جريدة الزمان

تقارير

الإعلام الهادف.. ينهار على صخرة البرامج الترفيهية

محمود أبو سالم-آية الشيخ-عماد حسانين-إيمان محمد-بسمة عبدالحكيم-داليا مسعود-مها محمد- -

المصريون يهجرون الشاشة الصغيرة

ضعف المحتوى يدفعهم إلى مواقع السوشيال ميديا

الإهمال الفنى والإعلامى يسقط الشباب فى شباك المتطرفين

فنانون: المجتمع سقط عمدًا من حسابات الصناع

مواطنون: نتابع "اليوتيوب" ونخاصم "التوك شو"

جامعيون: "الإتيكيت" يقى العادات والتقاليد من الفتن

إعلاميون: الطفل خارج اهتمام الشاشات المصرية

نفسيون: الهوية المصرية تواجه أزمات إعلامية

قانونيون: المساءلة المجتمعية أقصى من العقاب القانونى

 

 

لا توجد برامج تليفزيونية مجتمعية، لا توجد مواد إعلامية تراعى الإنسانية وعقلية الجمهور، الحيادية تختفى من الشاشة، المذيع يفتقد أدنى درجات الإتيكيت، المذيع يلجأ إلى لغة الشارع، المشاهد يرفض الإثارة والتهويل، ويفشل فى العثور على برنامج "شامل" يقدم له وجبة دسمة من الإعلام المعتدل.. بهذه العبارات يترحم المشاهد المصرى على العصر الذهبى للإعلام، مشيرا إلى النجاحات التى كانت تتسابق فيها عشرات البرامج التليفزيونية والإذاعية المجتمعية.

وكان المشاهد يجلس أمام البرنامج يصغى إلى كل معلومة يتم نقلها من خلال المذيع وضيوفه، ولا يختلف حال مستمع الإذاعة الذى كان يتابع باهتمام ما تذيعه برامج الإذاعة من معلومات قيمة، وكانت هذه البرامج تسهم بصورة كبيرة فى معاونة الأسرة فى تربية الأبناء وإكسابهم الثقافات المتنوعة وترسيخ مبادئ الوطنية والانتماء فى نفوسهم، بينما يواجه المجتمع المصرى حروبا شرسة لتجريده من هويته وهو ما تفعله دون منافس وتتسابق فيه الكثير من البرامج التليفزيونية، التى تستضيف شخصيات لا تفقه شيئا عن أدبيات الحديث، وتفتقر للمعلومات، بالإضافة إلى ما يمكن أن ترتكبه من أفعال مشينة، وهذا ما دفع بالمشاهد إلى توقيع المخاصمة الكبرى مع برامج التوك شو، والهروب إلى برامج "الطبخ"، و"المقالب"، أو اللجوء إلى مشاهدة الأفلام والمسرحيات الكوميدية التى تعمل على تخفيف حدة الحياة اليومية، وما يرتكبه بعض مقدمى البرامج على الشاشة وضيوفهم يهدد الإعلام بأزمة كبيرة تظهر نتائجها على مدى بعيد وتلحق أضرارها بالمجتمع المصرى.

"الزمان"، تفتح خلال السطور التالية ملف البرامج التليفزيونية التى ذهبت بلا رجعة على الرغم من أن أجيالا نشأت عليها، وكانت تسهم فى إثراء المواطنين بالمعلومات والخبرات المتباينة، حيث تم استبدالها بأخرى أقل وصف ممكن لها أنها بلا هدف "وهابطة"، نجحت فى مخالفة الطبيعة المجتمعية.

إذا اختفى الجمهور، وإذا انتفت العلاقة بينه والهدف من البرامج التليفزيونية، فلن يكون للبرنامج أى أهمية تذكر.. بهذه الكلمات أجمع بعض المواطنين على أن الدراسات الإعلامية تؤكد على أهمية التواصل مع الجمهور لمعرفة آرائه فيما يتم عرضه على الشاشة، فهو دائمًا ما يكون المقياس الحقيقى للهدف من الرسالة الإعلامية.

