جريدة الزمان

اقتصاد

البنك الدولي: المياه غالبا تكون ضحية للصراع أكثر من كونها مصدرا رئيسيا له

البنك الدولي
مها محمد -

أكد تقرير حديث للبنك الدولي، وجود وجوه أخرى للعلاقة بين المياه والصراع والنزوح القسري، موضحًا أن المياه غالباً ما تكون ضحية للصراع أكثر من كونها مصدراً رئيسياً له في المنطقة، وباستخدام بيانات مستقاة من قاعدة البيانات المتعلقة باستهداف البنية التحتية في الشرق الأوسط التابعة لجامعة ديوك، وجد التقرير أنه منذ عام 2011 كانت هناك 180 حادثة على الأقل تعرضت فيها مرافق البنية التحتية للموارد المائية للاستهداف في أثناء الصراعات الدائرة في قطاع غزة واليمن وسوريا وليبيا، متسبِّبةً في حرمان مئات الآلاف من الناس من الحصول على إمدادات المياه.

وأوضح البنك الدولي، أنه مع تزايد المعارك في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان باستخدام أسلحة شديدة الانفجار وطائرات مسيرة، باتت هناك حاجة ملحة لحماية مرافق البنية التحتية المدنية للمياه من الاستهداف.

وأشار البنك الدولي إلي أن المياه رافعة من روافع التعاون بين بلدان المنطقة وأيضاً داخل تلك البلدان، فقد أدت المياه في أحوال كثيرة على مر التاريخ، وربما على نحو مضاد لما هو بديهي، إلى التعاون أكثر من الصراع في المنطقة، ووفقاً للبيانات المستمدة من اثنتين من قواعد البيانات الشهيرة للوقائع المائية (مجموعة بيانات الصراع والتعاون فيما بين الدول المتصلة بالمياه، وقاعدة بيانات منازعات المياه العذبة العابرة للحدود بجامعة ولاية أوريغون)، فإن التقرير الجديد يخلص إلى أنه عندما تتفاعل البلدان أو المجتمعات المحلية بشأن المياه، ينتهي بها المطاف إلى التعاون بدلاً من الدخول في نزاعات أو صراعات، ومن الواضح أن هذا لا يستبعد إمكانية وقوع منازعات متصلة بالمياه في المستقبل، لكنه يشير إلى ضرورة تُركِّز البحوث والسياسات بدرجة أكبر على الدور المحتمل للمياه في بناء جسور التعاون.


وقال تقرير البنك الدولي، إن الحصول على المياه يمثل حالياً معاناة يومية يعيشها النازحون قسراً والمجتمعات المحلية المضيفة لهم، فمنهم ظن يشتري احتياجاته من المياه من الشاحنات الصهريجية، وهي مياه ذات نوعية سيئة، ومع تفشي جائحة كورونا، تضاعفت نفقات الأسر النازحة لشراء المياه بسبب زيادة احتياجاتها لغسل اليدين والنظافة الصحية.

وتواجه الفئات المُهمَّشة داخل مجتمعات النازحين قسراً تحدياتٍ إضافية في الحصول على خدمات إمدادات المياه؛ فالمخيمات والمجتمعات المضيفة غالباً ما تفتقر إلى تدابير لتلبية احتياجات ذوي الإعاقة، علاوةً على ذلك، فإن النساء والفتيات في أوضاع النزوح القسري تكون أشد عرضةً للمحن، ويتفاقم الكثير من الأخطار المائية التي يواجهنها.

ولفت إلي أن المياه تلعب دوراً أساسياً في جهود إعادة الإعمار والتعافي فيما بعد انتهاء الصراع، ويمكن للسياسات الرامية إلى تمكين المسؤولين عن إدارة وإمدادات الموارد المائية وبناء مهاراتهم داخل المجتمعات المحلية النازحة قسراً والمجتمعات المضيفة أن تكون مفيدة في ذلك.

وفي لبنان، على سبيل المثال، استهدف المشروع الطارئ للخدمات البلدية التابع للبنك الدولي كلاً من المجتمعات المحلية المضيفة واللاجئين السوريين، حيث استخدم نهجاً لا مركزياً واستشارياً لتشجيع إشراك المرأة وضمان سماع أصوات النساء عند اتخاذ قرارات بشأن اختيار بدائل البنية التحتية للمياه للمجتمعات المحلية.

وعلاوة على ذلك، المساعدة في إعادة الإعمار فيما بعد انتهاء الصراع، يتعين على واضعي السياسات ضمان أن تظل السياسة المائية جزءاً لا يتجزأ من المناقشات الأوسع نطاقاً للسياسات الإنسانية والإنمائية، وسيساعد ذلك على تحديد فرص التعاون، وكذلك تفادي أن تؤدي التدابير قصيرة الأجل لتلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية، مثل نقل المياه بالشاحنات الصهريجية، إلى تقويض التدابير طويلة الأجل اللازمة لمعالجة قضايا المياه الهيكلية.

وأوضح البنك الدولي، وجود حاجة إلى نهج متكامل للجهات الفاعلة في مجال التنمية لتعزيز الأمن المائي للنازحين قسراً والمجتمعات المضيفة لهم، وينبغي دمج الإجراءات التدخلية في جميع المستويات المكانية، مع التركيز في بادئ الأمر على الاستثمارات على أساس المناطق، ثم على الإجراءات التدخلية على المستوى الوطني وحتى على المستوى الإقليمي. ولتفادي اقتصار البلدان على تبني نماذج غير مستدامة لإدارة المياه، يتعين على واضعي السياسات إدارة المفاضلات بين التدابير قصيرة الأجل غير المنسقة لتلبية الاحتياجات الفورية للمياه، والتدابير طويلة الأجل اللازمة لمعالجة القضايا الهيكلية لقطاع المياه.