الزمان
جريدة الزمان

تقارير

فى ذكرى تحرير «أرض الفيروز» الـ38

معارك عسكرية ودبلوماسية تعيد «أرض الأنبياء» إلى أحضان المصريين

منى عيسوي -

خير أجناد الأرض يرابطون لحماية الأرض وصيانة العرض

«شاهد على العصر» يقصون كواليس الصراع الإسرائيلى فى أرض سيناء

استراتيجيون: من يمتلك شبه الجزيرة يتحكم فى التجارة العالمية

يعد يوم 25 أبريل من كل عام ذكرى أهم حدث فى مصر، لأنه يتزامن مع عودة الأرض التى بمثابة العرض للشعب، التى احتفل فيها الجميع بعودة آخر شبر فى أرض الفيروز من المحتل المغتصب، ليكون عيد "تحرير سيناء" يوما مشهودا انتهى فيه الاحتلال الإسرائيلى بعد أن خرج العدو من أرض سيناء عام 1982 ثم تم التحرير الكامل من أرض طابا فى شهر مارس 1988، بعد أن احتلها العدو الصهيونى منذ عام 1967.

الحروب خاضتها مصر

خاضت مصر بعد احتلال سيناء حروب عديدة من أجل استعادة الأرض، بدأت بحرب الاستنزاف عام 1969 التى تسببت فى وقوع خسائر فادحة للعدو فلجأ للانتقام وقام بمذبحة مدرسة بحر البقر الشهيرة فى محافظة الشرقية.

وعام 1970 قدم وزير الخارجية الأسبق وليام روجرز، مبادرة لوقف إطلاق النار بين القوات المسلحة المصرية والقوات الإسرائيلية، ثم خاضت مصر حرب أكتوبر عام 1973، وانتصرت بعد اقتحام خط بارليف الذى قالت عنه إسرائيل إنه مستحيل اختراقه.

كامب ديفيد

عام 1977 طرح الرئيس الراحل محمد أنور السادات معاهدة كامب ديفيد، والتى تم توقيعها بين مصر وإسرائيل فى سبتمبر 78.

المفاوضات بعد حرب أكتوبر

قضى مجلس الأمن فى 22 من أكتوبر عام 73- وصدر فى القرار رقم 338 من مجلس الأمن- بوقف الأعمال العسكرية بين القوات المسلحة المصرية وإسرائيل، ووافقت مصر ونفذت القرار بينما لم تلتزم إسرائيل، ولكن مجلس الأمن أصدر قرارا آخر فى الـ23 من أكتوبر بضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار بين جميع الأطراف، وتوقفت عملية إطلاق النار فى الـ28 من أكتوبر.

وقف إطلاق النار

تم توقع اتفاقية بين القوات المسلحة المصرية وإسرائيل فى الـ11 من نوفمبر، تقتضى وقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى السويس، وتولت قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطرق، وتبادل الأسرى والجرحى، وعرفت بمباحثات "الكيلو 101"، والتى مهدت لإقامة سلام فى المنطقة بين مصر وإسرائيل.

عام 1975 وقعت مصر وإسرائيل اتفاقا استردت مصر بموجبه 4500 كيلو متر من أرض سيناء، على أن الوسائل السلمية هى التى ستقضى على النزاع فى الشرق الأوسط، وليس القوة العسكرية.

نوفمبر 1977 أعلن أنور السادات، رغبته فى الذهاب إلى إسرائيل، خلال زيارته للقدس، وزار الكنيست، وأكد الرئيس السادات، أن تحقيق أى سلام بين مصر وإسرائيل دون وجود حل عادل للقضية الفلسطينية، لن يحقق السلام العادل، الذى ينشده العالم كله.

مبادرة الرئيس السادات نتج عنها 5 أسس لتحقيق السلام وهى، إنهاء حالة الحرب القائمة فى المنطقة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية التى احتلت عام 1967، فضلا عن التزام كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بشكل سلمى، والحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى فى تقرير المصير بما فى ذلك حقه فى إقامة دولته.

كما نتج عن المبادرة، أنه من حق كل دول المنطقة العيش فى سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتم الاتفاق عليها، ثم تم توقيع اتفاقية كامب ديفيد فى الـ18 من سبتمبر عام 1978 فى البيت الأبيض.

