جريدة الزمان

تقارير

محاولات تطويق مصر فاشلة

محمود أبو سالم -

الجيش يضم أبطالًا.. سلاحهم الإيمان وهدفهم الانتصار

إسرائيل تدفع إثيوبيا لتأزيم مفاوضات سد النهضة

نتنياهو يصنع أزمة بلقاء مسئولين سودانيين لرعاية "التطبيع"

مصر تحمى الحدود المصرية الليبية.. ولن تتخلى عن قطرة مياه من حصتها

«فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِى الْأَرْضِ».. يبدو أن هذا العقاب الإلهى الذى أنزله الخالق عز وجل على اليهود، لم ينته بعد، فلا تزال حالة التوهان والمحاولات البائسة للهيمنة والسيطرة على أكبر مساحة من الأرض العربية هى الحلم اليهودى القائم، فعلى الرغم من أن الجيش المصرى لقن الإسرائيليين هزيمة مدوية وأجبرهم على الخروج من الأراضى المصرية، إلا أن محاولات اليهود لم تنقطع حيث تسعى بما أوتيت من علاقات وأسلحة التواجد على الأراضى المصرية.

وعقدت الاتفاقات السرية مع قوى الشر المعادية لمصر، لتنفيذ خطتها لتطويق مصر وتكبيلها بالأزمات لتتمكن من التوغل فى القارة الأفريقية، ومن بين صفقاتها التى نفذتها مع قطر حيث يسعى الرئيس الإسرائيلى بجولاته التى لا تنقطع فى القارة الأفريقية لعقد الصفقات المشبوهة التى يحقق خلالها أمله الوحيد فى احتلال مصر بأى صورة من الصور، والسيطرة على أهلها، مستغلا بعض الأحداث التى تواجه مصر، حيث تعاونت إسرائيل مع إثيوبيا وقيل إن هناك صفقة سرية بين إثيوبيا وإسرائيل وقطر على بناء السد، وقيل أيضا إن السد يلقى دعما ماديا وعسكريا ومعنويا من قطر وإسرائيل، وإن هذا لا يأتى حبا فى الإثيوبيين كما يتم التسريب لذلك، ولكنه يأتى فى إطار الحرب الممولة ضد مصر والوطن العربى، والتى يرصد فيها تميم المليارات، لإسقاط مصر، وهو ما لن يحدث بإذن الله لما تتمتع به مصر من عناية إلهية، كما أن نبى الرحمة محمد –صلى الله عليه وسلم-، قال عن مصر إن أهلها فى رباط إلى يوم الدين، وإن جندها هم خير أجناد الأرض، بالإضافة إلى أن الجندى المصرى لديه يعيش على هدف واحد هو زود المخاطر عن أرض الوطن وإن كلفه ذلك حياته.

وعلى الرغم من أن السنوات الماضية شهدت أكثر وقائع طرد السفير الإسرائيلى من عدد من الدول العربية بعد ارتفاع وتيرة الأحداث الدموية التى ارتكبتها إسرائيل فى حق العرب، وإراقة الدم العربى على الأراضى الفلسطينية، إلا أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، عملت على تنفيذ استراتيجية جديدة لتحارب مصر من خلال تشكيل لوبى صهيوقطرى، برعاية أمريكا، حيث أعلن نتنياهو أن إسرائيل تعود إلى أفريقيا بشكل كبير، بل وقال إن القارة "قد عادت إلى أحضان إسرائيل"، معلنا أنه يسعى إلى إعادة العلاقات المشتركة بصورتها الطبيعية بين بلاده ودول القارة، سواء كانت الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية.

ولأن حكم اليهود سيظل أسودا –كما يصفه العالم-، فإنها لا تتراجع عن محاولات إيذاء مصر، حتى كشفت مصادر دبلوماسية أنها تدعم وترعى الإرهاب بالتنسيق والتعاون مع قطر، حيث تمارس كلاهما دورها فى نشر الفتن والإرهاب لارتكاب الجرائم التخريبية التى تنال من الوطن.

