جريدة الزمان

تقارير

أزمة مصنع كليوباترا للأسمنت… العمال يستغيثون.. والإدارة: ربطنا الحافز بالإنتاج فاعتصم العمال وامتنعوا عن العمل

-

أزمة يعيشها مصنع كليوباترا للأسمنت بمحافظة المنيا منذ يناير عام 2019، تسببت في انخفاض إنتاجه، فمنذ استحواذ الشركة الجديدة "إعمار للصناعات" على المصنع من شركة أسمنت حلوان ودبت الخلافات بين الإدارة الجديدة والعمال نتيجة اتخاذ الإدارة الجديدة عددا من القرارات التصحيحية لتخفيض المصروفات بسبب الخسائر التي لحقت بالمصنع مؤخرا، وتسببت في بيعه.
وخلال الفترة الأخيرة أثير الجدل حول حقيقة الأوضاع داخل مصنع كليوباترا، خاصة بعد الشكاوى المتعددة من العمال، وانتشار الشائعات بعد أحداث فيروس كورونا بأنه تم تخفيض العمالة، في ظل تأكيد الحكومة على الاحتفاظ بالعمالة وكامل حقوقها خلال الأزمة الحالية.
رصدنا أوجه الخلاف مع عمال المصنع، واستمعت لهم، وواجهنا إدارة المصنع بالمشكلة للتحقق من حقيقة الأمر والوصول إلى حلول والحفاظ على حقوق العمال، وضمان استمرار عجلة الإنتاج.
قال حشمت جابر – أحد العاملين المتضررين بالمصنع- في حديثه لنا، إن شركة أسمنت بورتلاند حلوان التي ما زالت قائمة وتمارس نشاطها كلفتنا بالعمل بإحدى مواقعها وهو مصنع أسمنت المنيا باعتباره أحد المواقع التابعة لتلك الشركة، وليس باعتباره شركة منفصلة ذات كيان قانوني مستقل.
وأوضح أن العمال مرتبطين مع شركة أسمنت بورتلاند حلوان بعقد عمل دائم منذ تاريخ تعيينهم بالشركة طبقا للأوراق والمستندات التي تثبت علاقة العمل بيننا وبينها، وقامت شركة أسمنت حلوان بتوقيع عقد بيع مصنع أسمنت المنيا إلي شركة إعمار للصناعات.
وأضاف أنه تم عقد جمعية عمومية وافقت على مشروع التقسيم وإنشاء شركة جديدة أطلق عليها اسم شركة كليوباترا لصناعات مواد البناء، وتم فصل مصنع أسمنت المنيا عن الشركة الأساسية شركة أسمنت حلوان وتم ضمه إلي تلك الشركة.
ولفت "حشمت" إلى أنه منذ تاريخ الفصل وبيع المصنع إلى شركة إعمار للصناعات واستلامها إدارة المصنع بداية فبراير ۲۰۱۹، قامت الشركة الجديدة بإهدار حقوق العاملين، والتي تمثلت في التنصل من كافة حقوق العمال الواردة في اتفاقية العمل الجماعية بين العاملين وشركة أسمنت حلوان والمؤرخة في أكتوبر ۲۰۱۸، والمقيدة بسجلات الإدارة العامة لفض منازعات العمل الجماعية تحت رقم ۲۰ لسنة ۲۰۱۸، والمنشورة في العدد رقم ۲۰۸ (تابع) من الجريدة الرسمية بدعوي أن تلك الاتفاقية غير ملزمة لها، وقد أفاد احد المسئولين في شركة اعمار للصناعات في محضر رسمي مسجل في مكتب عمل سمالوط بأن تلك الاتفاقية غير ملزمة لشركته.
وفي نفس السياق أوضح سيد خليل – أحد عمال المصنع – أنه بتاریخ 5 مايو ۲۰۱۹ وعند استلام مرتباتنا الخاصة بشهر إبريل والمتأخرة أكثر من 7 أيام، فوجئنا بتحويل الأساسي فقط دون حوافز الانتاج، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الأن يتم إعطاء العاملين الراتب الأساسي فقط دون حافز الانتاج.
وأشار "خليل" إلى أنه تم وقف كافة الخدمات والرعاية الطبية الخاصة بالعاملين وأسرهم، ووقف سداد الأقساط الخاصة بوثيقة التأمين والتي كانت تصرف في حالة العجز أو الوفاة أو الخروج بالمعاش القانوني، وإلغاء مكافأة أشهر المناسبات التي كان يحصل عليها العاملين في المناسبات الآتية: (شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى وبدء العام الدراسي).
