جريدة الزمان

حوادث

الرائد سعيد حمدى ”الجوكر”.. شهيد بئر العبد وعاشق سيناء

الشهيد الرائد سعيد حمدي
حامد محمد -

زوجة البطل: أرض الفيروز كانت فى قلبه حتى نال الشهادة

 

"مش أى حد يموت شهيد على الأرض دى".. تلك الكلمات كان دائما يرددها الشهيد الرائد سعيد حمدى، شهيد بئر العبد، أو عاشق سيناء كما لقبه زملاؤه وأقاربه وذلك لعشقه الشديد لأرض الفيروز.

وكما أكدت زوجة الشهيد لـ"الزمان" أن الشهيد بعد انتهاء خدمته فى سيناء تقدم بطلب لنقله مرة أخرى وكان يقول "سيناء أصبحت فى قلبى".

وقالت شروق أشرف، زوجة الشهيد، إن الرائد سعيد حمدى سعيد دفعة 107 حربية سلاح الاستطلاع مواليد 25/6/1992 محافظة القاهرة، حاصل على عدة تكريمات لدوره ومشاركته فى العملية الشاملة سيناء 2018 ، كما حصل على فرقة قادة سرايا بتقدير امتياز، استشهد ببئر العبد 30/8/2020، استشهد البطل الرائد سعيد حمدى هو و7 من المجندين نتيجة عملية إرهابية قام بها إرهابيون بتفجير عبوة ناسفة ببئر العبد بشمال سيناء.

وأضافت زوجة الشهيد: "سعيد خدم فى سينا 3 سنوات وبعد انتهاء خدمته، تم عمل حفله له ومعى الفيديو الخاص بها وتم تكريمه من قبل قادته وزملاؤه وحينما شاهدت الفيديو رأيته يبكى فقلت له "أخيرا خلصت من قلقى" لكنه كان حزينا جدا، ثم تم نقله لمكان مميز جدا الجميع يتمناه، وكان الجميع يحسدونه، حتى أن أحد أصدقائه كتب له رسالة على الفيس بوك قال له "عقبال ما ترجع معانا يا سعيد قال له لا يا عم سينا بقت فى قلبى" ، وفى غضون 6 أشهر رجع لسيناء مرة أخرى وأنا كنت مندهشة للغاية فاكتشفت أنه هو من طلب الرجوع لسيناء ولم يخبرنى".

وتابعت زوجة الشهيد: "الشهيد سعيد كان معروفا ببساطته وحبه لجميع جنوده وأنه كان يعاملهم كإخوته وذلك بشهادتهم حتى الآن، وأن غرفته كان تعتبر مقر اجتماعات للجميع، لأنه شخص متواضع وغير متكبر، وكثير من الجنود بعد خروجهم من الخدمة كانوا يتصلون بالشهيد لكى يحضر زفافهم ويكون هو الشاهد على زواجهم وبالمناسبة من أغلب محافظات مصر وهو لا يمانع ويقوم به بنفس راضية، حتى أن بعض الجنود بعد استشهاده قاموا بعمل حسابهم على مواقع التواصل الاجتماعى صدقات على اسم الشهيد والبعض منهم "علقوا صورة الشهيد على منازلهم".

وتكمل زوجة الشهيد: "اليوم الذى استشهد فيه كان فى المستشفى لأنه كان يعانى من مشاكل فى الظهر، وأخبروه بأنه لا يستطيع الخروج لكنه أصر، فرآه ضابط احتياط يدعى معتمد وكانت قد انتهت خدمته ولما رأى إصراره ذهب معه، وفى المساء اتصل علينا وكأنه يودعنا وصلى بأفراد الكتيبة الفجر ثم ذهبوا فى المهمة التى استشهدوا فيها".

وأشارت زوجة الشهيد، إلى أن الرائد سعيد كتب رسالته أو وصيته قبل أسبوعين من استشهاده وأرسل لى رسالة يخبرنى بأنها موجوده فى "محفظته" وطلب منى أن أفتحها فى حال استشهاده وقد حدث بالفعل، واختتمت زوجة الشهيد حديثها بأن للشهيد جملتين كان دائم التكرار لهما وهما "مش أى حد يموت شهيد على الأرض دى" و"تعيشى يا بلدى وعلمك مرفوع بيدى".

