جريدة الزمان

تقارير

غياب المسئولية ومشاهد العنف يسيطران على زفة ”العرائس” الغرامات الفورية صمام الأمان

”الزفة المجنونة” تغتال حياة الأبرياء فى لحظات الفرح

مصطفى شاهين -

كانت الحادية عشر مساءً، بعد أن غادر المدعوين قاعة الفرح متوجهين إلى منزل العريس الكائن بشارع الخمسين بمنطقة شبرا الخيمة، قبل أن يتهور السائق ويصعد بمقدمة السيارة على الرصيف المواجه لمعهد ناصر على كورنيش النيل ليصطدم بسيارة قادمة من الجهة الأخرى تقل أسرة مكونة من أب وابن وزوجة وطفلة لم تكمل عامها الثانى، فتكون النتيجة إصابة العروس بنزيف حاد بالمخ وتدخل على إثره العناية المركزة ووفاة الطفلة وإصابة العريس بكدمات متفرقة من الجسد وبتر ثلاثة أصابع من يد السائق المتهور.

اعتادت أذننا على سماع الأخبار المحزنة المصاحبة لزفات العرائس والتى يتحكم بها الرعونة والتهور فقط، فى غياب تام للمسئولية من جانب الكبار فبات المشهد يسيطر عليه شباب لم تتجاوز أعمارهم الثمانية عشر عاما، وبينما غاب العقل وحضر الجنون.

وترصد "الزمان" فى ضوء وقائع حصلنا عليها ضحايا "الزفة المجنونة"، وكانت البداية من منطقة شبرا الخيمة التابعة لمحافظة القليوبية، حيث يروى "محمد حاتم" والد الطفلة "جنى" إحدى الضحايا والتى لم يكن لها ولا لأبيها أى علاقة بالفرح من قريب أو بعيد.

حاتم، البالغ من العمر "43 عاما" يروى لـ"الزمان" قائلاً إنه قبل عام وأثناء عودتى من القاهرة إلى مسقط رأسى بالمنوفية، تصادف مرورى بزفة عريس قبل عشرة أمتار من معهد ناصر المطل على كورنيش النيل، ولاحظت قيام الشباب بإشعال الشماريخ من شبابيك السيارة القريبة من سيارة العريس ليقوم السائق المصاحب للعريس والعروسة بالجرى وسط سحب من الدخان ويعبر بسيارة منعطف خاطئ ويصعد على الرصيف وبدلاً من تدارك الخطأ استمر فى القفز على الرصيف لتستقر سيارته فى منتصف سيارتى وتتعرض ابنتى لصدمة فى الرأس توفيت بعدها بأيام داخل العناية المركزة.

وأضاف، أن قمت برفع دعوى قضائية وحصلت على حكم حبس ضد السائق والذى لاذ بالفرار وقام أهله بعرض مبلغ من المال لتعويضى ولكن مال الدنيا لا يكفى ابنتى التى فقدتها بسبب الرعونة وعدم مسئولية أهل السائق والذين وقفوا يتابعون المشهد ويصفقون ويهللون.

واقعة أخرى، بطلها شاب فى السابعة عشر، استأجر سيارة من أحد المعارض بمحافظة المنوفية، وأثناء سيره فى زفة شقيقته ومعه داخل السيارة اثنين من صديقاتها قررن الجلوس على شباب السيارة لينتهى بإحداهن جليسة الفراش بعد إصابة شديدة فى النخاع الشوكى والأخرى بكسور فى الجمجمة وجرح غائر بالوجه تسبب فى عاهة مستديمة.

ويروى "إسلام السقا" أحد شهود العيان على تلك الواقعة، تفاصيلها، قائلاً إن صديقى هو من كان بالسيارة وللتعبير عن فرحه بشقيقته قام بالجرى بالسيارة وسط السيارات الأخرى ثم شد الفرامل بقوة فالتفت السيارة ثلاث مرات على الأسفلت وكانت صديقات العروسة خارج الشباك، فكانت النتيجة سقوطهن على الأرض.

وفى الشرابية، انتهت زفة عريس بوفاة شقيقه بعدما اصطدمت به إحدى السيارات التى شاركت فى الزفة، حيث يروى "مصطفى الديزل" أحد أقارب العريس تفاصيل الواقعة التى تعود لعدة أشهر مضت، قائلاً إن الأمور كانت تسير بشكل طبيعى حتى قام أحد أصدقاء العريس بمحاولة للتفحيت بالسيارة على الأسفلت لمجاملة صديقه وهنا كان يمر "محمد" شقيق العريس وفى يده الهاتف لتصوير المشهد وأثناء تفحيت السيارة انفلت فرامل اليد من السائق وخرجت السيارة مسرعة قاطعة الطريق على المارة لتصطدم بشقيق العريس ويستقر جثة هامدة على الفور.

ولا تقتصر حوادث السرعة الجنونية والاستعراضات القاتلة أثناء حفلات الزفاف والخطوبة على السيارات فقط، ولكن الأخطر استعراضات الدراجات النارية، التى يرتجف قلبك حين ترى الشباب فوقها يقومون بحركات بهلوانية خطيرة أثناء الزفة، وهو ما راح ضحيته أحد العرسان فى منطقة إمبابة فى ليلة الحنة، حيث اصطحبه أصدقاؤه إلى بيت العروسة بزفة دراجات نارية، وفى الطريق قاموا بعمل بعض الاستعراضات التى كانت نتيجتها وفاة العريس بسبب سقوطه لمسافة بعيدة واصطدام رأسه بالأسفلت.

وفى هذا السياق، أوضح اللواء مصطفى المنشاوى، الخبير الأمنى، أن ما يحدث فى الأفراح ليس تعبيرًا عن الفرحة وإنما هو غباء يمارسه بعض الشباب غير المسئول فى ظل صمت رهيب من كبار العائلات ومن يشاهدون تلك الأفعال، فأنا من واجبى كولى أمر أن أقضى على تلك المظاهر السلبية، فمن وجهة نظرى ضرب النار يتساوى بالضبط مع ما يقوم به الشباب بالسيارات، وهنا يجب الإشارة إلى ضرورة وضع حل سريع وجذرى يكون منوط برجال المرور من خلال فرض غرامة وعقوبة على من يمارس أى عمل من شأنه تعريض حياة الإنسان والمارة للخطر، وأن لا تقل الغرامة عن 500 جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه يتم سحبهم لصالح المشروعات التى تقوم بها الدولة.

وأضاف، أن الصمت الذى يمارسه البعض تجاه تلك التصرفات غير مقبول، فأنا كمواطن إذا ما رأيت تلك التصرفات أقوم بمنعها أو الإبلاغ فورًا برقم السيارة لدى إدارة المرور والتى تتولى لاحقًا توقيع الغرامة على صاحب السيارة.