جريدة الزمان

تقارير

الاحتلال يتوسع فى جرائمه الاستيطانية

إسراء نبيل -

تواصل سلطات الاحتلال، خطواتها الماجنة المتمثلة فى احتلال الأراضى الفلسطينية، وبناء وحدات استيطانية فى المناطق الحساسة مثل القدس الشرقية، وهى خطوات تهدف إلى دفع مشروع التوسع الاستيطانى، قدما قبل أن يتولى الرئيس الأمريكى المنتخب، جو بايدن منصبه، والذى عبر مسئولون إسرائيليون عن قلقهم من احتمال ممارسة إدارته ضغوطا على إسرائيل، بكل ما يتعلق بقضايا الصراع الفلسطينى– الإسرائيلى.

ووفقا للشرعية الدولية، يعتبر المجتمع الدولى، أن المستوطنات غير شرعية، استنادا إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التى تمنع سلطة الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضى المحتلة.

ضم سلس

وفى إطار الخروج عن القانون الدولى، أعلنت سلطة التخطيط والأراضى التابعة للاحتلال الإسرائيلى، عبر موقعها الإلكترونى، مطلع هذا الأسبوع، طرح مناقصات لبناء 1257 وحدة استيطانية جديدة فى مستوطنة «جفعات هاماتوس»، والتى تعتبر منطقة حساسة جنوب القدس الشرقية.

حيث دعت السلطة التابعة للاحتلال، مقاولين للمشاركة فى عطاء لبناء الوحدات الاستيطانية الجديدة، بموجب خطة أحياها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، فى فبراير الماضى، بعدما تسببت معارضة دولية فى تجميدها فعليا، وفقا لموقع «i24news» الإسرائيلى.

وقالت سلطة التخطيط، خلال بيان: «إن هذه الخطوة تمثل اليوم أحدث إجراء منذ فبراير من العام الحالى، عندما تم نشر مناقصة لبناء 1077 وحدة من أصل 2610، خطة لـ«جفعات هماتوس«.

وأشار بيان السلطة: «إلى أنه بين ذلك الحين واليوم، تمت إضافة 180 وحدة إلى المناقصة، ومعنى نشر كتيب المناقصة، هو أن المناقصة مفتوحة الآن للمناقصات، ويمكن للمقاولين تقديم عروضهم للفوز بحق بناء الوحدات فى «جفعات هماتوس«.

كما أفادت، بأن اليوم الأخير لتقديم العروض هو الـ18 من يناير من العام القادم، أى قبل 3 أيام من تغيير الإدارة الأمريكية، بأداء الرئيس الأمريكى المنتخب، جو بايدن، اليمين الدستورية، خلفًا للرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، الذى دعم الاستيطان الإسرائيلى، منذ توليه المنصب.

وفى نفس السياق، صادقت حكومة الاحتلال، نهاية الأسبوع الماضى، على بناء نحو 100 منزل جديد فى حى فى القدس الشرقية، ضمن مشروع كان يفترض أن ينفذ فى العام 2010، لكنه علق بسبب معارضة نائب الرئيس الأمريكى آنذاك، جو بايدن.

تنديد دولى

وأثار هذا الإعلان غضب المجتمع الدولى، إذ اعتبروه بمثابة الضوء الأخضر للمزيد من سرقة الأراضى، وفرض أمر واقع بتوسيع البؤرة الاستيطانية فى الأراضى المحتلة.

حيث زار رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبى، وسفراء دول أوروبية مختلفة، مستوطنة «جفعات هاماتوس» جنوب القدس المحتلة، احتجاجا على قرار سلطات الاحتلال الأخير.

وقال الدبلوماسيون، خلال بيان صادر عن مكتب ممثل الاتحاد الأوروبى فى فلسطين: «إنه تم الاجتماع بشكل عاجل لمعاينة الموقع المخصص للمستوطنة الجديدة المخطط لها فى الضفة الغربية المحتلة، حيث قام ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدنى باطلاعهم ومناقشة آثار قرار السلطات الإسرائيلية»، وفقا لوكالة «وفا» الفلسطينية.

وبدوره، شدد ممثل الاتحاد الأوروبى، سفن كون فون بورغسدورف: «على أن الإعلان الإسرائيلى، عن فتح باب العطاءات لـ«جفعات هاماتوس»، الواقعة بين القدس وبيت لحم فى الضفة الغربية المحتلة، يشكل مصدر قلق كبير للاتحاد الأوروبى، والدول ذات المواقف المماثلة، ويشكل هذا جزءًا من توجه مقلق حيث تواصل إسرائيل، سياستها فى تعزيز المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة«.

وقال بورغسدورف: «إذا كانت إسرائيل، ستمضى قدما فى خططها لمستوطنة هنا، فإنها ستلحق ضررا جسيما باحتمالات قيام دولة فلسطينية، قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا، وعلى نطاق أوسع، سيهدد ذلك قابلية حل الدولتين المتفاوض عليه، بما يتماشى مع المعايير المتفق عليها دوليًا ومع القدس كعاصمة مستقبلية لدولتين«.

ومضى فى قوله: «نحن هنا اليوم أيضا لتأكيد موقفنا الراسخ بأن المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولى، وأن كل النشاط الاستيطانى يجب أن يتوقف«.

