جريدة الزمان

فن

يعقوب صنوع صاحب الاوسمة الشرفية الذي هاجم الخديوي ومؤسس المسرح المصري

اليوم .. ذكري ميلاد رائد التأليف المسرحي الذي لم يمهله القدر لاانهاء ترجمة القرأن الكريم .. تعرف عليه

رائد المسرح الشاعر يعقوب صنوع
سامية عبد القادر -

يمثل اليوم ميلاد لرائد من رواد العمل المسرحي هو يعقوب روفائيل صنوع

ولد مثل اليوم (15 أبريل 1839 - وتوفي 1912)

معروف أيضا باسم چمس سانووا، يعد صنوع أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة، ومولير مصر كما أطلق عليه الخديوي إسماعيل. نشأته

ولد يعقوب صنّوع في القاهرة لوالدين مصريين مقيمين في مصر في حي الشعرية (حي شعبي )ديانتهم يهودية. وكان الابن الوحيد لأمه وأبيه بعد موت أربعة أطفال قبله،

وكذلك أيضا لقب الأسرة نفسها لأن لفظة "صنوع" (צנוע) تعنى رجل تقي وخاشع. كان والده مستشاراً للأمير يَكَن حفيد محمد علي باشا، ويروى أن يعقوب كتب قصيدة مدح في يكن الذي أعجب بها ولم يصدق أن فتى في الثالثة عشر من عمره هو الذي كتبها، فأبتعثه الأمير يكن لدراسة الفنون والأدب في إيطاليا على نفقته سنة 1853، ثم عاد يعقوب سنة 1855 ليعمل مدرسا لأبناء الخديوي يُدرِّس لهم اللغات والعلوم الأوروبية والتصوير والموسيقا. يروى أنه مات لوالديه أربعة أطفال بعد فترة قصيرة من ولادتهم، لذا فعندما حملت به كان يجيد ثلاثة عشرة لغة. التحصيل العلمي لقد أتقن منذ نعومة أظافره تعاليم التوراة وتوسع في وقائعها حتى ، ففقد والده، وكذلك الأمير الذي أحسن إليه، فتآسف عليهما كثيرا وبكاهما بكاء مرا.

بدايته عين في عام 1868 مدرسا في مدرسة الفنون والصناعات في القاهرة، وعضوا في لجنة امتحان المدارس الأميرية. كان بارعا في عدة لغات أهمها العربية والعبرانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية، مع إلمام بالأسبانية واليونانية والروسية والبرتغالية وغيرها.

وساعده تعلمه لتلك اللغات على تعريف العالم الأجنبى بآداب اللغة العربية والدراسات الإسلامية، فترجم قصائد من لغة الضاد أى العربية إلى اللغات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية، هذا بالإضافة إلى نشر دراسات عميقة من الآداب الإسلامية وبعض المقالات في الجرائد الإنجليزية، وفي بعض المجلات الفرنسية الكبرى، وبينما كان يطرى الحضارة الأوروبية في جرائد الشرق كان يكشف في الصحف الأوروبية عن جمال الشعر العربي وعمقه. ولقد أعجب الغربيون بفصاحة لسانه، وقوة حجته، وبراعته في نظم الشعر بلغاتهم مما أدى إلى زيادة روابط المودة والصداقة مع أكبر علماء زمانه في مصر وسوريا والغرب الأقصى والهند، فضلا عما أحرزه من إعجاب لدى عظماء الفرنسيين لابتكاره طريقة النثر المسجوع في اللغة الفرنسية كما هو شائع في اللغة العربية {نجد أيضا صحفا فرنسية أخرى قامت بمدحه ومنها : "الفيجارو"، و"لوجولوا"،و "هنرى الرابع" ،"و ابللستر اسيون"، و"لاجازيت دوبوربدو"}. وألف من هذا النوع مقالات شتى وخطبا عدة وله مؤلفات كثيرة غير ذلك. ولم يكتف أبو نظارة بذلك بل ألف ثلاث تمثيليات باللغة الإيطالية عن العادات المصرية لقيت نجاحا كبيرا على المسارح الإيطالية بالشرق.

