جريدة الزمان

منوعات

تعرف علي حكاية قمر انسيلادوس وقرابته لكوكب زحل

كوكب زحل
سامية عبد القادر -

مثل اليوم 5 ابريل من عام 2014 -العلماء يكتشفون أنَّ أحد أقمار زُحل، وهو إنسيلادوس يتمتَّع بمحيطٍ من المياه السائلة أسفل سطحه المُتجمد

تعريف زحل

.زُحَل (رمزه: Saturn symbol.svg)، واسمه مشتق من الجذر "زَحَل" بمعنى تنحّى وتباعد. ويُقال إنه سمي زُحَل لبعده في السماء، أما الاسم اللاتيني فهو "ساتورن" وهو إله الزراعة والحصاد عند الرومان، ويُمثل رمزه منجل الإله الروماني سالف الذكر.

 

زحل هو الكوكب السادس من حيث البُعد عن الشمس وهو ثاني أكبر كوكب في النظام الشمسي بعد المشتري، ويُصنف زحل ضمن الكواكب الغازية مثل المشتري وأورانوس ونبتون. وهذه الكواكب الأربعة معاً تُدعى "الكواكب الجوفيانية" بمعنى "أشباه المشتري". يعدّ نصف قطر هذا الكوكب أضخم بتسع مرّات من نصف قطر الأرض، إلا أن كثافته تصل إلى ثمن كثافة الأرض، أما كتلته فتفوق كتلة الأرض بخمسة وتسعين مرة.

 

تعدّ الظروف البيئية على سطح زحل ظروفاً متطرفة بسبب كتلته الكبيرة وقوة جاذبيته، ويقول الخبراء إن درجات الحرارة والضغط الفائق فيه يفوق قدرة العلماء والتقنيات الموجودة على إعداد شيء مشابه لها وإجراء التجارب عليه في المختبرات. يتكون زحل بنسبة عالية من غاز الهيدروجين وجزء قليل من الهيليوم، أما الجزء الداخلي منه فيتكون من صخور وجليد محاطٍ بطبقة عريضة من الهيدروجين المعدني وطبقة خارجية غازية.

 

يُعتقد أن التيار الكهربائي الموجود بطبقة الهيدروجين المعدنية يساهم في زيادة قوة وجاذبية الحقل المغناطيسي الخاص بهذا الكوكب، والذي يقل حدة بشكل بسيط عن ذاك الخاص بالأرض وتصل قوته إلى واحد على عشرين من قوة الحقل المغناطيسي الخاص بالمشتري. سرعة الرياح على سطحه تقارب 1800 كم/س، وهي سرعة كبيرة جداً مقارنة مع سرعة الرياح على سطح المشتري.

 

يتميز زحل بتسع حلقات من الجليد والغبار تدور حوله في مستوى واحد مما يعطيه شكلاً مميزاً. يوجد واحد وستون قمراً معروفاً يدور حول زحل باستثناء القميرات الصغيرة، وقد تمّ تسمية 53 قمراً منها بشكل رسمي. من بين هذه الأقمار، يُعدّ "تيتان" القمر الأكبر، وهو كذلك ثاني أكبر قمر في المجموعة الشمسية، بعد "غانيميد" التابع للمشتري، وهو أكبر حجماً من كوكب عطارد، ويُعتبر القمر الوحيد في المجموعة الشمسية ذا الغلاف الجوي المعتبر.

 

كان جاليليو أوّل من رصد كوكب زحل عن طريق المقراب في سنة 1610، ومنذ ذلك الحين استقطب الكوكب اهتمام محبي علم الفلك والعلماء، فتمّ رصده عدّة مرات تحققت في البعض منها اكتشافات مهمة، كما حصل بتاريخ 20 سبتمبر سنة 2006، عندما التقط مسبار كاسيني هويغنز حلقة جديدة لم تكن مكتشفة قبلاً، تقع خارج حدود الحلقات الرئيسية البرّاقة وبين الحلقتين "ع" و"ي".

 

وفي شهر يوليو من نفس السنة، التقط ذات المسبار صورة ظهرت فيها الأدلة الأولى على وجود بحيرات هيدروكربونية في القطب الشمالي للقمر تيتان، وقد أكد العلماء صحة هذا الأمر في شهر يناير من عام 2007، وفي شهر مارس من ذات السنة، التقط المسبار صوراً إضافية كشفت النقاب عن بحار هيدروكربونية على سطح ذلك القمر، أكبرها يصل في حجمه لحجم بحر قزوين. كذلك كان المسبار قد ضبط إعصاراً يصل قطره إلى 8,000 كم في القطب الجنوبي لزحل في شهر أكتوبر من سنة 2006.

 

يظهر زحل بشكل متكرر في الثقافة الميثولوجية البشرية، ففي علم التنجيم يُقال إن زحل هو الكوكب الرئيسي في كوكبة الجدي، ويلعب دوراً كبيراً في التأثير على حظوظ مواليد برج الجدي عند مروره في فلكهم، وكان يُقال أنه يؤثر أيضاً على مواليد برج الدلو. كان للرومان احتفال سنوي يُطلق عليه اسم "ساتورنيا"، يُقام على شرف الإله "ساتورن".

