جريدة الزمان

تقارير

«أم السلطان».. العشوائية تحكم والآثار تنهار

سماح عثمان تصوير: عصمت فتح الله -

المواشى تحتل الشوارع.. والقمامة تغطى جوانب الآثار.. والبلطجية يسكنون وسط الطريق

«أم السلطان».. العشوائية تحكم والآثار توءد

«الزمان» فى الغرف المظلمة لآثار أم سلطان.. كشف عن إهمال منذ عقود

«آثار البساتين» غائبة عن المسئولين

الأهالى: لم نر مسئولا واستغثنا ولم يستجب لنا أحد

الاستيلاء على موقف نقل عام وتحويله إلى جراج خاص بوضع اليد

إلغاء موقف للنقل العام لأسباب مجهولة

مسئول الترميم بوزارة الآثار: أعدكم بالبحث واتخاذ اللازم

عندما تسمع اسم تلك المنطقة تظن أنها عيون تنبع منها المياه التى تروى ظمأ العطشى، ولكن هذا الوصف كان فى الزمن العتيق، أما الآن عندما تزور منطقة «بئر أم سلطان» بمنطقة البساتين تجد كلابا ضالة، وجدت من السور الأثرى مأوى لها وأكياس القمامة مكانا ثابتا وللخارجين عن القانون ومتعاطى المخدرات مسكنا عندما يأتى الليل، وداخل الغرف الصغيرة يختبؤون دون رادع ولا كشاف إنارة يكشف وجوههم.

منطقة تعيش فى العصور القديمة من غياب الخدمات وأيضا غياب المسئولين، لم نستطع السيرفى هذا النفق المظلم نهارا، فالطريق غير ممهد وبه المطبات ما يساعد على تكرار الحوادث بشكل يومى، كل أركان العشوائية تجتمع فى منطقة البئر دون رحمة.

ويقع الأثر تحديدا أسفل الطريق الدائرى بحى البساتين فى منطقة بئر أم سلطان، ويمتد سور من البئر لمسافة قصيرة تنتهى عند بداية مقابر الخيالة بالبساتين، ومن الشائع أن البئر حفره المماليك لتوفير المياه الصالحة للشرب التى كانت تمر أعلى سور مجرى العيون فى طريقها للقلعة، والسور المتصل بمبنى البئر والذى كان يمتد ليتصل بسور مجرى العيون، وانهارت حاليا أجزاء كبيرة جدا منه، وذلك لأسباب كثيرة منها الإهمال، وعوامل الجو، أو جهل الكثير بقيمة السور التاريخية والذين استغلوه فى تخزين أغراضهم بجواره، وأصل التسمية هو نسبة إلى أم أحد سلاطين مصر من المماليك التى قامت بحفره كى تكون مصدرا نقيا للشرب فى تلك البقعة الصحراوية فى ذلك الوقت، ثم أصبح المصريون يتداولونها على أنها (بئر أم سلطان)، كما ورد فى بعض كتب التاريخ أن البئر أنشأه السلطان أحمد بن طولون لإمداد مسجده بالمياه بالإضافة إلى أنه بالقرب من منطقة البئر ستجد سور القاهرة الأثرى، والذى يعود تاريخه لمئات السنين ويمتد من حى البساتين إلى حى مصر القديمة ويشبه كثيرًا بوابات مجرى العيون.

كمال الأنصارى عضو المجلس المحلى السابق عن منطقة البساتين ودار السلام قال إن «بير أم سلطان» تضم أثرا من آثار مصر عمره أكثر من 1000 عام منذ عهد أحمد بن طولون، وكانت فتحات مياه بها سواقى لنقل المياه من النيل إلى منطقة القلعة وكان يزورها السياح حتى الثمانينيات، وفى عام 2010 افتتح محافظ القاهرة آنذاك موقف سيارات وبجوارها حديقة وعندما رأى ما آلت إليه حالة الأثر علم من مسئول الآثار المرافق له رصد 30 مليون جنيه لترميمها، ومنذ ذلك الحين لا نعلم مصير هذا المبلغ وفيما تم صرفه .

وأضاف الأنصارى أن هذه المنطقة الأثرية هامة للغاية وكانت فى العهد الماضى ذات مظهر جمالى رائع، ولكن تحولت إلى أكوام من القمامة التى تغطيها من الجانبين وملجأ للخارجين عن القانون، لأن بها غرف مفتوحة بالأعلى وأخرى بالأسفل امتلأت بأكوام القمامة ومأوى لتجار المخدرات بالليل، حتى وجدنا جثثا ملقاة بداخل تلك الغرف المظلمة تنهشها الكلاب الضالة، فالنفق مظلم نهارا وبالليل لا تضيء أعمدة الإنارة فيصبح الخطف أسهل ما يمكن والسرقة على قارعة الطريق دون رادع، فنحن لسنا ذوى سلطة لكى نتعامل مع هؤلاء البلطجية .