وقيل إن التحالف القائم بين قطر، وإسرائيل، تحالف الشيطان داخل القارة السمراء، وإن يد تميم التى تعانقت مع يد نتنياهو فإنها لتحقق الحلم اليهودى باختراق القارة السمراء، فتل أبيب سعت إلى ترسيخ نفوذها عبر المساعدات الاستخباراتية، فيما استطاع أمير الإرهاب أن يوظف "العمل الخيرى" لضرب مصالح الرباعى العربى.

ونفذت إسرائيل خطتها للتوسع فى الانتشار بقارة أفريقيا، من خلال قطر وشراكاتها الاقتصادية التى عملت على زعزعة العلاقات الخليجية الأفريقية من ناحية أخرى، مستغلا سلاح المال والتبرعات الخيرية على بعض الدول الأفريقية الفقيرة،

وفى ظل توتر علاقات قطر مع أشقائها العرب لم تحاول إخفاء دفء علاقتها بإسرائيل، وإعلان الاحتماء بها، بل وتوسعت من خلال محاولات تميم لقاء اللوبى الصهيونى بالولايات المتحدة، ساعيا فى مواجهة مقاطعة العرب له، وهذه العلاقة لم تكن وليدة اللحظة بل ضاربة فى جذور التاريخ فبعد انقلاب حمد على والده الشيخ خليفة آل ثانى عام 1995، استفادت الدوحة من عملية السلام التى كانت بين الفلسطينيين وإسرائيل، لتعلن افتتاح مكتب تجارى لإسرائيل فى العاصمة القطرية، وتم افتتاح هذا المكتب التجارى فى الدوحة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلى آنذاك شمعون بيريز عام 1996، كما تم التوقيع آنذاك على اتفاقية لبيع الغاز القطرى إلى إسرائيل، وإنشاء بورصة الغاز القطرية فى تل أبيب، وكانت الدوحة تتذرع بأن علاقاتها بإسرائيل ساهمت فى حل قضايا وإشكالات كثيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل.

أفريقيا المطمع

تظهر الأطماع اليهودية المطعمة بالأحلام القطرية، للتوغل فى القارة السمراء لما تتمتع به من موقع فريد ومتميز حيث تتوسط الممرات الملاحية بين القارات الخمس، فهى تطل على مضيق جبل طارق، قناة السويس، مضيق باب المندب، رأس الرجاء الصالح، ويحيط بها جزر تطل على المحيطين الأطلسى والهندى، وهو ما يجعلها همزة الوصل بين قارات العالم، كما أنها تسيطر على حركة المواصلات العالمية بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ولذلك فلها دوراً محورياً فى الأمن الإقليمى وفى الحراك السياسى والاقتصادى والثقافى للدول المحورية فى هذه القارات، واستغلت إسرائيل العدو الأيديولوجى للعرب هذا الجزء، وكذا إيران الخصم التاريخى التى تحركت باتجاه أفريقيا سياسياً وثقافياً واقتصادياً، وقامت بتوظيف ذلك كله فى تحقيق مكاسب عسكرية.

ووجهت قطر ترسانتها الإعلامية لتبدأ غزوها للقارة الأفريقية، وعلى الفور قامت بابتزاز القارة تحت غطاء "عصا الجزيرة الغليظة" خاصة للأنظمة الأفريقية التى تواجه معارضات سياسية قوية، برعاية يهودية.

وكانت إحدى التقارير والمتابعات الخاصة بالاستخبارات الأمريكية قد أكدت أن قيادات من تنظيم "القاعدة" فى شبه القارة الهندية و"حركة الشباب" الصومالية، تلقوا الدعم المادى من رجال أعمال وشيوخ قطريين ومقيمين فى قطر.

