جريدة الزمان

تقارير

الغربة فى زمن ”الكورونا”

العائدون من إيطاليا يقتلون أحبابهم بالوباء العالمى

-

قبل أن يفرض الاتحاد الأوروبى قيودًا على السفر من وإلى دوله وغلق المجال الجوى، لمدة 30 يومًا قابلة للزيادة، فى حالة عدم الوصول إلى حل للأزمة التى يعانى منها العالم أجمع، أتى محمود قادمًا من مدينة ميلان الإيطالية، التى أصبحت محظورة مغلقة خاوية على عروشها، مشتاقًا إلى أهله بعد أن توقف عمله وضاقت عليه غربته، وقلة حيلته وأصبح لا داعى إلى وجوده فى بلاد الغرب التى كان مهاجرًا إليها للتكسب.

وفى رحلة استمرت قرابة العام للبحث عن الرزق، وجلب المال من العمل فى الخارج، عاد محمود، قادمًا من ميلان إلى القاهرة، فى يوم 10 مارس، هاربًا من مدينة الأشباح الإيطالية "ميلان" التى أصبحت أول مدينة فى أوروبا تغلق أبوابها ويفرض على سكانها حجرًا صحيًا شاملًا، بعد تفشى فيروس كورونا بين سكانها، لتسجل إيطاليا أعلى نسبة إصابات فى أوروبا التى بلغ 24758 حالة كان نصيب ميلان الأكبر من هذا العدد التى وصل فيها إصابة 15113، ووفاة 1016 حالة.

وعاد محمود من مدينة الأشباح غير محصن من الإصابة بالوباء الذى لحق بها مؤخرًا، مشتاقًا إلى تراب وطنه الذى تغرب عنها لأجل البحث عن الرزق، ومرورًا الإجراءات الاحترازية التى تستخدمها وزارة الصحة فى المطارات للكشف عن فيروس كورونا، التى براءته من الإصابة، وصولًا إلى أحضان زوجته التى لم تعلم بحقيقة إصابته، وكان لها النصيب الأول من نقل العدوى، قبل انتشارها بين أهله وجيرانه.

لم تظهر على محمود، أعراض الإصابة بالفيروس، ولكن عقب مرور ثلاثة أيام من وصوله إلى منزله بدأ السعال، فأثار ذلك حفيظة الزوج وأرغمه الخوف من الإصابة إلى الإسراع فى عمل التحليل اللازم، ليفاجئ بسيطرة الفيروس عليه وإيجابية النتيجة.

وظن أن الأمر سيتوقف عليه فقط؛ ولكن تمدد المرض إلى زوجته التى شاء القدر أن يكون مكان عملها هو إحدى المدارس الكائنة بمنطقة سيدى بشر؛ لتبدأ أزمة الخوف والهلع فى قلوب أهالى الإسكندرية الذى خلقتها عودة محمود، من المدينة الأوروبية المربوءة، حتى وصلت سيارات العزل لكل من خالطوا الزوج والزوجة اللذين، تم نقلهما إلى مستشفى العزل بالنجيلة فى محافظة مرسى مطروح.

ساد الهدوء وأيقن الجميع أن الاهتمام بالصحة أصبح ضروريا للسلامة، بعدما بات على أولوية اهتمامات الدولة وهو ما ظهر واضحا فى فى التعامل مع تلك الأزمة، ليكلف فريق من مديرية الصحة بالإسكندرية، بعد هذه الحادثة التى تعد الأولى فى الإسكندرية، شوارع منطقة سيدى بشر شرق المحافظة، عقب اكتشاف الحالتين المصابتين بكورونا، كما جرى نقلهم إلى مستشفى الحميات، وبإجراء التحاليل اللازمة تبين إيجابية العينات المسحوبة منهما، وعلى الفور تمت إحالتهما إلى مستشفى العزل بالنجيلة فى محافظة مرسى مطروح.

وأوضح مصدر مسئول بمديرية صحة الإسكندرية، أنه بفحص المخالطين لمحمود وزوجته تبين أن شقيقتيه لحقت بهما الأعراض المصاحبة للفيروس، وتم نقلهما إلى الحجر الصحى، وبإجراء التحاليل اللازمة تبين إصابتهما بالفيروس، وعلى الفور تم نقلهما إلى مستشفى العزل بالعجمى، ليأتى ذلك وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة يوم السبت الموافق 14 مارس من الشهر الجارى.