وأضاف "خليل" أن الشركة منعت توزيع الوجبات التموينية الشهرية، وعدم صرف العلاوة الخاصة بتقييم الأداء والتي كانت تصرف بمرتب شهر يناير طبقا للائحة العمل الداخلية.
ورفضت الشركة منحنا مستندات الراتب منذ فبراير ۲۰۱۹ حتي لا نعرف الاستحقاقات والاستقطاعات، مؤكدا أن حقوقهم مهدرة ومستقبلهم تم تدميره فضلا عن الأضرار الأسرية والاجتماعية الجسيمة.
ومن جانب أخر واجهنا المهندس ياسر الدسوقي رئيس مجلس إدارة المصنع ومحافظ أسيوط الأسبق، بمشكلات العمال للرد عليها وتوضيح الحقائق، حيث أكد أن الشركة أوفت بمستحقات العاملين منذ اللحظة الأولى من استحواذ الشركة على المصنع من شركة أسمنت حلوان ونحن نلتزم بكافة القوانين واللوائح المنظمة لعلاقة العامل برب العمل، تماما كما نتعامل مع أبنائنا العاملين لدينا في كافة استثماراتنا الأخرى إلا أن اجراءنا بعض التعديلات على جزء من المزايا التي كان يحصل عليها بعض العاملين بالمصنع قد قوبلت بالكثير من أعمال التخريب والتدمير والاعتصام.
وأكد أن هناك العديد من المزايا التي كان يحصل عليها العاملين وهذه المزايا والمنح شكلت عبئا ثقيلا فيما ممضى مما جعلت المصروفات تفوق الإنتاج وبالتالي زادت التكلفة وقلت المبيعات وحققت الشركة خسائر فادحة.
وتابع: قمنا بتقديم كافة المزايا للعاملين ولكن بطريقة مختلفة للموازنة بين التكلفة الباهظة التي تمثل عبء على الشركة، وعدم منع ميزة اعتاد عليها العاملين؛ ولكن رفض العاملون تلك المزايا، موضحا أن الخدمة الطبية علي سبيل المثال كان قد اعتاد عليها العاملون سابقا في صورة تقديم فواتير طبية وصرفها دون أي تحقق من صحتها، ولكن بعد استحواذنا على المصنع تم التعاقد مع شركة مرموقة في تقديم خدمات الرعاية الصحية وبالفعل حضر ممثل تلك الشركة واجتمع مع العاملين في حضور ممثل القوي العاملة ولكن العاملين رفضوا التعاون وتقديم صورهم الشخصية لاستخراج كارنيهات الخدمة الطبية؛ تمسكا منهم بمبدأ صرف فواتير الرعاية الطبية دون التأكد من صحتها ومدى أحقية صرفها.
وأوضح أنه من الأمثلة الأخرى التي تثبت اهتمام الشركة بالعمال، أن الشركة السابقة كانت تقدم للعاملين شنطة بها بعض السلع التموينية (زيت وسكر وسمن …إلخ) وبالرغم من أننا غير ملزمين بالمرة بتقديم هذه الشنطة للعاملين، إلا أننا ومن باب تحفيزهم على الإنتاج وعدم قطع منحة اعتادوا عليها لسنوات طويلة قمنا بتوزيع الشنط بنفس الكميات لكن بتعديل بعض الماركات، فعلى سبيل المثال تم استبدال السمن المستورد بأخر محلي ذو جودة عالية، إلا أن العاملين رفضوا استلام شنط السلع التموينية، بحجة أن مكوناتها محلية الصنع وكل هذا مثبت في أقوالهم في المحضر الرسمي الذي أجرته القوى العاملة بعد استغاثتهم بها، فقد أثبتت أقوالهم أنهم رفضوا الاستلام لمجرد أن المكونات أصبحت محلية الصنع علما بأن المكونات من أفضل الماركات المصنوعة محليا في السوق المصري.
وأضاف رئيس مجلس إدارة المصنع ومحافظ أسيوط الأسبق: "كانت هذه الواقعة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير فقد امتنع العمال عن مزاولة متطلبات وظائفهم اليومية، في وقت تدهور فيه الإنتاج مسجلاً خسائر غير مسبوقة، واستمر الإضراب مما أدى إلى خفض الإنتاج وبالتالي مضاعفة التدهور لمدة تجاوزت عاماً بأكمله، مما مثل تهديدا خطيرا على مستقبل الشركة والمصنع، وهو ما اضطرنا مؤخراً للجوء لإحدى الشركات المتخصصة لتقييم الخسائر الناتجة عن الأعمال التخريبية وإصلاحها والبدء في تشغيل المصنع جزئيا تمهيدا لتشغيله بطاقته القصوى.