وتابع بأن مشاكل المنطقة بوجه عام زادت بعد افتتاح المحافظ حديقة بجوار موقف السيارات، ولكن أهملت وتم الاستيلاء عليها لتتحول لجراج سيارات وعندما خاطبنا الجهات المسئولة قاموا بتحويلها لموقف أتوبيس نقل عام لمدة 4 أشهر وإلغائها فيما بعد، وتحولت لجراج مرة أخرى، هذا بجانب العشوائيات التى نعيش بها بسبب الأسواق العشوائية والازدحام المتزايد دون تنظيم، فهنا ما يسمى بالشارع الجديد واسمه شارع المجارى سابقا، ولكن قمنا بتغيير اسمه فى المحافظة وهو شارع عمومى يربط بين المعادى وضواحيها وحتى البساتين والخليفة ووسط البلد قام بعض الأشخاص بالاستيلاء على 60% من مساحته واستغلالها فى ملاهى الأطفال، مما يعد إشغالا للطريق، وبجوارها تجار للمواشى والخراف تستحوذ على الجزء الآخر، وهذا ما يعوق الحركة بشكل كبير فى هذا الشارع الحيوى، علما بأن المهندس إبراهيم محلب رئيس لجنة استرداد أراضى الدولة أرسل لجنة لمعاينة أراضى البساتين المستولى عليها ولم تسجل أرض الخدمات المستولى عليها من قبل أصحاب الملاهى والمواشى، فنرجو من المسئولين إعادة حصر الأرض المستغلة لكى تعود حقوق الدولة  .

ولفت إلى أنه منذ أكتر من 8 سنوات لا توجد صيانة لكشافات الإنارة مما يتيح الفرصة لتجارة المخدرات وتعاطيها ليلا فى الظلام .

وقال سيد عبدالرحمن عضو مجلس محلى سابق، إن مشكلة الطرق لدينا مهملة ولا تدخل فى اهتمامات المسئولين منذ أعوام طويلة بداية من الإشغالات حتى منتصف الطريق، وحتى عدم صيانة الإنارة والحفر المتكرر دون رصف الشارع، بجانب أكوام القمامة المحتلة لشارع الميثاق ووسط المساكن مما ينشر الأوبئة والأمراض بالإضافة إلى إعاقة حركة الطريق الرئيسى المؤدى للأحياء المجاورة وحتى وسط البلد والخليفة .

وأشاروا إلى أن هذا الجزء المهمل والمستغل بالقوة من أصحاب الملاهى وتجار المواشى يمكن استغلاله من قبل الدولة فى بناء نقطة مطافئ أو شرطة لحماية طلبة المدارس من البلطجية الذين يستوقفونهم بالسلاح الأبيض لسرقتهم أو التحرش بالطالبات .

فيما قال أحمد صالح رئيس مجلس أمناء مجمع المدارس بالبساتين، إنه يتمنى أن يتم إيجاد حل جذرى لقطعة الأرض المجاورة لمجمع المدارس خصوصا أن مدرسة عمار بن ياسر ليس بها ملعب للنشاط الرياضى والطابور الصباحى، إذ أننا طلبنا تكرارا من رئيس الحى ونائب الدائرة بناء سور حول تلك الأرض وضمها لمجمع المدارس ولكن لم يستجيبوا لنا .

 وأضاف صالح أن الأمن غائب تماما عن المنطقة ولا توجد رقابة على الأطعمة الموجودة أمام المدارس التى تحوى مواد سامة وغير صالحة، كما يتواجد بائعو المواد المخدرة لأبناء المدارس، أما بالنسبة لسور آثار بير أم سلطان فهو مهمل منذ أعوام، فلماذا لم تهتم به الدولة مثلما اهتمت بترميم وإعادة تأهيل سور مجرى العيون؟ إذ يستغله البلطجية والخارجين عن القانون بالاختباء به لتعاطى المخدرات دون رقابة من مسئولى الآثار.

عمر محمد واحد من المحاربين القدماء يقول: أسكن بجوار الآثار المغطاة بالقمامة والساقطة من حسابات المسئولين، إذ أننا توجهنا لرئاسة الحى عدة مرات لإصلاح الطريق والمطبات التى تهدد سلامة مستقلى السيارات والدرجات المارين من تلك المنطقة بشكل دورى، ولكن لا حياة لمن تنادى، بالإضافة إلى موقف الأتوبيسات الذى كان موجودا لتيسير الوصول لكل المناطق فى القاهرة والجيزة، ولكن تم إلغاؤه لأسباب مجهولة وتحول فيما بعد لجراج خاص لحساب أحد الأشخاص الذى استولى عليه بوضع اليد.

وأضاف عمر: «قدمنا عدة شكاوى للمسئولين ولم يرد علينا أحد، وآخر مرة كانت منذ شهر جولة لرئيس الحى ولم تسفر عن أى نتائج إيجابية».

قمنا بالاتصال بغريب سنبل رئيس الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، فقال إنه لا علم لهم بهذه المنطقة، وعما تحويه من آثار، ولكن وعد «الزمان» بالبحث واتخاذ اللازم تجاه هذه القضية.