جريدة الزمان

تقارير

غلق «السناتر».. كواليس حرب التعليم والأمن مع المدرسين

مي إبراهيم -

بدأت وزارة التربية والتعليم حربا ضروسا ضد المراكز التعليمية والدروس الخصوصية، باعتبارها من أكبر التجمعات التى قد توجد بيئة خصبة لانتشار الإصابة بالفيروس القاتل، حيث انطلقت الحملات الأمنية لإغلاق هذه المراكز.

ويأتى ذلك فى الوقت الذى لم يلتزم جميع المدرسين بالقرار حيث توجد أماكن خفية وغير معلنة بالإضافة إلى الدروس الخصوصية البعيدة عن المراكز المعلنة، كما أن بعض أولياء الأمور لم يهتموا بتحذيرات وزارة الصحة بالجلوس فى الأماكن المفتوحة وعدم الاختلاط داخل الغرف المغلقة، للحد من انتشار الفيروس المستجد، ولا زالوا يرسلون أبناءهم للدروس وهو ما قد يتسبب فى كارثة محققة إذا لم يتم مواجهة هذه الأزمة.

وقد شن عدد من أولياء الأمور بالمحافظات حملات تحذيرية على مواقع التواصل الاجتماعى من خطر الدروس الخصوصية والسناتر، بعد قرار تعليق الدراسة وهاجموا استمرار عمل المراكز، فى ظل المخاطر التى تحيط بالصغار والكبار، مطالبين بالتحرك الفورى لإغلاق مراكز الدروس التى تكتظ بالطلاب، دون وجود اشتراطات السلامة والصحة اللازمة، موجهين رسالة للمعترضين كان نصها : «لازم المدرسين توقف الدروس والسناتر فورا، صحة أولادنا مش لعبة، وخاصة بعد قرار تعليق الدراسة»، فيما انطلقت إحدى المبادرات المجتمعية لجمعية الإعلاميين العرب للتنمية، لحث أولياء الأمور والمدرسين على المشاركة المجتمعية فى التصدى للفيروس بمنع الدروس وحملت المبادرة –مثلما أكد أمين صندوق الجمعية، - حسن عبد السلام، عنوان "صحتك أغلى من حصتك"، مشيرا إلى أنه تم إطلاق المبادرة، فور إعلان قرار رئيس الجمهورية بتعطيل الدراسة، وذلك لكون مراكز الدروس أكبر تجمع وقد تنتشر بها الإصابة بين التلاميذ والمعلمين.

حماية النشء

وأشار عبدالسلام، إلى أن الجمعية أعلنت تأييدها للقرار، وناشدت أولياء الأمور بالحفاظ على أبنائهم وذويهم واتخاذ أقصى درجات الحماية للحفاظ على صحة أبنائهم، موضحا أن المبادرة تأتى فى إطار مساندة الدولة فى حربها ضد مراكز الدروس الخصوصية باعتبارها من أهم العناصر التى تحمل خطورة كامنة لانتشار الفيروسات والأوبئة، لافتا إلى أن المبادرة تعمل بجميع محافظات الجمهورية من خلال منسقين لها لنشر ثقافة الحفاظ على الصحة أغلى بكثير من ثمن الحصة التى قد تؤذى المجتمع.

الوعى مهم

وأوضح أمين صندوق جمعية الإعلاميين العرب للتنمية، أن المبادرة تستهدف الوصول إلى أقصى درجات الوعى فى ظل الظروف العصيبة التى تواجهها البلاد نتيجة انتشار الفيروس القاتل، كاشفا أن الجمعية تؤكد خلال مبادرتها على منع التجمعات بأنواعها والتأكيد على أهمية تطبيق هذه الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس، مشيرا إلى أن المبادرة يشارك بها عدد من المعلمين الذين أعلنوا تجميد أعمالهم داخل مراكز الدروس الخصوصية.

نتائج الحملات

وشهدت الساعات الماضية تنسيقا بين مديريات التربية والتعليم والأجهزة الأمنية فى المحافظات، لإغلاق المراكز التعليمية ومراكز الدروس الخصوصية، عقب إعلان توجيهات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، حيث قامت الأجهزة التنفيذية بمحافظتى القاهرة والجيزة، بإغلاق أكثر من 400 مركز تعليمي، حرصًا على الصحة العامة بمنع التجمعات الكبيرة للوقاية من فيروس كورونا وبالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم والجهات الأمنية بغلق كافة المراكز التعليمية، كما تم غلق 51 مركز و3 حضانات، بنطاق أحياء مصر الجديدة والنزهة وعين شمس والسلام ثان، بجانب غلق 7 مراكز بالسيدة زينب، و8 بحى الخليفه، و15 بحى مصر القديمه و9 بحى المقطم، و2 بدار السلام، أما البساتين فتم إغلاق 7 مراكز و4 جيم و12 مركز بحى المعادى و6 بطره و10 بحلوان، و3 مراكز بـ 15 مايو، و6 آخرين بالمعصرة.

أما فى الجيزة، فقد سارعت أحياء المحافظة بشن حملات مكثفة على جميع السناتر ففى الدقى تم غلق ما يقرب من 20 سنتر وفى العمرانية 16 مركزا وكذلك فى بولاق الدكرور، وتم مصادرة محتويات السناتر قبل تشميعها.

