الزمان
جريدة الزمان

تقارير

”الزمان” فى قلب المأساة

صورة ارشيفية
بسمة أحمد -

«دور الرعاية» جحيم يغتال براءة الأيتام

الإهانة والتعذيب والضرب والسب مصير الأطفال.. وعشرات الشكاوى لوزارة التضامن

 

لا يعلم أحد ما يدور داخل "جمعيات الأيتام"، وفى الآونة الأخيرة أصبح الأيتام واللقطاء مجنيًا عليهم، فاشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعى فيديوهات لمدرس يقوم بتعذيب الأيتام بدار الرعاية، وهذا يؤدى إلى أن  يفكر الطفل فى إنهاء حياته بالانتحار، وهناك من تحول إلى مجرم، وبات معظم هؤلاء ينتظرون مصيرهم المجهول.

منذ أيام انتشر على موقع التواصل الاجتماعى فيديو بدار "جمعية الأمل" بالهرم، لمدرس يقوم بحرق أقدام الأطفال بالدار، بالإضافة إلى الإهانة والسب والقذف والضرب بالعصا على أجسادهم. "الزمان" تفتح ملف دور الرعاية لتكشف ما يدور بداخلها من تعذيب وشذوذ جنسى وإتجار بالمخدرات وغيرها من العمليات المشبوهة.

منال مغاورى، موظفة بدار "النجاح والأمل" بشارع حسن محمد بالهرم، وتلك الجمعية تضم ما يقرب من 15000 طفل، تروى لـ"الزمان" التفاصيل المؤلمة التى كانت تراها ومازالت تراها كل يوم من مديرة الدار والمدرسين العاملين بها.

تقول إنه تم تأسيس هذه الجمعية منذ أربعة أعوام، وكانت فى بدايتها تضم ما يقرب من 500 طفل، يطلق عليهم جمعيهم "لقطاء"، وهناك من يهرب من الجمعية، وهناك من يقوم أكثر من مرة بمحاولة انتحار، وهناك من أصبح مجرمًا، وهناك من جعل مكانه السجن حتى يهرب من جحيم وعذاب الجمعية، فمنذ  تأسيس الجمعية وهى تعانى من بعض السلبيات التى أدت إلى هروب الأطفال منها قبل بلوغهم سن الرشد، وقبل أن يتم استغلالهم من قبل الإدارة، فهى تضم أطفالًا وشبابًا وبنات تبدأ أعمارهم من عمر السنتين، وأكبر طفل فى الجمعية يبلغ 11 عامًا، ومعظمهم يخرج إلى العمل ليكسب قوت يومه، فهناك من يعمل "ميكانيكيًا" أو " سايس جراج" أو سباكًا، أو فى مهن أخرى تعود بالنفع على العاملين فى المؤسسة، وهناك من يختار أن يعمل بمجال الإتجار بالمخدرات حتى يهرب من جحيم الجمعية.

وتضيف منال أن أكثر المشاهد التى تذكرها بالعنف، عندما قام أحد الأطفال بذكر "لفظ الجلالة"، حينها تعدت عليه المديرة بالسب والقذف والضرب قائلة بعنف: "لا تذكر لفظ الجلالة، فهذا ليس من حقك لأنك ابن زنا"، ونتج عن هذه الكلمة وجود علاقات غير شرعية بين الجنسين، إلى أن وصلت الكارثة إلى أن وجدنا طفلة تبلغ من العمر 12 عامًا تبين أنها حامل، وحينما اكتشفت مديرة الجمعية هذه الواقعة قامت على الفور بإلقاء تلك الفتاة خارج الجمعية حتى تلقى مصيرها بالشارع.

