«الزمان» تواصل فضح ما تروّج له الفضائيات
«الوشم الفيروزى» أحدث طرق النصب على السيدات فى مصر

قنوات تعلن عن وشم التعويذة لحل المشكلات.. و«مدوس» المغربية ترسمه بعد طقوس غريبة
البحث عن السعادة والملل والظروف الاقتصادية وراء سعى السيدات للرسومات
للوشم تأثيرات خطيرة على الجلد قد تتطور إلى الإصابة بالسرطان
انتشرت خلال الشهور القليلة الماضية العديد من الإعلانات المضللة على شاشات التليفزيون، التى تعرض منتجات جديدة، لم يكن يعلم المصريون عنها الكثير.
طرق وأساليب غريبة تنشرها هذه القنوات، فبعد أن امتلأت هذه القنوات بالإعلان عن المنتجات الجنسية وأساليب السعادة الزوجية اتجهت بشكل ملاحظ إلى الإعلان عن منتجات أكثر غرابة ولا يصدقها عقل، كالإعلان عن حل المشاكل التى تقابل المواطنين يوميًا وبالأخص السيدات مثل عدم القدرة على الإنجاب وعدم تحمل متطلبات الحياة من خلال رسم وشم فيروزى على الجسد فى أحد الأماكن، وبهذا تنتهى مشاكل الحياة ويتم تحقيق السعادة!
عبر إحد الشاشات، وبالأخص «تايم كوميدى وسينما وقنوات كراكيب» شاهدت محررة «الزمان» إعلانًا لفتاة تروى حكايتها بمركز الوشم، مؤكدة أنها كانت تعانى من بعض المشاكل الأسرية ولم تجد لها حلًا إلا بعد أن قامت برسم الوشم الفيروزى اللبنانى، فى أحد الأماكن فى مصر، وكان ذلك السبب فى حل مشاكلها الأسرية.
رواية الفتاة من خلال هذه القنوات كان بمثابة طرف الخيط الذى التقطته محررة «الزمان» من أجل تتبع هذه الأماكن وكشف حقيقة الوشم، الذى تزعم الفتاة أنه يعالج المشاكل الأسرية.
فى البداية، قامت المحررة بالاتصال بالهواتف التى تم عرضها، إذ أجابتها فتاة بصوت معسول ولكنة خليجية بأن هذه إحدى الشركات المخصصة لحل جميع مشاكل العلاقات الأسرية من خلال الوشم الفيروزى، وأخبرتها المحررة بأنها متزوجة وتعانى من مشكلة تأخر الإنجاب وسمعت عن النتائج المبهرة التى يحققها الوشم وتريد أن تضع الوشم.
وبعد أن قامت السكرتيرة بتدوين اسم المحررة وبياناتها الكاملة أخبرتها بأن هناك عددًا من رسومات الوشم منها الوشم الفيروزى اللبنانى لحل المشاكل الأسرية، ووشم الحياة لتحسين العلاقة الجنسية بين الزوجين، فضلًا عن وشم الأسير لجلب العريس، فأجابتها المحررة بأنها تريد الوشم الفيروزى من أجل حل مشكلة الإنجاب، وبالفعل نجحت المحررة فى إقناع السكرتيرة، وأخذت ميعادًا لرسم الوشم.
وبعد مرور ما يقرب من شهر، جاء ميعاد محررة «الزمان»، وذهبت إلى المركز الذى يقوم برسم الوشم، ففى ميدان هيليوبوليس بمصر الجديدة، حيث عنوان المركز، تبين أنها شقة بها بعض الرسومات فضلًا عن وجود بعض السيدات اللاتى ينتظرن دورهن لرسم الوشم.
واستمعت محررة «الزمان» لروايات السيدات وأزواجهن، حيث روى مجدى حمدان الذى يبلغ من العمر 44 عامًا أنه شاهد إعلان المركز من خلال التلفاز فضلًا عن نصيحة أحد أصدقائه، الذى أكد له أنه قام برسم وشم الإنجاب فى هذا المركز وزوجته حامل الآن.
وأضاف حمدان: تزوجت من أربع سيدات وفى كل مرة تتوفى زوجتى، وكلما أتقدم لفتاة تقوم برفضى مدعية أننى "نحس"، وهذا ما دفعنى إلى المجىء إلى المركز لرسم الوشم.
أما جميلة يعقوب فروت أنها تريد الإنجاب مؤكدة أنها متزوجة منذ ثمانية أعوام ولم تنجب على الرغم من أنها سافرت خارج البلاد، وذهبت إلى العديد من الأطباء وتأكدت أنها لا تعانى من شىء هى وزوجها، وقامت بتجربة كل شىء.
وقالت إن سبب مجيئها إلى المركز لرسم الوشم؛ أنها وجدت سيدة قامت برسم الوشم على كتفها، وهذا أثار إعجابها.
