جريدة الزمان

تقارير

على غرار الملاعب الخماسي.. حمامات السباحة العشوائية تغزو الأقاليم

محمد الدسوقي -

الغالبية تعمل دون تراخيص وتفتقر لعوامل الأمان.. وتغيير المياه مرة أو اثنتين أسبوعيا

استهلاك كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب

خبراء: وسيلة لنقل الأمراض الجلدية.. وتستنزف الرقعة الزراعية

على غرار الملاعب الخماسى التى انتشرت بقوة فى المحافظات لتصبح مشروعا اقتصاديا مربحا لأصحابه ينافس ملاعب النوادى الاجتماعية ومراكز الشباب الحكومية، لا سيما أنها مفتوحة على مدار 24 ساعة، انتشرت أيضًا حمامات السباحة الشعبية التى أصبحت ملاذًا للبسطاء الحالمين بقضاء يوم فى المصيف دون تكبد معاناة السفر لساعات طويلة.

وفى نفس الوقت إمكانية تكرار الرحلة مرة أو اثنتين خلال موسم الصيف وربما مرة كل أسبوع، وهنا ظهرت وانتشرت حمامات السباحة الشعبية التى وجد أصحابها فى الأراضى الزراعية ضالتهم، فلا مانع من إقامة المشروع على أرض زراعية حتى تكون وسيلة فعالة لصرف مياه حمام السباحة بالأراضى الزراعية المجاورة ونفس الشيء الحصول عليها بواسطة مواتير سحب المياه دون تعقيم أو فلترة.

«الزمان» رصدت انتشار الظاهرة على مستوى المحافظات وتحولها إلى مشروع مربح للغاية، لا سيما أن صاحب الحمام لا يقتصر عليه فقط بل يزيد من الشعر بيتًا ويفتتح مطعما وكافيه، ولكن لأن المشروع مقام على أرض زراعية لا يستطيع صاحبه الحصول على التراخيص ويحصل على عداد ممارسة فقط.

وكذلك عدم حصول الغالبية العظمى من تلك الحمامات على أية تراخيص سواء من وزارة التنمية المحلية أو وزارة الموارد المائية ووزارة البيئة، وهى الجهات المانحة لتلك الرخصة، إما لجهل أصحابها أو لتعمدها تجاهلها تجنبًا لتسديد مزيد من الرسوم.

«مشروع مربح للغاية ولكن شرط أن تضع عينك وسط رأسك».. بتلك الكلمات بدأ أشرف بهجت صاحب حمام سباحة بميت غمر فى محافظة الدقهلية، حديثه لـ«الزمان»، قائلا إن المشروع مكلف قد يصل إلى مليون جنيه ثمن إقامة حمام السباحة وشراء مواتير سحب وطرد المياه وعمل منسوب ليتناسب مع الصغار والكبار، وقبل الشروع فى البدء قمنا بالحصول على جميع التراخيص اللازمة واشتراطات الأمن والسلامة وتجنبنا عمل المشروع على أرض زراعية خوفًا من حملات الإزالة، وبالتالى خسارة المال.

ولفت إلى أنهم أسسوه على مساحة 200 متر داخل قطعة أرض مملوكة لأحد الشركاء، وهو مشروع تصل أرباحه شهريًا خلال موسم الصيف إلى 300% رغم أن سعر الساعة للفرد لا يتجاوز 20 جنيها، لكنه يظل مشغول طوال النهار وحتى ساعات الليل المتأخرة، وقمنا بعمل كافيه لعرض المشروبات الساخنة والباردة للزبائن.

وأضاف أنه قبل سنوات لم يكن أحد يجرؤ على أخذ تلك الخطوة ولكن بعد أن افتتحنا المشروع وحققنا مكاسب وجدنا أشخاصا آخرين يقومون بنفس المشروع فى قرى مجاورة وفى محافظات مصر، ولكن بعضهم على أراضٍ زراعية ولم يحصلوا على التراخيص التى حصلنا عليها.

وأشار إلى أن أساس المشروع كان على أرض صالحة للبناء وأن تكون المياه جوفية حتى لا نهدر المياه، وكذلك تصريف المياه وهى عوامل لا بد من الالتزام بها لنجاح المشروع، ويلجأ إلى تلك الحمامات العائلات البسيطة التى لا تملك المال الكافى للذهاب إلى المصايف البعيدة عن القاهرة وتستهلك مالك وصحتك لقضاء يوم واحد فقط.

