جريدة الزمان

تقارير

تخوفات من انهيار ملف سد النهضة بعد التقارب التركى الإثيوبى

محمد عبد المنصف -

زار رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، العاصمة التركية أنقرة، ووقع مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عددا من الاتفاقات العسكرية، وفى مجال الموارد المائية دون أن يفصح الطرفان عن تفاصيل تلك الاتفاقات.

وصرح الرئيس التركى بأن حجم التبادل التجارى بين إثيوبيا وتركيا ارتفع خلال السنتين الماضيتين بمقدار 200 مليون دولار، ليصل إلى 650 مليون دولار، مضيفا أن هناك 200 شركة تركية توظف 30 ألف شخص، وبالتالى تؤمن لمئات الآلاف من الأشخاص الإثيوبيين قوت يومهم.

وأضاف أنه ناقش العلاقات الثنائية بكافة أبعادها خلال الاجتماعات، حيث تم تقييم الخطوات التى يتعين عليهم اتخاذها بهدف الوصول لحجم التبادل التجارى إلى مليار دولار، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات التركية فى إثيوبيا قد بلغت 2.5 مليار دولار.

وقال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، إن آبى أحمد يمر بظروف صعبة داخليا، تكاد تؤدى إلى تفكك بلاده بعد الانتصار الذى حققته ميليشيات إقليم التيجراى على جيشه، لذلك يبحث عن أصدقاء دوليين جدد لمساعدته.

أوضح لـ"الزمان" أن المحيط العربى قد أغلق فى وجهه نتيجة جهود الدبلوماسية المصرية، كما أن جولة المفاوضات التى عقدت مؤخرا بين مصر وتركيا بالقاهرة قد فشلت، فى إعادة المياه لمجاريها بين البلدين، وترغب فى الضغط على مصر للإسراع بعودة تلك العلاقات لطبيعتها.

أضاف الشهابى أن تركيا تسعى أن يكون لها دور محورى فى حوض البحر المتوسط وهو ما ترفضه مصر، خاصة أن تواجدها كبير فى ليبيا على الحدود الغربية لها، لافتا إلى تجميد خطط توسعها هناك عقب إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن سيرت الجفرة خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه.

لفت رئيس حزب الجيل أن تركيا لم تحقق أى فائدة من قطع علاقتها مع مصر عقب قيام ثورة 30 يونيو 2013، موضحا أنها دولة ميكيافيلية ترفع شعار الغاية تبرر الوسيلة، ولا تلتزم بمبادئ محددة فى علاقاتها السياسية.

أكد الشهابى أن تقوية العلاقات بين تركيا وإثيوبيا لن تضر بمصر لأنها دولة قوية وتدير ملفاتها الخارجية بحكمة واقتدار، لتحقيق أهدافها بهدوء شديد ولا يوجد ما يشكل خطر عليها بما فى ذلك سد النهضة نفسه بعد انهيار التعلية الأخيرة للسد وفشل إثيوبيا فى الملء الثانى لبحيرة السد.

فى سياق متصل أوضح الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات السياسية بجامعة القاهرة بأن ملف مفاوضات سد النهضة يدار داخل أروقة الاتحاد الأفريقى ولا يمكن لأى دولة أن تلعب دورا محوريا فى مفاوضات السد بعيدا عنه.

أشار أستاذ العلوم السياسية إلى تجمد المفاوضات التركية المصرية مما دعى أردوغان إلى استدعاء أبى أحمد وطرح رؤية للتعاون معه كنوع من الضغط على مصر، ولكن عودة العلاقات بين البلدين أمر مرتبط بباقى الملفات الإقليمية بين البلدين.

وقال الدكتور فهمى إن الدول الكبرى مثل روسيا لديها تواجد قوى فى إثيوبيا فهى التى أسست الجيش الإثيوبى فى سبعينيات القرن الماضى، وتريد تسجيل حضورها بقوة فى الأزمة مقابل التواجد المباشر للولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى، ولا تستهدف بالأساس الوقوف ضد مصالح مصر المباشرة.

وأضاف أن هناك زيارات بين الجانبين لإعادة تقييم الموقف خاصة ما يتعلق بملف الضبعة النووى، وفى المقابل فتحت روسيا الباب أمام السياح الروس لزيارة مصر بعد قطيعة استمرت عدة سنوات، كنوع من التقارب الناعم، مؤكدا أن روسيا حريصة على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع مصر.

من جانبه أوضح خالد العطفى رئيس حزب الأمة، أن تركيا تسعى كذلك للضغط على السودان كى يسلهما جزيرة سواكن التى سلمها لهم الرئيس السابق عمر البشير كى تتولى إعادة تأهيلها وإدارتا لفترة زمنية لم يحددها، وقيل وقتها إن الغرض هو إقامة قاعدة عسكرية تركية وهو ما نفاه السودان.

أضاف بأن تركيا قامت بإرسال كمية كبيرة من الأسلحة الخاصة إلى الصومال العام الماضى، الأمر الذى مثل قلقا لكل من مصر والسودان لوقوع هذه المنطقة عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، لافتا إلى أن مجلس الأمن لم يصدر قرارا قاطعا فى ملف سد النهضة حتى الآن مما فتح الباب أمام اللاعبين الدوليين كل حسب مصلحته.