جريدة الزمان

تقارير

الإرهاب يغتال مرضى معهد الأورام قبل عيد الأضحى

محمود أبو سالم-هاني عبدالسلام-علي الحوفي-حامد محمد-عماد حسانين-علي السعيد-هبة يحيى- -

عميد معهد الأورام: المعهد صرح قومى كبير يخدم ملايين المرضى.. وسيعود للعمل بكامل طاقته بعد العيد

مواطنون يرون مشاهد ليلة الرعب.. وملحمة الأطباء وأطقم التمريض

علاء غانم: الأطباء بذلوا مجهودا كبيرا فى إنقاذ حياة المرضى

فؤاد: المعهد يعمل 24 ساعة يوميا.. ويستقبل حوالى 240 ألف حالة سنوية

 

أسقط الحادث الإرهابى الذى استهدف مستشفى الأورام الأحد الماضى القناع عن داعمى الجماعات الإرهابية والمتطرفة التى لم ترحم حتى المرضى الذين حاصرهم المرض الخبيث ونار الإرهاب الناشئ فى أحضان الجماعة الإرهابية، والتى وصفتهم دار الإفتاء المصرية بـ«الجماعة الضالة وخبيثة المقصد».

وقالت دار الإفتاء إن الأمة الإسلامية لم تر على كثرة ما خرج فيها من فرق وتيارات منحرفة جماعة أضل سبيلا وأخبث مقصدا وأظلم منهجا من جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدة أن هذه الجماعة جعلت الدينَ مطيتهم والقتل هوايتهم، وتمزيق الأوطان مقصدهم.

ووجهت رسالة قالت فيها: «أيتها الجماعة المنحرفة والفئة الضالة، مهما بلغتم من إجرام وإرهاب فلن يثنينا إرهابكم ولا بغيكم عن مقاومة باطلكم، ولن نتوقف عن فضح كذبكم وتفنيد ضلالكم».

وتابعت: «أيها الخارجون عن الأديان والأوطان لن تهزم جماعةٌ ضالةٌ غارقةٌ فى الأوهام وطنا عريقا كمصر، وطنا تكسرت سيوف الباطل على أعتابه، أيتها الجماعة الضالة أنتم فى مسيرة وطننا ساعة، ومصر الحق باقية إلى قيام الساعة.

الأعمال لا تزيد المصريين إلا مزيدا من الإصرار والمصابرة على اقتلاع جذور الإرهاب، إذ إن ما حدث مؤخرا من العمليات الإرهابية الخسيسة التى استهدفت المعهد القومى للأورام إن دل فإنه يدل على حجم الخسة والندالة.
وهناك مئات المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة جدا مثل السرطان، ومع ذلك فإن الإرهاب يزيد من تحميلهم هموما أخرى وفاجعة أكبر.

وأصبحت الأعياد والمناسبات الدينية، سواء الإسلامية أو المسيحية، مناسبة معتادة للأعمال الإرهابية ولإظهار توحش وهمجية الجماعات الإرهابية، والمتابع لمسلسل الأعمال الإرهابية والإجرامية التى ترتكب باسم الدين يلحظ نشاطها بشكل مكثف قبيل الأعياد والمناسبات الإسلامية، الأمر الذى يكشف إصرار هذه الجماعات الإرهابية على إفساد فرحة المصريين بشكل عام قبيل احتفالاتهم بأعيادهم المتعددة ومناسباتهم الدينية، ويثبت يقينا إفلاس تلك الجماعات فكريّا وأخلاقيّا ودينيّا، بحسب مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية .

ولعل أبرز هذه الهجمات الإرهابية التى تنشط بكثافة قبيل المناسبات والأعياد الدينية، الهجوم على كمين العريش فجر أول أيام عيد الفطر الماضى، إضافة إلى الهجوم على مسجد الروضة وقتل المصلين قبيل الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، وهو العمل الإرهابى الذى راح ضحيته نحو 432 ما بين قتيل وجريح، فضلا عن استهداف كنيستى مار جرجس فى مدينة طنطا، ومار مرقس بالإسكندرية عام 2017م، يوم أحد السعف، وقبيل الاحتفال بعيد القيامة، وبعد عدة أشهر من الهجوم على كنيستى طنطا والإسكندرية، وقع هجوم آخر على كنيسة مار مينا بحلوان تزامنا مع الاحتفال بأعياد الميلاد، ولكن هذه المرة كان الحادث بشعا جدا، إذ اغتال الإرهاب أطفال معهد الأورام الذين يعانون من أخطر وأصعب الأمراض ألا وهو السرطان.