وفي عام 1869 فكر يعقوب في تأسيس مسرح مصري تعرض على خشبته مسرحيات عربية متأثرا بما رآه في إيطاليا. وسمح له التنقل بين جميع فئات المجتمع من حرفيها وعمالها وجاليتها الأجنبية والطبقة الارستقراطية التعرف على كافة افراد الشعب المصري آنذاك واستفاد من ذلك في رسم شخصياته المسرحية الكوميدية.

ألف يعقوب صنوع مسرحيات قصيرة ممزوجة بأشعار وقام بتلحينها وعرضها في قصر الخديوى إسماعيل وأمام حاشيته من الباشوات فأعجبوا بها،

قرر يعقوب أن ينشئ فرقة مسرحية من تلاميذه وكان هو يلعب دور المدير والمؤلف والملحن والملقن، وعرض مسرحيته على منصة مقهى موسيقي كبير بحديقة الأزبكية بالقاهرة وكانت توجد في ذلك الوقت فرق تمثيل إيطالية وفرنسية تعرض أعمالها للجاليات الأوروبية في القاهرة، ونجحت مسرحيته نجاحا كبيرا. أنشأ بعدها يعقوب فرقته الخاصة لتقديم مسرحياته وفي فرقته ظهرت النساء لأول مرة على خشبة المسرح. ويرجع لقب موليير مصر إلى الخديوى إسماعيل الذي أطلق عليه ذلك الاسم وطلب منه ان يعرض مسرحياته على مسرحه الخاص في قصر النيل،

عرض يعقوب ثلاث مسرحيات هي (آنسة على الموضة) و(غندورة مصر) و(الضرتان)

وكانت مسرحيات كوميدية أعجب بهم الخديوي وسمح له بإنشاء مسرح قومى لعرض مسرحياته على عامة الشعب، وقد عرض على هذا المسرح أكثر من 200 عرض ل 32 مسرحية ألفها، إلى أن قدم مسرحية (الوطن والحريه) فغضب عليه الخديوي لانه سخر فيها من فساد القصر ثم اغلق مسرحه ونفاه إلى فرنسا فاستقر في باريس إلى آخر حياته. انشأ عددا من الصحف نذكر منها أبو نضارة التي اضطر إلى إعادة إصدارها باسم "أبو نظارة زرقاء"، ثم صحيفة الوطن المصري وأبو صفارة التي أيضا اضطر الي تغيير اسمها إلى أبو زمارة، وصحيفة الثرثارة المصرية. بسبب معارضته للسياسة المصرية في ذلك الوقت غضب عليه الخديو فأغلق مسرحه وأبعده إلى باريس.

وألتقى يعقوب أديب إسحاق في باريس وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وإبراهيم المويلحي وخليل غانم ثم مصطفى كامل وغيرهم. ثم واصل دعايته للقضية الوطنية بعد الاحتلال البريطاني لمصر،

