جريدة الزمان

تقارير

ضغوط خارجية لإنقاذ آبى أحمد من «معركة السقوط»

محمد عبد المنصف -

دخل الصراع الإثيوبى بين مقاتلى إقليم "التيجراى" المتحالف مع قوات تحرير "الأورومو"، ضد الجيش الحكومى بقيادة آبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى مرحلة الحسم، حيث يدور الصراع على خمس جبهات فى محاولة من مقاتلى "التيجراى" للسيطرة على العاصمة أديس أبابا.

وتفيد التقارير إلى أن قوات مقاتلى إقليم "التيجراى" قد أصبحت على أبواب العاصمة أديس أبابا بعد حصارها لمدينة "دبربرهان" الاستراتيجية، مما يؤكد قرب انتهاء حكم آبى أحمد، فى الوقت الذى فشل فيه أعضاء مجلس الأمن الدولى الـ15 فى الاتفاق على بيان يدعو لوقف إطلاق النار فى بين الطرفين.

على الجانب الآخر دعا رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، قوات إقليم تيجراى ومن يقف فى صفها إلى تسليم أيديها بسلام وإنقاذ أرواح أهالى "تيجراى"، قائلا إن مصلحة إثيوبيا هى السلام والتنمية.

وأضاف "لقد اضطررنا لهذه الحرب لكننا سننتصر، فمعنويات الجيش عالية والعدو يهزم، كما أعلن عن سيطرته الكاملة على إقليم عفر شمال شرق البلاد، مؤكدا استمرار التقدم نحو مدينتى "باتى" و"كومبولتشا" لتطويق المناطق التى تسيطر عليها جبهة تحرير "تيجراى"، وتعهد أثناء تفقده جبهة القتال، بدحر مسلحى إقليم "تيجراى" الشمالى.

فيما تم إيقاف "ايلينى جيريميدين" وزيرة التخطيط والتنمية من منصبها كمستشارة اقتصادية مستقلة لمشاركتها فى اجتماع عقد لمناقشة تشكيل حكومة انتقالية لتكون بديلا عن الحكومة الحالية، وذلك بعد الكشف عن فيديو تم تسريبه عن مؤامرة للإطاحة بالحكومة.

توقع اللواء سامح أبوهشيمة المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، أن تتدخل إحدى الجهات الأجنبية لوقف القتال بين الطرفين خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التى تملك مفاتيح التعامل مع ثوار التيجراى ومع الحكومة الإثيوبية ومع السودان ومع الحكومة الإرتيرية.

أوضح لـ"الزمان" أن جبهات القتال التى أعلن عنها آبى أحمد لا تزيد عن كونها مناوشات عسكرية يستهدف من ورائها إثارة الشعب للوقوف خلفه بحجة حماية الدولة من الانهيار، مع اكتساب بعض الحلفاء الدوليين للتدخل للحفاظ على السلطة المركزية.

وقال الخبير العسكرى إن المعركة الأساسية هى التى تدور بالقرب من العاصمة، وهناك احتمال بأن يتم التخلص من آبى أحمد وتعيين أحد معاونيه بدلا منه حتى يظل الحزب الحاكم مسيطرا على السلطة المركزية، وإن كان من الصعب إقناع الشعب نفسه بهذا الخيار.

وحول سر تأخر قوات "التيجراى" فى الهجوم على العاصمة أوضح اللواء أبوهشيمة أن الدخول إلى العاصمة أديس أبابا من شأنه أن يحول الحرب إلى حرب عصابات وهو ما لن تتحمله قوات "التيجراى" التى تمثل 7% فقط من شعب تعداده أكثر من 127 مليون نسمة، لذلك تسعى لحصار المدينة قبل الدخول إليها.

لفت الخبير الاستراتيجى إلى تضارب المصالح بين الدول الإقليمية والحكومة الإثيوبية حيث تسعى الصومال رغم هشاشتها السياسية والعسكرية إلى استعادة إقليم أوجادين الذى تسيطر عليه إثيوبيا بالقوة، وهناك كراهية صنعها النظام القائم ضد الحكومة الكينية حيث أقام سدا منع تدفق المياه إليها لزراعة جزء مهم من أرضها بمحصول البن مما أثر على دخلها القومى.

وأشار إلى رغبة إسرائيل فى نقل يهود الفلاشا من إثيوبيا إليها، وإلى رغبة إريتريا فى بقاء الحكم الحالى تفاديا للصراع الذى يمكن أن ينجم عن وصول التيجراى للسلطة مرة أخرى نظرا للحروب التاريخية التى دارت بين الإقليم وإريتريا نهاية القرن العشرين.

وبالنسبة للسودان قال الخبير العسكرى إن الحكومة موقفها متغير من وقت لآخر فهى تارة تعلن عن خطورة سد النهضة عليها، وثم تتحدث عن احتلال إثيوبيا لإقليم بنى شنقول المقام عليه السد، وتطالب باستعادته فهل ستسعى السودان فى ظل ظروفها الراهنة إلى الاستعانة بالقوات المصرية لتأمين حدودها مع إثيوبيا.