أما عن أبرز التمثيلات الإنسانية لزحل في العصر الحالي: عملية زحل، أو عملية زحل الصغير، التي قام بها الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية على الجبهة الشرقية، وخاض خلالها عدّة معارك في شمال القوقاز ضد الجيش النازي. كذلك هناك بضع تقنيات أطلق عليها مبتكروها تسمية "زحل"، منها سيارات إطلاق الصواريخ الخاصة ببرنامج أبولو الفضائي، وشركة ساتورن المتفرعة عن شركة جنرال موتورز، بالإضافة إلى شركة ساتورن للإلكترونيات، وغيرها.

قمر أنسيلاوس

إنسيلادوس هو سادس أكبر أقمار الكوكب زحل، واكتشفه ويليام هيرشل في عام 1789م، ويبدو أنه يوجد ماء سائل أسفل طبقة إنسيلادوس الجليدية، وتطلق البراكين الجليدية في القطب الجنوبي نافورات ضخمة من بخار الماء، والمواد المتطايرة الأخرى، وبعض الجزيئات الصلبة (بلورات الثلج، كلوريد الصوديوم، وما إلى ذلك) في الفضاء (وإجمالي وزنها يصل إلى 200 كجم في الثانية الواحدة تقريبًا). بعض من هذه المياه يعود إلى القمر على شكل "ثلج"، وبعض منها يهطل على حلقات زحل، والبعض الآخر يصل إلى زحل نفسه، ويُعتقَدُ أن الحلقة إي كلها تكونت من هذه الجزيئات الجليدية، ونظرًا لوجود تلك المياه الظاهرة على السطح أو بالقرب منه، فقد يكون إنسيلادوس واحدًا من أفضل الأماكن التي يبحث فيها البشر عن حياة خارج كوكب الأرض، وعلى النقيض، فتلك المياه التي ظُن أنها موجودة على سطح قمر المشترى "أوروبا" حبيسة أسفل طبقة سميكة للغاية من الجليد.

 

عُرِفَ القليل جدًا عن هذا القمر الصغير إلى جانب اكتشاف الجليد المائي على سطحه، إلى أن مرت المركبتين الفضائيتين "فوياجر" بالقرب منه في أوائل الثمانينات، وأظهرت المركبتين أن قطر إنسيلادوس لايبلغ حجمه سوى 500 كيلو متر (310 ميل)، حوالي عُشر حجم "تيتان" وهو أكبر أقمار زحل، كما أنها أوضحت أنه يعكس تقريبًا آشعة الشمس كلها التي تصله، واكتشفت المركبة فوياجر 1 أن إنسيلادوس دار في أكثف جزء من الحلقة إي المنتشرة، مشيرةً إلى وجود علاقة محتملة بين الاثنين، في حين المركبة الفضائية فوياجر 2 أوضحت أنه على الرغم من صغر حجم القمر، كانت هناك مجموعة كبيرة من التضاريس الأرضية بدايةً من السطوح شديدة الانجراف التي تكونت منذ القدم، إلى التضاريس الأرضية حديثة التكوين المشوهة تكتونيًا، وبعض المناطق التي بها سطوح لايزيد عمرها عن 100 مليون عام.

 

كما أن المركبة الفضائية كاسيني-هويجنز كشفت عن سطح القمر وبيئته بمزيد من التفاصيل، عندما أدت العديد من رحلات الطيران المنخفض للقمر إنسيلادوس في عام 2005، ولاسيما عندما اكتشفت انبعاث عمودي غني بالماء نابع من منطقة القطب الجنوبي للقمر، ويبين هذا الاكتشاف، إلى جانب وجود تسرب في الحرارة الداخلية وعدد قليل جداً من الفوهات الصدمية (إن وُجدت) في منطقة القطب الجنوبي، أن إنسيلادوس، من الناحية الجيولوجية، نشط في الوقت الحاضر، وغالبًا ماتصبح الأقمار في أنظمة السواتل الفضائية الشاملة للكواكب الغازية العملاقة محاصرة في الرنين المداري، والذي يؤدي إلى مَيَسَان طولي أو انحراف مداري، ومن ثم، فإن القرب من الكوكب زحل، بإمكانه أن يؤدي إلى حرارة المد والجزر في باطن إنسيلادوس، التي تقدم تفسيرًا ممكنًا لهذا النشاط.

إنسيلادوس هو واحد من أصل ثلاثة من أجرام النظام الشمسي الخارجي إلى جانب البراكين الكبريتية لقمر كوكب المشتري "آيو"، والينابيع الحارة النيتروجينية لقمر الكوكب نبتون "ترايتون" حيث لوحظت الانفجارات النشطة، ويقترح تحليل للانبعاثات الغازية أن إنسيلادوس نشأ من مجموعة من المياه السائلة الجوفية والتي، بالإضافة إلى المواد الكيميائية الفريدة من نوعها التي عُثِرَ عليها في الانبعاث العمودي، زادت من التكهنات عن احتمالية أهمية هذا القمر في دراسات علم الأحياء الفلكي، واكتشاف هذا الانبعاث العمودي زاد من مصداقية النظرية التي توضح أن الحلقة (أي E) تكونت من المواد النابعة من إنسيلادوس، وفي أيار/مايو عام 2011، أفاد علماء بمؤتمر المجموعة البؤرية لمناقشة القمر إنسيلادوس أنه "بدأ يظهر كأكثر البقاع، خارج كوكب الأرض في النظام الشمسي، صالحة للحياة التي نعرفها".