جريدة الزمان

وا إسلاماه

حجاج بيت الله الحرام يرسمون مشهدًا إيمانيًا يبهر العالم

حجاج بيت الله
علي السعيد -

جمع مشهد حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات كل الصور الروحانية والتعاونية والأخلاقية والعبادية فى مشهد بديع أبهر العالم، حيث اجتمع المسلمون فى موسم الحج، ورسموا سويًا مشهدًا اكتملت فيه المعانى التى حث عليها صحيح الدين، ووحدة المسلمين الأمر الذى يبعث برسالة واضحة للعالم بأنه لا زالت هناك أسباب تجمع المسلمين على قلب رجل واحد، ملبسهم واحد، ونداؤهم واحد، ومكانهم واحد، وكلهم يعبدون الواحد.

 

ولعل الناظر بعين الإنصاف - أو حتى الحقد - يؤكد أن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تسطر لنفسها قصة نجاح وتميز فى نجاح موسم الحج، جنبًا إلى جنب بجوار النجاحات المتتالية التى حققتها فى الأعوام الماضية، والتى تعد أبرز أسبابها الاستعداد المبكر للحج، وتهيئة السبل الكفيلة بخدمة ضيوف الرحمن، والتركيز على أن خدمة الحاج شرف للجميع، والعمل وفق منهج واضح منذ وصول الحاج وحتى مغادرته.

واستطاعت المملكة بفضل الله وكرمه أن تحصل على العالمية فى إدارة الحشود، بل إنها لا تنتظر جزاءً و لا شكورا من أحد، فهى تقدم كافة خدماتها لوجه الله الكريم، وتستمر المملكة للعام الثانى على التوالى فى ترجمة خطبة عرفة إلى ست لغات؛ لكى تصل رسالة الحرمين الشريفين للعالم أجمع.

 

وأشاد عدد من الوزراء العرب ورؤساء مكاتب شؤون الحجاج بنجاح موسم الحج هذا العام ومروره دون أى صعوبات أو مشاكل تذكر، واصفين التوسعات التى شهدها الحرمان الشريفان والمشاعر المقدسة بأنها مبهرة ورائعة، وجعلت أداء الفريضة أكثر سهولة وراحة، كما أشادوا بالتعاون الكبير الذى وجدوه من كل الجهات العاملة فى الحج سواء الجهات الأمنية ووزارة الحج ومؤسسة مطوفى حجاج الدول العربية، مما انعكس على جودة الخدمة المقدمة لحجاجهم.

 

فها هى وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية تشيد بنجاح موسم الحج، مشيرةً إلى تمتع قرابة 24 ألف حاج يمنى بمنظومة الخدمات منذ وصولهم لمنفذ الوديعة حتى أدائهم الفريضة، فيما أشاد رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية رئيس مكتب شؤون حجاج ليبيا محمد العبانى بالتسهيلات السعودية المقدمة لحجاج بلاده، بدءا من إنهاء إجراءات السفر من موظفى الجوازات والاستقبال فى المطار والنقل والسكن والفنادق المجهزة، لافتًا إلى أداء 8300 حاج ليبى لمناسك حج هذا العام.

كما أثنى وزير الأوقاف والشؤون الدينية لجمهورية الصومال شيخ نور محمد حسن على التطور الملحوظ فى مستوى الخدمات المقدمة وتسهيلات متواصلة تقدم للحاج الصومالى فى كل عام، والتعاون المثمر مع كل الجهات العاملة فى الحج من جهات أمنية وزارة الحج والعمرة والمؤسسة الأهلية لمطوفى حجاج الدول العربية وباقى الجهات.

بينما ثمّن ضيوف خادم الحرمين الشريفين الخدمات التى تلقوها خلال تواجدهم فى المشاعر المقدسة ومكة المكرمة خلال حج هذا العام 1440هـ، من ضيافة كريمة، وحفاوة ملكية كبيرة، بعد أن منّ الله عليهم بأداء فريضة حج هذا العام على نفقة خادم الحرمين الشريفين، وبدأوا فى مغادرة مكة المكرمة بعد أداء طواف الوداع، متجهين إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوى الشريف والسلام على صاحب الروضة الشريفة وعلى أصحابه أبى بكر وعمر ــ رضى الله عنهما ــ وزيارة أبرز المعالم التاريخية بالمدينة المنورة.

 

واستضافت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلة بالأمانة العامة لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج، خلال حج هذا العام 6500 حاج وحاجة من 79 دولة من مختلف دول العالم.