وأكد رئيس مجلس إدارة الشركة، أن المشكلة الكبرى مع العمال تكمن في اعتراضهم على ربط حافز الإنتاج، بالإنتاج الفعلي للفرد، حيث كان حافز الإنتاج سابقا غير مربوط بالمرة بالإنتاج الفعلي وهو ما يؤثر سلبا على إنتاج المصنع، وبالتالي كانت أولى الخطوات التصحيحية هي ربط حافز الانتاج بالإنتاج الفعلي للفرد، وهو ما يعني وبكل بساطة أنه كلما زاد أداء العامل وجهده المبذول كلما زاد دخله؛ وهو المبدأ العام المطبق في الكون كله، وفي كل الشركات العاملة بذات المجال، غير أن ما اعتاد عليه العاملون سابقا من تقاضي مبالغ كبيرة بغض النظر عن ما ينتجه المصنع وما ينتجه الفرد بالفعل من كميات الأسمنت جعلهم يقابلون مثل هذه القرارات بالاعتصامات والإضرابات والأعمال التخريبية المتعمدة".
وأضاف "الدسوقي": ولم يكتف العاملون بهذا بل قدموا العديد من الشكاوى الكيدية في كافة الجهات حتى أنها قد بلغت أننا قد استحوذنا على المصنع بهدف ايقاف تشغيله وادعائهم أننا ننقب عن الآثار الفرعونية أسفل هذا المصنع ووجدنا مقبرة وقمنا بالاستحواذ على ما بها من آثار.
وأكد "الدسوقي" أنه إذا استمر العاملين في النظر إلى ما كانوا يحصلون عليه من مزايا ومنح بدون عمل وإنتاج على أنه حق مكتسب، فهذا زمان قد مضى؛ أما الآن وفي ظل إدارتنا للمصنع، فالحوافز والمنح والمزايا مرهونة بما يقدمه العمال من مجهود لرفع إنتاجية المصنع وزيادة جودة منتجه، تماما كما هو الوضع في كافة مصانعنا التي نديرها لسنوات طوال وتربطنا بأبنائنا العاملين بها روح الحب والمودة والعطاء المتبادل.
وأوضح "الدسوقي" أن اعتصامات العمال وامتناعهم عن العمل بدأ منذ استحواذنا على المصنع في فبراير 2019، حيث سبق وأن تجمهر جميع العاملين أمام باب المصنع ومنعوا لجنة التأمينات الاجتماعية من دخول المصنع لإنهاء إجراءات نقل العاملين تأمينياً من الشركة القديمة إلى شركة كليوباترا، وقام العاملون برفع دعوى قضائية ضد وزارة التضامن الاجتماعي ببطلان نقل الموظفين، ثم دخل العاملون في اضراب مفتوح داخل المصنع أدى ذلك كله إلى تعطل وصول عربات الوقود والمواد الخام اللازمين للتشغيل مما أثر سلبًا على الطاقة الإنتاجية، وتأثرت جودة وكمية الإنتاج مما ترتب عليه آثارًا سلبية بالغة تتمثل في فرض غرامات مالية علينا من قِبل العملاء بالخارج وأصبحت الشركة غير قادرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية تجاههم، وهو ما اضطر الشركة إلى اتخاذ إجراءات قانونية والتواصل مع مكتب العمل أكثر من مرة لمعاينة الوضع على الطبيعة، وتقدير الخسائر الضخمة وهو ما تم بالفعل، فقمنا بمنح هؤلاء المضربين المخربين أجازات مدفوعة الأجر وكل هذا حدث قبل ظهور جائحة كورونا بأربعة أشهر، هذا وأؤكد أنه لم ولن يتم التخلي عن أي من أبناءنا العاملين في ظل الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد".
وحول البحث عن حلول ترضى جميع الأطراف، أوضح "الدسوقي" أن العضو المنتدب قام بمقابلة العاملين أكثر من مرة وأوضح لهم أهمية ربط الأجر بالإنتاج وقام بالشرح للعاملين مدي تأثير تصرفاتهم على العملية الإنتاجية وعلاقتها بالتبعية بحوافز الإنتاج وقام بتحذيرهم من أن استمرار نزيف الخسائر كنتيجة لممارساتهم لن يعود بالسلب على وضع المؤسسة الاقتصادي فحسب بل حتما سيطال حوافز الإنتاج التي تصرف لهم، غير أن العاملين لم يعيروا هذا التحذير اهتماماً نظرا لأنهم اعتادوا مع الإدارات السابقة للمصنع على الحصول على ما يريدون بمجرد قيامهم بإضرابات واعتصامات وإيقاف العملية الإنتاجية".