فى البداية، تقول هاجر عاطف، السيدة الأربعينية، إنها لم تعد تمتلك من الوقت ما يمكنها من مشاهدة التليفزيون مثلما كان متاحًا فى الإجازة الصيفية للدراسة، حيث تتابع الدراسة مع أطفالها الثلاثة يوميًا، موضحة أن متابعة الأخبار والأحداث المهمة من التليفزيون أصبح أكثر سهولة عن الماضى، ويناسب نمط حياتها.

وتابعت: "مسكت الريموت وقلبت القنوات علشان ألاقى برنامج كويس أتابعه لمعرفة آخر الأخبار لكن الموضوع بقى حاجة مملة جدا.. والتليفزيون بيقعد بالأيام مقفول محدش بيقرب منه، وملهوش لزمة"، مشيرة إلى أنها قد تنتظر بعض البرامج المسلية الترفيهية كنوع من تغيير الجو الدراسى فى المنزل لها ولأطفالها، وأحيانا تُشاهد برنامج "معكم منى الشاذلى" أو تلجأ إلى البحث عن الأفلام القديمة لمشاهدتها.

وأشارت إلى أنها لا تفضل برامج الطبخ على عكس معظم السيدات، إلا أنها قد تشاهد برنامجًا نسائيًا يعرض وصفات وحلول لمشكلات التربية والتعامل مع الأطفال، لافتة إلى أنها فوجئت بأن البرامج النسائية لا تستضيف متخصصون ويمارس المذيع دور الخبير ويقدم الوصفات والحلول التى يراها للمشكلات التى يتم عرضها عبر فقرات البرنامج، وهو ما يجعلها تبتعد وتخاصم هذه البرامج التى تؤثر فى الحياة بصورة سلبية لما تفتقده من المصداقية بالإضافة إلى أنها تبتعد كثيرا عن الواقع.

 

اليوتيوب

أما حسين عبدالعزيز، الشاب الثلاثينى، فأوضح أن طبيعية عمله كطبيب تمنعه من مشاهدة التليفزيون، وإن كان يتابع بعض البرامج على شبكة اليوتيوب والفيس بوك، باستمرار، موضحًا أن البرامج التليفزيونية لم تعد تجذبه، حيث إنها لا تقدم المادة الإعلامية الدسمة التى تفيد المجتمع وجمهور المشاهدين.

وأكد عبدالعزيز، أنه كان يهتم بمتابعة الأحداث السياسية ويشاهد البرامج السياسية إلا أن الوقت الحالى لا يوجد برنامج واحد تقدمه القنوات المصرية جاذبًا أو يقدم معلومة حقيقية ذات مصداقية، مشيرًا إلى أنه قد يشاهد فيديوهات مقطعة لبرنامج ترفيهى تمت إذاعته على التليفزيون.

فيما قالت إسراء نعيم، طالبة جامعية، إنها شخصية مزاجية تحب الفنانة إسعاد يونس، حيث تبتعد عن البرامج السياسية، مستطردة: "مش ناقصة بصراحة.. عاوزين نرفه عن نفسنا ونغير مود الدراسة".

ولفتت إلى أنها أحيانًا تشاهد برنامج منى الشاذلى، عندما كان ضيوفها متميزين، قائلة: "أتفرج على الحلقة زى محمد محسن ومراته، أصالة وبنتها لما استضافتهم وكدا.. وأنا أصلا مش بحبها هى لكن بحب الناس اللى مستضيفاهم حلوين وشخصيات بحبها هتفرج".

وأشارت إلى أنه فى حالة وقوع حادثة كبيرة تتابعها كأخبار فى النشرة أو المواقع الإخبارية عن طريق تطبيق "نبض"، مشيرة إلى أن البرامج لم تعد تهتم بالعادات والتقاليد، قائلة: "هادفة إيه يا بنتى الإعلاميون لا يلتزمون بعرض الحقيقة".

أما أحمد محمد، الرجل الستينى، فقال: إنه يشاهد التليفزيون يوميًا ويتابع النشرة الإخبارية على القناة المصرية، إلا أنه لا يشاهد أى برامج سياسية لعدم ثقته فى صحة معلوماتها.

