جريدة الزمان

خير أجناد الأرض

«حرب الشائعات».. الجريمة السوداء في جبين الجماعات الإرهابية

أحمد سعيد -

خبراء: الجماعات المتطرفة تستخدم أسلحة خبيثة.. وحروب الجيل الرابع أخطر تحديات المرحلة

تنشر ملايين المنشورات والتغريدات يوميًا لتبث الشائعات والمعلومات المغلوطة فى محاولة اضرب الاستقرار وإثارة الفتن، وخلق البلبلة، التى تدعمها أجهزة استخبارات لدول كبرى من خلال لجان إلكترونية متخصصة فى هذا المجال فقط، وهذا ما يطلق عليه حروب الجيل الرابع.

وينجرف الكثيرون خلف تلك الشائعات دون أن يدرى، وليكون ذلك هو التطور الحقيقى للحرب النفسية التقليدية، والتى كانت تتم عن طريق نشر الأكاذيب عبر وسائل الإعلام، أو عن طريق الطابور الخامس فى بعض الدول، إذ يبثون الإحباط والأخبار الكاذبة فى أماكن التجمعات.

ومع تطور التكنولوجيا المعلوماتية، وظهور مواقع التواصل الاجتماعى، بدأت تتطور الحرب النفسية، بل إن أجهزة الاستخبارات التى تعمل فى هذا المجال وجدت ضالتها فى كيفية إيصال الرسالة المطلوبة إلى المتلقى فى ثانية واحدة لتنتشر بعد ذلك كالنار فى الهشيم، وتحقق الهدف المطلوب منها.

قال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمنى، ومدير المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، إن الجماعات الإرهابية كافة تعتبر الإعلام ساحة حرب مثل المفخخات، مضيفًا أنها تطلق الشائعات كما تطلق الرصاصة.

ولفت عكاشة إلى أن جميع المنصات الإعلامية مفتوحة، ويتواجد بها تصارع من أجل اجتذاب الرأى العام، مشيرًا إلى وجود أخبار مزيفة يتم ترويجها بغزارة من أجل زعزعة استقرار الدولة، وأكد أنه أثناء تدشين المشروعات الضخمة داخل الدولة، بدأت شائعات الجماعات الإرهابية فى استهداف مشروعات التنمية .

ومن جانبه، أكد اللواء محمد الغباشى الخبير الإستراتيجى وأمين مركز آفاق للدراسات الإستراتيجية، أن مصر تعرضت لهجمة إلكترونية شرسة بداية من عام 2010 عندما بدأت محاولة هدم جهاز الشرطة المصرية باستغلال حادث الشاب خالد سعيد، وبعد ثورة 30 يونيو اشتدت الحملة الإلكترونية ضد الجيش المصرى باعتباره هو الحامى للشعب ومؤسسات الدولة والمحاولات المستمرة لجره للدخول فى الصراع، وسعت هذه الحملة إلى التشكيك فى القيادة السياسية والهدف الأول والأخير إيقاف مسيرة الإصلاح والتنمية للدولة المصرية.

وتابع أن أخطر ما يهدّد الأمن القومى المصرى فى المرحلة الراهنة هى حروب الجيل الرابع التى تستهدف الاحتلال الفكرى لعقول شباب، وبعد حرب 1973، قرر الأعداء عدم قتال الجيش المصرى وجهًا لوجه مرة أخرى واستخدام الحرب القذرة الخبيثة ضد الدولة المصرية التى تهدف لبث الشائعات ومحاولة إحداث الفتن ونشر حالة من التشكيك والإحباط باستخدام السوشيال ميديا ووسائل الإعلام، وهذه الحروب لا تستهدف تحطيم القدرات العسكرية فحسب، وإنما تعمل على نشر الفتن والقلاقل وزعزعة الاستقرار وإثارة الاقتتال الداخلى.

وعن الحرب النفسية، بين الخبير الإستراتيجى، أنها تستخدم فيها الوسائل الدعائية والنفسية للتأثير فى الروح المعنوية للمستهدَف واتجاهاته ودوافعه وميوله سواءً أكان فردًا أو جماعات أو مجتمعات بأسرها وإيجاد حالة من الارتباك والفوضى والانشقاق والتذمر بين صفوفهم وتشكيل صور جديدة مغايرة للواقع والحقيقة.

وأضاف أن العناصر الإرهابية تستخدم الحرب النفسية ضد مصر ولاحظنا ذلك مع كل عملية إرهابية يتم تداول معلومات وصور مغلوطة لمحاولة إظهار الدولة بموقف ضعيف، وتهدف للبلبلة وتضليل الرأى العام بصور وفيديوهات غير حقيقية مفبركة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعى لبث السموم لتؤثر على أعصاب المواطنين ومعنوياتهم، واستخدام مخطط مدروس لبث الدعاية الكاذبة والإشاعات بنشر خبر أو قصة بها جزء من الحقيقة وتغليفها بالكذب والخداع للإضرار بأمن المجتمع وسلامة المواطنين والإيقاع بين الجيش والشرطة مع الشعب لفقدان الثقة، وخلال العملية الشاملة سيناء 2018 تم اكتشاف العديد من المراكز الإعلامية وأجهزة تصوير ومعدات فنية عالية الجودة لبث الصور ونشر الأخبار المفبركة

وأكد أن الكثير من صفحات التواصل الاجتماعى المشبوهة تقوم بها كتائب إلكترونية مدربة على الكذب والخداع.

وقال اللواء هشام الحلبى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وعضو المجلس المصرى للشؤون الخارجية، إن هناك فارقًا كبيرًا بين العمليات النفسية والحرب النفسية.

وأوضح أن العمليات النفسية هى أداة رئيسية من حروب الجيل الرابع، وكثيرًا ما يتم الخلط من بين المصطلحين .

وأضاف المستشار بأكاديمية ناصر أن الحرب النفسية توجه للعسكريين وقت الحرب فى ميدان المعركة أما العمليات النفسية فتستهدف المدنيين والعسكريين فى وقت السلم والحرب، موضحًا أن العمليات النفسية أشد خطورة وضراوة وفتكا لأنها توجه إلى شرائح مختلفة من المجتمعات التى لا تدرك أنها تتعرض لمثل هذه الحروب لأنها لم تدرسها من الأساس.

وأكد أن العمليات النفسية أصبحت جزءًا مهمًا جدًا من الحروب التى توجه للمنطقة إذ تعرضت المنطقة على اختلاف دولها لموجة استعمارية قديمة.