فأصدر العديد من الصحف بالعربية والفرنسية وأخذ يتنقل في أوروبا للدفاع عن مصر واشترك في الحملات التي شنت على الخديوي إسماعيل والاحتلال البريطاني، وراسل أحمد عرابي في منفاه في جزيرة سيلان. حياته في باريس كان شاعرا ماهرا في ارتجال الشعر الفرنسي وروايته مُثقفا واسع الإطلاع عالما بشئون السياسة والفكر، وزاد عدد تلاميذه بباريس وقام بتدريس علوم الحساب والفلك والرسم، بالإضافة إلى اللغة العربية وأضاف إاليها اللغة الفرنسية. أستغل صنوع مواهبه وأسلوبه ومعرفته لأهم ما يدور في القاهرة في السعى وراء الدعاية لبلاده والجرى وراء مصالحها عن طريق وسائل الإعلام الأخرى كالخطابة والمحاضرات والندوات وقرض الشعر، حتى هز الرأي العام العالمي والأوروبي وكسبه إلى مناصرة الأزمة المصرية. أعماله الاجتماعية رغم أن صنوع كان ميالا للمسرح والتمثيل بطبعه، إلا أنه لم يجد بدا بعد إغلاق مسرحه الذي لم يستمر سوى عامين من أن يخلق متنفسا آخر لآرائه فأسس جمعيتين أدبيتين علميتين في سنة 1872 : الأولى: تم تسميتها "محفل التقدم" والثانية:"محفل محبى العلم" وتولى رياستهما. كان يقوم بإلقاء المحاضرات عن تقدم العلوم والآداب في الغرب بالإضافة إلى خطبه الثائرة التي كان يحملها بعض آرائه في السياسة والحكم وكان يشترك معه في إلقاء الخطب والمحاضرات بعض زملائه وأصدقائه من الأعضاء البارزين في الجمعيتين.
وزاد رواد الجمعية من المسلمين والنصارى واليهود، وأدى ذلك إلى تخفيف حدة العصبية الدينية، وإلى تكذيب الآراء التي كانت سائدة في الغرب عن التعصب الديني في مصر. ولم يهنأ صنوع طويلا بهاتين الجمعيتين إذ سرعان ما نجح الساسة الإنجليز في السعي لدى الخديوي بالدسيسة والوقيعة في إيهامه بأن "صنوع" اتخذ من الجمعية وكرا ومركزا للثورة على الخديوي وحكمه، فلم يجد الخديوي أسهل عليه من منع العلماء ورجال الجيش وطلبة الأزهر من "ارتياد هاتين الجمعيتين، فأغلقت الجمعيتان أبوابهما. وهكذا نجح إسماعيل في كبت وخنق المتنفس الثاني الذي التجأ إليه صنوع بعد إغلاق المسرح الذي كان يتمنى صنوع أن يقفز به عاجلا منه منبرا للحرية، ومرآة صادقة لأنين شعب ولسطوة حاكم. ولم يجد متنفسا له بعد ذلك إلا بإشتراكه مع بعض أعضاء الحزب الوطني وأفراد الشعب المتعلمين في ترجمة وطبع بعض البرقيات التي تأتي من أوروبا وكذلك بعض المقالات وتوزيعها بعد ذلك على أكبر مدى مستطاع لإظهار ما خفى من سياسة الخديوي ولم يكتف صنوع بذلك، بل كان يخطب في المجتمعات والندوات بالإضافة إلى كتابة بعض المقالات كلما كانت تحين له الفرصة، مما أدى إلى غضب الخديوي، وجهره بالتصريح برغبته في القضاء على هذا المُتمرد الثائر. الصحافة بدايته الصحفية سافر صنوع في سنة 1874 إلى أوروبا حيث بقى مدة يدرس فيها أحوالها السياسية وأخلاق شعوبها. لم يكن صنوع يعنيها عندما كان يكتب روايات مسرحه بل كان يكتب للسواد الأعظم من الشعب، وللطبقة الوسطى والدنيا... ولقد عانى صنوع في أول الأمر من جهل جمهوره من هذه الطبقة بالفن المسرحى مما جعله يلقى قبل العرض المسرحى خطابا، يشرح للجمهور فيه فكرة المسرحية ومغزاها الاجتماعى أو الأخلاقى مثلا. موضوعات مسرحياته لقد كان صنوع أشبه بالمغناطيس الحساس، سرعان ما يلتقط المشكلات والأحداث، حال وقوعها، ويتناولها بالمعالجة والتحليل في مسرحياته، على نحو ما نجد مثلا في : مسرحية "البنت العصرية " : حيث تناول مشكلة انسياق بعض الاسر وراء تقليد الغرب في التبرج وانغماس الفتيات والنساء في حياة اللهو والسهرات مبينا ضرر هذا الانقياد الأعمى للتقاليد الغربية وما يتبع ذلك من تفكك، وانتشار الانحلال والتصدع بين أفرادها. مسرحية "الضرتين": حيث تناول مشكلة تعدد