمة يدخلها نتنياهو محاطًا ومحاصرًا بالعديد من قضايا الفساد، ربما تؤثر على حظوظه فى ولاية جديدة.

ترامب كشف فى تغريدته أن منطقة الجولان المحتلة تتسم بأهمية إستراتيجية وأمنية بالغة الأهمية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمى، وذلك بعد ساعات قليلة من دعوة نتنياهو، إلى الاعتراف بسيادة الاحتلال على الجولان السورى، خلال مؤتمر صحفى مع وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو فى القدس، فضلا عن أنه قبل 3 أيام، تجاهل تقرير أمريكا السنوى الأخير عن أوضاع حقوق الإنسان، وصف مرتفعات الجولان بـ«المنطقة المحتلة من إسرائيل».

قرار ترامب ووعده بـ«إسرائيلية الجولان» لم يكن مفاجئًا، وسبقته العديد من التمهيدات، كذلك يبشر بدعم اللوبى الصهيونى فى أمريكا ترامب فى انتخابات 2020 لولاية ثانية، وهذا ما أجمع عليها عدد من الخبراء والدبلوماسيين.

قال طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط، إن قرار الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، يرتب وضعا سياسيًا جديدا فيها، فالاعتراف الأمريكى هو مقدمة لوضع أسوأ فى المنطقة، بمعنى أنه سوف يترتب عليه بعض الأمور، أولًا أنه سيغير الصفة القانونية لها ويعطى فرصة للإسرائيليين المستوطنين فى الجولان لتنفيذ إستراتيجية التوطين والاستمرار فيها، وثانيا سيؤدى إلى تغيير فى القانون الدولى العام الذى يجرّم ضم الأماكن الخاصة بأماكن الاحتلال وغيرها.

وأضاف فهمى لـ«الزمان» أن إسرائيل سوف تستثمر هذا الاعتراف ببناء عدد كبير من المستوطنات فى منطقة الجولان، وتطبيق القانون الإسرائيلى على هذه المناطق، وتتجه إلى ضم المستوطنات فى الضفة الغربية، على اعتبار أن هناك ثلاثة أشياء حصلت عليهم من الإدارة الأمريكية، القدس، ثم الجولان، ثم ضم المستوطنات فى الضفة الغربية.

وأشار إلى أن قرار ترامب فى هذا التوقيت له دلالة، وهى الحصول على الصوت اليهودى قبل انتخابات 2020، ودعمًا منه لصديقه، وحليفه المباشر نتنياهو، الذى قطع زيارته إلى واشنطن عقب تصاعد الأحداث بين قطاع غزة وإسرائيل، وبمجرد رجوعه أعلنت الخارجية الأمريكية أنها ستوقع مرسومًا للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

وأوضح فهمى أن هذا القرار لا يرتب أثرًا قانونيًا أمام القانون الدولى العام، على اعتبار أن الجولان أرض محتلة وأى قرار لضمها أو الاعتراف بها لا يعطى السيادة الكاملة لها، وبالتالى فالقرار الأمريكى إجراء يجرمه القانون الدولى العام، وبالتالى أثر هذا القرار سيكون على الأرض من خلال إجراءات ستقوم إسرائيل باستثمارها، ولا يمكن وقف هذا القرار لأن أمريكا باعتبارها دولة قوية، وأنها المسئولة عن الاستقرار فى العالم، فهذا الإجراء ليس قرارًا يوقف، ولكنه إجراء يبنى عليه مخاطر تغيير ملامح الجولان على الأرض، ديموجرافيًا، وسكانيًا وغيرها، فأثر ذلك خطير جدا الفترة المقبلة.

واختتم بأن الموقف العربى لا يجب أن يتوقف عند الشجب أو الإدانة أو الاعتماد على الرفض الأوروبى، أو الروسى، إنما لا بد وأن يكون هناك موقفًا عربيًا موحدًا تجاه ما جرى فى الجولان، وما سيجرى بعد قليل فى المستوطنات الإسرائيلية فى حالة ضمها فى الضفة الغربية، وهو القرار المتوقع اتخاذه فى القريب العاجل، فلا بد أن يكون هناك موقفًا عربيًا واحًدا ومباشرًا فى القمة العربية فى تونس لضمان ما يجرى.

أما عادل ياسين، السياسى الفلسطينى والباحث فى الشأن الإسرائيلى، قال إن إعلان ترامب يمثل دليلا آخر على أن الإدارة الأمريكية باتت أداة لتمرير السياسة والرؤية الإسرائيلية، وهو دليل واضح على الانحياز التام لإسرائيل، أما عن اختيار التوقيت فإنه ينسجم مع رغبة ترامب فى مساعدة نتنياهو فى الانتخابات لا سيما وأنه يعول على دعم نتنياهو له فى الانتخابات الرئاسية القادمة بناء على علاقته مع الإنجيليين الأمريكيين.

وأضاف ياسين لـ«الزمان» أن الإعلان لن تكون له تداعيات عملية لا سيما وأن إسرائيل تسيطر فعليًا على جزء من هضبة الجولان ولا يمثل سوى إعلانًا دعائيًا وترويجيًا لنتنياهو .