أحمد حلمى أحد المواطنين الذين شاهدوا حادث تفجير معهد الأورام، قال لـ«الزمان»، إنه كان يسير فى الشارع بالصدفة البحتة وفجأة سمع دوى تفجير حدث وكان مع مجموعة من أصدقائه بالقرب من شارع القصر العينى، فهرول بشكل سريع جدا هو وأصدقائه فوجدوا عشرات الجثث ملقاة أمام المعهد بعد تفحمها.

وأضاف حلمى أن المشهد كان فى غاية الرعب والمأساوية، إذ إن جثث الموتى كانت فى كل مكان أمام المعهد، وتابع: «هرولنا مسرعين وشاركنا فى نقل الجثث والمصابين بعيدا جدا عن منطقة الحادث إلا أن النيران كانت قد التهمت عددا كبيرا من المرضى»، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من الشباب شاركوا معنا فى إنقاذ المرضى إذ حملنا أطفالا كانوا ينزلون بسرعة جدا من أمام المعهد خوفا من الحريق وصوت الانفجار الذى حدث .

وأضاف أشرف أن أغلب من شاركوا فى إنقاذ الأطفال كانوا يصرخون من هول الموقف وآخرون أجهشوا بالبكاء، فضلا عن صرخات الأمهات اللاتى صرخن فى وجهوه الأطباء والممرضات، الذين شاركوا بشكل كبير فى حمل الأطفال من المعهد فضلا عن سائقى الميكروباص والتاكسى الذين كانوا يسيرون بسرعة جدا فى الشارع خوفا من حدوث أى انفجارات جديدة، حتى جاءت سيارات الإسعاف والمطافئ وقوات الشرطة والحماية المدنية، وقامت بتطويق الطريق ومحيط معهد الأورام وغلقه من الناحيتين، وشرعوا فى نقل المرضى والمصابين من المعهد، وواصل حديثه بأن الأطباء وأطقم التمريض قاموا بملحمة تاريخية فى هذا الحادث، إذ ساهموا فى إنقاذ حياة الكثيرين من المرضى.

 

معالجة الأزمات

الدكتور حاتم أبوالقاسم عميد معهد الأورام قال إن الحادث الإرهابى الذى حدث فى معهد الأورام بشع، لافتا إلى أن خسائر المعهد كبيرة ولكن مع الترتيبات والتجهيزات التى تقوم بها شركة المقاولين العرب فإن العمل بالمعهد سيعود أفضل من السابق، مشيرا إلى أن المعهد صرح قومى كبير ويخدم ملايين المرضى سنويا.

وأضاف أبوالقاسم أن المعهد سيعود للعمل مرة أخرى بكامل طاقته وستعمل العيادات الخارجية بعد عيد الأضحى مباشرة، مؤكدا أن أغلب التلفيات التى حدثت فى المعهد كانت فى الواجهة الأمامية للمعهد، وبعض الغرف على الواجهات تعرضت لضرر بالغ، إذ إن هناك بعض المرضى تم نقلهم إلى فرع المعهد فى التجمع الخامس، والجزء التابع للمعهد القومى للأورام بمستشفى السلام هرمل، ومستشفى الطوارئ بقصر العينى، ومستشفى قصر العينى التعليمى الجديد ومعهد ناصر.

وأوضح أن أساسات المعهد لم تتأثَّر جراء الانفجار الذى وقع أمام المعهد وأن واجهة معهد الأورام فقط هى التى أصابها التصدُّع نتيجة الانفجار وتفريغ الهواء، إذ إن الانفجار وقع أمام الباب الإدارى للمعهد، وكان بعيدا عن مبنى المستشفى ولم تحدث أية إصابات لمرضى معهد الأورام، وتم نقل بعض المرضى إلى مستشفيات دار السلام وقصر العينى ومعهد ناصر جاء نتيجة حالة الذعر والهلع التى أصابتهم جراء الانفجار.