وأكد أنه فى غاية الحزن لقرار وقف إذاعة برنامج "الجدعان" الذى كان يعرض مشكلات حقيقية وقصص نجاح رائعة، حيث كانت تحفزه وأبناءه وأحفاده نحو العمل، مطالبًا المسئولين بإعادة النظر فى القرار، والتوسع فى تلك النوعية من البرامج التى نحتاجها فى مصر حاليًا.

 

المصداقية

أما مروة عبدالصمد، السيدة الثلاثينية، وتعمل مدرسة، فترى أن غالبية البرامج التليفزيونية التى يتم عرضها على قنوات الإعلام الرسمى أو الخاص، تتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع المصرى الشرقى، حيث تفتقد المصداقية والوسطية، لافتة إلى أن المذيع يسعى بضيوفه لنشر فكر معين أو وجهة النظر التى يتبناها.

وأشارت إلى أن فترة التسعينيات كانت تشهد الكثير من البرامج التليفزيونية الهادفة والتى ساهمت بشكل كبير فى تربية النشء ومعاونة الأسرة فى غرس مبادئ الوطنية والانتماء فى نفوس الأبناء، على عكس الأزمات التى شهدتها الكثير من البرامج التى أصبحت مسرحا لتبادل الشتائم المحملة بالألفاظ النابية، بالإضافة إلى أن بعض هذه البرامج أصبحت ساحة للمعارك على الهواء، وهى أساليب وعادات سيئة وغريبة على المجتمع الشرقى.

وتطالب حسنة رجب شريف، سيدة ثلاثينية، وتعمل مدرسة، الجهات المعنية بمتابعة ملف الإعلام بالتأكيد على ضرورة الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامى، والعمل على تنظيم اللقاءات والدورات التدريبية لإصقال مهارات الإعلاميين وتدريبهم على العمل الإعلامى المنضبط الذى يعتمد على التوازن فى عرض الرؤى.

وشددت شريف، على أهمية إعادة النظر فى الخريطة البرامجية التى يتم تنفيذها حاليا، والعمل على بث البرامج التنويرية التى تساعد الدولة فى حربها ضد الإرهاب، على أن تلتزم هذه البرامج بنشر الحقائق كاملة للكشف عن طبيعة الأدوار التى تشهدها الحرب ضد الإرهاب.

ويشير محمود أحمد موسى البنا، طالب جامعى، إلى أن المؤسسات الإعلامية كانت تنظم الدورات التدريبية المتنوعة لإصقال مهارات الإعلامى، بالإضافة إلى أنها كانت تقدم له الدورات المتخصصة فى فن الإتيكيت أثناء ظهوره على الشاشة، وهو ما يضمن حيادية الإعلامى أمام مشاهديه أثناء مناقشة إحدى القضايا التى يعرضها فى برنامجه.

وأضاف أن عدم التزام الإعلاميين بأسس الحوار يجعل المشاهد يلجأ إلى البرامج الترفيهية للهروب من همومه.

 

عزوف

البرامج الترفيهية لها الغلبة فى حسابات صناع الإعلام، فيما تراجع الإقبال على إنتاج البرامج السياسية، والتوك شو.. بهذه الرؤية أجمع أهل الفن على أن الاتجاه الإعلامى للبرامج التى تحقق نسب مشاهدة عالية وهى البرامج الترفيهية التى طغت على الساحة.

الفنانة مها أحمد، تقول: يهتم المنتجون بالبرامج الترفيهية بسبب عزوف المشاهدين عن متابعة الأخبار السياسية، وما يتبعها من مشاهد دموية، والدليل على هذا الاهتمام ذلك النجاح الكبير الذى يعيشه برنامج "صاحبة السعادة" للفنانة إسعاد يونس.

وأضافت مها، أن تجربتها مع برنامج "الست هانم" الذى أذاعته القناة الأولى لاقى نجاحاً جماهيريا كبيرا، لأنه كان يهتم بالجوانب الاجتماعية، مشيرة إلى أن آثاره لا تزال موجودة فى نفوس المشاهدين على الرغم من توقفها عن تقديم البرنامج الذى كان يخاطب السيدات وهن أكثر الناس تواجدا فى المنازل.