وعن موقف مصر من هذه الصراعات أوضح اللواء أبوهشيمة أن الفيضان القادم إذا حل موعده قبل إنشاء الممر الأوسط الذى يسمح بحجز المياه عن مصر سيكون ذلك فى صالحها أما إذا نجحت إثيوبيا فى صب ذلك الممر قبل شهر أغسطس فسيضر ذلك بمصالحها المائية.

فى سياق متصل أكد أيمن ناصر الباحث فى الشأن الإثيوبى، قيام آبى أحمد بتجنيد 100 ألف مسلح مما ينذر بدخول إثيوبيا حربا أهلية، فى حال فشلت قوات "التيجراى" فى السيطرة على العاصمة أديس أبابا خلال هذا الشهر كما هو متوقع.

أضاف ناصر أن إقليم "الأمهرا" ثار ضد قوات "التيجراى" لسيطرتهم على مدينة "لارابيلا" ذات الأهمية الدينية لدى سكان إقليم "الأمهرا" قبل ثلاثة شهور لذلك حاولوا شن حرب ضد مقاتلى "التيجراى" لاستعادتها هذا الأسبوع لكنهم فشلوا بل قتل منهم 1600 مسلح وتم أسر المئات.

وأشار الباحث فى الشأن الإثيوبى إلى أن معظم الأراضى فى إقليم عفر مستوية بصورة تجعل صيد قوات "التيجراى" بواسطة الطائرات أمرا سهلا لذلك انسحبت قواتها، من أمام قوات آبى أحمد كى تتفرغ لمعركتها الأساسية لدخول العاصمة.

وقال الخبير الاستراتيجى إن الثوار يحاصرون حاليا مدينة "دبربرهان" وفى حالة سيطرتهم عليها يصبح الطريق مفتوحا أمامهم للدخول إلى العاصمة، مؤكدا خوض آبى أحمد معركته الأخيرة فى الحكم على محور "العفر" الذى يتوقع أن يهرب منه إلى دولة جيبوتى المجاورة أو إلى إريتريا.

وحول موقف السودان من الهجوم المسلح الذى تعرضت له منطقة "الفشقة" بولاية "القضارف" قال الخبير الاستراتيجى إن السوان مشغول حاليا بما يدور فى الشارع السودانى ويسعى لتامين جبهته الداخلية وغير مؤهل للدخول فى نزاعات مسلحة من أى نوع.

أضاف الباحث فى الشأن الإثيوبى أن السودان يرى العلاقات بين البلدين قد تطورت خلال الحقبة التى حكم فيها إقليم "التيجراى" إثيوبيا برئاسة ميلس زيناوى كان هناك انسجاما فى كثير من الملفات ولكن آبى أحمد تعامل مع السودان على أنه كيانان مستقلان هما المكون العسكرى والمكون المدنى والسودانيون لن يقدموا تنازلات على حساب بلدهم.

لفت ناصر إلى قيام الحكومة الإثيوبية بنقل الإذاعة من العاصمة "أديس أبابا" إلى مدينة "بحر دار" مما يؤكد أنها فقدت سيطرتها على السلطة، مشيرا إلى أن آبى أحمد يخوض الآن معاركه بواسطة الجيش الخاص أو ما يعرف باسم الحرس الجمهورى وهو غير مؤهل لخوض معارك أسلحة مشتركة لحاجته لأسلحة نوعية تساعده على خوض المعركة.

أشار الخبير الاستراتيجى إلى وجود جسر جوى من دولة الإمارات العربية إلى العاصمة أديس أبابا لدعم حكومة آبى أحمد بالعتاد، كما لوحظ استخدامه للطائرات المسيرة، التى يتوقع أن تكون قد وصلته عبر الصين، غير أن هذه التطورات لم تغير الواقع على أرض المعركة.

أكد الخبير الاستراتيجى استحالة حدوث مفاوضات مباشرة بين الطرفين بعد أن رفض آبى أحمد كل جهود الوساطة الدبلوماسية من الاتحاد الأفريقى ومن الولايات المتحدة الأمريكية، وليس أمام مقاتلى "التيجراى" خيار آخر سوى الحرب، وإن كان من الضرورى وجود طرف خارجى يرعى المفاوضات التى ستجرى بين الفصائل الإثيوبية بعد سقوط آبى أحمد.

توقع الباحث فى الشأن الإثيوبى أن تكون هناك محادثات سرية لما بعد سقوط آبى أحمد تتناول حل جذور الصراع الإثيوبى، وتعمل على تشكيل اتحاد "كونفدرالى" يحافظ على استقلالية كل إقليم مع الحفاظ على كيان الدولة موحد بما فى ذلك إقليم "بنى شنقول".