واختتم: للأسف لا توجد قدرة عربية على مواجهة هذه السياسة وقد لمسنا ذلك جليا من خلال تعامل الإدارة الأمريكية مع القضية الفلسطينية ولن تكون هضبة الجولان أغلى وأهم من القدس، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعنى التسليم وقبول ما يمليه ترامب، بل يجب أن يكون هناك حراك من قبل المؤسسات الدولية والعربية لترفع صوتها والتعبير عن رفضها السياسة الأمريكية عامة فى كل ما يتعلق بالقضايا العربية وأهمها القضية الفلسطينية.

ومن جانبه استنكر السفير محمد منيسى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الاعتراف بفرض السيطرة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية، مشيرا إلى تلك التصريحات تتنافى مع صحيح القانون الدولى والذى يشدد على عدم إمكانية فرض السيطرة على الأراضى المحتلة بالقوة.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تلك التصريحات الهلامية جاءت تدعيما للحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وذلك لدفع الناخب الإسرائيلى للحفاظ عليه فى منصبه كرئيس وزراء إسرائيل.

وبين منيسى أن تلك التصريحات أثارت حفيظة العديد من دول العالم ولا سيما الدول الحليفة لواشنطن وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول التى ترى فى فرض السيطرة الإسرائيلية على هضبة الجولان تأجيجا لأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط الملتهب.

وكان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد أعلن فى وقت سابق أن الوقت قد حان للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، «ذات الأهمية الإستراتيجية والأمنية الحاسمة بالنسبة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة».

ومن جانبه قال الدكتور محمد أبو سمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى وعضو المجلس الوطنى والخبير فى الشأن الإسرائيلى، أن التوقيت الذى خرج فيه الرئيس الأمريكى بتغريدته مفيد للغاية بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، خاصةً مع ملاحقة الجنرال بينى جانيتس له، والذى ارتفعت أسهمه للغاية فى الفترة الأخيرة، قبل أن تنتشر قصة اختراق إيران لهاتفه الشخصى الأسبوع الماضى.

ورأى أبو سمرة أن الأزمة التى مر بها نتنياهو خلال الأشهر الأخيرة، والتى تسببت فى تراجع أسهمه، ربما تكون انفرجت وأصبح قريبًا من الفوز بولاية جديدة، بعد قرار ترامب، لافتًا إلى أن عدم وجود خلفية سياسية أو كاريزما للجنرال بينى جانتس تعزز فرص نتنياهو كذلك، خاصةً أن الناخب الإسرائيلى يغير رأيه فى لحظة.

وأكد أبو سمرة أن قرار ترامب غير مفاجئ، لأن العرب أيضا لم يحركوا ساكنا عندما تم نقل السفارة إلى القدس، فلماذا لا يقدم لنتنياهو ورقة رابحة فى الانتخابات القادمة وينتظر أن يرد له نتنياهو ورقة رابحة عندما تأتى استحقاقات الانتخابات الأمريكية ويؤمن له دعم اللوبى اليهودى، وهو يقدم أخيرا أرضا لا يملكها لدولة محتلة.

مخططات إسرائيل للجولان؟

ويرى مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن هذا الاعتراف رغم الترحيب اليهودى الإسرائيلى الواسع به، لن يكون ذا تأثير يذكر على أرض الواقع، دون إحداث فرق كبير فى الواقع الأمنى والسياسى والاقتصادى لمرتفعات الجولان.

وتحدث موقع JNS اليهودى عن ضرورة تطوير مجتمعات إسرائيلية واستيطانها على نطاق واسع لمرتفعات الجولان.

ويصف الموقع JNS الجولان السورية المحتلة بأنها «واحدة من ثروات إسرائيل العظيمة التى لم تحرز فيها الاتصالات الدبلوماسية بين نظام الأسد والحكومات الإسرائيلية فى التسعينيات لإعادتها إلى سوريا، كجزء من اتفاق سلام، أى تقدم يذكر».

ويوجد فى الجولان حاليا 22 ألف يهودى إسرائيلى، وحوالى 25 ألف درزى سورى يتركزون فى أربع قرى.

اللواء (المتقاعد) نعوم تيبون، القائد السابق لتشكيل الجيش الإسرائيلى كشف للموقع عن برنامج حكومى لتزويد الجولان بالسكان، كمكون مدنى اقتصادى من شأنه أن يكمل حاجة إسرائيل الإستراتيجية لتعزيز الدفاعات الشمالية.

وقال تيبون: «لا ينبغى أن يتم ذلك كورقة مساومة، لكن بهدف التسوية طويلة الأمد، وسيكون الهدف هو نقل سكان يمكن أن يكسبوا عيشهم من قطاعات تتجاوز الزراعة والسياحة، لذلك ينبغى للحكومة أن تنشئ مراكز للتكنولوجيا الفائقة وغيرها من الصناعات المتقدمة فى الجولان، لتمكين السكان الجدد من الحصول على وظائف عالية الجودة فى مكان قريب».

وأكمل الموقع عن إمكانية ربط مجتمعات الجولان الجديدة بالساحل المركزى للبلاد، حيث يعيش غالبية الإسرائيليين ويتركز الاقتصاد، مع خطوط قطار سريعة وشبكة واسعة من الطرق.

وأشار إلى أن الحكومة المقبلة ستستغل زخم اعتراف ترامب، وتعمل جيدا على هذه المبادرة والشروع فى إطار برنامج تنموى يتمتع بدعم جميع الدوائر الانتخابية، مع توضيح أن إسرائيل ليس لديها أى نية على الإطلاق لأن تخسر الجولان لصالح إيران ووكلائها.