الزوجات وأوضح بصراحة ما يترتب على ذلك من تفكك في الأسرة وتعاسة في المعيشة. وسخر أيضا من الباشوات والأمراء الذين يقتنون عددا كبيرا من النساء في قصورهم كما يقتنون الخيول والأثاث سواء بسواء. مسرحية "البورصة" : فقد عالج مشكلة الصعود والهبوط المفاجىء في الأوراق المالية وتأثير ذلك على مصالح الأسر وحياتها. مسرحية "العليل": كانت دعاية لمشروع افتتاح الحمامات الكبريتية ونصح للمرضى والمشوهين الذهاب إلى هذه الحمامات التي تشفى مياهها جميع الأمراض المستعصية. وإذا تتبعنا إنتاج صنوع بعد إغلاق مسرحه ونفيه إلى باريس سنجده يكتب لعبات تياترية ومحاورات تمثيلية تعالج أيضا مشكلات الساعة السياسية والاجتماعية وكذلك تنتقد التقاليد وما يحدث في المجتمع من نفاق وزيف. وشاية الحاسدين وغلق المسرح لقد كان للنجاح الذي أحرزه مسرح صنوع بالغ الأثر في دفع بعض أعداء المسرح المصري عامة، وصنوع خاصة وكان على رأسهم "درانيت باشا" مدير مسرح الكوميدى الفرنسي إلى السعى لدى الخديوى إسماعيل والايعاز إليه بفشل المسرحيات التي يقدمها مسرح صنوع وذلك طمعا في غلق المسرح المصري الوليد الذي كاد أن يكون منافسا خطيرا للفرق الأجنبية . الفن المسرحي عند صنوّع إلى جانب هاتين المشكلتين الرئيستين اللتين أثارهما صنوع في مسرحيته الأخيرة وهما : رأيه في الكوميديا وموضوعاتها.. وكذلك رأيه في نوع الحوار.. نستطيع أن نلاحظ بعض الظواهر الثابتة في معالجته لمسرحياته وأهمها. الشخصيات الثابتة. النهايات السارة. الحل السريع. الشخصيات الفردية التي تحكى الأحداث قبل ظهور الشخصيات. الأغاني تختم الفصول. الشخصيات الفردية : لقد نهج صنوع في تأليف مسرحياته، على إظهار شخصية فردية في بداية فصول المسرحية لسرد بعض أحداث المسرحية ولربط وقائع الأحداث.. أو لتكشف ما يحدث للشخصيات عندما تقترب أو تبتعد عن المسرح. فمثلا في مسرحية "الضرتين" بدأ الفصل الأول "بصابحة" زوجة أحمد بمفردها تحدث نفسها.. وهى ثائرة على زوجها الذي قرر بعد خمسة عشر عاما من زواجهما.. أن يتزوج من امرأة أخرى.. وتذكر لنا أنها لم تدخر وسعا لاسعاده.. ثم تستعرض لنا صفاتها ومزاياها لتثبيت لنا جدارتها. الشخصيات الثابتة : كان يغلب على بعض مسرحيات صنوع وجود بعض الشخصيات التي تقوم بادوار ثابتة مثل شخصية "الخادم البربرى" التي كانت متكررة في معظم مسرحياته.. بل لقد أفراد لها مسرحية بأكملها هي مسرحية "أبو ريده البربرى" ويظهر من خلالها شخصية الخادم النوبي المخلص المتفانى في الخدمة الذي يتكلم اللهجة النوبية الأصلية. النهايات السارة : لقد كان لحياة الشعب المصري.. وما يعانيه من قسوة في الحياة.. ومرارة العيش.. في تلك الفترة من حياة المسرح المصري.. بالغ الأثر في تحديد النهايات التي يختارها صنوع لمسرحياته.. فلقد حتمت حياتهم القاسية وأعبائهم المثقلة بالهموم والآلام من بطش الحكام، إلى الالحاج في طلب المزيد من المسرحيات الفكاهية.. أو الاجتماعية.. ذات النهايات السعيدة.. للتنفيس عن آلامهم وأحزانهم المكبوتة. ولقد كانت الفكرة التي عالجها صنوع في احدى مسرحياته الأولى وهى.. "البنت العصرية".. تقتضى منه أن تكون نهاية الفتاة التي تتبع التقاليد الغربية من مصاحبة الشبان.. ومغازلتهم.. حتى وجدت نفسها في آخر الأمر وقد انفض من حولها الجميع.. بعدم الزواج. وكان هذا هو الحل الناجح.. والنهاية الفنية للمسرحية.. لأن المؤلف أراد أن يوضح أن الفتاة المستهترة قد نالت عقابها. ولكن الجمهور الذي يميل إلى النهايات السعيدة.. لايرضى عن هذا الحل.. ويقابل المسرحية بالسخط.. ويطالب بتغيير نهاية المسرحية. وتزويج الفتاة من أحد الشبان بعد أن تعتذر عن خطئها. وأمام هذه الرغبة الجماهيرية