وننشر رسالة الشهيد سعيد حمدى التى تركها بخط يده، ونصها كالتالى: "ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا، بل أحياء عند ربهم يرزقون"، لأعزائى وأحبابى وأهلى وأصدقائى أنا لم أمت.. أنا اخترت الرحيل كى أعيش حيا فى تاريخ وطنى مصر.. أنا حى فى تاريخ شهداء مصر وفى تاريخ العطاء والتضحية للوطن.. أنا حى واسمى مخلد بين أسماء شهداء رجال القوات المسلحة الذين دفعوا حياتهم فداء لمصر.. اخترت أن أشرف اسمك يا أبى واخترت أن أجعلك يا أمى من نساء أهل الجنة واخترت أن أكون شفيعا بشهادتى لكم يا أهلى، فالشهيد كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام "يشفع فى سبعين من أقاربه".

وتابع فى رسالته: "يا بنى رحلت عنك وقد لا تتذكرنى وتعرفنى.. ستمضى بك السنوات وقد تغفل ملامحى وملامح صوتى ووجهى ولكننى حى بينكم.. اسمى سيظل مرافقا لك وسيزيدك شرفا وعزة فأنت ابن شهيد الوطن.. ستمر بين الناس ويشار إليك أنك ابن من فدى مصر بروحه ودمه.. ستظل روحى ترفرف معك طول حياتك العلمية والعملية".

واستطرد: "اخترت أن يزهر الوطن بدمى ويستمر.. كى يعيش وطنى وتتشرف به صفحات التاريخ لا بد أن نقدم دماءنا فداه.. أرواحنا التى دفعناها لأجل أن تبقى مصر بلد شامخ.. لم يكن من الممكن أن نقبل أن تختطف مننا أرضنا التى نشأنا عليها وتسلب.. لم نكن لنرضى أن تمر بنا مثل هذه الأيام وقد فقدنا بهجة أعيادنا الوطنية وفقدنا معها الأمن والأمان والاستقرار.. ولم نكن لنقبل أيضا أن تسقط سيناء فى يد أعداء السلام والعرب.. هذا واجبنا عند الله قبل أن يكون واجبنا للوطن عندما رحلنا إلى أرضها للدفاع عنها ونحن ندرك أننا قد لا نعود لكم فقد اخترنا أن نرحل إلى الله".

وقال: "أبى يا من ما زلت تبكينى.. أمى يا من دموعك لا تزال تذرف شوقا وحنينا إلى.. زوجتى يا من أوجعك فراقى وغيابى عنك.. ابنى يا من تفتقد وجودى.. أريدكم أن تفتخروا بى.. أريدكم أن تعتزوا بطريقة استشهادى لا أن تحزنوا.. لقد اخترت درب الشهادة والشجاعة.. وهل هناك أفضل من الاستشهاد فى سبيل الله والوطن.. وهل هناك مرتبة عالية وتكريم كمرتبة الشهيد فى الإسلام؟؟ اخترت أن أسبقكم إلى الجنة.. اختارنى الله قبلكم لألتقيكم هناك".

وأضاف: "وإن قالت عنى دكاكين حقوق الإنسان والمنظمات المشبوهة أن قتل الجنود المصريين عقاب الدنيا فإن حقى يوم الحساب عند رب العالمين والعدل لن يضيع.. أنا الشهيد المصرى الذى تحتفى به مصر كلها اليوم وأريدكم أن تحتفوا بى فخرا وعزة وشرف.. أنا الشهيد المصرى الذى تشهد أرض سيناء بأن دمى نزف هناك لأجل أن تستمر بلاد العرب عربية".

واختتم: "رحيلى ليس قصة حزن فى حياتكم إنما تشريف وقصة الفوز الأعظم بالفردوس الأعلى.. أود أن تبقى مصر كما عاهدتنا فى حياتى بلد الحب والعطاء والخير لأنها بالنسبة للعرب هى القلب وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب حياة".