المساعى الدبلوماسية

بدأت حرب من نوع آخر وهى السعى الدبلوماسى لاستعادة الأرض، تم وضع جدول زمنى لانسحاب إسرائيل من سيناء طبقا لمعاهدة السلام، ثم فى الـ26 من مايو 1979 تم رفع العلم المصرى على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام.

ثم انسحبت إسرائيل فى 26 يوليو 1979 من سيناء مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع من أبوزنيبة حتى أبوخربة، وفى 19 نوفمبر 1979 تم تسليم وثيقة تولى محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام.

انسحبت إسرائيل فى 19 نوفمبر 1979 من منطقة سانت كاترين ووادى الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومى لمحافظة جنوب سيناء، وفى 25‏ أبريل‏ 1982‏، تم رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء، وبهذا الشكل تم الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً.

ولكن ظلت هناك مشكلة أخيرة وهى "طابا"، التى تفجر الصراع عليها عام 1982، وأعلنت مصر أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية والتى تنص على، أنه يتم حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وفى حالة عدم الوصول إلى حل الخلافات عن طريق المفاوضات يتم حلها بالتحكيم.

وأعلنت إسرائيل موافقتها على التحكيم فى 1986 م، وفى 30 سبتمبر 1988 م، أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، والتى حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية.

ورفع الرئيس الأسبق الراحل محمد حسنى مبارك فى 19 مارس 1989م، علم مصر على طابا المصرية معلناً عودة طابا مصرية.

انتصار مشهود

أكد اللواء عادل العمدة المستشار فى أكاديمية ناصر العسكرية، أن سيناء اليابس الوحيد الذى يربط القارات القديمة بعضها ببعض، لافتا إلى أنها تربط قارة أسيا بأفريقيا لذلك فإن سيناء هى المعبر الرئيسى فى المنطقة، حيث إن حجم التجارة العالمية التى تمر منه كبير جدا ومن يتحكم فى هذا المعبر يسود منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بأكملها وبالتالى يتحكم فى حجم التجارة العالمية ويزود من فرص استثماراته.

وأضاف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أنه بسبب هذه المكانة الضخمة لسيناء عملت إسرائيل جاهدة لتحقيق عقيدتها وهى من النيل للفرات وهى سيناء، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تحاول أن ترسخ لنفسها قدما فى تأكيد وجودها بالمنطقة من خلال احتلالها سيناء، لذلك أغلب الحروب التى خاضتها مصر كانت تأتى من الشمال الاستراتيجى للشمال الشرقى ومدخله سيناء.

وأوضح اللواء العمدة، أن سيناء تتميز بثروات طبيعية فضلا عن حجم السياحة المختلفة سواء السياحة الدينية أو الترفيهية أو سياحة الغطس أو المؤتمرات أو العلاجية أو التاريخية، وتابع، كما أن هناك عددا من المحاجر والمواد الطبيعية بأسعار مختلفة وبكميات كبيرة مثل البترول والذهب والجرانيت وغيرها من النباتات الطبيعية الطبية، حيث إن المولى أنعم على مصر بكل هذا الخير لذلك هى مطمع بكل المقاييس لكل الأديان.

وأشار اللواء عادل العمدة، إلى أن المعبر الرئيسى للسيد المسيح كان من سيناء، وكذلك سيدنا موسى عندما ضرب البحر الأحمر وذهب إلى سيناء للوصول إلى الجزيرة العربية، مضيفا أن جميع الأنبياء مروا بسيناء حتى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أسرى به وعرج من سيناء إلى السماء العلى.

ولفت إلى أن سيناء مطمع للعالم ولكل الغزاة بغرض الحصول على مواردها ومكانتها الدولية، موضحا أن هناك معركة دبلوماسية تلت المعركة الحربية حتى وصلنا إلى تحرير جزء كبير من سيناء عام 1982 حتى العريش، لذلك فإن الملحمة التى عزفتها الدبلوماسية المصرية كانت بارعة واستعادت الأرض بعد أن انتصرت القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر 1973.

وقال اللواء أركان حرب نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، ومستشار فى أكاديمية ناصر العسكرية، إن مهمته الرئيسية فى حرب أكتوبر 1973 جمع المعلومات عن العدو والكشف عن نقاط ضعفه وقوته، مشيرا إلى أنه كان قائدا لأول مجموعة عملت خلف خطوط العدو فى حرب أكتوبر.

