جريدة الزمان

خارجي ترجمة

المحللون السياسيون يتنبأون بوضع مدمر حال اندلاع أي صراع عسكري

الشرق الأوسط بين سندان الدب الروسي ومطرقة الولايات المتحدة

بوتين و بايدن
ترجمة: سارة حجار -

في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من ملفات مشتعلة، جاء توتر العلاقات بين موسكو وواشنطن ليضيف ملفا جديدا إلى سابقيه، حيث تسبب السجال الكلامي بين رئيسي أكبر قوتين نوويتين في اختلاف رؤى المحللين السياسيين الدوليين والعرب بشأن استشراف مستقبل العلاقات بين البلدين بالإضافة إلى وضع الشرق الأوسط وملفاته في ظل هذا التوتر الذي قد ينبأ بوضع متفجر إذا ما وقع أي عمل عسكري.
 

وكانت استضافت قناة ABC News" "الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أجاب فيها بـ"نعم" على سؤال صحفي فيما إذا كان يعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قاتلا"، متوعدا الإخير بـ"دفع الثمن" في أعقاب تقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية بضلوع روسيا في الانتخابات الأمريكية، ومحاولتها مساعدة الرئيس الأمريكي السابف ترامب على الفوز، فيما جاء رد بوتين بطريقة اتسمت بـ"البرود" على حد وصف موقع الجارديان البريطاني حيث رد "يعرف القتلة بعضهم".

 

ثم علق بوتين متمنيا لنظيره الأمريكي بايدن"الصحة الجيدة"، داعيا إياه لإجراء مناقشة على الهواء مباشرة في القريب العاجل. لكن البيت الأبيض أعلن من جانبه أن الجدول الزمني لبايدن مزدحم للغاية، لتستدعي وزارة الخارجية الروسية سفيرها لدى واشنطن للعودة إلى موسكو للتشاور. وأشارت الوزارة إلى ضرورة تحليل كيفية تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة لمنع تدهورها بشكل لا رجعة فيه، وتحديد الطرق لتصحيح العلاقات الروسية الأمريكية التي قادتها واشنطن إلى مأزق.

 

وفي سياق غير متوقع لتصاعد الخلاف في العلاقات الأمريكية الروسية، هاجم الرئيس الأمريكي جو بايدن شخص نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفيما يمكن وصفه بفتقاد للأدب الدبلوماسي للعلاقات بين الدولتين، وقالت "الجارديان" في تقرير لها جاء تحت عنوان، ( يعرف القتلة بعضهم.. تصاعد الخلاف بين بايدن وبوتين بعد اتهامه بـ "القاتل" ) باستدعاء الكرملين، سفيره لدى واشنطن احتجاجا على ذلك للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين. كما خطب المسئولون الروس مهاجمين بايدن واصفينه بالشيخ، والمنافق العالمي.

ووفقا لما ترجمته "الزمان" عن موقع الجارديان، قال كونستانتين كوساتشيف، نائب رئيس مجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي، إن موسكو ستتخذ على الأرجح المزيد من الخطوات "إذا لم يقدم الجانب الأمريكي تفسيرا أو اعتذارا"، وأضاف كوساتشيف إن تعليقات بايدن، التي أدلى بها في مقابلة تلفزيونية "غير مقبولة تحت أي ظرف من الظروف" وجعلت أي آمال في تحسين العلاقات في ظل الإدارة الجديدة "تضيع هباء". فيما قال أندريه تورتشاك، وهو سياسي بارز في حزب روسيا المتحدة الحاكم، عن مقابلة بايدن أنها "انتصار للجنون السياسي الأمريكي والخرف لشيخوخة زعيمهم".

 

يذكر أن تصريحات بايدن أزمت من العلاقات السياسية وأصبحت على شفا نشوب حرب باردة جديدة بين البلدين وفي مقابلة مع " Stars and Stripes " التابع لوزارة الدفاع الأمريكية توقع ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيجي في موسكو، أن تظل روسيا والولايات المتحدة. في علاقات متوترة بشدة في السنوات المقبلة، مؤكدا على ضرورة التركيز على منع وقوع أي حوادث عسكرية بينهما. وأورد ترينين في تعليق "أهم شيء في العلاقات مع الولايات المتحدة من منظور متوقع هو تجنب الصراع العسكري الغير مقصود"، مضيفا أن موسكو وواشنطن لديهما قنوات الاتصال اللازمة، "من الضروري منع وقوع حوادث محتملة بين القوات المسلحة لروسيا والولايات المتحدة وحلفائها وطائراتهم وسفنهم او في حال استمرارها يجب تسويتها فورا".

 

ومن جانبه يستشرف الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة الدرسات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وضع ملفات الشرق الأوسط في إطار الدبلوماسية المتوترة بين روسيا وأمريكا قائلا مع تراجع اهتمام واشنطن بالمنطقة وتنامي التقارب بين موسكو وبكين. فعلى سبيل المثال، عارضت روسيا والصين انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، واستفادتا من الوضع من خلال التفاوض على تعاون عسكري واقتصادي أوثق مع طهران.

مضيفا في مقال تحليلي جاء تحت عنوان "التوتر الأمريكي - الروسي: دبلوماسية جديدة أم لعب بالنار؟" أن الصين أصبحت أكبر مستثمر في المنطقة منذ عام 2016، وفي العام التالي أنشأت بكين أول قاعدة خارجية لها في جيبوتي. وبالتزامن مع ذلك، انخرطت روسيا دبلوماسياً مع جميع دول المنطقة، وزادت مبيعات أسلحتها إلى مصر والعراق والمملكة العربية السعودية وليبيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا. كما أبرمت موسكو مؤخراً اتفاقية مدتها 25 عاماً لإنشاء قاعدة بحرية في السودان، لتكون الثانية من نوعها بعد قاعدتها في طرطوس في سوريا.

 

وأورد قنديل في تحليله أن جولة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى دول منطقة الخليج في شهر مارس الجاري، كشفت عن رغبة موسكو في ترويج رؤيتها لنظام الأمن الجماعي الشامل في الخليج، والذي يُقترح على دول المنطقة إنشاؤه عبر مراحل تحضيرية عدة، بما في ذلك إجراءات بناء الثقة وعقد مؤتمر حول الأمن والتعاون في هذه المنطقة. وهذه الرؤية لا يمكن أن تكون عفوية وإنما تأتي كجزء لا يتجزأ من الخطة الاستراتيجية لتقدم موسكو في الشرق الأوسط، الذي ارتقى بوضوح إلى مركز متقدم على مقياس أولويات سياستها الخارجية.

 

واختتم قنديل بأن التوتر المتصاعد في العلاقات الأمريكية- الروسية يمثل تحدياً خطيراً للأمن والاستقرار العالميين. وما لم يتم التعامل معه بالحوار والتفاهم بين البلدين، فربما تشهد البشرية "نهاية التاريخ"، بل وربما أيضاً نهاية الحضارة الإنسانية برمتها، لما للدولتين من مقدرات عسكرية (نووية وغير نووية) تستطيع تدمير الحياة على الأرض عدة مرات، حال اندلاع المواجهة العسكرية المباشرة بينهما.