ولفت إلى أن المعهد سيعود إلى العمل بكامل طاقته من خلال إجراء العمليات الجراحية بعد عيد الأضحى المبارك، إذ إن العلاج فى المعهد مجانى فى جميع مراحله لغير المقتدرين ويأتى إلى المعهد مرضى من مختلف محافظات مصر نظرا لأن هذا المعهد يخدم فى النهاية ملايين المرضى ممن يعانون من ظروف مادية سيئة، كما أن التقرير الفنى للجنة المختصة بمعاينة المبنى بعد الانفجار، أثبتت سلامة المبنى، مشيرا إلى حدوث تصدعات فى واجهة المبنى نتيجة التفجير، ومن فضل ربنا أن الانفجار حصل على الرصيف أمام المبنى الإدارى وليس أمام المستشفى.

وأوضح أن الانفجار كان صوته مرتفعا جدا وتسبب فى إزعاج المرضى، وتم إخلاء مبنى المعهد بالكامل للتأكد من سلامته، مشيرا إلى تعرض السقف المعلق بالمبنى للانهيار فضلا عن تلف بعض الشبابيك والأبواب وأجهزة الكمبيوتر، لافتا إلى أن الانفجار خلّف حفرة عميقة على الأسفلت أمام المعهد.

وأشار أبوالقاسم إلى أن الأطباء سطروا لافتة جميلة، إذ إنه فوجئ بحضور كافة الأطباء ورؤساء الأقسام بعد الحادث للاطمئنان على المرضى والأجهزة، مؤكدا أن كل طاقم عمل المعهد كان متواجدا فور وقوع الحادث حتى ثانى يوم، ونعى أبوالقاسم فردى الأمن الخاص بالمعهد اللذين راحا ضحايا الحادث الإرهابى.

وأوضح أنه يتم إعطاء المرضى جرعات العلاج الكيماوى فى مواعيدها دون تأخير، موجها الشكر لجميع المتبرعين للمعهد خلال الأزمة، إذ إن أقسام العلاج الإشعاعى والكيماوى كانت بعيدة عن الانفجار وكذلك الغرف الداخلية، ولفت إلى أن هناك جهات مسئولة عن جمع التبرعات.

 

خدمة المواطنين الفقراء

من جانبه قال الدكتور علاء غانم، عضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحى، إنه على الرغم  من حالة الألم والوجع التى عانينا منها طوال الفترة الماضية إلا أن معايير الأمن والسلامة فى أماكن الخدمة الصحية هى من مبادئ الجودة فعلا والاعتماد عليها أولا، كما أن معهد الأورام فى النهاية يخدم المواطنين الفقراء وهم فى براثن أخطر الأمراض السرطانية، ويتواجد فى قلب القاهرة وتحت الترميم من سنوات، وتطويره يسير بسرعة السلحفاة وهناك امتداد جديد له فى أكتوبر وأعمال البناء فيه فى المراحل الأولى، وواصل: عندنا مائة ألف حالة سرطان جديدة سنويا.

أما محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، فأوضح أن وزارة الصحة قامت بمجهود جبار خلال الكارثة الأخيرة التى تعرض لها معهد الأورام، والذى يخدم مئات المرضى يوميا، إذ إن قرار نقل المرضى وإخلاء المعهد كان قرارا صائبا جدا لأن تحويلهم إلى معهد ناصر وتوفير دور كامل فى معهد السكر لوضع المرضى فيه كان جيدا أيضا، إذ إن المعهد القومى للأورام يعتبر قلعة كبيرة وتطويره يحتاج إلى ملايين الجنيهات .

وأضاف فؤاد أن المعهد القومى للأورام يعمل 24 ساعة يوميا، ويستقبل حوالى 240 ألف حالة سنوية، غير المستشفيات الأخرى التى تدعى أنها تعالج مئات الأطفال ولا أحد يعرف أيضا حقيقة الأعداد التى تعالجها، مشيرا إلى أن هناك أنواعا كثيرة من السرطان منتشرة فى مصر مثل أورام المخ والدم «اللوكيميا»، ولا بد أن يكون هناك بحث علمى يكشف ويستقصى عن أسباب زيادة هذين النوعين من السرطانات فى مصر، علما بأن منظمة الصحة العالمية فسرت أن هناك سببا لانتشار مثل هذه الأمراض، ومنها الصرف الصحى والمياه غير النظيفة، وإذا استمرت مصر فى علاج مرضى السرطان دون الرجوع إلى مسببات المرض سنقع فى أزمة ولا نستطيع المواجهة.

