جريدة الزمان

حوادث

الشهيد محمود المحرزى.. قصة عريس الجنة الذى تمنى التكريم

حامد محمد -

والدة الشهيد: ابنى كان يحاول أن يؤكد على وجود ضباط شرطة محترمين

 

«أنا اللى بلف من بحرى للصعيد، ومبتكرمش غير لما أموت شهيد، أنا الضابط اللى قولتوا عليه فتوة، وحاربتوه بكل قوة، أنا الضابط اللى قولتوا عليه سفاح، طب أشتغل ليه؟، ما سيبها سداح مداح، مبقولش أنا من الفراعنة ولا من المماليك، ولا فى عصر الحرية ولا الكرابيج، أنا إنسان يا بنى آدمين، أنا اللى بلف من بحرى للصعيد ومبتكرمش غير لما أموت شهيد، أنا عايز حق الناس ولا أدوس على حد ولا أنداس، بس انتوا اللى مش عارفين ولا مقتنعين».. كانت هذه الكلمات هى آخر ما كتبه النقيب محمود المحرزى، معاون مباحث قسم السلام، والذى استشهد على يد بعض تجار المخدرات بعدما حاول القبض عليهم.. "الزمان"، حاورت أم الشهيد البطل والتى تحدثت عن أدق التفاصيل فى حياة البطل الراحل.

قالت أمانى محمد أبوالفتوح، أم الشهيد: "ابنى اتزف وراح الفردوس الأعلى وعروسته من الحور العين، وابنى كان بار جدا بى أنا وأبوه، وأنا شخصيا كنت بعتبره السند وواجهة العيلة، لأنه ببساطة كان فى منتهى التواضع والأخلاق، وأحمد الله على تربيتى لأبنائى على تقوى الله أولا وحب الوطن ثانيا، وكان الشهيد يطبق وصيتى، حيث قلت له فى إحدى المرات: "خفف عنك ضغط الشغل يا محمود يا ابنى خدلك إجازة"، فكان رده ببساطة شديدة: "أنا بشتغل لربنا ياماما ولبلدى مصر".

وتضيف أم الشهيد: ابنى كان بيحاول يوصل رسالة للشعب المصرى وهى إنه ليس كل ضباط الشرطة "مش كويسين" وهناك ضباط ضحوا بحياتهم فى سبيل أمن وحماية الوطن والمواطن، وهذه الرسالة قضى محمود حياته لإثباتها بالأفعال وليس بالأقوال فقط، وهنا أجهشت بالبكاء وهى تتذكر مواقفها مع الشهيد البطل، وقالت: "كان نفسى أن محمود يتكرم وهو عايش"، حتى هو نفسه كتب بوست على الفيس بوك يؤكد فيه أنه ضابط الشرطة لا يتم تكريمه إلا بعد استشهاده.

وتستطرد والدة الشهيد قائلة: قبل استشهاد ابنى بأسبوع تقريبا لاحظت عليه تغيير شخصيته المرحة، فسألته أخته أمنية مالك يا محمود؟ فرد عليها قائلا: "الدنيا بقت وحشة قوى يا أمنية، أنا قرفان وتعبان جدا"، فالشهيد كان يرى الاتهامات التى تطال رجال الشرطة خاصة بعد أحداث 25 يناير 2011، ولكن ليس كل رجال الشرطة فاسدين وهذا ما حاول الشهيد أن يطبقه عمليا على نفسه، وعلى من حوله لكى يثبتوا للجميع أن رجال الشرطة يؤدون واجبهم على أكمل وجه لكى يعيش المواطن آمنا.

وتضيف أم الشهيد: ابنى كان بيقول قبل استشهاده "إحنا مش نجوم فضائيات عشان بتوع حقوق الإنسان يجروا ويصورا معانا ونطلع فى التليفزيون والإعلام يهتم بنا"، وكان يريد أن تهتم بهم الدولة أكثر خاصة وأنهم يحاربون عصابات تهريب المخدرات كما حدث معه.

وأشارت والدة الشهيد، إلى أن حياتها توقفت عند يوم استشهاد ابنها البطل فى 30 مارس 2013، حيث كان الشهيد يمر بقوة من قسم السلام فأطلق عليه مجموعة من تجار المخدرات النيران بكثافة، وكان من المنطقى أن تتراجع القوة لأن تسليحها غير كافٍ، لكن الشهيد رفض التراجع، وقرر اقتحام وكر المجرمين فى جبل السلام، والقبض عليهم ونجح هو وقواته فى ذلك لكن أثناء الاشتباك أطلق أحد المجرمين رصاصة غادرة على الشهيد فأصابته فى رأسه ففاضت روحه الطاهرة إلى ربه.

وقالت أم الشهيد: يكفينى فخرا أنى رأيته مبتسما ضاحكا كأنه البدر ليلة اكتماله، وسأظل أفتخر بأننى حصلت على لقب أم الشهيد.