الرائد عمرو وهيب.. أول شهيد فى الصاعقة

أرملة الشهيد: طلب الشهادة بنية صافية وخالصة.. ومكالمة وزير الدفاع جعلته سعيدًا
الشهيد الرائد عمرو وهيب، قائد سرية الصاعقة بالكتيبة 83 فى رفح، وأحد أبناء محافظة الإسماعيلية، قدم حياته فى انفجار عبوة ناسفة فى سيارة دفع رباعى كان يستقلها فى بمحافظة شمال سيناء، خلال مشاركته فى إحدى المداهمات الأمنية لأوكار الإرهابيين، وهو الحاصل على لقب أول شهيد فى قوات الصاعقة، التحق بسلاح المشاة، ومنه إلى الصاعقة وشارك فى عملية حق الشهيد 1، وساهم فى القضاء على العديد من الإرهابيين، وكان لـ"الزمان"، لقاء مع أرملة الشهيد البطل دعاء إبراهيم، والتى روت لنا بطولاته وعلاقته بأهالى سيناء وكيف استشهد، بالإضافة إلى مكالمة وزير الدفاع له قبل استشهاده والتى جعلته أكثر سعادة.
قالت أرملة الشهيد: كان شخصا محبوبا من الجميع وابتسامته تسبقه فى الحديث مع الآخرين، وله مواقف كثيرة من الشهامة والجدعنة فى كل مكان خدم فيه، وعاصرنا هذا الحب والتقدير فى أعين الناس خاصة أهالى سيناء الذين كانوا يتواصلون معه فى إجازته للاطمئنان عليه، وبعد استشهاده تواصل معنا الكثير منهم، وعبروا عن حبهم وعلاقتهم الوطيدة مع الشهيد البطل، وقام عدد منهم بعمل صدقات جارية باسمه، وبعد استشهاده بشهر حرص والدى على الذهاب للمكان الذى كان يخدم فيه وفور وصوله استقبله أهالى سيناء بترحاب وحفاوة لمجرد أنه أخبرهم بأنه قريب الشهيد عمرو وهيب، وقالوا له إن الشهيد كان حسن المعاملة ويتعامل معهم بكل الحب ويخاف عليهم، وكانوا يقدمون له مساعدات كثيرة ويتعاونون معه لمواجهة التكفيريين.
واستطردت زوجة الشهيد بقولها: كان محبوبا من جميع قادته وزملائه وذلك بشهادة الجميع، حتى إنه فى أحد أيام إجازته فوجئ باتصالات عديدة من قائد الجيش الثانى الميدانى، وقادة من القوات المسلحة، بالإضافة إلى اتصال وزير الدفاع، للتأكيد على أن جهوده فى رفح بطولات سيذكرها التاريخ، وهو ما أسعده كثيرا، حيث قال له الوزير: "ازيك يا بطل أنا فخور إن الجيش فيه بطل زيك والبلد بخير ومش هتقع أبدا بوجود أبطال زيك، بيحافظوا على الأرض"، ثم طلب أن يتحدث معى وقال لى: "أنتِ زوجة بطل ووراء كل عظيم امرأة، وعمرو بطل من أبطال الصاعقة يجب أن تكونى فخورة به، وعلى فكرة إحنا بنعيش فى أمان بسببه وبسبب زمايله الأبطال"، وكان للمكالمة مفعول السحر عند الشهيد حيث رأيت الفرحة تملأ وجهه ولكننى كنت خائفة جدا عليه من التكفيريين، وكانت المكالمة قبل شهر واحد من استشهاده وكان السبب فى مكالمة وزير الدفاع وقتها أن عمرو كان فى مداهمة لمنطقة خطيرة عبارة عن مزارع مكشوفة، واستطاع أن يقضى على كل العناصر التكفيرية، وعاد بالقوات دون أى خسائر، وكنت سعيدة جدا باتصال وزير الدفاع، الذى يدل على تحقيقه للانتصارات الخالدة.