وروى فوزى جرجس أنه جاء إلى المركز منذ شهر لرسم وشم لإيقاف المشاكل بينه وبين زوجته، وقام برسم الوشم بعد دفع 2300 جنيه، وقامت "مدوس"، السيدة التى تقوم برسم الوشم، بترديد بعض العبارات غير المفهومة، لكن هذا الوشم لم يفعل شيئًا.
وفى أثناء حديث الحالات عن أسباب مجيئهم إلى المركز لرسم الوشم، استمعت محررة «الزمان» إلى السيدة التى تقوم برسم الوشم، إذ كانت تردد بعض المقولات تؤكد أنها التعويذة الخاصة بالوشم.
محررة «الزمان» استطاعت أن ترى السيدة «مدوس»، التى تقوم برسم الوشم، وهى سيدة بيضاء اللون يبدو عليها الجمال، وعلى ذراعيها وقدميها وبطنها رسومات عبارة عن وشم فضلًا عن ملابسها التى لها طابع غريب، حيث ترتدى تيشيرت يصل لمنتصف بطنها وهوت شورت وتستمع لموسيقى أجنبية وتشرب سجائر بشكل هيستيرى.
وعندما جاء دور محررة «الزمان» لرسم الوشم أخبرتها مدوس بأن هذا الوشم سعره 1500 جنيه، فأخبرتها المحررة بأنها لا يوجد معها هذا المبلغ، وستأتى فى وقت آخر.
من جانبه، صرح مستشار رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون بأن هذه القنوات التى تذيع إعلانات الدجل والوشم والمنتجات المجهولة والعقارات الوهمية هى قنوات من المؤكد أنها لا تبث من مصر، إذ أن "النايل سات" له قواعد صارمة فيما يتعلق بالقنوات المصنفة.
ويقول حسن الجنينى، أحد علماء الأزهر الشريف لـ"الزمان": هناك أنواع كثيرة من الوشم على جسد المرأة، وهذه الرسومات تختلف باختلاف الأمور التى قد تستخدم من أجلها، وهناك وشم من الحنة، تستخدمه الزوجة فى عرسها من أجل التزيين، وهذا مباح، وهناك أيضًا رسومات من الحنة تتزين بها الزوجة لزوجها وهذا أيضًا مباح، نظرًا لأنه يزول بمجرد أن تغسل الزوجة يدها أو المنطقة التى وضعت فيها الرسم.
وأضاف الجنينى أن هناك بعض الرسومات التى تسمى بالوشم الجسدى، وهو عبارة عن غرز إبرة فى جسد الزوجة حتى يسيل الدم من يدها وبعد ذلك يتم دق هذا الوشم والذى لا يزول مع غسيل المنطقة بالمياه أو بعد فترة معينة، فهذا أمر غير مباح ويعتبر تغييرًا فى لون الجلد الذى جعله عليه الخالق.
والشرع حدد عددًا من الضوابط التى يجب أن تلتزم بها الزوجة عندما تضع هذه الرسومات، وهى ألا تكون هذه الرسمات عبارة عن إنسان أو ما شابه، وهذا غير مقبول، والاعتقاد بأن الوشم يجلب السعادة أو الحظ تخريف وشعوذة لا يعتد بها.
ويؤكد الدكتور هانى الناظر استشارى الأمراض الجلدية لـ"الزمان"، أن هناك حالات كثيرة تعرضت لتشوهات فى جسدها بسبب الرسوم بالحنة، وهذا ما جعلهم يعالجون فى عيادات الجلدية لشهور طويلة، فما بالنا بالوشم ووضع الإبر داخل الجلد؟ فهذا له تاثير خطير على الجلد، وقد يؤدى على المدى الطويل إلى أمراض سرطانية خطيرة، وذلك بسبب الالتهاب الحاد الذى يسببه الوشم فضلًا عن انتقال العدوى بأمراض الالتهاب الكبدى وفيروس الإيدز والزهرى، وقد تصل الأعراض إلى التأثير فى الحالة النفسية للموشوم فتؤدى إلى تغيرات سلوكية فى شخصيته.
وأشار إلى أنه من أجل إزالة هذا الوشم تجب إزالة هذه الخلايا، وهذه العملية تتم إما باستئصال الجلد فى منطقة الوشم أو بصنفرة البشرة بخاصة السطحى منها، وهذه الطريقة يؤخذ عليها احتمال ابيضاض المنطقة المعالجة بها، والإزالة باستخدام الليزر أو بعمل رسم فوق الوشم الأصلى غير المرغوب به إما بالجراحة أو بوشم احترافى.
الدكتورة منال زكريا أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة أوضحت لـ"الزمان" أن الحالة النفسية التى تجبر السيدات إلى الاندفاع وراء هذه التخاريف هى البحث عن السعادة نتيجة الملل الذى يتعرضن له والظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، مشيرة إلى أن هناك خدعا كثيرة ظهرت خلال السنوات الماضية بشأن العلاج بالوشم، وهذه الأمور كلها تخاريف، ومن يفعل هذه الأمور شخص عدوانى يتلذذ بضرر الآخرين.