جريدة الزمان

خارجي

ردا على انتهاكات شرق المتوسط

أوروبا تلجأ لإجراءات عسكرية مكثفة لردع تركيا

سارة حجار -

لجأت بعض الدول الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات عسكرية من شأنها عرقلة التوجهات التركية في منطقة شرق المتوسط، وذلك في إشارة إلى تحويل مزاج التكتل الأوروبي المعتمد حتى الآن على الدبلوماسية، وذلك بعدما أقدمت أنقرة على تحركات استفزازية في الآونة الأخيرة، اعتبرتها دول الاتحاد الأوروبي تدخلات سافرة وغير مقبولة.

 

وتصدر أجندة الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، الإثنين 13 يوليو، العلاقات المضطربة مع تركيا، وقال رئيس الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، الذي استخدم النغمة الدبلوماسية لإخفاء مدى حدة الإحتقان المشترك بين أعضاء الاتحاد، إزاء السياسات التركية، "إن تركيا بلد مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي ونود أن نرى علاقاتنا تتعزز وتتطور، لكن في الوقت نفسه، هناك تطورات مقلقة، ولا سيما في شرق المتوسط وفيما يتعلق بليبيا، التي تؤثر على مصالح الاتحاد الأوروبي ".

 

وقبيل اجتماع الاتحاد الأوروبي، بأسبوع زار بوريل تركيا، في محاولة لتخفيف التوتر، والتقى خلالها الوزيرين التركيين، للخارجية مولود تشاووش أوغلو، والدفاع خلوصي آكار، ولكن الاجتماع وفقا لصحيفة "لو موند" الفرنسية لم يسفر عن أي نتائج مبشرة، وذلك بعد دعوات المسئولين الأوروبيين لفرض عقوبات جديدة على أنقرة ردا على تصرفات الأخيرة في شرق البحر المتوسط، إلا أن أنقرة استغلت الموقف للتهديد، حيث قال وزير الخارجية أوغلو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المسئول الأوروبي، إن تركيا ستضطر إلى الرد في حال اتخاذ أي إجراءات جديدة ضدها، "فلدينا خطوات نتخذها في شرق المتوسط."

 

ومن جانب أخر، تتشارك كل من قبرص، واليونان، فرنسا، العداء لتركيا التي تنتهج سياسة التنمر على جيرانها الأوروبيين، حيث أوضحت صحيفة " Ekathimerini " اليونانية، أن رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، سيبحث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وإمكانية شراء أثينا فرقاطتين فرنسيتين، خاصة بعد التهديد الذي تشكله تركيا في حوض البحر المتوسط، ووفقا لموقع الصحيفة اليونانية ستسمح المفاوضات بين البلدين بعلاقة دفاع بين الحلفاء، كما سيشمل الاتفاق المساعدة العسكرية في حال واجه أحدهم تهديدا. وقال سفير فرنسا لدى اليونان للصحيفة إن تعزيز التعاون العسكري بين اليونان وفرنسا، وكذلك بين فرنسا وقبرص، أمر حتمي، واصفا التحركات التركية في المتوسط بأنها "خطيرة".

 

وفي نفس السياق، جاء إعلان الولايات المتحدة عن خططها لإجراء تدريب عسكرى مع قبرص للمرة الأولى، كصفعة على وجه تركيا، ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، قال وزير الخارجية مايك بومبيو إن وزارة الخارجية ستمول للمرة الأولى التدريب العسكري لجمهورية قبرص، وكان الكونجرس الأمريكي أنهى العام الماضي حظرا على الأسلحة استمر لعقود في الجزيرة التي تحتل تركيا الثلث الشمالي منها.

 

ومن جانبها تقول الدكتورة هدى رزق، الباحثة في علم الاجتماع السياسي، إن زيارة جوزيف بوريل، مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى تركيا قبل قيام البرلمان الأوروبي ومجلس الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بمناقشة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها تركيا في المنطقة، من أجل معالجة قائمة متزايدة من الخلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتركيا، ووصفت الزيارة بأنها اكتسبت "طابع الوساطة"، حيث يرى القادة الأوروبيون إن أنقرة تتحرك أحاديا على حساب الكتلة، بعد أن تحدث المسئولون الفرنسيون عن إمكانية فرض عقوبات جديدة على أنقرة بسبب أنشطة حفر الغاز بالقرب من قبرص.

 

وأوردت الباحثة في مقال لها في جريدة البناء اللبنانية، يأتي الخلاف بعد أسابيع حيث تبادل المسئولون الفرنسيون والأتراك الإهانات علناً مشككين في التزامات بعضهم البعض تجاه حلف الناتو، وتابعت رزق منذ انهيار محادثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي والعلاقات بينهما متراجعة، مضيفة أن أردوغان يتصرف على أساس أن الأوروبيين وبالتحديد فرنسا يعارضون دخول بلاده إلى الاتحاد الأوروبي ولن يقبلوا بدخول 80 مليون مسلم إلى الاتحاد، لذلك لا يأبه من عقوبات فرنسا، وذلك على حد تعبيرها.

 

عززت تركيا أمن الحدود وإدارة الهجرة من خلال اتفاقية عام 2016 التي أنشئت لدعم أكثر من 3.7 مليون لاجئ سوري في تركيا ومنع الهجرة غير الشرعية، واستعملت ورقة الهجرة غير الشرعية لابتزاز الاتحاد الأوروبي حتى يدعم سياساتها في سوريا، وأشارت إلى أن أنقرة وبروكسل تختلفان حول طريقة التعامل مع القضايا التي تشمل العلاقات الثنائية، إذ تسعى تركيا إلى فصل القضايا السياسية عن القضايا التقنية، أيّ فصل الشرق الأوسط عن مناقشات التعاون في مجال الهجرة.

 

وذكرت أن الزعماء اليونانيين والقبارصة انضموا إلى فرنسا في معارضة السياسة الخارجية التركية، أما تركيا فهي تتصرف كدولة مستقلة وقرارها في يدها وهي لا تخشى من أي قرار عقابي وتعتبر تدخلها العسكري إلى جانب حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً جزء من حملة أوسع لتأكيد الهيمنة في شرق الأبيض المتوسط الغني بالغاز.