وأشارت مها، إلى أن حدوث دمج للكثير من القنوات الفضائية، نتج عنه ضعف المساحة المتاحة للظهور على الشاشة، موضحة أن الإنتاج يبحث عن الوجوه الجديدة لتقديم برامجها لتوفير الميزانية، لافتة إلى أن البرامج الترفيهية، والطبخ طغت على كل القنوات الفضائية.

الفنانة ميرنا وليد، ترى أن عدد القنوات الفضائية فى الماضى كان قاصراً على قناتين لذلك كان كل الجمهور يشاهد نفس البرامج، أما الآن أصبحت هناك أكثر من 30 قناة لكل منها خريطتها البرامجية الخاصة بها، وتترك للمشاهد تحديد نوعية البرامج التى يشاهدها، مشيرة إلى أن برامج الأطفال فى الواقع لم يعد لها وجود، كما أن أجر المذيع أو الممثل الذى يقدم برامج الأطفال تعادل 25% من أجر برامج الكبار.

البرامج التليفزيونية المعروضة على الساحة منذ فترة أهملت الأطفال وأجبرتهم على الهروب لمتابعة الألعاب وأفلام الكارتون.. بهذه الرؤية عبر أساتذة الإعلام عن آرائهم بشأن البرامج التليفزيونية المعروضة بالفضائيات.

الدكتور محمد المرسى، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، يقول: "البرامج المقدمة للجمهور فى السنوات الأخيرة أهملت بشكل مباشر الطفل، وهو ما دفع بهم للاتجاه إلى مشاهدة الألعاب وأفلام الكارتون على شبكة الإنترنت لساعات طويلة بسبب افتقار تنوع المحتوى الإعلامى".

وأضاف المرسى: "أكثر البرامج التى اهتمت بالطفل التى أنتجها التليفزيون المصرى، حيث كان يقدم أعمالا تحمل رسائل توعية للطفل سواء بالراديو أو التليفزيون منذ أيام أبلة فضيلة، والآن لا نرى برنامجا واحدا يستهدف الطفل، والقنوات العربية الآن تهتم كثيرا عنا بالطفل وتنتج وتقدم له البرامج وأفلام الكارتون ولكن باستخدام لهجتهم لتأصيل لغتهم، لذلك نتمنى أن يحدث اهتمام لأصحاب القنوات لبرامج الطفل ولابد أن يشعروا بأهمية وجودها".

وتابع المرسي: "الجمهور أصبح يفتقد التنوع والتعدد فى المحتوى الإعلامى وأصبحت كل البرامج تتشابه فيما تقدمه، لذلك حدث عزوف للجمهور عن التليفزيون فى أغلب المنازل وأصبح الاعتماد الكلى على استخدام الهواتف والإنترنت، لأن الجمهور يجد فيها التنوع والمعلومات التى لا تفتقرها شاشة القنوات".

المقالب

الناقدة خيرية البشلاوى، تقول: "لا توجد لدينا منظومة إعلامية تساهم فى تشكيل الفكر على الرغم من أن لدينا إمكانات متاحة لكنها مهدرة، فنحن لدينا للإنتاج مدينة الإنتاج وصوت القاهرة وقطاع الإنتاج ولدينا كتاب سيناريو كبار، وعلى استعداد لتقديم أعمالا قيمة وتقديم أفكار برامج جديدة ولكن للآسف نفتقد للرغبة فى العمل والإنتاج وهذه المشكلة ".

وتابعت خيرية البشلاوى: "كل البرامج تشبه بعضها حتى فيما يعرض من أخبار لا يوجد أى اختلاف، ولذلك نجد المتابعة فى شهر رمضان للقنوات أكثر بكثير والسبب فى ذلك هو تقديم مواد مختلفة منها برامج المقالب، والتى تعتبر مختلفة تماما عن نوعية البرامج المقدمة على مدار العام رغم ما تتعرض إليه هذه القنوات من انتقادات".