وفى ذات السياق، دعت وزارة الخارجية الألمانية، إسرائيل إلى الرجوع عن خطة بناء وحدات استيطانية جديدة فى القدس الشرقية المحتلة، مؤكدة أن بناء المستوطنات فى الأراضى المحتلة، يتعارض مع القانون الدولى، ويعرض للخطر إمكانية التوصل إلى حل الدولتين المتفاوض عليه.

وأدانت فرنسا، الإعلان الإسرائيلى، خلال بيان رسمى، قائلة: «تدين فرنسا الإعلان عن بناء 1257 وحدة سكنية فى جفعات هاماتوس فى القدس الشرقية«.

وبدوره، حذر رئيس الوزراء الفلسطينى، محمد اشتية، خلال كلمته فى مستهل جلسة الحكومة الـ83، من التطورات الخطرة غير المسبوقة فى المشروع الاستيطانى الإسرائيلى، قائلا: «ننظر بقلق للتقارير المتواترة عن مشاريع استيطانية استعمارية جديدة فى القدس العربية والضفة الغربية، التى تهدف لتطويق وخنق الأحياء العربية الفلسطينية، ومنع التواصل بينها وبين بقية أنحاء الضفة، فى عزل تام لمدينة القدس»، حسبما أفادت وكالة أنباء «الشرق الأوسط«.

وأكد اشتية: «أن المناقصة الأخيرة، ستؤدى لحصار قرية بيت صفافا بالكامل، وشأنها شأن مشروع التوسعة فى مستعمرة جبل أبوغنيم، هار حوما«.

وأشار رئيس الوزراء الفلسطينى: «إلى أن حكومة الاحتلال، تسابق الزمن لتشريع بؤر استعمارية، بنيت على أراضٍ فلسطينية، من خلال ترخيص 1700 وحدة استعمارية مبنية بالفعل«.

وشدد اشتية، على أن الحكومة الفلسطينية، ستتخذ كافة الإجراءات الممكنة، للوقوف بوجه هذه القرارات والمشاريع، التى تعمل الحكومة الإسرائيلية عليها.

ومن جهته، أعرب المتحدث الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبوردينة، عن إدانته لطرح المناقصة، قائلا: «هذا القرار الاستيطانى الجديد، هو استمرار لمحاولات حكومة الاحتلال، قتل حل الدولتين المدعوم دوليا والتنكر لكل قرارات الشرعية الدولية التى أكدت مرارا بأن الاستيطان جميعه غير شرعى«.

كما أدانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى، خلال بيان، القرار الاستيطانى، قائلة: «ذلك القرار استمرارا لسياسة الضم والاستيطان الإسرائيلية، التى تشكل انتهاكا للقانون الدولى، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا سيما قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2334، ولا يخدم عملية السلام القائمة على حل الدولتين وعاصمتها القدس الشرقية«.

وطالبت المنظمة، المجتمع الدولى، بتحمل مسئولياته على وقف انتهاكاتها وجرائمها المستمرة فى جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها مدينة القدس.

واستنكر البرلمان العربى، فى بيان له، قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلى، قائلا: «إن هذا القرار المُدان والخطير يأتى فى سياق السياسة الاستيطانية المرفوضة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فيها مدينة القدس المحتلة، ويشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولى، وقرارات الشرعية الدولية، والإمعان فى تقويض أسس حل الدولتين المعبر عن الشرعية الدولية، وقرارات المجتمع الدولى«.

وطالب المجتمع الدولى والأمم المتحدة، بإعلان رفضهم وإدانتهم لهذا المشروع الخطير، والقيام بدورهم لوقف الجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطينى وأرضه المحتلة، وممارسة الضغط على سلطات الاحتلال لوقف هذه المشاريع التى تتحدى إرادة المجتمع الدولى والقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

عيد الاستقلال

وفى غضون ذلك، أحيت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، الذكرى الـ32 ليوم الاستقلال الفلسطينى، بمطالبة الأمم المتحدة، بإنهاء الاحتلال.

حيث قال الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية، ورئيس قطاع فلسطين والأراضى العربية المحتلة، السفير سعيد أبوعلى، فى بيان: «إن المجتمع الدولى ممثلاً بالأمم المتحدة، ستبقى مسئولة مسئولية قانونية ومعنوية فى إنهاء الاحتلال الذى بدأ عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وبالتالى فإنها مدعوة بحكم ميثاقها وقراراتها باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ تلك القرارات بما يفضى إلى إنهاء الاحتلال، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة السيادة والاستقلال«.

وفى ذات السياق، أكد أبوعلى: «أن أى مشاريع أو محاولات تنتقص من حقوق الشعب الفلسطينى، كصفقة القرن أو غيرها، وتنتهك قرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولى وما رتبته وضمنته للشعب الفلسطينى من حقوق، لن يكتب لها النجاح، وسيرفضها المجتمع الدولى، ويفشلها كفاح الشعب الفلسطينى المتشبث بأرضه وحقوقه المشروعة مهما طال الزمن«.

ويجدر الإشارة إلى أن يوم الاستقلال، هو ذكرى إعلان قيام دولة فلسطين، خلال اجتماع المجلس الوطنى الفلسطينى فى دورته الـ19 بالجزائر عام 1988، حيث ألقى خطاب إعلان الدولة الرئيس الفلسطينى، الراحل ياسر عرفات.