وأضاف "الدسوقي"، أنه تم التعاقد الآن مع شركة متخصصة في هذا المجال بأعمال تشغيل تجريبي للمصنع بغرض الوقوف على أعمال الإصلاح المطلوبة ومن ثم سيتسنى لتلك الشركة بدء التشغيل الدائم للمصنع.
أما موقف عمالة شركة كليوباترا فمقسم لقسمين، القسم الأول والذي وافق على أن يقوم بالعمل وربط الأجر بالإنتاج وهؤلاء يعملون الآن في المصنع وذلك بدون أي مشاكل، أما القسم الآخر فهؤلاء الذين امتنعوا عن العمل وهؤلاء منهم المخربون والمحرضون والذين يقومون ليلا نهارا بعمل الشكاوى الكيدية لكافة الجهات وعلى الرغم من ذلك فإنهم يحصلون على رواتبهم ولكنهم بالطبع لا يحصلون على حوافز إنتاج.
وبالاطلاع على محاضر الشركة ضد العمال الممتنعين عن العمل، تبين أنه في أغسطس 2019 انتشرت الأعمال التخريبية المتعمدة من جانب العمال بالمصنع بهدف توقيف حركة الإنتاج والضغط على إدارة الشركة، وهو ما أدى إلى توقف تام للمصنع مرة أخرى بسبب اعطال جسيمة ناتجة عن أعمال تخريبية متعمدة.
وتبين من واقع الأوراق التي اطلعنا عليها قيام مجلس إدارة الشركة، بمنح الموظفين إجازة مدفوعة الأجر من الشركة منذ أغسطس 2019 أي قبل ظهور فيروس كورونا في العالم بأربعة أشهر، إلى أن عرضت الإدارة مرة أخرى على الموظفين العمل وتعويض ما سبق من خسائر وهو ما قوبل برفض تام من معظم العامليين، إلا أن 20 موظفاً فقط هم من قبلوا بالعمل، مما استدعى مجلس إدارة الشركة في يناير 2020 إلى الاستعانة بشركة تشغيل خارجية لمحاولة الوقوف على الأعطال ومحاولة التشغيل التجريبي، تمهيدا لإصلاح ما تم تخريبه من معدات حتي يتسنى للشركة تشغيل المصنع بصفة مستمرة ووقف نزيف الخسائر.
من جانب أخر تواصلنا مع علي الأتربي عضو مجلس إدارة مصنع كليوباترا أثناء تواجده بأمريكا، حيث أوضح أن جميع العاملين المعترضين على نظام الإدارة الجديد يبلغ عددهم ١٤٩ تقريبا وجميعهم حاصلين على إجازات من الشركة ويحصلون على رواتبهم بدون حوافز إنتاج وفقا لتوجيهات مديرية القوى العاملة.
وأكد أن عودة العمال القدامى قرار يعود لمجلس إدارة الشركة، وأن الشركة قامت بالاستعانة بشركة متخصصة لتشغيل المصنع بعمالة تابعة لهذه الشركة المتخصصة، مشيرا إلى أن عدة اجتماعات قد عقدت بين الشركة ومديرية القوى العاملة والعمال دون جدوى.
وأضاف عضو مجلس الإدارة، أن العاملين طلبوا صرف رواتبهم بالحوافز الإنتاجية بدون إنتاج فرفضت الشركة وقامت بإقرار ربط الحافز بالإنتاجية الفعلية للفرد.
وأفاد عضو مجلس الإدارة صعوبة عودة العاملين المخربين مرة اخرى للعمل متخوفا من قيامهم بتخريب المصنع مرة أخرى، مؤكدا أننا نصرف الراتب والحافز لكل عامل حسب إنتاجه، موضحا أن العضو المنتدب قد اجتمع كثيرا بالعاملين وأوضح لهم ما لربط الأجر بالإنتاج من أهمية وضرورة قصوى ستؤثر إيجابا على انتاج المصنع وحتما سيؤثر هذا ايجابا على المقابل المادي للعاملين متمثلا في حوافز الانتاج، كما أوضح لهم خطورة استمرار ممارساتهم العدائية ضد الشركة الجديدة المالكة للمصنع والمتمثلة في الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات والأعمال التخريبية والتي ستؤثر سلبا على العملية الانتاجية وبالتبعية ستطال حوافز التي تصرف لهم، غير أن العاملين لم يعيروا هذا التحذير اهتماماً واستمروا في ذات الممارسات.