ولم تكن هذه الواقعة الوحيدة، بل وجدنا حالات حمل كثيرة بين الفتيات اللائى لا تتجاوز أعمارهن 15 عامًا، وإدارة الجمعية على علم بهذا الانهيار الأخلاقى، داخل وخارج الجمعية، بجانب أن الحراس كانوا يتركون الشباب والفتيات فى خلوات خاصة مقابل أجر مادى، ومسئولو الدار كانوا مستفيدين من ذلك، لأن الإدارة تحصل من اللقطاء على مبلغ مالى شهريًا مقابل إقامتهم داخل الجمعية وحصولهم على المأكل والمشرب.

أما حسين عبدالدائم، بالمعاش، وكان يعمل "ساعيًا" بجمعية التوعية بالعمرانية بمحافظة الجيزة، فيروى لـ"الزمان" قائلًا: تم تأسيس جمعية التوعية منذ عامين ونصف العام، وكانت تضم فى بداية الأمر ما يقرب من 1000 طفل لكن الآن تضم ما يقرب من 5000 طفل، والتعداد فى الزيادة، ولا يمر يوم بهذه الجمعية دون الاستماع لكارثة تحدث، فالمدرسون بالدار وعلى رأسهم مدرس كان يدعى محمد حسين، يقومون بنزع ملابس الفتيات أمام الشباب بالدار وضربهن على أجسادهن العارية، ويظل ضرب الفتيات حتى مرحلة الإغماء، بالإضافة إلى أن أغلبية أمهات الأطفال بالجمعية تم إلقاء القبض عليهن فى أثناء ممارستهن أعمالًا منافية للآداب بأماكن مشبوهة.

ويستكمل حسين: اشتهرت جمعية "التوعية" التى ما زالت تعمل حتى هذه اللحظة بعلاقات غير شرعية بين الفتيات وبعضهن، وهكذا بالنسبة للصبية، وعلى الرغم من علم مسئولى وعمال الجمعية بما يحدث داخل العنابر فإنهم لا يهتمون لذلك بالمرة، فما يهم مدير الجمعية والموظفين هو جمع التبرعات فقط، كما تم القبض على بعض المدرسين يقومون بالتحرش بفتيات الدار، وكان رد فعل المديرة حينها أن الفتيات هن المخطئات لأنهن "بنات زنا".

من جهة أخرى، يقول إبراهيم فتحى أحد العاملين بجمعية "تنمية الطفل" بالسيدة زينب، التى تم تأسيسها منذ ما يقرب من عام، ويتم تمويل الجمعية من خلال جمع التبرعات من أهل الخير، ومن بعض أمهات الأطفال الموجودين بالجمعية، وهى تضم أكثر من 3000 طفل: "معظم الأطفال هنا يعانون نفسيًا بسبب ظروف المعيشة، وبسبب لفظ لقيط"، وكان من المفترض أن يكون دور الجمعية هو أن تعوضهم عن العار الذى حل بهم  منذ ولادتهم، لكن هذا الدور غير موجود على الإطلاق، فالجمعية أصبحت أداة للحط من كرامة الطفل، ولا تكاد تمر ثانية إلا ويقوم الموظفون بسب الأطفال بآبائهم وأمهاتهم غير المعروفين أصلًا، بالإضافة إلى تعذيب الأطفال بالحرق، فذات مرة شاهدت مدرسا يقوم بحرق الأطفال فى وجوهم عندما يخطئون".

ويضيف إبراهيم: "وصل بهم حد العقاب إلى إلقاء الطفل فى الحبس الانفرادى ومنعه من الطعام لمدة ما يقرب من 24 ساعة، ولهذا السبب دائمًا ما كان الأطفال يحاولون الهرب من المكان مرارًا وتكرارًا، وكان هناك من تنجح خطته ويهرب، وهناك من كانت مساعيه تفشل، وقد تقدمت بالعديد من الشكاوى إلى وزارة التضامن الاجتماعى، لكن اتضح لى أنه لا جدوى من ذلك، فلم يحدث شىء حتى الآن، إذ التزمت الوزارة الصمت التام تجاه ما يحدث من مخالفات جسيمة وجرائم فى الجمعية".