جريدة الزمان

حوادث

”نبيل الردة”.. قلب الشهداء النابض بالإنسانية

حامد محمد -

نبيل الردة، اسم له شهرته بين شهداء الواجب، فهو صاحب أسطورة الدفاع عن سلاحه الميرى حتى الموت، وودع الحياة على يد الإرهاب وقت فض ميدان رابعة العدوية من عناصر وأنصار جماعة الإخوان الإرهابية، حيث كان يسير على كوبرى 15 مايو، فى طريقه إلى عمله لتأمين أحد الفنادق كونه ضابطا فى شرطة السياحة والآثار لكن يد الإرهابيين الغادرة، كانت له بالمرصاد، حيث أطلقوا عليه الرصاص وحاولوا انتزاع سلاحه الميرى من يديه إلا أنه رفض فما كان منهم إلا أن تمكنوا منه وانتزعوا سلاحه ووجهوا له وابلا من الرصاص من سلاحه الميرى.. "الزمان"، التقت أسرة الشهيد البطل.

"نبيل كان قلبا يمشى على الأرض".. بتلك الكلمات بدأت تروى شقيقة الشهيد الكبرى إلهام الردة، جانبا من حياة الشهيد البطل، حيث قالت: نبيل أصغر إخوتى، لكنه كان أكبرنا مقاما وعقلا، والدنا كان يعمل بالشرطة فى المرور، والشهيد كان بارا بوالديه لدرجة أنه كان يذهب مع والدى لصلاة الجمعة فيخرج قبله ويأتى له بحذائه ويلبسه إياه أمام المسجد، أما والدتى فكان يأتى إليها كل صباح ليقوم بخدمتها وتقديم الإفطار لها ثم يذهب إلى عمله، هكذا كان جدول عمل الشهيد.

وأضافت شقيقة الشهيد قائلة: البطل كافح وكان دائما ينظر إلى العلا فبدأ حياته الشرطية ملتحقا بمعهد أمناء الشرطة، ولحسن أخلاقه وتفانيه فى عمله التحق للعمل بمؤسسة الرئاسة، لكنه واصل الدراسة والتحق بالثانوية العامة، ثم كلية الحقوق، وبعدها التحق بكلية الشرطة ليتخرج منها برتبة الملازم، وكان يقول: إنه يريد أن يخدم البلد حتى لو قدم روحه فداء لها، وعقب تخرجه سافر إلى أسيوط وبعد 6 أشهر من عمله بالمحافظة حصل على لقب الضابط المثالى بالمحافظة لأنه نجح فى احتواء أزمة كبيرة بين الأهالى والشرطة على قطعة أرض وكادت أن تحدث مجزرة لكنه تدخل بحكمة واستطاع احتواء الأمر، ثم عمل فى قسم ديروط 5 سنوات شهد له الجميع بالأخلاق والأدب والتواضع، بعدها انتقل لشرطة السياحة.

وعن يوم استشهاده قالت شقيقة الشهيد: البطل اعتاد زيارة والدته لخدمتها وتقديم الإفطار وإعطاء الأدوية لها، وفى هذا اليوم الذى استشهد فيه قال لها وكنا فى شهر شوال: "يا أمى بلاش تصومى بكرة وأنا هاجى أفطر معاكى"، وبالفعل تناولنا الإفطار معا، وتحدث مع كل إخوتى ثم أوصلنى للعمل بسيارته وأثناء سيره قال لى "البلد بتمر بظروف صعبة" وكان وقتها فض اعتصام رابعة والنهضة فى 2013 فقلت له: لا تذهب للعمل اليوم لكنه أصر وقال لى "أسيب ولادى وزمايلى لمين"، وذهب لعمله وأثناء سيره شاهده الإرهابيون الخونة فالتفوا حول السيارة وقاموا بكسر الزجاج ثم انهالوا بالضرب على الشهيد بالسيوف والرصاص لكى يسلمهم سلاحه لكنه أبى حتى إنهم انتزعوا سلاحه منه بعد أن قتلوه وأطلقوا الرصاص عليه بعد استشهاده.

واستطردت شقيقة الشهيد قائلة: أخى البطل له 3 أولاد سارة وهى الآن فى كلية الإعلام وسما بالمرحلة الإعدادية ومحمد فى المرحلة الابتدائية، وكان يعاملهم معاملة الأخ الأكبر وليس الأب، حيث كان يجلس معهم ويستمع لمشاكلهم وأحوالهم ويقدم لهم النصيحة بطريقة لينة، طريقته فى التعامل لم تكن تدل على أنه ضابط، كان يتمتع بوجه بشوش وقلب أبيض.

وأكدت شقيقة الشهيد فخرهم بما قام به الراحل من تضحيات من أجل بلدنا الغالى وأن مؤسسة الشرطة لم تترك والدة الشهيد وقامت بتكريمها حتى أنها أثناء إجرائها لعملية جراحية فى مستشفى الشرطة زارها عدد من القيادات للاطمئنان عليها، وقدمت شقيقة الشهيد الشكر للرئيس السيسى ووزير الداخلية والعلاقات الإنسانية بالوزارة، لاعتنائهم بأسر الشهداء والمصابين، وقالت: رجال الشرطة والجيش البواسل هم حائط الصد المنيع ضد أى معتدٍ وإرهابى خسيس.

وقالت والدة الشهيد: ابنى البطل، كان مواظبًا على الصلاة، ولا يمتنع عن مساعدة الآخرين، وكان حريصًا على إطعامى بيديه، فأنا لا أقوى على شىء، وأضافت، وعيناها تذرف الدموع: كان نبيل يطمئن علىَّ دائمًا، ومع فقدانه، فقدت الحياة طعمها، وسكن الحزن فى كل أرجاء البيت.