جريدة الزمان

تقارير

سبوبة تعليمية توقع كوارث طبية كبرى.. ومطالب برلمانية بمحاصرة الظاهرة

أرشيفية
محمد الدسوقي -

سبوبة تعليمية توقع كوارث طبية كبرى

دروس خصوصية لطلبة الطب بعيادات متخصصة

تحول عيادات لمراكز دروس لطلبة «عين شمس والقاهرة»

الأسعار تبدأ من 1500 إلى 4000 جنيه

مطالب برلمانية بمحاصرة الظاهرة.. وتشديد الرقابة من جانب وزارة التعليم العالى

خبراء: منتشرة منذ سنوات.. والحكومة لديها لجنة ضبطية قضائية لمداهمة تلك المراكز

 

ظاهرة قديمة حديثة انتشرت بالتزامن مع وجود قلة معدومة الضمير استغلت حاجة طلبة كليات الطب لفهم المناهج لمزيد من التحصيل العلمى، وبدأت فى مقايضة أحلامهم بالحصول على لقب طبيب مقابل حفنة من الأموال، فكانت الدروس الخصوصية وسيلتهم الفعالة لتلقين الطلبة الشق النظرى ومن يريد العملى عليه أن يضاعف الأجر، وهو ما رصدته «الزمان» من تحول عيادات مملوكة لأطباء إلى مراكز دروس خصوصية، بما جعلها كيانا تعليميا مستقلا بذاته عن كليات الطب، بما يعوض الطلاب عن حضور المحاضرات ومن ثم تصبح العيادات المسائية هى وجهتهم نحو التحصيل العلمى.

«لست الوحيد فى قائمة تضم العشرات من زملائى للحصول على تقدير مرتفع فى علم الباطنة»، هكذا بدأ الطالب بكلية طب عين شمس «أسعد.ص» حديثه لـ«الزمان»، مضيفًا أن الالتزام بالمحاضرات شرط أساسى للتحصيل العلمى والجمع بينها وبين التدريب العملى أحيانًا يكون مشكلة وأزمة لبعض الطلبة، ومن ثم يلجؤون إلى الكورسات الخارجية والتى يحاضرها بعض المعيدين والأساتذة فى جميع التخصصات.

وتابع: «حالتى ربما تكون مختلفة قليلا، فأنا أسعى لأكون طبيبا ماهرا يشهد له الجميع بالخبرة، وأتمنى تحقيق ذلك خلال فترة زمنية قصيرة، وبالتالى لجأت إلى الكورسات لمزيد من التحصيل العلمى، واصطدمت بحكايات غريبة عن عالم الدروس الخصوصية لطلبة كليات الطب، وعرفت أن بعض الأساتذة داخل الجامعة بالتنسيق مع المعيدين يوجهون الطلبة للحصول على تلك الكورسات رغم أن بعضهم لا يحتاجونها».

وأضاف أن الطالب يحصل على الدرس داخل منزله أو منزل الطبيب فى مجموعة ربما تضم 4 أو 6 أفراد على الأكثر، ولكن تغيرت تلك التركيبة منذ سنوات قليلة، إذ يتم إعطاء الدرس داخل عيادة الطبيب بعد انتهاء ساعات العمل.

 

ولفت إلى أنها أصبحت موضة منتشرة بين عدد كبير من أصحاب تلك المراكز الخصوصية، وهناك أستاذ دكتور مشهور فى الوسط كان صاحب هذا الاختراع، وذلك حتى يرفع عن نفسه المسئولية إذا ما تم ضبطه ليكون رده وقتها بأنه تدريب عملى للطلبة داخل العيادة، وهو أمر مصرح به قانونًا ولا تعاقب عليه لوائح الجامعة.

