جريدة الزمان

خير أجناد الأرض

دور رجال المخابرات فى الإسقاط التكتيكى للإسرائيليين فى حرب أكتوبر

منى عيسوي -

فى ذكرى أكتوبر الـ47 لتحرير سيناء، التى استعادتها قواتنا المسلحة إلى أن تم رفع العلم المصرى عليها فى 25 أبريل عام 1982، بعد احتلال جيش العدو الإسرائيلى لأراضى سيناء عام 1967م، ذكرى النصر العظيم الذى ساعد فى تحقيقه عامل أساسى ورئيسى وهو قاعدة المعلومات التى جمعها جهاز المخابرات المصرية عن العدو، وكشفت جميع نقاط ضعفه وقوته قبل حرب أكتوبر منذ هزيمة 1967 ومن هنا وضعت قواتنا خططا ألحقت الهزيمة بالعدو الإسرائيلى فى حرب أكتوبر.

قال اللواء محمد رشاد، وكيل المخابرات العامة سابقاً، إن القوات المسلحة أعادت تنظيم وهيكلة قاعدة البيانات، لافتا إلى أن الفضل فى ذلك يرجع إلى الوزير أمين هويدى الذى قام بإعادة هيكلة جهاز المخابرات ودعم الأجهزة والإدارات العاملة على إسرائيل والدول العربية.

وأضاف وكيل المخابرات سابقاً، أنه خلال هذه الفترة تم دراسة الدروس المستفادة من حرب 1967 واكتشفوا أن العامل الرئيسى لهزيمة 67 هو قصور المعلومات عن العدو، مشيرا إلى أن هذه المعلومات لو كانت توفرت للقيادة السياسية ما كانت دفعت القوات المصرية فى معركة غير متكافئة مع العدو، ونتيجة هذا القصور أن دفعت القوات المسلحة فى معركة ظالمة أدت إلى نكسة 1967.

وتابع، وكان بناء على هذا القصور كان على المخابرات العامة أن تنشئ قاعدة بيانات مسئولة عن تغطية العمق الاستراتيجى الإسرائيلى، مضيفاً، أن هذا العمق الاستراتيجى الإسرائيلى هو محور الصراع العربى الإسرائيلى نظراً إلى أن إسرائيل تعتمد على الاحتياطيات وبالتالى هذا من صلب وواجب المخابرات العامة.

ولفت إلى أنه بدأت خطة إنشاء قاعدة بيانات لكن المشكلة التى واجهت جهاز المخابرات فى ذلك الوقت هو من أين يبدأ، وتابع، عندما تم متابعة الصحف الإسرائيلية والعالمية وجدوا أنهم بدأوا فى نشر أمجاد العمليات العسكرية الإسرائيلية ومن هنا تم تجميع كل الكتب والنشرات التى صدرت عن حرب 1967 من الكتاب الإسرائيليين والغربيين وتم تجميع 36 كتابا منها 16 كتابا تحدث عن العمليات العسكرية وفى هذا الوقت كانت إسرائيل قد رفعت الحظر الإعلامى عن كل المعلومات العسكرية لأنها اعتبرت أن حرب 67 هى آخر الحروب، لذلك لم يكن عندها مشكلة فى الإفراج عن كل معلوماتها العسكرية.

وأوضح اللواء محمد رشاد، تم تجميع قاعدة بيانات ونجحنا فى استخراج كل القوات الإسرائيلية التى اشتركت فى حرب 67 وتم اعتبارهم الأساس، لافتا إلى أنه تم إصدار تقرير معلومات عن كل كتب والمنشورات الإسرائيلية والغربية عن حرب 67 إلى جميع الجهات المختصة.

واستطرد، وبناء على قاعدة المعلومات تم بناء غرفة معلومات وفيها تم تجسيد كل المعلومات على "ماكيتات" لتجسيد المعلومات إلى واقع، مؤكدا أنه تبين من قاعدة المعلومات أن القوات الجوية الإسرائيلية هى القوة الضاربة للقوات المسلحة الإسرائيلية وتحقق السيادة الجوية على كل الدول العربية، والسيادة تعنى أنه ليس هناك منافس بينما السيطرة تعنى أن هناك فرقا فى ميزان القوى.

واستكمل اللواء رشاد، كما كشفت قاعدة البيانات أن ميزان القوى مع إسرائيل لا يخضع مع مقارنة القوات، موضحاً، أن إسرائيل فى ذلك الوقت كانت تملك القدرة وليس خوض الحرب، والقدرة هى محصلة التدريب والتسليح والتطوير للسلاح، كما كشفت أن القوات المدرعة الإسرائيلية هى القوة الضاربة للقوات البرية وتحقق عمليات الاختراق بعيد المدى، كما أن إسرائيل لا تعتمد على الدفاع الثابت وكل دفاعاتها متحركة.