وأكملت أرملة الشهيد عمرو، قائلة: قبل استشهاده كلمته فى التليفون وكانت شبكات الاتصال فى رفح صعبة جدا، وشعرت بأن صوته غير طبيعى فسألته فأجابنى بأنهم يستعدون فى الكتيبة للقيام بمداهمة خطيرة، وطلب أن يتحدث إلى ابنتنا ملك فقال لها: "خلى بالك من ماما وإخواتك واسمعى كلامها وأنا مش هتأخر عليكم وجايلكم بسرعة"، وكان دور الشهيد يتمثل فى دعم القوات أثناء الاقتحام فى منطقة تسمى "المهدية"، وكان يقف فى كمين مع الجنود ومعه كمية من الذخيرة استعدادا لطلب الدعم، وفور طلبه أسرع بالسيارة المصفحة "هامر"، ولم ينتظر أن يقودها أحد الجنود بل أصر أن يقودها بنفسه خوفا على زملائه، لكن التكفيريين وضعوا على الطريق 250 طنا من "سى فور"، وهو نوع من المتفجرات شديدة الخطورة، وقبل لحظات من إبلاغه بوجودها على الطريق كان عمرو قد اخترق اللغم وانفجرت السيارة، واستشهد الجميع وتم بتر ساق الجندى الذى كان يجلس فوقها، وأعلنت وقتها جماعة أنصار بيت المقدس مسئوليتها عن الحادث، وقامت بتصوير سيارته والتفجير وبثت الفيديو على اليوتيوب، حينما سمعت الخبر، وكانت صدمتى كبيرة حيث شعرت بأننى فى كابوس كبير لم أكن أصدق بأننى لن أرى زوجى مرة ثانية، لقد عشت فترة صعبة جدا بعد استشهاده لكنى أشعر بالفخر لأننى زوجة بطل وشهيد أحبه الجميع، كما أن القوات المسلحة ثأرت لاستشهاده وقضت على التكفيريين الذين زرعوا العبوات الناسفة لتفجير سيارته وشعرت أن جزءا من حقه رجع.
واستطردت زوجة الشهيد عمرو، قائلة: الشهيد كان دائما يتحدث عن منزلة الشهيد، ويقول نفسى أكون شهيدا، وكنت أرد عليه بعبارة "بعد الشر"، وكنت أحزن كثيرا وأبكى من شدة خوفى عليه، فكان يمازحنى ويقول لى هاخدك معايا فى الجنة، ده الشهيد بيشفع لـ70 واحد من أهله وأنتِ أول حد هيكون معايا فى الجنة، وعندما كنت أسأله أنت مش خايف من الموت؟، كان يؤكد لى أنه مستعد له فى أى وقت، وأنه يتمنى الشهادة من قلبه بنية خالصة، كما أنه كان يحكى كثيرا عن استشهاد أصدقائه أمام عينيه، وأنه يفقدهم فى لمح البصر لكن أكثر شهيد تأثر به هو الشهيد مصطفى الوديدى من سلاح المشاة، حيث كان يشاركه فى عمليات كثيرة ضد العناصر التكفيرية.
وأشارت إلى أن الشهيد عمرو كانت له مواقف شهامة وجدعنة فى كل مكان خدم فيه، وأتذكر فى يوم اتصل بى وسألته عن حاله، وقال إن المدرعة التى كان يستقلها أثناء إحدى المداهمات تعطلت فى الطريق واضطر أن ينام مع الجنود فى الصحراء حتى يصل إليه الدعم، وعلمت أنه نام فوق المدرعة والجنود ناموا فى الكابينة وعندما سألته كيف تعرض نفسك للخطر وبرودة الطقس قال الجنود مسئوليتى وسلامتهم أمانة فى رقبتى.
وحول علاقته بالشهيد أحمد منسى قالت زوجة الشهيد بعد استشهاد عمرو جاء الشهيد أحمد منسى والشهيد شبراوى والشهيد خالد مغربى لتقديم واجب العزاء وكانوا يتواصلون معى للاطمئنان على أبناء الشهيد البطل، خاصة أن عمرو كان أول شهيد فى سلاح الصاعقة، وعلمت بعد ذلك أن الشهيد منسى قدم لعمرو عمرة صدقة على روحه، وقال لى الشهيد خالد مغربى إنه كان مقربا جدا من عمرو وتعلم منه الكثير، وفوجئت أيضا فى نهاية إحدى حلقات مسلسل الاختيار بعرض قصيدة بصوت الشهيد منسى ينعى فيها عمرو مع عدد من شهداء الصاعقة، وظهرت صورته فى النهاية "شهيد يسلم شهيد".