وتابع: أما إذا عالجنا المسببات ستكون التكلفة أقل بكثير، كما أن السبب فى زيادة قوائم الانتظار فى المعهد القومى للأورام هى عدم توزيع الخدمة على جميع محافظات الجمهورية، وهناك خطة تعدها وزارة الصحة والسكان، بمشاركة معهد الأورام للقضاء على قوائم انتظار مرضى الأورام خلال عامين ولا بد من توزيع الخدمة، فالمريض الذى أصيب بالمرض بمحافظة أسوان يعالج فى نفس محافظته ولا يأتى إلى القاهرة.

ولفت إلى أن هناك تخصصات غير متوافرة بباقى المحافظات، وهذه الأزمة سبب تكدس المرضى هنا فى القاهرة، إذ إنه لا يوجد تخصص أورام أطفال إلا فى محافظة القاهرة وأسيوط والإسكندرية وطنطا، وهذه التخصصات فى الصعيد والقناة، ونتعامل حاليا مع وزارة الصحة والسكان، ونقوم بإمدادها بالكوادر اللازمة من أطباء وأطقم تمريض من أجل تخفيف الضغط وقوائم الانتظار فى القاهرة، إذ إن عملية زرع النخاع متواجدة فقط فى القاهرة والإسكندرية، فضلا عن أمراض الدم السرطانية أيضا غير متواجدة إلا فى القاهرة، ونريد أن يتم تعميمها فى الإسكندرية وأسيوط.

 

«الاتحاد» كلمة السر

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامى لمفتى الديار المصرية، أن هذه العمليات الإرهابية الجبانة وما يقوم به أعداء الوطن لن تزيدنا إلا مزيدا من الإصرار على دحر الإرهاب واقتلاع جذوره الشيطانية ولن تنال من عزيمة الشعب المصرى الشجاع، داعيا إلى الضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار مصرنا الغالية، وتقديم كافة سبل الدعم والمساندة لأبطال القوات المسلحة والشرطة فى حربها ضد الإرهاب.

 

هدف الإرهاب الأكبر

اللواء دكتور عاصم شمس الدين عبدالحافظ، الخبير العسكرى، قال إن الحادث الإرهابى الذى وقع فى منطقة قصر العينى أمام معهد الأورام أذى العديد من المدنين بشكل كبير وأحزننا جميعا، فهؤلاء الذين انتزعت من قلوبهم الرحمة قاموا بعملية إجرامية بشعة ترفضها الإنسانية جمعاء، ولكن نحمد الله لأنه يبدو أن هدفهم كان أكبر من ذلك لكن لم يحالفهم الحظ، لافتا إلى أنهم ربما كانوا يتطلعون إلى تفجير مؤسسات فى الدولة أو سفارات لكن الظروف والإجراءات الأمنية فى مصر لم تساعدهم كى يصلوا إلى تلك الأهداف، ولا ننكر أنه وقعت بعض الخسائر ولكنها أخف مما كان سيحدث إذا استهدفت سفارة، فهو غرضه ليس المدنين فقط بل يريد إحداث مشكلة كبرى تزعزع الاستقرار الأمنى بمصر.

وأضاف الخبير العسكرى أن مثل هؤلاء المجرمين الذين تسببوا فى الحادث يريدون أن يتسببوا فى إيذاء بشرى وسياسى واقتصادى ليهز صورة مصر أمام العالم بعد أن كسرت شوكة الإرهاب، فهذه كانت محاولة دنيئة منهم بعد رؤيتهم جهود القوات المسلحة فى تأمين الحدود والتصدى بقوة لهم، فنظرا للتطورات والإصلاحات التى طرأت على الدولة اشتعلت الغيرة والحقد فى نفوس هؤلاء، لذا أراد القيام بأى محاولة تمس كل الأنشطة الإنسانية لأن الإجرام متأصل فيه، فكان يستهدف المناسبات الدينية سواء للمسلمين أو إخواننا الأقباط، مثلما يقال «الإجرام فى دمه»، وهم لا ينتمون للإسلام ولا ينتمى لراية الإسلام التى يرفعها فهو كاذب، فقط يبحث عن الأموال والسلطة تحت شعار الدين.