وجد صنوع أنه لا مفر من ايجاد النهاية السعيدة لكل مسرحياته حتى يرضى ذوق جمهوره. الحل السريع: من الملاحظ على فن صنوع الدرامى.. أنه كانة يلجأ دائما في مسرحياته إلى تعقيد المشكلة.. وتأزيم عقدتها طوال مشاهدة المسرحية حتى تبلغ مرحلة كبيرة من التأزم والتفاقم.. وأخيرا يلجأ إلى الحل السريع في المشهد الأخير.. ففى اللحظة الأخيرة في المسرحية.. يتضح الخفاء، ويعقبه على الأثر الزواج كما في مسرحية " الصداقة"، "أبو ريدة البربرى"، "الأميرة الاسكندرانية"، "البورصة المصرية"، ثم هناك الخاتمة السريعة أيضا لمسرحية " الضرتين" حيث تعود الزوجة الأولى لزوجها.. بعد أن تشتد الأحداث وتجبر الزوج على طردها. صنوع وموليير : ويعد صنوع في هذه الناحية تلميذا "لموليير".. الذي يعمل على وضع شخصياته في سلسلة من المواقف يقتضيها الكشف عن نواحى طبيعة الشخصيات فاذا انتهت هذه العملية واستيقن "موليير" من استيفائه تحليل شخصياته.

