جريدة الزمان

صحة وطب

الليرولين.. الإدمان القاتل بسعر بخس في سوق الدواء

بسمة أحمد -

عقار جديد يغتال الشباب المصرى

تناوله بداية وردية ونهاية مأساوية

كل شيء قابل للتغير والتطور حتى الإدمان، لا تتعجب من تحول بعض العقاقير الطبية والصحية التى تستخدم لبعض الأمراض كالصداع والتهاب الأعصاب يستخدمه ويتعاطاه الناس كحبوب مقوية ومساعدة لزيادة القدرة الجنسية، ويُصبح شريط الدواء ذا المبلغ الزهيد يصل إلى أسعار مُخيفة وباهظة، كما حدث مع عدد من الأدوية أشهرها الترامادول .

وتتوالى العقاقير المخدرة ليأتى هذا العام عقار الليرولين القاتل، الذى يدمنه البعض على أساس أنه مساعد للإثارة الجنسية والقدرة اعتقادا منهم بذلك، فتناولته النساء مع الرجال ليلتمسوا فيه السعادة الزائفة .

وتفتح «الزمان» ملف إدمان عقار الليرولين الذى يُفترض أنه مُدرج بالجدول لحظر بيعه إلا بشروط معينة وتحت إشراف الطبيب، إلا أنه يتم تداوله وبيعه بالصيدليات بسهولة، كما يتم توزيعه على يد الأطفال من قبل تجار المخدرات .

 

لم تتخيل «هبة .ع» ابنة محافظة المنوفية صاحبة الـ29 عاما أن تتحول السعادة إلى جحيم فى حياتها بعدما لعب القدر دورا قويا فى تحويل مسار حياتها الذى كان يسير فى طريق معتدل، فهى من أسرة متوسطة الحال ذات ملامح شديدة الجمال، تعرفت على شاب، وشيئا فشيئا تطورت العلاقة بينهما من مرحلة إعجاب إلى مشاعرعاطفية حتى وقعت فى الخطيئة مما جعلها تستسلم لكل ما يطلبه منها دون تفكير حتى أغرقها فى وحل الإدمان كى يسيطر عليها أكثر .

 

وتضيف هبة: بدأت إصابتى بالإدمان منذ 3 سنوات أدمنت فيها تعاطى الترامادول والحشيش وكنت أشترى الترامادول من الصيدليات المجاورة بالمنطقة التى أسكن بها حتى لم يعد تناولهما يأخذ مفعولهما فى جسدى، فلم يكن أمامى سوى البحث عن نوع آخر من الحبوب غير مدرج بالجدول ويعطى مفعول أكبر حتى عرضت على إحدى صديقاتى تناول حبوب الليرولين التى تعطيها مفعولا أفضل من الترامادول الذى انقطعت عن تناوله لفترة تجاوزت الأسبوعين، نظرا لرفض أصحاب الصيدليات إخراجه دون روشتة، وكالمجنونة قبلت بتناولة مقابل 35 جنيها للشريط الواحد فلم أكن أفكر فى شيء آخر غير الحصول على تلك الحبوب فاعتدت دفع أى مبلغ كى أحصل عليها.

وتتابع: 6 أشهر متواصلة لم أنقطع فيها عن تعاطى الليرولين المدمج بالكولوفيرين حتى خسرت خلالها عملى وأسرتى وأصابنى فيروس الكبد الوبائى بسبب كثرة تناول الحبوب المخدرة.

وتشير إلى أنها تتمنى الكف عن إدمان الليرولين الذى تسبب لها فى خسائر كبيرة، وتؤكد أنها حاولت ذلك من قبل ودخلت أحد المستشفيات للتخلص من الإدمان، ولكنها خرجت قبل أن تستكمل العلاج.

 

بينما «عامر.خ» شاب فى ريعان الشباب لم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر لم يحالفه الحظ فى التعليم، إذ حصل على الإعدادية واكتفى بهذا القدر ليحيا مع والدته وشقيقه، وكان يشارك شقيقه فى غرفة ووالدته فى الغرفة الأخرى، وبعد زواج شقيقه انفرد هو بالغرفة وظن أن انفراده بها شيء يسعده ويكفل له الكثير من الحرية والخصوصية ليعيش حياته ويستمتع بيومه ثم يأوى فى نهاية الليل إلى غرفته، وكان يدخلها وبحوزته حبوب المخدرات التى حصل عليها من أحد الديلارات بشارع الوحدة بإمبابة فلم يعد هناك من يضايقة أو يعكنن عليه .