صفاء عبد الحميد، المسئول التنفيذى لاتحاد إعلاميات مصر، ترى أن غياب البرامج الثقافية والتعليمية والاجتماعية الهادفة أثر على عدم وجود برامج دينية أو اجتماعية هادفة أيضًا، وهذا يعود إلى عزوف المنتجين، وندرة الأفكار، لافتة إلى أن الإنتاج حاليًا لا يقوم إلا لمجرد تعبئة ساعات البث فقط، فلا يهتم المنتج على نوعية البرامج المقدمة وإنما بعدد المشاهدات فقط.

وأوضحت أن التوجه للربح المادى السريع، يعد من الأسباب الرئيسية وراء غياب البرامج الهادفة، لافتًة إلى أنه لم تعد هناك برامج ثقافية تنموية أو تربوية تهذب فكر الشباب، وأصبح المتاح حاليًا هو الهدف المادى المربح.

وأضافت عبدالحميد، أن السبب الرئيسى فى ضعف الإعلام يعود إلى أن تولى المنابر الإعلامية دخلاء على المهنة، فلا توجد فى مصر تشريعات تحكم الأداء الإعلامى، مطالبة بضرورة وجود رقابة موحدة على جميع القنوات الفضائية، مشددة على إعادة هيكلة المؤسسات التعليمية والثقافية وتوجيه المؤسسات الدينية.

ونصحت بوضع محتوى هادف، لتحقيق الهدف الرئيسى لتربية الأطفال والشباب ليكونوا قادرين على مواجهة تحديّات المستقبل وتعقيداته، بحيث يكون متسلحًا بالقوة المعرفية، ومعتزّ بهويته، وفخور بنفسه ووطنه.

الأسرة

الإعلامى سيد على، يقول: لا صحة لانتشار مصطلح البرامج الهادفة، لأن كل قناة فى مصر ما هى إلا وسيلة اتصال سواء كان موقع إلكترونى أو إذاعى أو فضائية، وبالتالى فجميعها وسائل تحتوى على اهتمام بقضايا الأسرة والطفل والمشاكل الأسرية، والخطأ هو وضع أى برنامج موجود على الساحة تحت مسمى معين لأن كل البرامج الموجودة تناقش قضايا الأسرة فى فقرات خاصة وكيفية التعامل معها.

وأشار إلى أن الإعلام المصرى يتميز ببرامج «التوك شو» الاجتماعية، هروبا من «التوك شو» الاقتصادية، موضحًا أن المشكلة تكمن فى تمجيد أشخاص ينقلون للمجتمع صورة للعنف والتعلم بشكل غير صحيح مع الأسرة والمدرسين، مثل: محمد رمضان، هذا بالإضافة إلى عرض مسرحيات غير جديرة بالمشاهدة، أمثال مدرسة المشاغبين التى كانت ولا زالت توضح صورة خاطئة للتعامل مع المدرسين فى المدارس.

وناشد على أولياء الأمور، خاصة من يتعلمون بالمدارس الدولية واللغات، بالانتباه إلى أن أطفالهم بدراستهم يبتعدون تماما عن ثقافة الوطن ولغتهم العربية وقيمهم الدينية والأعراف والتقاليد، مشددا على رفضه التام لاتهام الإعلام بأنه صانع الأزمات المجتمعية باعتباره المرآة التى تعكس صورة المجتمع الحالى.

الإعلامى طارق سعدة، نقيب الإعلاميين، يقول: نؤكد على الالتزام بميثاق الشرف الإعلامى، ومدونة السلوك الإعلامى، حيث إن دور الإعلام لا يمكن فصله عن جهود الدولة، ويجب على الإعلامى أن يبدأ بتعديل سلوكياته والبدء بنفسه ليكون قدوة لغيره من العاملين معه، وعليه الالتزام بالمهنية والموضوعية وتحقيق التوازن فى حلقات برنامجه، كاشفا أن المساءلة داخل النقابة تتضمن المثول أمام لجنة التحقيق ثم تأتى الإحالة إلى مجلس التأديب الابتدائى، ومنه إلى مجلس التأديب الاستئنافى، وتتآلف العقوبات بين الحرمان من خدمات النقابة، والإيقاف المؤقت والحرمان من ممارسة العمل الإعلامى لحين انتهاء التحقيقات والتى قد تنتهى بالشطب النهائى من جداول النقابة.