واختتم: «مثل هؤلاء لن يستطيعوا الوصول لأى سلطة مهما فعلوا لأنهم غير صالحين لإدارة أمة العصر الحديث، فهم غير مؤهلين وغير متفقهين للدين، فالإسلام يدعو للأمن والأمان وللحضارة وللتقدم والإنسانية ولا يستبيح دماء المسلمين والمستأمنين والمعاهدين، وهذه أشياء غائبة عنه، فأصبح يستخدم طريقة حرب العصابات التى تعمل تحت الأرض لإرباك المواطنين والتشكيك فى مواجهتهم بعد أن أثبتوا فشلهم على حدود الدولة، فيستخدمون قوة قليلة مخفية لإنهاك السلطات المصرية لكن يتم الرد عليه بردود قوية، وأنا من رأيى أن تكون عقوبة من يثبت بدليل قطعى أنه مشترك فى إحدى الجماعات الإرهابية أو قام بتنفيذ عمليات دموية علانية لردع كل من تسول له نفسه الإضرار بشعب مصر.

فيما أوضح اللواء الدكتور نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق وأستاذ العلوم السياسية، أن السيارة التى انفجرت فى منطقة القصر العينى أسبابها اشتملت عدة احتمالات، أولا أن غايتهم كانت أكبر من استهداف معهد الأورام، وكان ينقل هذه المتفجرات لمكان ما استعدادا لتفجير منطقة ثقيلة بمصر، ولكن ربما قابل لجنة مرورية فخشى أن ينكشف فاتخذ قرارا سريعا بأن ينفذ هذه العملية الانتحارية فى أقرب مكان.

وأضاف سالم، لـ«الزمان»: ثانيا وهذا الذى أرجحه أنه كان يريد تنفيذ هذه العملية بذات الشكل لأنه سار فى عكس الاتجاه، ما يعنى أنهم وصلوا لدرجة من الخسة كبيرة وهذا ليس بغريب على جامعة الإخوان، التى تستخدم جماعة «حسم»، زراعا عسكريا لها.

وأوضح رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن هذا التنظيم الإرهابى الحقير ليس لديه أدنى مشكلة فى تدمير أى شيء، فهم وصلوا لدرجة من الدناءة أنهم يريدون تنفيذ أى عملية سواء يستهدفون مدنيين أو كمائن عسكرية، وأقرب مثال على ذلك حينما افتعلوا حركاتهم الخسيسة فى بعض الكنائس والمساجد فهى ليست مؤسسات عسكرية ولكن هم يريدون دائما تعكير صفو المصريين وتنغيص احتفالاتهم.

وأكد اللواء نصر سالم أنهم يستهدفون أى هدف يستطيعون الوصول إليه، فهم يريدون إيقاع أى خسائر للدولة، ولكن معظم الأوقات تخيب آمالهم، فالدولة تدعم بعض المناطق بأجهزة للكشف عن المتفجرات لها درجة حساسية معينة ولكن غير معلنة، ويظهر ذلك فى العمليات الاستباقية التى تقوم بها الشرطة فلولاها لما ظللنا فى هذا الأمان.

 

مخطط بأسلوب احترافى

اللواء محمد نور الدين الخبير الأمنى، قال إن المسئول عن حادث معهد الأورام هم جماعة الإخوان الإرهابية، وأن كل المسميات من حسم أو لواء الثورة، أو غيرها كلها تندرج تحت عباءة الجماعة الشيطانى، وأنه يرفض بعض التحليلات التى أشارت بأن السيارة المفخخة التى استهدفت معهد الأورام كانت متجهة لهدف آخر، وكأننا نلتمس العذر لهؤلاء الإرهابيين أو للرد بالنيابة عنهم كأننا محامون عن هؤلاء القتلة ولا نريد أن نقتنع بأنهم من الممكن أن يرتكبوا تلك الجريمة البشعة.