وأضاف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أنه قام بجمع المعلومات حول جميع الملاجئ والمعلومات المتعلقة بـ"خط بارليف" وهو الساتر الترابى الذى وضعه العدو لمنع القوات المصرية من المرور، لافتا إلى أنه تم كشف جميع التفاصيل الداخلية للعدو حتى أصبحت الضفة الشرقية لقناة السويس واضحة المعالم أمام الجيش المصرى.

وأكد اللواء نصر سالم، أن أهالى سيناء كان لهم دور عظيم فى ذلك الوقت، حيث إنهم كانوا يتعاونون مع القوات، ولم يقل دورهم عن الجنود، من حيث الوطنية والشجاعة، واستمر دورهم منذ حرب أكتوبر حتى تحرير سيناء، بتقديم المساعدات الممكنة وإخفاء الجنود عن أعين العدو ودورياته، مضيفا أن أهالى سيناء كانوا يدا واحدة ورفضوا الاحتلال الإسرائيلى رغم محاولة الإسرائيليين الدائمة للضغط عليهم سواء بالإغراءات المادية أو توفير الكثير من حاجاتهم، أو بالتعذيب والتنكيل بهم لعدم تقديم يد المساعدة للقوات المسلحة المصرية.

وأوضح اللواء سالم، أن جميع ما يملكه العدو من مطارات وتحصينات كانت أهدافا سهلة تم ضربها بعد الكشف عنها للقيادة العامة للقوات المسلحة، موضحا أنه كان مسئولا عن دوريات كانت تستطلع من أعلى الجبال فى منطقة تسمى عيون موسى وسدر الحيطان وجبل المر.

وأشار إلى أنه، رغم تحقيق نصر أكتوبر العظيم وعبور القناة استمر وزملاؤه فى مهامهم وهى إبلاغ القوات بتعليمات القيادة، موضحا أنه فى ذلك الوقت كان يصعب الاتصال بالقوات خصوصًا عند تغيير الخطط.

وأوضح اللواء ثروت النصيرى مستشار فى أكاديمية ناصر العسكرية، أنه كان قائد سرية المشاة فى حرب أكتوبر 1973، لافتا إلى أن مهمته كانت العبور إلى الضفة الشرقية للقناة، بواسطة ركوب القوارب المطاطية، ثم العبور إلى قطاع القنطرة وتسلق الساتر الترابى.

وأضاف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أنه من ضمن مهامه تدمير دبابات العدو التى تواجههم خلال مرحلة العبور، مشيرا إلى أن تحرير سيناء جاء نتيجة أعمال بطولية بدأت منذ حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر.

وأوضح اللواء ثروت النصيري، أن ما تم من نصر فى حرب أكتوبر كان معجزة حققت حلم الشعب فى استرداد سيناء مرة أخرى، مؤكدا أن استرداد أرض سيناء كان أمرا صعبا تم بجهود الجنود ودماء الشهداء الذين روت الأرض حتى تحقق النصر، فضلا عن شعب سيناء العظيم الذى ساعد القوات المسلحة فى معركته ضد العدو.

ولفت اللواء النصيري، إلى أن القوات المسلحة المصرية لديها عقيدة راسخة وهى الشهادة أو النصر، موضحا أن الجنود البواسل حققوا لمصر النصر والكرامة بعد أن استردوا أرض سيناء الغالية ورفعوا العلم المصرى على أرضها.

وأكد أن الجيش الإسرائيلى كان دائما يتحدث عن أنه أسطورة وجيش لا يقهر، وتابع، لكن الجيش المصرى أثبت للعدو الإسرائيلى وللعالم أن القوات المسلحة المصرية هى التى لا تقهر والأرض بالنسبة لهم هى العرض.

وأضاف اللواء النصيري، أن سيناء شهدت الكثير من عمليات التطهير من العناصر الإرهابية حتى أصبحت آمنة وبعد أن كانت العمليات الإرهابية تحدث باستمرار أصبحت الآن نادرة الوقوع، موضحا أن عمليات التنمية التى تشهدها سيناء والمشروعات العملاقة التى تحققت فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، كانت سببا فى المظهر العظيم واللائق لسيناء فى الفترة الحالية.

slot online