الزمان
جريدة الزمان

«الأنتيكة» يتخلى عنها الفقراء ويقتنيها الأثرياء!

محمود بكري تصوير طارق طه -

 

كلمة «أنتيكا» يقصد بها ما هو قديم أو ذو قيمة «تحفة» وهى مأخوذة من كلمة " antica"  الإيطالية وموجودة أيضًا فى القاموس الفرنسى، أما أصلها اللاتينى فهى تعنى العتيق والنادر والقديم، وهى أيضًا كلمة عامية يستعمل أهل الحجاز وتعنى الزينة والأبهة والموضة، ويقال: فلان أنتيكا بمعنى خفيف الدم، يعنى ظريف، وأحيانًا تقال لمن خف عقله .

وفى حى الحسين وفى قلب شارع المعز وسط الجو الخلاب والأجواء القديمة من البيوت والمساجد التى تذكرنا بعصور متوالية مرت على مصر، رأينا مظاهر التطور والصناعة تزحف على المنطقة وتقتحم المحلات والمقاهى ولا يتبق سوى تلك الهياكل الخارجية العتيقة.

ومن بين المحال المتلاصقة بالشارع وجدنا «خالد أنتيكة» صاحب محل صغير لبيع الأشياء والمقتنيات القديمة وكان يقوم بإصلاح "راديو خشبى ضخم" قديم وهو من كانت الأسر المصرية الميسورة تجتمع حوله لتستمع إلى خطب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أو لحفلة الست أم كلثوم،  وتجاذبنا معه أطراف الحديث.

فى البداية يقول "عم خالد" إن معظم بضاعته يحصل عليها من بائعى الروبابيكيا المتجولين، فالمصريون لا يعرفون قيمة ما لديهم من مقتنيات قديمة تعود لأجدادهم، ولكن هناك كثيرين من يقدرون هذه الأشياء ويعرفون قيمتها جيدًا.

وسألناه عن نوعية زبائنه فقال معظمهم من الأجانب.. لكن مع الركود السياحى الذى تشهده المنطقة وضيق ذات اليد للمصريين أصبحت حركة البيع بطيئة، والزبائن قليلون.

وتفحصنا ما لديه من قطع وأشياء قديمة فكان من بينها صورة قديمة بالأبيض والأسود، ووجدنا لديه أشياء كثيرة مثل براد الشاى الصاج وكنكة القهوة النحاس، وحتى الراديو الفيليبس القديم والجرامافون وكاميرات التصوير القديمة والتحف والتماثيل النحاسية وآلة حاسبة عتيقة والمنبه ذو صوت الرنين المزعج المتوالى الذى كان يستعمله الموظفون قديمًا لإيقاظهم وماكينة خياطة سنجر القديمة التى كانت تفتح الكثير من البيوت من خلال الأمهات المجاهدات لتربية أبنائهن بالحلال.

وجدنا أيضًا لديه عملات قديمة وإعلانات قديمة لشركات مياه غازية فى بدايات دخول نشاطها لمصر.

وقال إن معظم بضاعته من «الأنتيكة» هى أشياء تخلى عنها الفقراء وأسر عادية ولكن يبحث عنها الأثرياء ويدفعون مقابلها مبالغ مرضية.

وكانت علامات الرضا والبهجة على وجه عم "خالد" هى التى تجذب الزبائن ليتفحصوا أشياءه القديمة وينتقوا من بينها ما يزينون به شققهم وبيوتهم حيث لم يقتصر وجود «الأنتيكة» على قصور الأغنياء بل يستطيع المواطن البسيط أن يقتنيها أيضًا.

وخلال عودتنا شاهدنا فى شارع المعز الشباب يحملون أحدث الكاميرات ورأينا داخل المقاهى التى يزيد عمرها عن مائة عام أن الراديو القديم قد تبدل بتليفزيون كبير واختفى صوت السيدة أم كلثوم لنستمع إلى إليسا واختفت المقتنيات القديمة لتذهب إلى بائع الأنتيكة.