فيما لجأت الطالبة بالفرقة الخامسة فى طب القاهرة «وسام.س» إلى الدروس الخصوصية بعد أن وجدت مشكلة فى التعامل مع قواميس المصطلحات العلمية التى اشترتها لمزيد من التحصيل العلمى، قائلة: «لدينا قواميس لمصطلحات علمية صعبة للغاية ولجوئى للدروس الخصوصية لمحاولة فهم تلك المصطلحات التى أعانى معها منذ السنة الأولى، وهو نفس العام الذى بدأت فيه الحصول على الدروس الخصوصية، وهى مستمرة طوال أيام السنة صيفًا وشتاءً، وهناك أطباء يملكون مستشفيات خاصة يعرضون علينا التدريب بجانب الدروس الخصوصية ودفع مزيد من الأموال».

واستطردت أن 40% من طلبة كليات الطب يحصلون على الدروس الخصوصية وهناك أطباء يعلنون عن أنفسهم عبر مواقع الإعلانات «أولكس» ومواقع التواصل الاجتماعى، وهم أساتذة متفرغون لهم باع فى مجال الطب وتتفاوت الأسعار من طبيب إلى آخر حسب خبرته، ومدى استيعاب الطلبة وفى الغالب لا يقل الثمن عن 2000 و4000 جنيه وفى بعض الحالات يزداد المبلغ إذا ما ارتبط بتدريب عملى داخل العيادة المملوكة للطبيب، وهى نفس المكان الذى نحصل فيه على الدرس الخصوصى، إذ يسمح لنا الطبيب بتوقيع الكشف الطبى على المرضى وتشخيص الحالة.

بدوره، كشف الدكتور نورالدين سعيد استشارى أمراض الجهاز الهضمى والكبد عن مافيا الدروس الخصوصية لطلبة كليات الطب، قائلا إنه منذ سنوات بعيدة بدأت ظاهرة الدروس الخصوصية وكان متورط بها المعيدون القادمون من الأقاليم ويبحثون عنها لتوفير مزيد من الدخل إلى جانب وظيفتهم الجامعية بغرض الإنفاق على رسالة الماجستير ومواجهة صعوبات الحياة من معيشة وأكل وشراب ومسئولية أسرة تنتظر منه شهريًا نفقة.

وأضاف أن تحول العيادات إلى سناتر للدروس الخصوصية يسيء إلى مهنة الطب ورسالتها، فكيف تسمح لنفسك كطبيب أن يقوم الطالب بتوقيع الكشف الطبى على مرضاك مقابل أن يدفع لك الطالب مزيد من الأموال، وهناك أطباء يتركون عياداتهم تحت تصرف الطالب حال كان خارج البلاد لحضور مؤتمر طبى أو لغرض ما، وهنا تحدث كوارث نتيجة التشخيص الخاطئ ويتحمل الطبيب صاحب العيادة المسئولية.

وأوضح الدكتور حسان الجنزورى استشارى أمراض النساء والولادة، أن الطبيب الذى يتورط فى هذا الأمر يعرض نفسه للمساءلة والمحاسبة من جانب لجنة الضبطية القضائية بوزارة التعليم العالى، والتى تداهم مراكز الدروس الخصوصية لطلبة كليات الطب ولديها ضبطيات سبق أن قامت بها، إذ أمر وزير التعليم العالى الصيف الماضى بتحويل طبيب للتحقيق بتهمة إعطاء دروس خصوصية للطلبة.

ولفت إلى أن الأخطاء الطبية الشائعة والمتكررة بين الطلبة تكون بسبب هذه السناتر والعيادات التى يتورط أصحابها مع الطلبة فى إعطائهم دروس خصوصية، ومن ثم فإن العمل على مداهمتها وحصار أصحابها هو واجب وطنى حماية لعقول الطلبة ومستقبلهم العلمى والعملى وحتى لا نشتت انتباههم ونوجههم فقط نحو مناهج الكلية.

فيما تقدمت بطلب إحاطة النائبة الدكتورة إيناس عبدالحليم، بشأن انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية لطلبة كليات الطب، والذى نتج عنها تدنى مستوى الأطباء فى الفترة الأخيرة والأخطاء الطبية الفادحة التى تؤدى بحياة المواطن.