. سارع إلى حل العقدة على نحو مقتضب.. وهو يتقبل في معظم الأحيان ختام الكوميديات الإيطالية دون اكتراث.. ففى اللحظة الأخيرة في الكوميديات يتضح الخفاء، ويعقبه على الأثر الزواج كما هو الحال في مسرحية " مدرسة النساء"، "البخيل"، "مقالب سكابان". وكان صنوع يتبع أسلوب موليير أيضا في تنكر الشخصيات وكذلك كانت مسرحياته تصور مشاكل الممثلين.. ومشاكل الفرقة.. والبروفات.. بل ورأى صنوع في الكوميديا ولغتها.. ونوع المسرحيات التي يجب على المؤلف أن يتناولها بالشرح والمعالجة.. وغير ذلك من المشاكل والأفكار.. التي تناولها من قبله موليير في مسرحية "ارتجالية فرساي". ونجد اتفاقا أيضا بين كلا من موليير وصنوع.. على موضوع الكوميديا.. فيذكر موليير أن مسرحياته مرآة صادقة صافية لحياة الناس وما يكون لهم من الأخلاق.. وما يصدر عنهم الأقوال والأعمال. ويرى صنوع أن الكوميديا تشتمل على ما يحصل ويتأتى بين الناس. ولكننا نجد إلى جانب هذه الآراء في مسرحية صنوع بعض الآراء الأخرى التي لم يتعرض لها موليير مثل مطالبة الممثلين برواتب لهم أسوة بممثلى فرقة "الكوميدى الفرنسية".. وكذلك مشكلة الاعلانات اللازمة للمسرحية.. وهذا يدل على وجود بعض الخصائص الفريدة التي أملتها عليه ظروف مسرحه.. لأن مهاجمة الكاتب الايطالى له ليس اختلاقا مثلا.. ومطالبة الفرقة بالأجور ليس هزلا.. وكذلك منافسة "درانيت" وعلى مبارك "لمسرحه والسعى لاغلاقه ليس من الادعاءات الكاذبة.. كل ذلك يثبت أن صنوع لم يقتبس من موليير فكرته المسرحية.. ولكننا لا نستطيع أن ننكر أنه تأثر بروحها العامة.. ثم كتب مسرحية مصرية تصور روح الفرقة المصرية الجديدة.. مدبجة بالوقائع والأحداث الحقيقية التي حدثت له بالفعل. ختام الفصول: لقد نهج صنوع في إنهاء فصول مسرحياته بأغنية قصيرة تلخص أحيانا أحداث الفصل الذي مثل.لتوضيح الفكرة في أذهان الجمهور الذي كان يميل بطبعه للأغانى.. وكذلك لتقوم بعملية الربط بين أحداث الفصول.. على نحو ما نجد مثلا في مسرحية " الضرتين" التي تنتهى بأغنية يلقيها الزوج "أحمد" بعد أن عادت إليه "زوجته الأولى". اللى بده يجعل عيشته مره يدخل على أم ولاده ضره أما اللى بده يعيش فرحان ما يعملوش قلادة من النسوان وهذه الأغنية كما تبدو تلخص أحداث المسرحية، بل وتعد نصيحة خاصة ودرسا اخلاقيا للجمهور. الشخصية الشعبية: لقد كانت الصفة الغالبة على جميع أعمال صنوع المسرحية سواء الممثلة أو التي نشرها في الصحف باسم "لمعيات" هي تمسك صنوع باختيار الشخصيات الشعبية من بين شخصيات المجتمع، وكانت لشخصية "الفلاح المصرى" أولى هذه الشخصيات التي اختارها لأنها كانت تمثل شخصية السواد الأعظم من الشعب الذي كان يعيش بعظمة على الزراعة في تلك الفترة. فكان صنوع يحسن اختيار الشخصيات الشعبية وانتقائها من طبقات الشعب الكادحة.. تلك الطبقة التي كان يهمه أمرها لأنها الطبقة التي تشاهد في مسرحه.. وتقرأ صحافته بعد أن أغلق مسرحه.. وهكذا استمر صنوع طيلة حياته يتخاطب بلسان هذه الطبقة الشعبية وينادى بمطالبها.. ويحافظ على حقوقها.. ويغلظ في تقديم النصح والإرشاد والموعظة لها في أحيان أخرى..

