جريدة الزمان

تقارير

في ذكرى نفيه.. عمر مكرم الزعيم الشعبي الذي دافع عن القاهرة ومات خارجها

عمر مكرم
محمود الصادق -

في مثل هذا اليوم 12 أغسطس من عام 1809، أقدم محمد علي باشا حاكم مصر، على نفي  نقيب الأشراف عمر مكرم، والذي كان زعيمًا شعبيًا للمصريين، حيث تمتع لديهم بمكانة علمية ووطنية وشعبية رفيعة.

 

وفي هذا الإطار يستعرض «الزمان»، أبرز المحطات والمعارك الوطنية التي قادها الزعيم الشعبي عمر مكرم، ودوره الكبير في التصدي للعديد من الحملات الأجنبية التي حاولت السيطرة على مصر، وفضله في تولي محمد على باشا حكم مصر،وسبب نفيه حتى توفي خارج بلاده.

عمر مكرم الزعيم الشعبي

 

ولد الزعيم الراحل عمر مكرم بن حسين السيوطي، عام 1750 في محافظة أسيوط، ثم انتقل للقاهرة للدراسة بالأزهر، وعين نقيباً للأشراف في 1793 وظهر كقائد شعبي في 1795 حيث قاد حركة شعبية ضد ظلم المماليك.

 

كما قاد عمر مكرم المقاومة، ضد الحملة الفرنسية في عام 1798، التي هزمها الفرنسيون فرحل للعريش ومنها لغزة ثم يافا، وعاد للقاهرة وشارك في ثورة القاهرة الثانية وفشلت ورحل للشام وعاد للقاهرة في 1801، وفي عام 1805 بعد خروج الفرنسيين لعب دورا في تولية محمد على باشا حكم مصر.

وبعد أن تولى محمد على حكم مصر، واختار إنزال خورشيد باشا من القلعة، وحظي بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها عمر مكرم، وواجهت الزعامة الشعبية وقتها التصدي للحملة الإنجليزية.

 

وفي عام 1807، قاد عمر مكرم المقاومة الشعبية ضد حملة فريزر الإنجليزية على مصر والتى انتهت بنجاح المقاومة ضد الحملة في حماد ورشيد وجلاء حملة فريزر عن مصر وقتها.

مخاوف محمد علي ونفي عمر مكرم إلى دمياط

 

شعر محمد على باشا، بالخوف من التأثير الشعبي الذي يملكه عمر مكرم، فرأى أن من استطاع أن يرفعه على العرش، يمكن أن يقصيه من جديد، فقرر عزل عمر مكرم من نقابة الأشراف بعد أن فشل فى رشوته، فانتهى به الأمر لنفى مكرم إلى دمياط فى 12 أغسطس 1809، واستمر فى منفاه 10 سنوات كاملة.

وعاش عمر مكرمن في دمياط تحت المراقبة والحراسة الدائمة، إلى أن تشفع له قاضي قضاة مصر صديق أفندي لدى محمد علي باشا، فأذن له بالانتقال إلى طنطا، وذلك في ربيع الأول سنة 1227.

محمد علي يتذكر فضل عمر مكرم عليه

 

وبقى في طنطا حتى ديسمبر 1818، ثم طلب الإذن بأن يؤدي فريضة الحج، وكان محمد علي قد بلغ قمة المجد والسلطة، وقهر الوهابيين، وذاع صيته في الخافقين، فتذكر المنفي العظيم الذي كان له الفضل أكبر الفضل في إجلاسه على عرش مصر، فتلطف بقبول طلبه، وأذن له بالذهاب إلى القاهرة، وان يقيم بداره إلى أوان الحج، وذكر صديقه القديم بالخير.

 

وقال لجلسائه: "انا لم أتركه في الغرب هذه المدة إلا خوفًا من الفتنة، والآن لم يبق شئ من ذلك، فإنه أبى، وبيني وبينه مالا أنساه من المحبة والمعروف".

رسالة محمد علي إلى عمر مكرم

 

 وأرسل محمد علي إلى عمر مكرم رسالة في منفاه يقول فيها:

 

"مظهر الشمائل سنيها، حميد الشئون وسميها، سلالة بيت المجد الأكرم، والدنا السيد عمر مكرم ، دام شأنه.. أما بعد فقد ورد الكتاب اللطيف، من الجناب الشريف، تهنئة بما أنعم الله علينا، وفرحا بمواهب تأييده لنا، فكان لذلك مزيدا في السرور، ومستديما لحمد الشكور، ومجبة لثناكم، واعلانا بنيل مناكم، جزيتم حسن الثناء، مع كمال الوقار ونيل المنى، هذا وقد بلغنا نجلكم عن طلبكم الاذن في الحج الى البيت الحرام، وزيارة روضته عليه الصلاة والسلام ، للرغبة في ذلك، والترجي لما هنالك، وقد أذناكم في هذا المرام، تقربا لذي الجلال والاكرام، ورجاء لدعواتكم بتلك المشاعر العظام، فلا تدعوا الابتهال، ولا الدعاء لنا بالقال والحال، كما هو الظن في الطاهرين، والمأمول من الاصفياء المقبولين، والواصل لكم جواب منا خطابا الى كتخدائنا، ولكم الاجلال والاحترام، مع جزيل الثناء والسلام".

وفاة عمر مكرم خارج القاهرة

 

عاد عمر مكرم للقاهرة من جديد فى 9 يناير 1819 واحتفى به الشعب احتفاءا عظيما، إلا أن العمر كان قد نال من الرجل، وقرر اعتزال الناس، إلا أن وجوده ظل يقلق محمد على، فنفاه خارج القاهرة من جديد فى مارس 1822 بعد ثورة القاهريون ضد الضرائب الباهظة، حيث تصور محمد على أن عمر مكرم هو محرك تلك الثورة، إلا أن العمر لم يمهله المزيد من الوقت لبطولات جديدة، حيث توفي في ذات العام.