إسرائيل وأفريقيا

وكانت لإسرائيل محاولات سابقة عن قطر لفرض نفوذها بالقارة السمراء، حيث قامت بتحييد الصراع الدبلوماسى مع دول القارة السمراء الداعمة للعرب فى صراعهم مع إسرائيل، وبدأت الخطة اليهودية التى نفذتها إسرائيل لتجعل من هذه الدول موالية لإسرائيل، حيث استغلت إسرائيل حالة الضعف الاستراتيجى التى تتسم بها المنطقة العربية، وراحت تبحث عن أدوات جديدة لإحياء وتدعيم أدوارها الإقليمية.

وحاولت إسرائيل استغلال المواقف بأى شكل وأى صورة، حيث بدأ رئيس حكومتها فى تنفيذ جولاته التى لم يقطعها داخل القرية ليحقق أهدافه بالتوغل الاستراتيجى والهيمنة على أكبر مساحة ممكنة داخل القارة، حيث التقى رئيس مجلس السيادة فى السودان عبدالفتاح البرهان فى أوغندا، دون علم الحكومة السودانية، وقيل إن المناقشات التى تمت بين الجانبين ركزت على "تطبيع" العلاقات، وظهرت حالة كبيرة من الغضب العربى بسبب لقاء السودان لما لهذا اللقاء من توابع وخيمة ستضيف السودان إلى قائمة الدول العربية الثلاث التى تعترف بإسرائيل.

ولم يستبعد الساسة أن إسرائيل، هى المحرك الأساسى والمحورى، لقضية سد النهضة والدفع بإثيوبيا للبدء فى إنشائه وملئه بالمياه والتراجع عن الاتفاقيات التى حدثت بين دول المصب ودولة المنبع، حيث قال الدكتور مصطفى الفقى، الكاتب والمفكر ومدير مكتبة الإسكندرية: علينا تسمية سد النهضة بـ"السد الإثيوبى"، لأن كلمة "النهضة" خادعة، وتوحى بأن إثيوبيا ترغب فى النهوض ببلادها ومصر تمنعها، وهو أمر يختلف تماما لأن ما يحدث هو محاولة لسرقة المياه المصرية والعبث بنهر النيل، موضحا أن اليد الإسرائيلية تظهر هنا فى تحريك هذا الملف بصورة قوية، لافتا إلى أن هناك معلومات تؤكد على أن إسرائيل توفر الحماية والتأمين اللازمين على السد بقواتها الإسرائيلية.

وأوضح الفقى، أن السد الإثيوبى هو سد كيدى بامتياز ولا يتعلق بملف الكهرباء أو غيره ولكن هى عملية سياسية بحتة لمحاولة تطويق مصر والضغط عليها من كل اتجاه، مشيرا إلى أن السد دخل فى مرحلة مزعجة، وهى محاولة لاستفزاز مصر ودول أخرى مثل السودان، وهذا الأمر لا يمكن أن يستقيم معه علاقات طيبة أو حوار ممكن أو تفاوض محتمل.

وتابع: "أرى أن موضوع السد دخل فى حارة سد لأن الإثيوبيين لما لديهم ربما من بعض العداء لأشياء فى مصر تاريخيا وهناك إحساس بالدونية أمام مصر وإمكاناتها وقدرتها، ويعتقدون أن من أحدث ذلك هو مياه النيل فقط وليس العبقرية المصرية أو الحضارة المصرية".

قوى الشر

قيل أيضا إن هناك محاولات مستميتة من قبل قوى الشر العدائية لمصر تسعى لإرهاق مصر فى المواجهات الحربية من خلال تهديد أمنها القومى عبر الحدود مع دول الجيرة، وهو ما يظهر من خلال العمليات الإرهابية كمحاولة لإبعاد مصر عن مساندة ليبيا، خاصة بعدما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن أمن ليبيا من أمن مصر، وأن مصر لن تقف صامتة أمام التحرك العدوانى والإرهابى للدولة الليبية وحمايتها من التدخل العثمانى الذى يرغب فى نهب ثروات الشعب الليبى، وتهديد أمن الحدود المصرية الغربية وفق الأهداف التى يرسمها مكتب الإرشاد الإخوانى الذى يرتبط معه الرئيس التركى بعلاقات متأصلة.