وسخرت الوزارة للبرنامج جميع إمكاناتها لتمكين ضيوف خادم الحرمين الشريفين من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان.

 

وأنشأت المملكة مشروع منشأة الجمرات التى تعد من أبرز المشروعات فى مشعر منى؛ إذ نفذ المشروع بطول 950 مترًا، وعرض 80 مترًا، وطاقة استيعابية تصل حاليا إلى 300 ألف حاج فى الساعة، غير أن أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقًا، وخمسة ملايين حاج فى المستقبل إذا دعت الحاجة للتوسع، وذلك لراحة ضيوف الرحمن فى مشعر منى، وتوفير الأمن والسلامة لهم، وتجنيبهم المخاطر التى كانت تطرأ بسبب الزحام الشديد الذى كان يحدث عند رمى الجمرات.

ويتكون الجسر حاليًّا من خمسة طوابق، يبلغ ارتفاع الدور الواحد منها 12 مترًا، وتتوافر بها جميع الخدمات المساندة، من أجل توفير الراحة لضيوف الرحمن، بما فى ذلك نفق أرضى لنقل الحجاج، بحيث تم فصل حركة المركبات عن المشاة، فضلًا عن نظام التبريد المتطور، لضخ رذاذ الماء على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات، بما يسهم فى خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة.

ويضم المشروع أنفاقًا لحركة المركبات تحت الأرض، لإعطاء مساحة أكبر للمشاة فى منطقة الجسر، ومخارج للإخلاء عن طريق ستة أبراج للطوارئ، مرتبطة بالدور الأرضى والأنفاق ومهابط الطائرات.

 

 كما أسهم تصميم أحواض الجمرات والشواخص بطول 40 مترًا بشكل بيضاوى فى تحسين الانسيابية وزيادة الطاقة الاستيعابية للجسر، مما ساعد فى الحد من أحداث التدافع والازدحام بين الحجاج أثناء أداء شعيرة رمى الجمرات.

 

يذكر أن جسر الجمرات قد شهد منذ إنشائه عام 1395هـ عددًا من الأعمال التطويرية بتوسعته بعرض 40 مترًا وبمدخلين من الجهة الشرقية والغربية ومنحدرين بجوار جمرة العقبة من الدور العلوى من الجهة الشمالية والجنوبية وذلك لنزول الحجاج.

 

 وتواصل الاهتمام بتطوير الجسر ليشهد فى عام 1398هـ تنفيذ منحدرات من الخرسانة المسلحة «مطالع ومنازل» إلى المستوى الثانى من الجمرات على جانبى الجسر مقابل الجمرة الصغرى.

وشهد الجسر فى عام 1402هـ توسعة بزيادة عرضه إلى 20 مترًا وبطول 120 مترًا من الجهة الشمالية الموالية للجمرة الصغرى، إضافة إلى توسعة أخرى عام 1407هـ بزيادة عرضه إلى 80 مترًا وبطول 520 مترًا وتوسيع منحدر الصعود إلى 40 مترًا بطول 300 متر وإنشاء خمسة أبراج للخدمات على جانبى الجسر وتنفيذ اللوحات الإرشادية والإنارة والتهوية وبلغت مساحته الإجمالية 57.600 متر مربع.

ودخل جسر الجمرات مرحلة جديدة من التنظيم والتطوير إذ أجريت فى عام 1415هـ عملية تعديل على مراحل مختلفة، وبشكل جمع بين منظر الجسر وتمثيل حركة الحجاج عليه، أعقبتها تعديلات مماثلة عام 1425هـ شملت بنية الجسر وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائرى إلى البيضاوى وتعديل الشواخص، وإنشاء مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة وتركيب لوحات إرشادية تشتمل على معلومات لتوعية الحجاج وتحذيرهم فى حال التزاحم وتم ربط الشاشات واللوحات الإرشادية بمخيمات الحجاج مباشرة.

وفى موسم حج عام 1436هـ، نفذت المملكة توسعة الساحة الغربية للجمرات بمساحة حوالى 40,000 م2 من الجهة الشمالية بهدف استيعاب تجمعات الحجاج لتكون الساحة مخرجًا مناسبًا لهم باتجاه مكة المكرمة، بحيث يصبح شكل الساحة بعرض لا يقل عن 70 مترًا وزيادة طولها من 800- 1000 متر، وذلك من نهاية مخرج الدور الثانى لمنشأة الجمرات الحديثة.