وفى الوادي الجديد، قرر اللواء محمد الزملوط، إغلاق جميع الحضانات ومكاتب تحفيظ القرآن، كما تم إغلاق 90 مركزا وتشميعها فى الغربية، وتحرير محاضر لهم، وفى القليوبية، قرر الدكتور جمال السعيد، رئيس جامعة بنها إلغاء المؤتمرات والندوات والاحتفالات والدوريات الرياضية، وفى السويس، أغلقت الأجهزة الأمنية 20 مركزًا للدروس الخصوصية، داخل حى السويس وفيصل.

ولم يقتصر الأمر عند هذه المحافظات فقط بل أغلقت الأجهزة الأمنية فى محافظة كفر الشيخ 400 مركزا للدروس الخصوصية، فى الحملة المكبرة التى قادتها الدكتورة بثينة كشك، وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، وفى بنى سويف، تم إغلاق 55 مركزًا للدروس الخصوصية، وجارى غلق باقى المراكز بالمحافظة والبالغ عددها تقريبا 250 مركزا، وفى المنيا، تم إغلاق 12 مركزا تعليميا فى أولى حملات يتم تنظيمها لإغلاق المراكز والسناتر التعليمية، فضلا عن غلق 34 مركز للدروس الخصوصية فى الشرقية و10 مراكز بالوحدة المحلية بالصالحية القديمة.

أما فى محافظة البحيرة، فقد انتشرت على صفحات التواصل الإجتماعى إعلانات لعدد كبير من المدرسين الذين استجابوا للحملات المجتمعية لوقف الدروس والعمل بالمراكز التعليمية، لفترة حرصًا على سلامة التلاميذ، وشنت مديرية الأمن حملة على مراكز الدروس الخصوصية لإغلاقها، وفى قنا، تم إغلاق 433 حصانة على مستوى مدن ومراكز المحافظة عن العمل لمدة 15 يومًا.

نتيجة حتمية

أيد الدكتور محمد فتح الله الخبير التربوي، قرار تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات، لافتًا إلى أن سرعة تفشى فيروس كورونا هى من أجبرت الدولة على غلق مراكز الدروس الخصوصية، مطالبًا بضرورة تفعيل هذا القرار للمدى البعيد، باعتبار أن الفيروس القاتل أرهق النظام التعليمى بالإضافة إلى التخوفات التى أرهقت أولياء الأمور، ولهذا يجب على المتخصصين والاقتصاديين دراسة هذه الظاهرة.

وأرجع سبب انتشار هذه المراكز التعليمية، إلى أن النظام التعليمى فى مصر به خلل وعدم توازن فالدولة لا تشرف على هذه المراكز خاصة غير المرخصة والتى تتسبب فى أزمات كثيرة، والتى من أبرزها عدم معرفة كيفية إدارة التعليم بها، مشيرًا إلى أن ما يزيد الأمر سوءً هو تحولها إلى مراكز إلكترونية، نظرًا لعدم وجود رقابة على ما يقدم بداخلها.

وأضاف أن قضية التعليم أمن قومى، وعلى وزارة التربية والتعليم التصدى لمثل هذه المراكز خاصة أنها ظاهرة سلبية تضر بالنظام التعليمى فى مصر، قائلًا: «إذا كانت هذه «المراكز» تخدم الطلاب كان من الأولى ترخيصها ولكنها تضر أكثر مما تفيد».

وشدد الخبير التربوى على ضرورة أن يكون لدى الوزارة خطط لمواجهة هذه الظواهر وتسمى بخطط مواجهة أزمة الدروس الخصوصية فالتعليم الغير جيد يؤدى لسقوط المجتمع واصفًا بأنه أخطر من الأرهاب، منوهًا إلى ضرورة تدريب الخبراء والمعلمين على استراتيجيات التعليم والبرامج التعليمية وأنظمة الامتحانات، بالإضافة إلى تدريب الطلاب على الأنشطة التربوية ومدى إسهام التكنولوجيا فى مواجهة الأزمة وفلسفة النظام التعليمى حتى يتم التحقق من المستهدف التعليمى .

وفيما يتعلق بالأزمة الكبرى الخاصة بعدم استجابة بعض المدرسين فى القرى والمحافظات لغلق مراكزهم حتى الآن، أوضح الخبير التربوى أنه لم يتم القضاء عليها بنسبة 100% وهو الأمر الذى يسبب خطورة، فلابد من وجود نظام أمنى وتعليمى يتحكم بهذه الظاهرة لإجبار الجميع على غلق جميع مراكز الدروس الخصوصية،

وأضاف قائلًا: «إذا استمر انتشار الفيروس، فيجب على وزارة التربية والتعليم لتأجيل الدراسة ومدها فصحة أولادنا أهم من التعليم ولكن هنا يجب أن نعرف كيف سيقوم الطلاب بتأدية الامتحانات ويقال أن هناك احتمالية باتمامها عن طريق الإنترنت نظرًا لأن هناك دول اعتمدت نتيجة الترم الأول بدون إجراء امتحانات فلا نعلم كيف سيتم الأمر فى مصر أم لا».