جريدة الزمان

تقارير

«صهر أردوغان».. سمسار صفقات النفط مع تنظيم داعش

مصطفى شاهين -

بخطى سريعة تحركت الأحداث الأيام الماضية داخل منزل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لتطفو الخلافات العائلية على السطح بعدما استقال وزير المالية والخزانة بيرات ألبيرق زوج ابنة الرئيس والذى أعلن استقالته على خلفية تعيين الرئيس التركى اسمًا جديدًا كمحافظ للبنك المركزى دون الرجوع لوزير المالية بما اعتبره إهانة فتقدم على إثرها بالاستقالة، لكن الأسباب الحقيقية يحتفظ كلا الطرفين بها داخل منزل أردوغان، فيما رجح بعض المحللين بأن صفقات النفط التى أبرمها وزير المالية المستقيل وصهر أردوغان كانت سببا وآخرون اتجهوا إلى وجود خلافات عائلية ورغبة الرئيس التركى فى التحكم بالتصرفات الشخصية لجميع أفراد العائلة من منطلق الديكتاتورية التى يمارسها على الشعب.

وترصد "الزمان" إمبراطورية الفساد التى شكلها صهر أردوغان بمعاونة الرئيس التركى، وكانت البداية من القضية الأشهر وهى الاستيلاء على النفط الإيرانى حيث تورط البيرق فى قضايا فساد كبرى، قبل عام حيث كشفت محاكمة تجرى فى إيران لرجال أعمال تورطوا فى ملف فساد نفطى شارك فيها أيضا رجل أعمال تركى يدعى رضا ضراب، ومسئولون أتراك، أحداث مثيرة حيث اتهمت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط "استيلاء صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على أموال النفط الإيرانية"، وخلال إحدى جلسات المحاكمة فى يوليو 2017 اتهم الممثل عن الشركة الوطنية الإيرانية للنفط مهدوى، صهر أردوغان بالاستيلاء عن أموال النفط الإيرانية، بدلا من إعادتها إلى خزانة الدولة، قائلا "إن أموال النفط الإيرانية تم إنفاقها فى شراء مصنع للألمونيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل لصهر أردوغان".

وجرت فى تركيا حملة اعتقالات واسعة ضد صحفيين شاركوا فى فضح إمبراطور الفساد المالى "صهر أردوغان".

البيرق طالته أيضا شبهات حول علاقته السرية بتنظيم داعش الإرهابى الذى اشترى من التنظيم النفط السنوات الأخيرة، فقد نشرت ويكيليكس مجموعة كبيرة من الرسائل الإلكترونية لبرات تغطى الفترة ما بين عامى 2000 إلى أواخر 2016، وقالت صحيفة الإندبندنت البريطانية فى ديسمبر 2016 إن هناك أدلة قوية على علاقة صهر أردوغان بشركة تركية متهمة بشراء النفط من تنظيم داعش الذى كان يسيطر على عدد كبير من آبار النفط فى سوريا والعراق خلال عامى 2015 و2016.

وفضحت روسيا عائلة أردوغان واتهمتهم بالإتجار بالنفط المنتج فى مناطق داعش، فقد قال نائب وزير الدفاع الروسى، أناتولى أنطونوف، أواخر 2016 إن ابن أردوغان بلال وصهره يتاجران بالنفط الذى تبيعه داعش إلى وسطاء ينتهى فى آخر المطاف إلى تركيا.

وتربط البيرق علاقات بدولة الاحتلال الإسرائيلى، ففى أعقاب تطبيع العلاقات بين البلدين سلمه أردوغان ملف التطبيع، وسافر إلى إسرائيل فى عام 2016 وعقد لقاءات مع نظيره الإسرائيلى، يوفال شتاينت، تطرقت إلى تعاون البلدين فى مجال نقل الغاز المستخرج من حقول الغاز الإسرائيلية فى البحر المتوسط إلى تركيا والقارة الأوروبية.

وعلاقته بابنة الرئيس التركى، بدأت أثناء وجوده فى الولايات المتحدة فوجدها فرصة ذهبية للتعرف على ابنة أردوغان (إسراء) التى كانت تدرس فى جامعة بيركلى فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وتمكن بالفعل من الزواج بها عقب عودته مباشرة إلى تركيا عام 2006 حيث عقد قرانه عليها فى حفل ضخم حضرته شخصيات سياسية واقتصادية رفيعة فيما بدا وكأنه تدشين لمرحلة مقبلة من الصعود الصاروخى فى الأوساط السياسية والاقتصادية التركية.

عقب عودته إلى تركيا تولى بيرات منصب نائب مدير الشئون المالية لمجموعة شركات (تشاليك) وفى العام التالى لعودته 2007 تم تعيينه رئيسًا تنفيذيًا لكامل شركات المجموعة وقد ركز كامل مجهوداته خلال هذه الفترة على الأعمال والصفقات التجارية، بما فى ذلك محاولة الاستحواذ على بعض وسائل الإعلام المحلية مثل صحيفة (صباح) وقناة (خبر) التليفزيونية، وهذا كله كان يتم ضمن استراتيجية يتجهز فيها للحظة المناسبة التى سيدخله فيها أردوغان إلى الساحة السياسية التركية.

خلال مسيرته السياسية الطويلة نسبيًا لاحقته شبهات الفساد المحلية والدولية فى معظم مراحل هذه المسيرة، وفى كل مرة كان يلجأ هو ووالد زوجته إلى تكميم الصحفيين وترهيب القضاء والنيابة من أجل التغطية على أية محاولات لكشف أوجه الفساد المالى والإدارى التى تفنن فيها بيرات.

البداية كانت خلال فترة توليه منصب وزير الطاقة والموارد الطبيعية، إذ بدأت ملامح سياسته الاقتصادية المتهورة فى الانكشاف بعد أن أرسل إلى وزارته أن تفرض زيادات غير مبررة على أسعار بيع الطاقة بمختلف أنواعها، وأن تتوسع فى الاستدانة من البنوك المحلية من أجل تغطية صفقات الاستحواذ وشراء الشركات والأسهم فى قطاع الطاقة والوقود دون أدنى دراسة لتبعات هذا التوسع، وهذا جعل قطاع الطاقة التركى الذى استدان من البنوك المحلية أكثر من 20 مليار دولار من أبرز القطاعات المساهمة فى أزمة الديون الداخلية التى اندلعت منذ عام 2018 وحتى الآن.