وأظهرت الايام الماضية موقف مصر الصامد والمؤيد للشقيقة ليبيا، من خلال اللقاء الذى جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، بمشايخ القبائل الليبية، والاتفاق على أن القدرة الأمنية المصرية فى الداخل والخارج على مستوى الجاهزية الكاملة لأية تحديات تقف فى مواجهة الوطن ومستقبله الذى يرسمه قائده الأعلى الرئيس السيسى، الذى قطع على نفسه عهدًا بحماية مصر ومن حولها من مخاطر الإرهاب الإخوانى المتلون بأطياف الدواعش تارة والقاعدة تارة أخرى.

ويرى الساسة أن إرسال قوات تركية إلى ليبيا يمثل عملا استفزازيا لا ‏يصدر من إدارة واعية، كما أن هذا التحرك يعادى ويعارض إرادة الشعب ‏الليبى وجيرانه، وأن مصر لن تقبل ذلك وسيكون لها تحرك وفق مصالحها العليا فهى ‏لا يمكن أن تقبل بوجود قوات أجنبية على حدودها الغربية ترافقها ‏تجمعات إرهابية مرتزقة.

واتفق الساسة على أن هناك مشروعين كبيرين فى القرن العشرين، هما المشروع الصهيونى والذى أسسه هيرتزل فى 1897 فى مدينة بازل والمشروع الإخوانى الذى أسسه حسن البنا، ورغم الفارق بين المشروعين إلا أنه من الناحية الهيكلية فهناك تشابه كبير بينهما لأنهما يقومان على سند دينى ويعتمدان على القوة الاقتصادية، وعلى الإرهاب كأسلوب للعمل عند اللزوم، مؤكدين أن المشروعين مسئولان مسئولية كاملة عما يجرى فى الأوطان، مشيرين إلى أن وجود إسرائيل يأتى تحقيقا للمشروع الصهيونى، كما أن ظهورها أدى إلى جرائم وتعديات فى المنطقة بلا حدود، بالإضافة إلى أن الإسلام السياسى الذى ابتدعه حسن البنا، وأقحم الدين فى أمور لا تخصه فأوجد فى المجتمع عناصر التطرف والجماعات الإرهابية.

وأشار الساسة إلى أن الجيش المصرى هو أحد أكبر عشرة جيوش فى العالم، ودوره لا يقتصر على حماية مصر من السقوط من 2011، وإنما هو كالصخرة التى تتحطم عليها أطماع الآخرين تجاه دول المنطقة، كما أن الجيش المصرى هو الجيش المُعلم باعتباره أقدم جيوش المنطقة وأكثرها التزاما، والعالم يشهد بهذا.

وبرر الساسة المحاولات التى تستهدف مصر دون غيرها، لأن العرب يرون فيها –أى مصر-، عمود الخيمة، وصمودها يعنى بقاء البناء والخيمة كما هى، ولولاها لسقطت المنطقة كلها، مشيرين إلى أن النظرية الإنجليزية الشهيرة تقول: مصر يجب ألا تطفو أو تحلق ويجب ألا تسقط لأنها لو سقطت تسقط المنطقة كلها فى الحال.

واتفق الساسة على أن مصر لن تسقط ولن تنجح قوى الشر فى محاولات تطويقها من خلال زيادة الضغوط ومحاولات الاستفزاز من أكثر من جهة، مشيرين إلى أن مصر بقيادتها السياسية الواعية لديها القدرة على التحرك فى أكثر من اتجاه، وأن الحفاظ على الحدود المصرية الليبية فى أى نقطة لن يؤثر على تزاحمات ملف سد النهضة، كما أن هذا وذاك لن يجعل مصر تهمل القضية الفلسطينية، لأن الجيش المصرى يضم أبطالا سلاحهم الإيمان، وغايتهم الانتصار والدفاع عن الوطن، وصون أراضيه، ورأب الصدع عن مصر، وحماية أراضى الوطن من أى مغتصب.