«جئنا للمواطنين بمصيف شعبى يناسب الجميع».. هكذا عبر رضا الجوهرى صاحب حمام سباحة شعبى بمدينة السادات بمحافظة المنوفية عن مشروعه الذى كان سبب سعادته، قائلا إنه جرب مشروعات كثيرة من بيع مواد غذائية لقطع غيار سيارات وغيرها ولكنها مشاريع ينافسك فيها المئات أما مشروع حمام السباحة فهو نادرًا ما تجد أحدا يقوم بفتح نفس المشروع فى المحيط الجغرافى الذى تعمل أنت فيه أو حتى داخل المدينة، لا سيما أن مراكز الشباب الحكومية فى الأقاليم البعيدة عن القاهرة لا تهتم بحمامات السباحة.

وتابع: «من هنا جاءت الفكرة لى قبل أربعة أعوام وخلال موسم الصيف أفتتح مدرسة لتعليم السباحة للطلبة المقبلين على الكليات العسكرية والشرطة، وأسعى خلال الوقت الراهن إلى افتتاح المشروع فى مدن أخرى بمساعدة شركاء، ورغم أنه مكلف من حيث توفير المكان والمساحة والتجهيزات لكنه مربح».

كما رصدت «الزمان» انتشار الحمامات العشوائية التى تفتقر لعوامل الأمان، إذ أوضح الدكتور محمود حلمى الخبير بالتنمية المحلية، قائلا إنه تابع السنوات الماضية انتشار حمامات السباحة الشعبية والعشوائية ورأيت ما يترتب عليها من مصائب سواء على مستوى الأفراد من إصابات بأمراض جلدية وغيرها، لأن صاحب المسبح لا يهتم بوضع المواد الكيماوية اللازمة لتطهير المياه، إلى جانب الأضرار البيئية وتآكل الرقعة الزراعية، وتشغيل تلك المشروعات بعدادات كهرباء وماء غير التجارية، فهناك أشخاص بنوا منازل على مساحة 3 قراريط وخصصوا قيراطين منهما لحمام سباحة على أساس أنه للاستعمال الشخصى، وتم افتتاحه أمام المواطنين وتحويل المنزل إلى فندق، وذلك بواحدة من قرى الغربية وتم إغلاق المكان ليعاد فتحه مرة أخرى رغم تحرير محضر لصاحبه.

وأضاف حلمى أن الأزمة لا تتوقف عند مستوى استهلاك كميات المياه الصالحة للشرب أو تهديد الرقعة الزراعية، بل تتجاوز الأمر بكثير وتهدد حياة الأطفال الذين يذهبون وحدهم لتلك الحمامات الشعبية لممارسة السباحة دون مراقبة صاحب المسبح والذى يبخل براتب منقذ ومسعف، وبالتالى تحدث كوارث لكن لا نسمع عنها لأنه يتم التعتيم على الأمر ومساومة الأهالى بنهاية المطاف، فمثل تلك الحمامات الشعبية لا تقل خطورة عن سباحة الأطفال بالترع ومن ثم تعرضهم للغرق.

فيما وصفها الدكتور أحمد فاروق استشارى الأمراض الجلدية، بالحاضنة لنقل الأمراض الجلدية المعدية، قائلا إن من يشنأ حمام شعبى لن يهتم فى الأساس بوضع المواد الكيماوية المخصصة لفلترة المياه والتى تجعل لونها أزرق، وبالتالى تجديد المياه باستمرار ومن ثم لا تنتقل الأمراض المعدية بين المواطنين، ولكن فى حالة الحمامات الشعبية فلا أعتقد أن المياه يتم تغييرها بالأساس إلا مرة واحدة صباح كل يوم أو مرتين بالأسبوع وهو أمر ينذر بأمراض جلدية معدية تتطلب شهورا من العلاج.

فيما أكد مصدر بوزارة التنمية المحلية لـ«الزمان» أن هناك شروطا وتعليمات يجب اتباعها والحصول عليها قبل الشروع فى تنفيذ ذلك المشروع، وعلى رأسها أن تكون الأرض غير زراعية وموافقة وزارة الموارد المائية والتنمية المحلية، وعدم الاعتماد على المياه الصالحة للشرب فى تعبئة حمام السباحة ولكن عبر مواتير سحب من المياه الجوفية، وفى حالة مخالفة تلك الشروط ستتم إزالة حمام السباحة فورًا وهو ما سبق مع بعض الحالات غير المنطبق عليها الشروط، ويجب على الجميع اتباع التعليمات وشروط الترخيص منعًا لإهدار أموالهم هباءً.