وأوضح نورالدين أن هذا الحادث هو عمل إرهابى خسيس قامت به جماعة الإخوان ردا على المواقف المصرية المشرفة تجاه الدول العربية وأيضا الأفريقية ومواقف القيادة السياسية الداعمة أيضا لكل الدول العربية والأفريقية، ولهذا فإن مصر وشعبها يدفعون ضريبة توجهاتها ومواقفها القومية خاصة فى ليبيا ومساعدة الجيش الليبى واليمن والسودان خاصة وأن مصر تساعد الجيش السودانى ومساعدته فى عدم وصول إخوان الشياطين للحكم والاستيلاء عليه.

 فيما قال اللواء محمد زكى مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى، إنه لا بد أن نعطى رجال الداخلية الوقت الكافى فى التحرى والبحث لكى يدرسوا كافة التفاصيل بهدوء ودون تدخل فى عملهم.

وأشار زكى لـ«الزمان» إلى أن أى جماعة إرهابية تختار وقتا محددا مثل المواسم والأعياد لتنفيذ عملياتها الخسيسية وهذه العملية تمت ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك، وهذه العملية ممولة بشكل منظم وهى محاولة جديدة من الإرهابيين لإثبات تواجدهم فى مصر.

 

السيارات المسروقة

اللواء على النجار خبير مكافحة الإرهاب الدولى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، قال إنَّ الفحص المبدئى للسيارة المتسببة فى الانفجار الذى وقع بمحيط المعهد الأورام، بيّن أنها مُبلغ بسرقتها من محافظة المنوفية منذ بضعة أشهر، وكان بداخلها كمية من المتفجرات وأدى تصادمها إلى انفجارها.

وأضاف خبير مكافحة الإرهاب الدولى أنه تم استخدام السيارات المسروقة فى العمليات الإرهابية عدة مرات بين عامى 2014 و2015، منها تفجير مديرية أمن القاهرة واغتيال النائب العام وتفجير القنصلية الإيطالية، واختفت منذ ذلك الحين لتعود من جديد للظهور فى عملية معهد الأورام.

وتابع خبير مكافحة الإرهاب الدولى أن الجماعات الإرهابية أفلست بعد تضييق الخناق عليها، ولجأت إلى تكرار أفكار قديمة، إذ نفدت لديهم الأفكار الجديدة والابتكارية كما أن السيارات المسروقة هى الأسلوب الأمثل لنقل المتفجرات واستخدامها فى التفخيخ نمط وأسلوب وتكتيك جديد للجماعات الإرهابية.

وأوضح الخبير أن السيارات المفخخة تعتبر سلاحا معقدا يتم استخدامها من خلال شخص انتحارى فى سبيل تنفيذ العملية الإرهابية، مؤكدا عدم مكافحته إلا عن طريق المعلومات المسبقة، والأدلة حول محاولات تنظيم بعينه أو خلية بعينها لاستخدامه.

وأشار الخبير الأمنى إلى أن الجماعات الإرهابية تستخدم سيارات مسروقة فى عملية إرهابية داخل العاصمة، حتى تبعد عيون الأمن عنها، فتفخيخ تلك السيارات والتحرك بها لن يمثل دليلا أو خيطا للوصول لأصحابها حال وقوعها فى أيدى قوات الأمن.

 من جانبه أوضح الخبير الأمنى اللواء فاروق المقرحى مساعد أول وزير الداخلية الأسبق، أن السيارات المفخخة تعتبر وسيلة سهلة للإرهابيين، نظرا لامتلاكهم اختيارات التوقيت والمكان، بالإضافة إلى وجود عنصر المفاجأة مما يربك حسابات رجال الأمن.

وأضاف الخبير الأمنى أن التلاعب فى عملية تغيير الأرقام واللوحات المعدنية واستخراج أوراق مزورة لها حتى يتم دخولها العاصمة، فى ظل التطور التكنولوجى أصبح أمرا سهلا.

وتابع الخبير الأمنى أن الجماعات الإرهابية تعمل على سرقة السيارة، ونقلها من مكان إلى مكان، وفى بعض الأحيان يتم تغيير لونها، وفى المكان الثانى يتم تجهيزها لوضع المتفجرات بداخلها.