 

يتناول عامر المواد المخدرة دونما رقيب والأم بالخارج لا تدرى عن ابنها إلا أنها تحضر له الطعام والشراب، فلا تسأل عن أفعاله وما يمارسه، وكان إذا ظله الليل وأراد أن يتعاطى المخدرات يغلق الأنوار بل كان يهوى أن يجعل الغرفة مظلمة إلا من شعاع ضوء صادر من كشاف صغير يستخدمه أثناء دمج حبوب الليرولين بالنورموليبسى والترامادول، ليعطيه مفعولا أقوى فقد اعتاد أن يكرر ذلك يوميا حتى أدمن المخدرات وأصبح غير قادر على الاستغناء عنها .

ويضيف: بداية دخولى عالم المخدرات كانت عن طريق مقاول البناء الذى أعمل معه عندما عرض على نصف قرص ترامادول بداعى أنه يساعدنى على مباشرة العمل دون تعب أو إرهاق، حينها لم أكن أعلم عن الإدمان شيئا ونتيجة لتناوله بشكل مستمر خلال فترة العمل تعودت عليه حتى تعرفت على حبوب الليرولين المخدرة من خلال رفقاء العمل بعدما جربناه سويا وتبين لنا أنه يقوم بنفس تأثير الترامادول .

 

ويتابع: بسبب ارتفاع سعر الحبوب المخدرة أصبح هو المنفذ الوحيد لنا، كما أنه لا يجعلنا فى قلق من رجال الأمن لأنه يعتبر دواءً عاديًا غير مدرج بجدول المخدرات، وسعره مناسب للجميع، فالشريط سعره يتراوح ما بين 35 جنيها إلى 50 جنيها فى المناطق الشعبية، فالعلبة الواحدة يتم الحصول عليها من الصيدلية وتحتوى على 3 شرائط بـ105 جنيهات، وهو ما يعادل سعر شريط واحد من الترامادول .

وفقا لآخر إحصائية صادرة عام 2017 عن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان فإن 10% من المصرين يتعاطون المخدرات بنسبة 27.5% من الإناث و72.5% من الذكور بينهم 24% من السائقين و19.7% من الحرفيين بمتوسط إنفاق شهرى على المخدرات 237.1 جنيه.

كما تؤكد الإحصائية إقبال 41.8 من المدمنين على الترامادول وبنسبة 23.2% على الحشيش و25% تعاطى الهيروين، وبلغ عدد المدمنين الذين يتعاطون الحبوب غير المدرجة كالليرولين إلى 10% بفئات عمرية تبدأ من العاشره وحتى الـ60 عاما.

الدكتور محمود عمرو مدير مركز السموم بالقصر العينى يقول إن مادة البريجابالين هى المادة الفعالة التى تصنع منها الكثير من الأدوية المنتشرة داخل الأسواق المصرية، وتعمل تلك المادة على علاج الصرع والآلام العصبية، وهدفها هو منع نوبات الصرع بالإضافة إلى استخدامها فى علاج بعض أمراض التهاب الأعصاب الناتجة عن السكر .

وأشار إلى أن هذه المادة تساعد على عمل تأثير الإحساس بالنشوة، لذلك يلجأ إليها المدمنون لاستخدامها كبديل للترامادول .

 

صناعة الدواء

الدكتور محمد عصمت رئيس لجنة صناعة الدواء بنقابة الصيادلة أكد أن أكثر من 50 شركة فى مصر تقوم بإنتاج الليرولين، وتقوم بتوزيعها من خلال 4 شركات معتمدة من قبل وزارة الصحة، والتى تقوم بتوزيعه إلى المخازن ثم الصيدليات .

ويتابع: احتل عقار الليرولين المركز الرابع بعد بيع الأدوية للعام الماضى محققا مبيعات تجاوزت الـ150 مليون جنيه، وتبين أن هناك زيادة كبيرة فى مبيعات أقراص الليرولين وصلت إلى أكثر من 200% خلال الـ5 أشهر الماضية، فأصبح على صدارة الأدوية بعد مقارنته بالترامادول لذا يجب على أصحاب القرار بوزارة الصحة ضمه إلى جدول العقاقير المخدرة والمحظور بيعها.