وطالب نقيب الإعلاميين بإخضاع الإعلاميين للتدريبات المستمرة وتنمية قدراتهم المهنية وإكساببهم المهارات الخاصة بالحصول على المعلومات من مصادرها الرسمية، لافتا إلى أن هناك العديد من البروتوكولات التعاونية التى بدأتها النقابة مع المؤسسات الدولية للتأكيد على التزام وسائل الإعلام الدولية والعاملين بها بمواثيق الشرف الإعلامى، والاحتكام للحقوق والواجبات التى توضحها بنود هذه المواثيق، موضحا أن هذه البروتوكولات ستسهم فى إحكام الرقابة الشعبية دوليا على المؤسسات الإعلامية التى تبث خارج النطاق الحدودى للبلاد.

الهوية

غياب البرامج التليفزيونية، أمر مقصود به التأثير على الهوية المصرية.. بهذه الكلمات عبر علماء النفس عن تحليلهم للبرامج المنتشرة حاليا على شاشات الفضائيات.

الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، يوضح أن غياب البرامج الهادفة أمرًا مقصودًا، مشيرًا إلى أنها تتم بفعل فاعل، وتقوم بها جهات لا تريد تنمية الشعب المصرى بشبابه وأطفاله وكل همها وشغلها الشاغل أن يتم تغييب الشعب، متابعا: الكل يسأل لماذا غابت البرنامج الثقافية الهادفة مثل «سر الأرض»، والاكتفاء ببرامج محمد رمضان ومحمد لطفى وفيفى عبده، الهابطة التى تحتوى على الألفاظ المسيئة والحركات غير المقبولة.

ونوه إلى ضرورة متابعة الأطفال عند مشاهدتهم للبرامج والهواتف المحمولة، بحيث يتم اختيار البرامج التعليمية الهادفة والمناسبة، وإقصاء البرامج التى قد تكون لها آثار سلبية على شخصية الطفل.

وشدد فرويز، على أهمية إعادة الهيكلة الكاملة لمؤسسات الإعلام والفضائيات، لافتًا إلى أن ذلك لن يتم إلا بتضافر وزارة الثقافة والهيئة الوطنية للإعلام والأزهر، وهو ما يحتاج إلى خطة ممنهجة من الجميع، مطالبًا الحكومة والمنتجين بضرورة إعادة بث هذه البرامج الهادفة.

الدكتور على عبدالراضى، استشارى العلاج والتأهيل النفسى، يرى أن البرامج الموجودة على الساحة فى الوقت الحالى لها تأثير مباشر من جانب الأهل، خاصة أثناء فترة التربية والنشأة والمدرسة، لافتًا إلى أن برنامج «الكوتش»، يناقش المشاكل الأسرية، وتعليم الآباء كيفية تربية أبنائهم والتعامل معهم، ويشاهده عدد كبير من المشاهدين، موضحا أن هذا يدل على أنه برنامج ناجح يطرح مشاكل الأبناء وكيفية التعامل معهم، كما تعتمد عليه دراسات عالمية من قبل الجامعات المصرية.

ونصح عبدالراضى، بعودة البرامج الهادفة مرة أخرى، وهو ما يحتاج إلى دعم كبير من الدولة، وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراة فى كيفية تربية الطفل، بالإضافة إلى ضرورة تطبيق دراسة سيكولوجية للطفل على يد المتخصصين .

المساءلة

الحيادية والتوازن أمر مهم حتى يتفادى الإعلامى المساءلة القانونية، والمجتمعية، وعليه الانتباه إلى حجم التأثير الذى يلحق بالمجتمع والمواطن نتيجة ما يعرضه خلال برنامجه.. بهذه الكلمات عرض خبراء القانون والأمن آرائهم بشأن القضية.