وأشار اللواء محمد رشاد، إلى أن قاعدة البيانات فرضت على القيادة السياسية عددا من العوامل منها عدم الدخول فى سباق التسلح مع إسرائيل فى مجال القوات الجوية، وبالتالى تم البحث عن سلاح دفاعى فى سماء مصر يحد من القدرات القتالية للقوات الجوية الإسرائيلية، وتابع، لهذا السبب وافق الرئيس جمال عبدالناصر على مبادرة روجلس وبدأ يطلب من الاتحاد السوفيتى إنشاء حائط الصواريخ وكان ذلك بملحمة تاريخية من الشركات المدنية وكانت 24 شركة قامت بإنشاء حائط الصواريخ مع القوات المسلحة وكان لهم بطولات فائقة واستشهد منهم الكثيرون فى هذا المجال.

أكد وكيل المخابرات العامة سابقاً، أن هذا الحائط وفر لمصر حماية سمائها بالإضافة إلى 15 كيلو شرق القناة، كما أنشأت القوات المسلحة صواريخ مضادة للدبابات حوالى 6 كتائب دفعت مع الموجات الأولى مع الهجوم، موضحاً، أنها حققت خسائر كبيرة للقوات الإسرائيلية خلال اقتحام خط بارليف.

وتابع اللواء رشاد، ثم بعد ذلك جاءت حرب الاستنزاف، وفى هذا الوقت قامت القوات بعمليتين وهما تدمير الحفار الإسرائيلى فى ساحل العاج، والقبض على الجاسوسة هبة سليم، مشيرا إلى أنه لو كانت الجاسوسة هبة استمرت فى عملها لكانت تسببت فى مشكلة كبيرة جدا فى عملية التجهيز للعبور.

وأضاف، كما تم معالجة النوايا العدوانية فى حرب الاستنزاف، ثم تم التخطيط بالنسبة لرد فعل إسرائيل فى حالة شن الحرب عليها، وتم الاستعانة بالجانب السورى من أجل خوض المعركة، وتابع، فى شهر مايو 1973، أصدرنا تقرير معلومات عن تصور المعركة القديمة مع الحديثة، ووضعنا تصورا فى حالة شن هجوم إسرائيلى على مصر وسوريا، وأضفنا أن أية هجوم من القوات المصرية شرقا سيترتب عليه هجوم القوات الإسرائيلية غربا وذلك بهدف، إرباك القيادات المصرية وفتح الثغرة فى الدفاع الجوى، والحد من القوة الدافعة للهجوم شرق القناة.

وتابع، عام 1973، تم متابعة الموقف حيث كان وظيفة جهاز المخابرات الأساسية هى ما قبل الحرب، مؤكدا أن قاعدة البيانات التى تم إعدادها ساعدت مصر فى تحديد إمكاناتها وفقا لأهدافها، وفى نفس الوقت فرضت على مصر أن تحارب تحت مظلة حائط الصواريخ، واستمر ذلك حتى يوم 14 أكتوبر، مؤكدا أن هذا الحائط كان سبباً فى أن تفقد إسرائيل فى أول يوم من المعركة ثلث قواتها الجوية نتيجة تعامل الصواريخ، وبعد يوم 14 بدأت مصر فى تطوير الهجوم وأدى إلى حدوث الثغرة واستمر إلى يوم 24 إلى أن حدث فض الاشتباك وانسحبت إسرائيل إلى خط العريش.

ومن جانبه أوضح اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، أن وظيفته الرئيسية خلال الحرب جمع المعلومات وتقدير الموقف عن العدو، لافتا إلى أن ذلك من خلال معرفة نقاط قوته وضعفه حيث يتم تقدير الموقف وإصدار القرار المناسب فى الوقت المناسب.

وأضاف رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، أن طبيعة الضباط وصف ضباط والجنود لا بد أن يكونوا على درجة عالية من الدقة فى الأداء لأن طبيعة العمل لا تتحمل الخطأ وإلا سوف يتعرض كل أفراد المجموعة إلى الخطر، مشيرا إلى أنه استمر فى جمع المعلومات التى قدمتها مجموعات الاستطلاع عن العدو قبل الحرب من خلال الملاجئ والمعدات، ثم يتم التأكد من صحتها ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عن الساتر الترابى "خط بارليف" لأنها كشفت الأوضاع الداخلية للعدو فأصبحت الضفة الشرقية للقناة ومسرح عمليات الجيش الإسرائيلى كتابا مفتوحا للقيادة العامة للقوات المسلحة.

ولفت اللواء سالم، إلى أنه كان أول قائد مجموعة عملت خلف خطوط العدو لمدة 180 يوما، فضلا عن تجميع المعلومات عن أهم تحصينات ومواقع العدو الإستراتيجية حيث ساعدت تلك المعلومات فى توجيه ضربات لأهم الحصون والدشم ونسف مطارات العدو.

وتابع اللواء نصر سالم، أنه نفذ دوريات استطلاع من أعلى الجبال فى منطقة عيون موسى وسدر الحيطان وجبل المر، موضحاً، أن مهمته وزملائه لم تنتهِ بعد عبور الجيش المصرى إلى الضفة الشرقية ورغم تحقيق الانتصارات، واستمروا بإبلاغ القوات العابرة بأوامر القيادة فى الأماكن التى كان يصعب فيها الاتصال خصوصًا عند تغيير بعض الخطط.