وأوضح الخبير الأمنى أن التنظيمات الإرهابية استعانت بسيارات مسروقة حتى لا تترك خلفها أثرا لجريمتهم ما يصعب عملية تتبعها، ومقدرتها على التخفى والهروب من الملاحقة الأمنية فهم مثل خفافيش الظلام.

 

تدمير مصر

فى أواخر الشهر الماضى خرجت علينا دولة بريطانيا بتحذير رعاياها المسافرين أو المقيمين فى مصر من احتمال وقوع هجمات إرهابية فى هذا البلد، وذلك جاء بعد قرار الخطوط الجوية البريطانية تعليق رحلاتها إلى القاهرة لأسبوع كإجراء احترازى من أجل مزيد من التقييم الأمنى.

ودعت الخارجية البريطانية المسافرين إلى الاتصال بشركة الطيران من أجل مزيد من المعلومات، وأوضحت أنه من المرجح جدا أن ينفذ إرهابيون هجمات فى مصر، مضيفة أنه فى حين تقع معظم الهجمات فى شمال سيناء، هناك خطر ماثل بوقوع اعتداءات فى عموم البلاد.

وتابعت فى بيانها أن الهجمات قد تكون عشوائية تستهدف قوات الأمن، ودور عبادة، وتجمعات كبيرة والمواقع التى يرتادها السياح.

وبحسب خرائط جوجل تبعتد السفارتين البريطانية والأمريكية عن موقع التفجير 1.8 كيلومتر فقط، أما السفارة الإيطالية فكانت على مقربة كيلومتر واحد فقط.

 

تحذيرات أمريكية

ومن جانبه دخل الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، على الخط وحذر فى 30 يوليو الشهر الماضى مصر فى تغريدة على حسابه الرسمى على موقع «تويتر»، قائلا إن السلطات الأمريكية اعتقلت لاجئين صوماليين فى مدينة تاكسون الأمريكية، كانا فى طريقهما إلى مصر.

وأضاف ترامب أن اللاجئين كانا على تواصل مع وكيل لصالح الجماعات الإرهابية، وقال أحدهما: أفضل شيء هو أن ينتصر داعش أو تقع هجمات أخرى مماثلة لهجمات الحادى عشر من سبتمبر.

وكان لاجئان صوماليان أحمد محمد وعبدى حسين قد وقعا فى فخ نصبه لهما مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى، وكشف تأييدهما لتنظيم داعش الإرهابى، وأنهما يعتزمان السفر إلى سيناء فى مصر.

 

المقاولون العرب تنتهى من أعمال الترميم لمبنى المعهد القومى للأورام خلال أسبوع

المرضى : نرفض ما حدث .. والانتقام هو الحل

نائب مدير المعهد :  نستقبل 27 ألف حالة .. ونجرى 90 ألف جلسة "كيماوى" فى العام

 

«الزمان» عاشت ساعات الغضب والتى واكبت لحظات البدء فى إعادة أعمال الترميم لمبنى المعهد القومى للأورام، ورصدت جولتنا التى بدأناها من الشارع الرئيسى حيث يعد من الشوارع الحيوية لما يضمه من هيئات ومستشفيات طبية لعلاج المرضى، ورصدت انتشار أكثر من 50 سيارة تخص شركة المقاولون العرب، محملة بالسقالات فيما تسابق العمال فى الانتشار وبدؤوا فى تجهيز السقالات داخل المعهد وخارجه، وكان النظام والالتزام عنوان العمل وشعاره الذى رفعه العمال لإعادة ما أتلفته جماعات سفك الدماء، كما رصدت الجولة داخل المعهد عمليات رفع آثار الانفجار بعدما تحولت المكاتب الخاصة بالأطباء والإداريين إلى ما يشبه الخرابة، بينما تحولت بعض الحوائط والأجهزة إلى أكوام ترابية.

وتحدث إلينا عدد من عمال شركة المقاولين العرب، والذين أكدوا أن لديهم تعليمات من مسئولى الشركة بأن يتم الانتهاء بشكل سريع من إعادة الترميم للمبنى كاملا، مشيرين إلى أن عامل الوقت بالنسبة لهم وللقيادة السياسية أمر مهم، خاصة أن المعهد يقدم الخدمة الصحية للمرضى وأن الانتهاء بسرعة من إعادة ترميمه يمثل المهمة القومية والواجب الوطنى.