المستشار حسن عبدالسلام، يؤكد أن نسبة كبيرة من البرامج التليفزيونية الموجودة على الساحة حالياً تحتاج إلى المراجعة والتدقيق لما تحتويه من أخطاء مهنية ومجتمعية صارخة، مشيرا إلى أن بعضها يلحق الأضرار الجمة بالمجتمع ولا يفيده، حيث يقدم كل ما يعارض العادات والتقاليد الشرقية، وهو ما يدفع بالمشاهد المصرى للهروب من متابعة الإعلام، حيث إن هناك مذيعين لا يلتزمون بالمهنية ويكون ظهورهم من أجل عرض وجهة نظر واحدة للتخديم على مصالح بعينها، متجاهلين المصلحة العامة للوطن.

وعاب عبدالسلام، على القيادات الإعلامية الحالية التى لا تنتبه إلى خطورة ما تؤديه مثل هذه الشخصيات التى تعمل على تجريد المشاهد المصرى من هويته، موضحا أهمية تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى لضمان خروج إعلام جيد يتميز بالحيادية ويسعى لنشر الفضائل والتأكيد عليها بين المواطنين، ويساهم مع أجهزة الدولة فى نبذ الفتن، مشيرا إلى أهمية تنظيم الدورات التدريبية للعاملين فى المجال الإعلامى، لإصقال مهاراتهم المهنية والتأكيد على الوسطية فى مناقشة القضايا والهموم المختلفة.

ويكشف عبدالسلام، عن أهمية أن يتمتع الإعلامى بالخبرة القانونية والعقوبات المفروضة على الإعلاميين، لتفادى الوقوع فيها، مشيدا بقرارات المجلس الأعلى للإعلام، بشأن منع بعض البرامج المسيئة للمشاهد والمجتمع من البث.

تكنولوجيا

المحامى أيمن محفوظ، يرى أن دور الأعلام أصبح فى وضع متخاذل مع الطفرة التكنولوجية التى غزت عقول الشباب، بالتزامن مع غياب الوعى والاهتمام بالتفاهات، مشيرا إلى أن "السوشيال ميديا"، كانت سببا رئيسيا فى تدمير جيل كامل فى الوقت الذى غاب دور الإعلام، بشكل أكثر وضوحا، مضيفا: نجد بعض البرامج تعمل على الإثارة لزيادة نسبة المشاهدة، ولا ينكر أحد أن التليفزيون المصرى له دوره البارز والفعال فى نشر الوعى بين المواطنين وتحذيرهم من الشائعات التى تنشرها قنوات الخونة، بالإضافة إلى بث روح الأمل فى نفوس المصريين.

وطالب محفوظ، بتضافر الجهود الحكومية والشعبية فى أن عودة التليفزيون المصرى كسابق عهده وترجع له الأفضلية والأسبقية فى جميع البرامج والأخبار والمسلسلات والأفلام حتى يمكن مصالحة المشاهد ليعود إلى الشاشة الشعبية والاهتمام بعرض القيم النبيلة من حب الوطن ومقاومة الفتن والمؤامرات التى تلقيها علينا كل لحظة نفايات الإعلام الخائن المأجور من القنوات المعادية لمصر، قائلا: وكلى ثقة فى أن الدولة سوف تعيد أمجاد ماسبيرو.

الخبير الأمنى اللواء على النجار، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يرى أن التليفزيون المصرى كان درة فى تاج القوة الناعمة لمصر، وكان يسمى وقت تأسيسه فى ستينيات القرن الماضى بالتليفزيون العربى، حيث كان اللسان المعبر عن هموم وقضايا الأمة العربية، مشيرا إلى أن هذا الدور يتميز حاليا بالركاكة فى الأسلوب وعدم جودة المحتوى وتناول الموضوعات بصورة سطحية، حيث اختفت البرامج المهمة التى ساهمت فى تشكيل وجدان المجتمع المصرى.

وأضاف النجار، أن الإعلام من أهم الأسلحة التى فرطنا فيها، بينما يمثل فرس الرهان الكاسب فى كل المعارك فقد استخدم المغول والتتار والصليبيون الإعلام فى الانتصارات التى حققوها، مشيرا إلى أهمية التزام الحيادية والوسطية عند الظهور على الشاشة.