جريدة الزمان

تقارير

الليبيون يواجهون مخططات استنزاف الموارد الطبيعية

محمد عبد المنصف وعلي الحوفي -

تسعى مصر بكافة السبل السياسية لحل الأزمة الليبية المعقدة والتى تؤثر على الأمن القومى المصرى والعربى وخاصة فى ظل تنامى الإرهاب وانتشار المرتزقة والتدخل التركى الكثيف فى الغرب الليبى وإنشاء قاعدة عسكرية "الوطية" غرب جنوب ليبيا مما يشكل تهديدا لأمن المنطقة.

ورعت مصر خلال الأسبوع الماضى الحوار الدستورى بعد النجاح السياسى فى انتخاب سلطة تنفيذية جديدة بجنيف لقيادة الفترة الانتقالية والتجهيز للانتخابات فى ديسمبر المقبل.

ومن جانبها أكدت الوفود الليبية المشاركة فى مباحثات وضع الدستور الليبى التى عقدت بمدينة الغردقة على مدار 3 أيام من 9 إلى 11 فبراير الجارى، بحضور وفدى مجلسى النواب والأعلى للدولة برعاية الأمم المتحدة ومشاركة رئيس المفوضية العليا للانتخابات، حرصها على إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد، وأن تتم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى موعدها، فيما طرح الخبراء تساؤلا حول مدى قدرة المجلس الرئاسى المؤقت بقيادة عبدالحميد محمد دبيبة، على مواجهة التحديات التى تعوق تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية فى موعدها.

وفى اتصال جمع الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيسى المجلس الرئاسى الليبى الجديد ورئيس الوزراء محمد المنفى وعبدالحميد دبيبة أكد على استعداد مصر للاستمرار فى تلبية كافة احتياجات الأشقاء الليبيين لاستعادة الاستقرار إلى بلادهم، وذلك امتداداً لمسار العلاقات التاريخية التى تجمع بين الشعبين الشقيقين، وانطلاقاً من حرص القاهرة على مساعدة الشعب الليبى الشقيق فى استكمال آليات إدارة دولته.

كما ثمن الدبيبة والمنفى دور مصر الرائد، وجهودها الحثيثة والصادقة فى دعم ومساندة أشقائها فى ليبيا فى إطار العلاقات الممتدة والأخوية التى تربط البلدين والشعبين الشقيقين، معرباً عن عميق تقديره للسيد الرئيس والشعب المصرى للوقوف بجانب أشقائهم الليبيين فى إدارة المرحلة الانتقالية، ومساندتهم فى المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقهم.

وتواجه السلطة الجديدة فى ليبيا العديد من العقبات السياسية والاقتصادية والأمنية والدستورية التى تحتاج إلى دعم عربى وخاصة من دول الجوار ومصر.

ومن جانبه أكد وزير خارجية حكومة الوفاق غير المعتمدة محمد سيالة على ضرورة إخراج كافة المرتزقة من ليبيا ودعم الاتفاق العسكرى لوقف إطلاق النار.

وقال وزير خارجية السراج إن المرحلة المقبلة تحتاج لتضامن عربى والمجتمع الدولى لدعم خروج ليبيا من أزمتها.

وأضاف سيالة فى تصريحات خاصة لـ"الزمان" على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، أن نجاح اللجنة العسكرية (5+5) فى تحقيق بنود اتفاق جنيف والخاص بفتح الطريق الساحلى وإزالة الألغام، مطالبا بدعمها دوليا وعربيا لإخراج كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا نهائياً.

وكشف عن عقد اجتماع ثلاثى ليبى مصرى جزائرى اليوم لمناقشة الأمن الإقليمى وتطوير مجالات التعاون المشترك وتنسيق المواقف العربية فى كافة المنظمات الدولية.

وأوضح أنه يجب أن تكون الحكومة المقبلة قادرة على حصد ثقة مجلس النواب والعمل لصالح جميع الليبيين، ورعاية وقف إطلاق النار والحرص على استكمال بنوده.

وفى ذات السياق قال الدكتور جمال شقرة رئيس لجنة التاريخ إن هناك أربعة تحديات تواجه المجلس المؤقت هى الوقف الفورى لأطلاق النار، ووقف التصعيد الإعلامى بين أطراف النزاع وتجميد الاتفاقات العسكرية التى وقعتها حكومة الوفاق مع الدول الأجنبية، وإخراج جميع المرتزقة الأجانب من ليبيا.

أوضح لـ"الزمان"، أن مؤتمر جنيف شهد إجماعا دوليا ظاهريا، غير أن الواقع يؤكد وجود أطماع أجنبية فى البترول والغاز الليبى، الأمر الذى يفرض على كل الرموز الليبيين الإسراع بتحويل الاتفاقات الورقية إلى واقع عملى، فلا زالت الدول الطامعة فى الثروة الليبية تلعب دورا خبيثا فى منع حل الأزمة، ولا بد من تجاوز العنف الداخلى لصد تلك الأطماع.

أضاف شقرة، هى الدولة الوحيدة التى لا يعنيها سوى وحدة التراب الليبى، لذلك سعت إلى لم شمل كل القبائل وهو ما يجب التأكيد عليه فى الدستور الجديد، بصرف النظر عن الأسماء المشاركة، لتطبيق المبدأ الثانى من اتفاق جنيف الذى يقضى بمحاربة الكراهية بين الطوائف الليبية، لافتا إلى ضرورة دمج كل الرموز السياسية القديمة فى المنظومة السياسية الجديدة لأنها تعبر عن شريحة من المجتمع الليبى.

فى سياق متصل أوضح الدكتور أحمد عبدالدايم أستاذ التاريخ الحديث بكلية الدراسات الأفريقية جامعة القاهرة، أن الشعب الليبى عانى من ويلات الحروب عشرة أعوام متتالية منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافى عام 2011.

أضاف الخبير الإستراتيجى أن الخلافات كانت طوال الوقت قاصرة على السياسيين وفكرة المحاصصة التى تسمح لأبناء إقليم غرب أو شرق أو جنوب ليبيا بامتيازات أكثر من الإقليمين الآخرين، أما القبائل الليبية فقد ظلت مرتبطة ببعضها اجتماعيا، ولديهم تاريخ مشترك فى الكفاح ضد الاستعمار الإيطالى.

لفت عبدالدايم إلى انتهاء الدور السياسى للرموز السابقة فى إشارة منه إلى المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافى وعليهم الاندماج فى المجتمع الليبى بتشكيلته الجديدة، مؤكدا أن مصر ستلعب دورا كبيرا فى إعادة إعمار ليبيا من خلال شركات المقاولات المصرية.

توقع الخبير الإستراتيجى أن يستوعب الجيش الوطنى الليبى أكبر عدد ممكن من المليشيات المسلحة، أن ينجح الجيش الوطنى فى التعامل مع المرتزقة الأجانب دون مواجهات مباشرة استثمارا للدعم الأوروبى الذى يخشى من الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط والتى تمثل تهديدا مباشرا لأمنه.