بل وأنار السبيل أمامها بنقده للهيئة الحكومية.. كما في مسرحية الضرتين مثلا. من خلال أعمال يعقوب صنوع ونشاطه في المجال المسرحى،

نرى أنه لم يدع مجالا، أو بابا إلا طرقه، فتناول المشاكل الاجتماعية والأخلاقية والسياسية حتى إذا ما أغلق الخديوي إسماعيل مسرحه الذي كان ينشر فيه تعاليمه ومبادئه، بدأ يواصل حملته العنيفة في الصحافة على شكل " لعبات" كما كان يسميها، بالإضافة إلى المحاورات التي كانت أيضا أسواط عذاب يجلد بها الحكام والاقطاعيين منددا بأعمالهم الشائنة على صفحات مجلاته التي عجز الخديوي من الجامها، والوقوف في سبيلها..

مما جعل المؤرخون والكتاب الممالئين للأسرة الحاكمة أن يتغاضوا في كتاباتهم. عن عمله في إهمال ذكر مآثر هذا الرجل، وتجاهل أنه كان رائد المسرح المصري الأول، وحافل لوائه، حتى أننا نجدهم من شدة اغفاله واغماط حقه يقدمون "مارون نقاش" عليه ويعتبرونه رائدا للمسرح المصري والعربي رغم تباين الاتجاهين. وظل الحال إلى أن قامت الثورة المباركة عام 1952 وأطاحت بالظلم المتجسد في الحكام من أسرة محمد علي، وبدأت البذور الوطنية تطفو وتتبلور وتتضح، وبدأت توزع الحقوق على مستحقيها حتى في مجال الأدب والفن، من مسرحياته ألّف يعقوب مسرحيات كان يحملها بالنقد الاجتماعي والسياسي لمجتمع مصر في زمانه. من تلك المسرحيات: "موليير مصر وما يقاسيه" ثلاث مسرحيات قام بتمثيلها مع فرقته على المسرح الخاص بسراى الخديوى إسماعيل في "قصر النيل" فقاموا بتمثيل ثلاث روايات وهم "البنت العصرية" و" الضرتين" و" غندورة مصر". "بورصة مصر" "العليل" "أبو ريدة البربرى ومعشوقته كعب الخير" "الصداقة" "الأميرة الاسكندرانية" "مدرسة النساء" "البخيل" "مقالب سكابان" "الأولاد بيسوقوا الشيطنة، والبنات بتسوق عليه الدلاعة" حكم قراقوش الدخاخني سلطان الكنوز شيخ الحارة الوطن والحرية زمزم المسكينة شيخ البلد الجهادية القرداتي آنسة على الموضة تيجان الكفاح لم يكن المسرح والصحافة أو القاء الخطب والمحاضرات

هى كل ما يشغل بال صنوع بل انه كان شعلة من النشاط.. فألف وترجم الكثير من الكتب التاريخية والأدبية بلغات مختلفة كاللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، هذا بالإضافة إلى قيامه بترجمة جزء من القرآن إلى اللغة الإنجليزية، ولم تواته الظروف لتكملته لمرضه في سنة 1910،

وكذلك كتابة مجموعة أشعار باللغة الإيطالية، إلى جانب كتابته رسالة لطيفة عن الدستور العثماني بالشعر والنثر المقفى. قام بإصدار اثنتى عشرة صحيفة واحتفل في عام 1905 باليوبيل الخمسينى لدخوله في سلك الصحافة والأدب فكان أول صحفى عربى نال الكرامة والتكريم قبل وفاته.

االأوسمة التي حصل عليها

لقد نال يعقوب من رؤساء الحكومات والملوك الكثير من وسامات الشرف التي زين بها صدره، والتي تشير إلى علو مركزه وسمو منزلته الأدبية عندهم ،وكان من الأوسمة التي نالها :

1- ما هو في الدرجة الأولى مثل وسام(النجوم الثلاث) من السيد برغش سلطان زنجبار. 2- أما وسامات الدرجة الثانية فقد نال منها وسام (سان ماينو) من رئيس جمهورية (سان ماينو) بإيطاليا..

هذا بالإضافة إلى وسامات الدرجة الثاثة والرابعة والخامسة من عدد كبير من الملوك والرؤساء.

الألقاب التي حصل عليها تم منحه كثير من الألقاب منها :

"موليير مصر" : اللقب الذي أطلقه عليه الخديوي إسماعيل على أثر حضوره تمثيل بعض روايات من تأليفه. "صديق السلام" نال هذا اللقب في سنة 1891 عندما زار صنوع السلطان عبد الحميد الثاني في القسطنطينية. صديق فرنسا 'شاعر الملوك الوطني المخلص المنفي المصري

هذا بالإضافة إلى الألقاب الأخرى التي كانت تنهال عليه تقديراً لمجهوده وخدماته للملوك والرؤساء. وفاته بقي يعقوب صنوع منفيا في أوروبا إلى أن توفي في 1912 في فرنسا .