وأشاروا إلى أن مشاركتهم فى هذه المهمة الوطنية شرف كبير لهم، إذ إن التاريخ يرصد جميع الأعمال الطيبة والسيئة.

من جانبه كشف المهندس أحمد بدرالدين، مدير السلامة والصحة المهنية بشركة المقاولين العرب، أنه من المقرر أن يتم الانتهاء من أعمال الترميم للمبنى فى وقت قياسى، قائلا: من الممكن ألا يزيد على أسبوع واحد، أى سيتم الانتهاء منه خلال أيام عيد الأضحى المبارك، موضحا أنه تم العمل الفعلى من قبل الشركة إذ تمت عمليات شد السقالات والتجهيز وتحضير العمالة اللازمة التى يزيد عددها على 200 عامل.

ورصدت جولة «الزمان» داخل مبنى العيادات الخارجية، حالة من الغضب الجم لدى المرضى وذويهم، وكانت عبارة «حسبنا الله ونعم الوكيل»، هى لسان حالهم، مؤكدين رفضهم لما حدث.

فهيمة عبده، ربة منزل، تؤكد أنها تذهب بنجلها للمعهد، منذ عامين، وأشارت إلى أنها حضرت فى الموعد المحدد لها رغم الحادث الإرهابى، وتأكدت من أن العمل يسير بكفاءة، ورددت قائلة: «حسبنا الله ونعم الوكيل فى المجرمين الإرهابيين، هما عاوزين إيه ده اللى بيجى المعهد زى ولادنا بيكون ميت أصلا مش مريض.. دول ناس معندهمش قلب ولا إحساس».

محمد جمال، موظف، يقول: أتردد على المعهد حيث يتلقى طفلى العلاج الكيماوى بالمستشفى منذ 5 شهور، موضحا أن العلاج مجانى، والأطباء يتعاملون بإنسانية بالغة، وقال طفله: «منهم لله.. منهم لله».

وأكد الدكتور عماد شاش، نائب مدير المستشفيات بالمعهد القومى للأورام، أن أطباء المستشفى لم يتوقفوا عن العمل ولم يمنعهم الانفجار عن مواصلة رسالتهم، موضحا أن المرضى الذين تم نقلهم إلى مستشفيات أخرى يشرف على علاجهم أطباء من معهد الأورام، قائلا: «يتم الإشراف على نحو 82 حالة مرضية بالتنسيق مع مستشفى هارما».

 

وأشار شلش إلى أن المعهد يعمل بكامل طاقته، متابعا: يتردد على معهد الأورام ما يزيد على 27 ألف حالة سنويا، فيما يتردد نحو 295 ألف مريض على العيادات الخارجية فى العام، فضلا عن أن المعهد يجرى نحو 5 آلاف عملية كبرى خلال العام الواحد، مشيرا إلى أنه يتم إجراء نحو 90 ألف جلسة علاج كيماوى فى العام.

أما الدكتور عمرو الدميرى، مدير العيادات الخارجية بالمعهد القومى للأورام، فأكد أن المعهد يتردد عليه يوميا ما يتراوح بين 1000 و1500 مريض بمعدل 25 ألف حالة شهريا، كاشفا عن أن المعهد استقبل نحو 295 ألف حالة مرضية خلال عام 2018.

وأوضح الدميرى أن المعامل والعيادات تعمل بكامل طاقتها بالإضافة إلى أنها مستقرة بصورة تامة، مشيرا إلى أن رد أطباء المعهد كان قاسيا على العمل الإرهابى، ورفضوا تأجيل العمل حتى إجازة عيد الأضحى المبارك، مشيرا إلى أن قوائم الانتظار للمرضى بالمعهد لا تزيد على أسبوعين، موضحا أن سرطان الثدى تزيد فيه قوائم الانتظار على 3 و4 أسابيع، مشددا على أن العلاج بالمعهد مجانى.

وأوضح الدميرى أنه تم اكتشاف ارتفاع نسب الإصابة بسرطان الكبد خلال حملة 100 مليون صحة، وهو ما اضطر إدارة المعهد لتخصيص عيادة مستقلة بأورام الكبد بعدما كان العلاج فى الماضى يتم داخل عيادة الجهاز الهضمى.